زلازل مدمرة.. كيف تؤثر حروب الاحتلال المتتالية على سلامة مباني قطاع غزة؟
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
تتسبب عمليات القصف العنيفة التي يشنها الاحتلال ضد قطاع غزة خلال عدوانه الأخير، بتأثير اهتزازي تتعرض له مختلف أنواع البنايات والإنشاءات لثوان معدودة، إلا أنه قد يكون لها أبعاد كارثية على المدى القصير والطويل.
ويخلف القصف الإسرائيلي الذي يتعمد استهداف الأحياء والمباني السكنية في القطاع في كل عدوان يشنه الاحتلال، دمارا واسعا في البنية التحتية والقطاعات المعمارية، يتجاوز أثره نطاق موقع الاستهداف المباشر بفعل الهزات الشديدة التي تنتج عن الغارات والقصف العنيف.
وتشبه هذه الاهتزازات التأثير الذي تحدثه الزلازل، إلا أنها تكون بقوة أقل ووقت أقصر، لكنها تشترك في التأثير السلبي والخطير بحسب ما أكده خبراء ومختصون لـ"عربي21".
وكان عدوان عام 2014 على القطاع تسبب بدمار أكثر من 89 ألف منزل جراء هجمات الاحتلال فضلا عن أعداد المباني المتضررة بشكل جزئي، وقدرت تكلفة إعادة الإعمار بنحو 4 إلى 6 مليارات دولار، بحسب الأمم المتحدة.
وأوضح الأستاذ الدكتور والعميد السابق لكلية الهندسة في جامعة فلسطين بغزة، علي إبراهيم تاية، أن هذه الاهتزازات تؤثر بشكل سلبي على المباني المجاورة لمكان القصف، خاصة المباني الشعبية والقديمة التي تكون ضعيفة ولا تقوى على الصمود.
وشرح تاية أن" هذه الاهتزازات تتكون نتيجة مؤثرات طبيعية مثل: الكوارث والفيضانات والزلازل والبراكين، أو من صنع الإنسان مثل القصف أو اقتراب المبنى من طريق تمر عبره مركبات ثقيلة تحمل أوزان بالأطنان، ما يتسبب باهتزازات في التربة".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن هذه الاهتزازات تؤثرعلى القواعد في المبنى وتعمل على خلخلتها، ما يتسبب بدوره بحدوث تشققات ينتج عنها ضعف في البنية بشكل عام، مؤكدا أن "المباني الضعيفة والقديمة إذا كانت بجانب مبانٍ أخرى مستهدفة بالقصف غإنها تتأثر بشكل كبير".
وقال تاية إن "هناك عمارات انهارت بالفعل أو تم هدمها لأنها لم تحتمل هذه المؤثرات الخارجية"، مضيفا أن "هذه الاهتزازات تحدث أيضا شروخا في المباني والإنشاءات ما يقلل من عمرها الافتراضي".
وتابع: "يمكن إصلاح وتدعيم هذه المنشآت المتضررة في الغالب، إلا أنه يتم النفور من السكن فيها من ناحية نفسيها باعتبار أنها كانت متضررة يوما ما".
وعام 2021، أدت هجمات الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير 1500 منزل بشكل كامل، وقال وكيل وزارة الإشغال الفلسطينية السابق ناجي سرحان إن العدوان كلف قطاع غزة حينها نحو 497 مليون دولار.
وكانت الأمم المتحدة قدرت الدمار في غزة بسبب عدوان الاحتلال المتكرر بين عامي 2008 و2021 بأكثر من 5 مليارات دولار.
التأثير الأخطر
يؤكد تاية أن المباني العالية هي أكثر عرضة لتأثير الاهتزازات، لا سيما إذا لم تكن قد التزمت بالشروط والمواصفات التي وضعها الجهات المختصة مثل نقابة المهندسين والبلديات والدفاع المدني.
ويوضح أن قومة المبنى تعتمد على مجموعة من العوامل منها: ترابط الأعمدة بالأسقف والأحزمة، وإذا كانت المباني حجرية دون هذا الترابط تكون احتمالية الانهيار كبيرة وواردة جدا، أما إذا كانت المباني من الخرسانة المسلحة فتكون أقل عرضة للأضرار.
ويحذر تاية من تشابه مع الاهتزازات مع الزلازل، نظرا لأن تصاعد العدوان الذي تم في أعوام 2008 و2012 و2018 و2021 وفي العدوان الحالي، يمكن أن يعادل زلزالا من قوة 6 أو 7 درجات على مقياس ريختر، مشيرا إلى أن هذا الرقم ليس بسيطا.
رغم ذلك، يلفت تاية إلى أن الأوضاع في غزة رغم الحروب المتتالية ليست سيئة، نظرا لوجود ثقافة منتشرة بين أهالي القطاع بزيادة المواد المستخدمة في البناء بدافع الحيطة.
