أخذت مشكلات الجالية العراقية في مصر تتزايد (حوالي 3 ملايين عراقي ) مع ارتفاع تكاليف المعيشه، وإيجارات السكن وزيادة نسبة البطالة، بين العراقيين الوافدين بالمدن الجديدة، خاصة مدينة 6 أكتوبر التي بها العديد من الجامعات والمعاهد الخاصة، فضلاً عن عدد كبير من المصانع والشركات التي وجد فيها العراقيون فرصا للعمل، وقد حملت بعض أحياء المدينة بصبغة عراقية، حيث يلاحظ المار بها المحال التجارية والمقاهي بمسميات عراقية، إضافة إلى الأسواق والمدارس التي تتميز بكثافة عراقية ملحوظة، وأبناء الجالية العراقية بمصر، الذين يشكلون حالة عراقية مصغرة من كلّ الأطياف والتوجهات، ويعكسون طيبة العراقيين وقيَمهم ومبادئهم، يقول عبد الرضي المحمود عندي ورشة عمل سمكرة ومعي ثلاثة عمال مصريين وعراقي ونقدم أفضل الخدمات للمواطنين، جئت لمصر في عام 2003 م، تصورت بقائي في مصر مؤقت لكن صار الوقت مختلفا، أولادي أصبحوا مصريين باللغة والأهل والله أعلم بقادم الأيام، من سنة زرت بغداد كي أرتب لعودة نهائية، لكن لقيت حالي مرتبط بمصر، عشت بها محطات مهمة في عمري، ويقول مصلح سعيد أبو عدنان (52 سنة)، أنا بمصر من ثلاث سنوات من إحدى المحافظات الكردية بشمال العراق هربًا من الطائفية والتضييق، عندي مخبز في الحي السابع، ملحوظة مهمة مشروع المخابز شائع بين أبناء الجالية العراقية، لكن غلاء الأسعار الرهيب في السلع الغذائية، بجانب صعوبات تجديد الإقامة، دفعته إلى قرار العودة إلى العراق قريبًا.

في الحي السابع أيضًا يعمل مدرس اللغة الإنجليزية محمد حميدي (38 سنة) بائعًا في متجر عراقي للمعلبات والألبان: يقول لدينا الآن مشكلة كبيرة جدا هناك جيل من المصريين- العراقيين الذين ولدوا بالعراق عندما كان بها سبعة ملايين مصري، فيما تعرف بحقبة الرئيس صدام حسين، هؤلاء بعضهم يحمل الجنسية العراقية ومعظم أقاربهم هنا في مصر فتجد شابا مصريا والده عراقي وهؤلاء هاجروا من العراق بعد حرب 2003وهم فعلًا مشكلة يريدون إقامات دائمة في مصر لكن عددهم كبير جدًا حوالي ربع مليون، ومنهم من ولد في مصر بعضهم يحمل جنسية مصر بسبب الأم، لكن والدهم عراقي ويحتاجون إقامات دائمة للتعليم، ثم قال لعنة الله على الحروب تخلق مشاكل بلا نهاية ومن حسن الحظ أن مصر تستوعب العراقيين، لكن ظروف مصر الاقتصادية صعبة، وقد انتشرت المطاعم والمتاجر العراقية مثل مطعم لبيع الفلافل العراقية الذي اشتراه مصريون من أصحابه العراقيين قبل أن يهاجروا وبعد أن أخذوا منهم سر الصنعة كما يقول محمد علي، أحد العاملين في المطعم: إن كل عراقي وجد في أم الدنيا وطنه الثاني الذي احتضن كافة المتواجدين داخل حدوده ووفر لهم الأمن والاستقرار والدراسة والعمل، وفي جامعات مصر خصوصاً بالأزهر عدد كبير من الطلاب العراقيين المنتمين لكافة مدن العراق وكردستان.

