معرض الشرق الأوسط الزراعي يدعو الجهات الفاعلة في القطاع إلى التعاون لتحقيق الأمن الغذائي المستدام
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
شهدت فعاليات معرض الشرق الأوسط الزراعي، المعرض الأضخم والأكثر تطوراً في قطاع الزراعة على مستوى المنطقة، والتي انطلقت أمس في مركز دبي التجاري العالمي، نقاشات هامة حول الاتجاهات التي تشكل المشهد العام للقطاع، في الوقت الذي تستعد فيه دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “COP28” خلال شهر نوفمبر المقبل، وتم استعراض أحدث الابتكارات الكفيلة بالارتقاء بمستقبل الأمن الغذائي.
وأكد سعادة المهندس محمد موسى الأميري، الوكيل المساعد لقطاع التنوع الغذائي في وزارة التغير المناخي والبيئة، في كلمته خلال افتتاح المعرض الذي يقام على مدى يومين تحت رعاية وزارة التغير المناخي والبيئة بمشاركة جهات فاعلة في قطاع الزراعة إقليمياً وعالمياً، أن تعزيز الأمن الغذائي المستدام يعد واحداً من أهم الأهداف الاستراتيجية للإمارات، مشيراً إلى أن تعزيز نظم الزراعة والغذاء المستدامة تمثل أيضاً ركيزة لجهود الدولة خلال مؤتمر الأطراف COP28 المقرر انطلاقه في الإمارات الشهر المقبل.
وقال إن نظم الزراعة والغذاء المستدام أحد الحلول المبتكرة لتعزيز الأمن الغذائي إضافة إلى المساهمة في العمل المناخي في ظل تسبب نظم الغذاء التقليدية بحوالي ثلث الانبعاثات العالمية، لافتا إلى أن دولة الإمارات تعمل على هذا النهج في إطار الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي من خلال تطبيق تكنولوجيا الزراعة الحديثة التي تعمل على توفير الموارد الطبيعية من المياه ولا تحتاج في معظمها إلى تربة، وتمتلك الإمارات العديد من المبادرات والمشاريع الزراعية في هذا المجال”.
وأضاف سعادته: “أطلقنا في الإمارات مبادرة تعزيز استدامة المزارع الوطنية التي نهدف من خلالها إلى تعزيز الإنتاج المحلي من الغذاء وزيادة دخل المزارعين من خلال زيادة نسبة المشتريات الحكومية من تلك المزارع وصولاً إلى 100% بحلول عام 2030”.
وشهدت الجلسات الافتتاحية الرئيسية مشاركة بارزة من هنري جوردون سميث، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أجريتكتشر، الذي تطرق إلى آليات مواكبة الأعداد السكانية المتزايدة ونقص العمال المهرة في أحدث التقنيات وغيرها من مواضيع هامة أخرى، مؤكدا أهمية الزراعة المستدام والحفاظ على البيئة واستخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة.
ويستضيف معرض الشرق الأوسط الزراعي، بتنظيم من إنفورما كونكت، ما يزيد على 250 جهة عارضة من أكثر من 150 دولة على مساحة 8,280 مترا مربعا، بما فيها بعض الشركات الرائدة في القطاع؛ أمثال الظاهرة وكالتيفيتد وفلورا إنجينيرينج وفود تك فالي وأكوا بيوتك وماغ ومونتيل وإندور فارم كومباني ومصرف الإمارات للتنمية.
وتستعرض الفعالية أحدث التقنيات الزراعية والعمليات في الأراضي الصالحة للزراعة والبستنة وتربية الأحياء المائية وتربية الحيوانات، كما تجمع أكثر من 250 من رواد القطاع في مكان واحد.