وأكد تاية في حديثه لـ"عربي21" أن مثل هذه الإضافات التي يزيدها أهالي غزة خلال إنشاء المباني في القطاع ساهمت بشكل ملحوظ في صمود كثير منها أمام قصف الاحتلال الإسرائيلي خلال الحروب السابقة، لافتا إلى أن المباني المدعمة بفعل الثقافة المنتشرة في غزة أكثر قدرة على تحمل الاهتزازات التي ينتجها القصف.
إجراءات لضمان صمود المباني
من جهته، قال نقيب المهندسين في قطاع غزة، محمد عرفة، إن "الاهتزازات التي يخلفها القصف الإسرائيلي تؤثر بشكل مباشر على المباني، خصوصا القريبة من موقع القصف"، موضحا أن "هذا النوع من الهزات يمكن تشبيهه بتأثير الزلازل لكن بدائرة قطرها أصغر".
وأضاف عرفة في حديثه لـ"عربي21" أن مدى الخطورة المترتب على الهزات الناتجة يتعلق بتصميم الهيكل الإنشائي للمبنى، حيث يكون التأثير أكبر كلما زاد ارتفاع البناء، لاسيما في المباني المبنية من الطوب دون أعمدة وسقف خرساني.
وشدد نقيب المهندسين على ضرورة ترميم المباني التي تصاب بالشقوق جراء القصف بالتنسيق أما مع الوزارات المختصة أو المكاتب الاستشارية والمهندسين المختصين، وذلك لضمان سلامة البناء وأمان قاطنيه.
وفي السياق، أوضح عرفة أنه "بعد سماح البلدية بزيادة عدد الأدوار المرخص لها بالتعاون مع الدفاع المدني والوزراء، فقد أصبح مطلوبا من العمارات التي تزيد عن 5 طوابق أن يكون تصميمها مقاوما للزلازل".
كما نوه إلى أن المباني الأقل في عدد الطوابق تخضع بدورها إلى إجراءات أخرى لضمان قدرتها على الصمود أمام الزلازل وتأثير القصف القريب غير المباشر.
ودخلت عملية "طوفان الأقصى" يومها الرابع على وقع استمرار غارات المقاتلات الإسرائيلية العنيفة على قطاع غزة، التي تعمد خلاله الاحتلال استهداف الأحياء السكنية والأسواق ومركبات الإسعاف، ما أسفر عن ارتقاء مئات الشهداء ودمار واسع في المباني والمنازل، في حصيلة غير نهائية.
وفجر السبت، أطلقت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عملية عسكرية تحت اسم "طوفان الأقصى" ردا على انتهاكات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المستمرة بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى المبارك، كبّدت الاحتلال خسائر تاريخية.
وردا على ذلك، فقد أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن "إطلاق عملية السيوف الحديدية ضد حماس في قطاع غزة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة فلسطين الاحتلال الإسرائيلي فلسطين غزة الاحتلال الإسرائيلي طوفان الاقصي مباني غزة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
"ترامب" يهدد بإشعال حروب تجارية.. وتحذيرات من زيادة التضخم واندلاع اضطرابات اقتصادية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي، مضيفًا هذا التكتل إلى قائمة الدول المستهدفة، والتي تشمل كندا والمكسيك، ما يضع الولايات المتحدة على أعتاب اندلاع حروب تجارية جديدة مع أكبر شركائها التجاريين.
ورغم اعترافه بأن هذه التعريفات قد تتسبب في بعض "الاضطرابات" بالأسواق، إلا أنه أكد أنها ستساعد بلاده على تقليص عجزها التجاري. وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: "التعريفات الجمركية ستجعلنا أكثر ثراءً وأقوى بكثير"، وفق صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية.
وعلق ترامب في معرض حديثه للصحفيين قائلا: "هل سأفرض رسومًا على الاتحاد الأوروبي؟ بالتأكيد. إنهم لا يشترون سياراتنا، ولا منتجاتنا الزراعية، ولا يأخذون أي شيء تقريبًا منا، ولدينا عجز تجاري هائل معهم، لذا سنقوم بشيء جوهري جدًا معهم".
تصعيد حادوترى الصحيفة البريطانية أن تصريحات ترامب، التي جاءت بعد أقل من أسبوعين من عودته إلى البيت الأبيض، تمثل تصعيدًا حادًا في خطابه بشأن التجارة، وتضع أكبر اقتصاد في العالم على شفا فرض تعريفات على أهم شركائه التجاريين، ووفقًا لقاعدة بيانات Trade Data Monitor، فقد بلغت واردات الولايات المتحدة من السلع من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك والصين 1.9 تريليون دولار في عام 2023، أي نحو 60% من إجمالي الواردات الأمريكية.
من جهتها، قالت المفوضية الأوروبية إنها "ليست على علم بفرض أي رسوم جمركية إضافية على المنتجات الأوروبية"، مشيرة إلى أن التعريفات تؤدي إلى "اضطرابات اقتصادية غير ضرورية". وأضافت المتحدثة الرسمية باولا بينهو: "علاقتنا التجارية والاستثمارية مع الولايات المتحدة هي الأكبر في العالم. الأسواق المفتوحة واحترام قواعد التجارة الدولية ضروريان لنمو اقتصادي قوي ومستدام".