وفي مدينة نصر يعيش آلاف الوافدين العراقيين كنقطة تجمع في المرتبة الثانية بعد أكتوبر، ويسكن أثرياء الوافدين ورجال الأعمال العراقيين في مدينة الرحاب، واللافت أن المناطق الثلاث تصنف مناطق راقية وأسعار الوحدات السكنية فيها مرتفعة تصل لعشرة آلاف جنية شهريًا، يقول حمدون عبد الحسين إن الجالية العراقية تظهر حالتها المنطوية بسبب الظروف الصعبة على الجميع، على عكس الجالية السورية التي تغلغلت داخل الطبقات المصرية كافة وصارت جزءا مهما من تجارة المواد الغذائية، وسكنت مناطق راقية وشعبية وحتى عشوائية، ولا يرجع ذلك إلى ترف أبناء الجالية العراقية المادي مقارنة بالجالية السورية، فمحدودو الدخل من بين أبناء الجالية العراقية يسكنون تلك المناطق بناء على نصيحة من سبقوهم من العراقيين إلى مصر، وعلى سبيل المثال، محسن سميح الذي يتقاضى راتباً قدره 4000 جنيه مصري لكنه يدفع إيجار شقته ثلاثة آلاف حنية في مساحة لا تتعدى 120 متراً.

وتعد الجالية الوافدة من العراق لا توجد بينها ترابطات وتواصل مثل السودانيين، ونلاحظ أن بعض العائلات العراقية داخل مصر تعيش في حالة شبه عزلة، لا تتواصل مع من سواها من أبناء الجالية إلا حينما تجمعهم الصدفة في الغالب، عن ذلك تقول شهدان خالد التي جاءت إلى مصر مع عائلتها في 2007 وسكنوا بالحي العاشر، تعرفنا إلى عراقيين في مصر جمعتنا بهم ظروف الدراسة.

يضيف مصطفي أبو علي مقاول بناء متخصص في سكن العراقيين: إن العراقيين لا يتمركزون في عمارات متجاورة، غالبًا ما تفصل بينهم عشر عمارات أو أكثر، ولا يتواصلون إلا نادرًا، ومعظم أبناء الجالية العراقية يتحدثون بلهجة المصريين الذين يفهمون اللكنة الخليجية، لكن المصريين الذين مكثوا فترة في العراق يفهمون لكنة العراقين.

العراقيون أنفسهم يرون أنهم (ليسوا كالسوريين)في مصر، ويعتبرون أن الحكومة المصرية تتساهل مع السوريين، لكنها تتشدد مع العراقيين في تجديد الإقامة أو استقبال وافدين جدد من عراقيين من أصول مصرية أو العكس، ويتساءل عبد المغني منصف: لماذا تعاملنا الحكومة المصرية هكذا في حين أن العراق أحسن استقبال الجالية المصرية سابقاً، وأشار إلى أنه جاء إلى مصر بتأشيرة سياحية كلفته 400 دولار، لذلك ترفض الحكومة منحه إقامة أو السماح لنجلتيه بالالتحاق بالمدرسة إلا بعد الحصول على تأشيرة أمنية تكلف 1200 دولار، السوريون يأتون هرباً عبر دول أخرى ويأخذون إقامة ومساعدات، لكني دخلت بصورة رسمية وإلى الآن أعيش ببطاقة لجوء من الأمم المتحدة.