من جانبه، قال برنت كروزبي، مدير معرض الشرق الأوسط الزراعي: “مع التركيز هذا العام على الاستدامة والأمن الغذائي، نشهد اجتماع الجهات الفاعلة إقليمياً ودولياً في القطاع لاستعراض أحدث ابتكاراتها والتعاون وإجراء مناقشات هادفة حول الموضوعات الملحة التي ستُترجم بلا شك على أرض الواقع بينما تستعد دولة الإمارات لاستضافة COP28 الشهر المقبل. ويُعد هذا العام دليلاً على جهود القطاع الرامية إلى التصدي لتحديات الأمن الغذائي وإقامة شراكات طويلة الأمد نأمل أن تُحدث تغييراً حقيقياً في السنوات القادمة”.
وينعقد معرض الشرق الأوسط الزراعي بالتزامن مع ثلاث فعاليات رئيسية أخرى تغطي مختلف جوانب القطاع، وهي معرض تربية الأحياء المائية، الفعالية الأولى في المنطقة للمتخصصين في تربية الأحياء المائية؛ ومعرض ومؤتمر الشرق الأوسط للبستنة، الفعالية الأولى من نوعها في مجال الزراعة العمودية والبيوت الزجاجية، والتي تركز للمرة الأولى على المنتجات والتقنيات المستخدمة في قطاع البستنة والبيئة المضبوطة؛ والمعرض التجاري للثروة الحيوانية، أكبر معرض للماشية في الشرق الأوسط.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الأمن الغذائی
إقرأ أيضاً:
الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد
منذ العصور القديمة، كان الشرق الأوسط مركزًا دينيًا وثقافيًا شكّل هويته الفريدة.
ومع بداية الألفية الجديدة، بدأت القوى الغربية، التي تحركها الصهيونية العالمية، في تبني سياسات تهدف إلى إعادة رسم حدود المنطقة من خلال مخطط يسعى إلى طمس الهويات التاريخية العميقة التي تشكل نسيجها الثقافي والديني.
ومن بين هذه الهويات، تبرز الهوية المسيحية الشرقية، وفي قلب هذا الصراع، تقف الكنيسة المصرية كحجر عثرة أمام محاولات إعادة تشكيل مكونات الهوية الدينية والثقافية للمنطقة.
تبنت القوى الغربية المتحالفة مع الصهيونية سياسة "الفوضى الخلاقة" كوسيلة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، بهدف تفكيك الأنظمة السياسية وزرع الفوضى، مما أدى إلى تصاعد الجماعات الإرهابية، وانتشار النزاعات الطائفية، وتهجير المسيحيين من العديد من دول المنطقة. وكان لهذا التدمير الممنهج أثر بعيد المدى على هوية المنطقة، حيث سعت تلك القوى إلى فرض مشروع "مسار إبراهيم" كرمز ديني ثقافي يربط بين اليهودية والمسيحية والإسلام. وتجسد ذلك في "بيت العائلة الإبراهيمي"، الذي رفضت الكنيسة المصرية الانضمام إليه، باعتباره محاولة لتكريس واقع جديد يخدم أهدافهم.
محاولة الترويج لمسار إبراهيم كمرجعية دينية وثقافية تجمع الديانات الثلاث ليست سوى وسيلة لتحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى"، الممتد - وفقًا لتصورهم - من النيل إلى الفرات، مستندين إلى رحلة النبي إبراهيم التي شملت عدة دول في المنطقة وصولًا إلى مصر.
يهدف هذا المشروع إلى تحقيق حلم إقامة "مملكة داوود"، استنادًا إلى الإيمان اليهودي بقدوم "المسيح الملك الأرضي"، الذي سيقيم ملكوته على الأرض ويقود "مملكة داوود".
ويتماشى هذا التصور مع الفكر المسيحي المتصهين للكنيسة البروتستانتية، التي تؤمن بمفهوم "حكم الألفية"، أي نزول المسيح في آخر الزمان لحكم العالم لمدة ألف عام. وكليهما يتفقان على أن كرسي حكم هذا الملك هو هيكل سليمان، وهو ما يتناقض تمامًا مع العقيدة المسيحية الشرقية، خاصة الكنيسة القبطية المصرية، التي ترفض هذا الفكر.