وأدت تصريحات ترامب إلى تعزيز قيمة الدولار الأمريكي، حيث ارتفع مؤشر العملة مقابل ست عملات رئيسية بنسبة 0.6%، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط، المعيار الأمريكي لأسعار النفط، بأكثر من 1% ليصل إلى 73.81 دولارًا للبرميل.
وكالة أسوشييد برس الأمريكية ذكرت أن ترامب يرى أن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الحليفين الشماليين، إلى جانب ضريبة بنسبة 10% على الواردات من الصين، الخصم الاقتصادي الأول لواشنطن، هو وسيلة لإبراز القوة المالية الأمريكية وإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي. وقال ترامب للصحفيين يوم الجمعة: "ترون قوة التعريفات الجمركية، لا يمكن لأحد منافستنا لأن لدينا أكبر خزينة مالية بفارق كبير".
رهان سياسيويعتمد الرئيس الجمهوري على رهانه السياسي بأن هذه الإجراءات لن تؤدي إلى تفاقم التضخم أو تتسبب في تداعيات مالية قد تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي أو تؤدي إلى رد فعل سلبي من الناخبين. وأظهر استطلاع AP VoteCast، وهو مسح واسع للناخبين في الانتخابات الأخيرة، انقسامًا في الرأي العام الأمريكي بشأن دعم التعريفات الجمركية.
وخلال حديثه "الجمعة" الماضية، أشار ترامب إلى خطط لفرض رسوم على رقائق الكمبيوتر، والصلب، والنفط، والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى النحاس والأدوية المستوردة والسلع القادمة من الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضع الولايات المتحدة في مواجهة مع جزء كبير من الاقتصاد العالمي.
وقد أثارت هذه التصريحات رد فعل سريعًا في الأسواق المالية، حيث تراجع مؤشر S&P 500 بعد إعلان ترامب يوم الجمعة. ولا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر هذه التعريفات الجمركية على الاستثمارات التجارية التي وعد ترامب بتحفيزها من خلال خفض ضرائب الشركات وإزالة القيود التنظيمية، إذ إن التعريفات غالبًا ما تؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين والشركات من خلال زيادة تكلفة السلع المستوردة.
وصوّت العديد من الناخبين لصالح ترامب في انتخابات نوفمبر على أمل أن يكون قادرًا على التعامل مع التضخم بشكل أفضل من الرئيس الديمقراطي جو بايدن. لكن توقعات التضخم بدأت بالارتفاع، وفقًا لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك، حيث يتوقع المستطلعون أن ترتفع الأسعار بنسبة 3.3%، وهي نسبة أعلى من معدل التضخم الفعلي البالغ 2.9% في مؤشر أسعار المستهلك لشهر ديسمبر.
تحذيرات من زيادة التضخموبحسب فاينناشيال تايمز فإن الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن الرسوم الجمركية الواسعة قد تؤدي إلى زيادة التضخم، مما قد يمنع الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة كما هو متوقع هذا العام. وقد بدأ بعض مسؤولي البنك المركزي بالفعل في أخذ سياسات ترامب بعين الاعتبار في توقعاتهم منذ ديسمبر، حتى قبل توليه منصبه رسميًا.
وفرض تعريفات جمركية مرتفعة على أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة يزيد بشكل حاد من مخاطر اندلاع حروب تجارية شاملة في الأيام الأولى من الولاية الثانية لترامب. وقد استعدت كل من كندا والمكسيك لحزمة من الرسوم الانتقامية، كما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيتخذ إجراءات مضادة، كما فعل خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى.
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يوم الجمعة: "نحن مستعدون للرد – سيكون ردًا هادفًا وقويًا، لكنه معقول وفوري"، محذرًا الكنديين من "أوقات صعبة قد نواجهها في الأيام والأسابيع المقبلة".
أما وزيرة المالية الكندية السابقة كريستيا فريلاند، التي تخوض سباقًا لخلافة ترودو، فقد دعت حكومة أوتاوا إلى الرد على أي تعريفات أمريكية بفرض ضرائب باهظة على سيارات تسلا، لمعاقبة إيلون ماسك، أحد أبرز حلفاء ترامب.
ترامب يضرب بالتحذيرات عرض الحائطورفض ترامب تحذيرات الاقتصاديين من أن الرسوم الجمركية قد تضر بالاقتصاد الأمريكي أو تتسبب في ارتفاع الأسعار مع انتقال التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين. وقال الرئيس الأمريكي: "التعريفات لا تسبب التضخم، بل تؤدي إلى النجاح".
لكن الديمقراطيين حذروا من أن العبء الأكبر لهذه الضرائب سيتحمله المواطنون الأمريكيون. وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "دونالد ترامب يستهدف المكسيك وكندا والصين برسومه الجديدة، لكنها ستؤثر في النهاية على جيوب الأمريكيين".
وأضاف: "إذا تم تطبيق هذه الرسوم بالكامل، فسوف ترفع الأسعار على كل شيء، من المواد الغذائية إلى السيارات وحتى الوقود، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة على العائلات المتوسطة لتدبير أمورها المعيشية".