المواجهة الحقيقية بين الكنيسة المصرية والمشروع المتفق عليه بين المسيحية المتصهينة والمعتقد اليهودي تتجلى في صراع المسارات، بين "مسار إبراهيم" و"مسار العائلة المقدسة".
فوفقًا للتاريخ المسيحي، هرب السيد المسيح وأمه العذراء إلى مصر هربًا من بطش هيرودس، وتوقفت العائلة المقدسة في عدة مناطق مصرية، مما يجعل مصر نقطة محورية في تاريخ المسيحية.
هذا الأمر يتناقض مع الفكر المسيحي المتصهين والمعتقد اليهودي، اللذين يسعيان إلى ترسيخ الاعتقاد بأن القدس وحدها هي المركز الديني الأوحد وكرسي حكم "مملكة داوود" من داخل هيكل سليمان، وتهيئة الأجواء لقدوم "المسيح الملك" عبر مسار إبراهيم.
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لم يتم حتى الآن تفعيل "مسار العائلة المقدسة" كحج مسيحي عالمي رغم أهميته في تاريخ المسيحية وذكره في الإنجيل المقدس؟ الإجابة تكمن في أن أصحاب مشروع "مملكة داوود" يسيطرون على شركات السياحة العالمية ويوجهونها بما يخدم مخططاتهم، كما أنهم نجحوا في اختراق عدد من المؤسسات الدينية في الغرب، مما جعل بعض الكنائس الغربية أداةً في خدمة هذا المشروع، متجاهلين الدور التاريخي لمصر في المسيحية.
الكنيسة القبطية لا تعترف بمفهوم "الملك الألفي" الذي تروج له المسيحية الصهيونية، حيث يتناقض مع الإيمان الأرثوذكسي بالمجيء الثاني للمسيح، وهو ما تم تأكيده في مجمع نيقية عام 325م ومجمع القسطنطينية عام 381م. حيث جاء في العقيدة المسيحية أن المسيح سيأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، وليس كملك أرضي يحكم العالم. كما أن الكنيسة القبطية تدحض المعتقد اليهودي الذي لا يعترف بالمسيح الذي جاء بالفعل، إذ لا يزال اليهود في انتظار "المسيح الملك الأرضي" القادم لإقامة مملكتهم.
كان للبابا شنودة الثالث بُعد نظر استراتيجي ورؤية واضحة حول المخطط الصهيوني، فاتخذ موقفًا حازمًا ضد أي تطبيع مع إسرائيل، وأصدر قرارًا تاريخيًا بمنع الأقباط من زيارة القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن "القدس لن يدخلها الأقباط إلا مع إخوانهم المسلمين". وقد جعل هذا الموقف الكنيسة القبطية في مواجهة مباشرة مع المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى تحقيق "مملكة داوود".
ومع تولي البابا تواضروس الثاني قيادة الكنيسة المصرية، استمرت هذه السياسة الوطنية، وبرز ذلك في مقولته الشهيرة: "وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن"، وهي رسالة قوية تؤكد أن الكنيسة المصرية لا يمكن أن تكون جزءًا من مشروع يهدف إلى طمس الهوية الوطنية المصرية.
كما لعب البابا تواضروس دورًا مهمًا في تعزيز علاقات الكنيسة بالأقباط في الخارج، ودعم دورهم كصوت وطني مدافع عن مصر في مواجهة محاولات التشويه والتأثير الخارجي. لم تقتصر مواقف البابا تواضروس على الجاليات القبطية في الخارج فقط، بل عمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة حول أوضاع الأقباط في مصر، مؤكدًا أن ما يتم الترويج له بشأن "اضطهاد الأقباط" هو مجرد افتراءات تهدف إلى زعزعة استقرار الوطن.
وقد أظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي تقديره الكبير للكنيسة المصرية وللبابا تواضروس في عدة مناسبات، أبرزها حضوره احتفالات عيد الميلاد المجيد في الكاتدرائية، مما يعكس العلاقة القوية بين الكنيسة والدولة في مواجهة المخططات الخارجية التي تستهدف مصر وهويتها الوطنية.