ونحن نانشد الحكومة بقبول أبناء العراق في الجامعات وإعفائهم من أقساط الدراسة، فإن الأجهزة المصرية تقصر هذا الأمر على اللاجئين المعترف بهم من قبل المكتب الإقليمي للمفوضية الدولية للاجئين، لاسيما وأن تشكيل الجالية العراقية، بهذا الحجم الكبير لم يأت تحت ظروف طبيعية إنما جاء نتيجة ظروف استثنائية يمر بها المجتمع العراقي في الوقت الحاضر، وهي تعيش مشكلات نفسية، وفي حالة من عزلة الاغتراب والخوف من المستقبل، كما تعاني الأسرة بسبب مشكلات التكيف الاجتماعية، والمشكلة الاقتصادية للأسرة العراقية التي تعاني من البطالة ونفاد مدخراتهم المالية، إذ ازدادت حاجاتهم الحياتية، وظهرت عليهم حالات العوز المادي والحرمان مع ارتفاع إيجار السكن وتضائل فرص العمل وغيرها، كما اثر ذلك في ازدياد معاناة الأسرة في تعليم أبنائها، إذ أنها تعاني من ارتفاع تكاليف الدراسة بمستوياتها المختلفة، وصعوبة تكيف بعض أبنائها مع أقرانهم في المجتمع المصري.

يعود تشكيل الجالية العراقية في مصر إلى الموجة الأولى من نزوج العراقيين إلى مصر عقب قيام الثورة العراقية في ١٤ يوليو ١٩٥٨، التي ضمت بعض السياسيين العراقيين، إلا أنها لم تكن ذات حجم كبير، بل هي عبارة عن أفراد أو أسر محدودة، وبعد ٢٠٠٣، تضاعفت أعدادها بشكل كبير، وقد اختلفت التقديرات لأعداد المهاجرين العراقيين في ظل غياب الإحصائيات الرسمية، والسبب الذي يجعل هناك صعوبة لحصر عدد العراقيين اللاجئين لأسباب سياسية أو إنسانية هو أن بعض العراقيين قد دخلوا الأراضي المصرية بتأشيرات سياحية تنتهي خلال فترة محددة، لكنهم واصلوا استقرارهم بصورة غير قانونية، وعاشوا وتكيفوا نسبيا، بسبب التقارب بين النسق الثقافي للمجتمعين العراقي والمصري.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأزهر الجاليات العربية الجالية العراقية السوريون العراق الغزو الأمريكي الغزو الأمريكي للعراق إلى مصر فی مصر

إقرأ أيضاً:

السيسي يثمن التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الشرطة وعائلاتهم في مواجهة الإرهاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ثمن الرئيس السيسي، التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء جهاز الشرطة وعائلاتهم على مدار الأعوام الماضية في مواجهة الإرهاب، مما يُظهر المعدن الأصيل للمواطن المصري في مواجهة التحديات.

وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم، زيارة تفقدية إلى مقر أكاديمية الشرطة، حيث كان فى استقبال الرئيس اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وعدد من قيادات أكاديمية الشرطة ووزارة الداخلية.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس تابع خلال الزيارة اختبارات كشف الهيئة للطلبة والطالبات المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة، وذلك من خلال منظومة تسجيل نتائج الاختبارات الإلكترونية.

واطلع الرئيس السيسي على كافة البيانات الخاصة بكل طالب والدرجات التي تحصل عليها أثناء تأدية مراحل الاختبارات المختلفة وصولاً إلى كشف الهيئة، والتي تعكس الشفافية التامة في نتائج الاختبارات.

ووجه الرئيس السيسي بالاستمرار في تطبيق المعايير الموضوعية، بما يضمن انتقاء العناصر الأكثر تميزاً، مما يساهم في تعزيز جهود الارتقاء بأداء جهاز الشرطة ودوره المحوري في ترسيخ دعائم  الأمن والاستقرار فى البلاد، من خلال إعداد أجيال جديدة من العناصر الشرطية المميزة.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية والهجرة يعقد لقاء افتراضياً مع أعضاء الجالية المصرية في أستراليا
  • نشرة المراة والمنوعات.. البنجر يحميك من مرض خطير..مي عمر بإطلالة تتخطى نصف مليون جنيه
  • وزير الخارجية والهجرة يعقد لقاء افتراضيًا مع أعضاء الجالية المصرية بأستراليا
  • وزير الخارجية يعقد لقاء افتراضيا مع أعضاء الجالية المصرية في أستراليا
  • السفارة العراقية في لبنان تكشف لـ بغداد اليوم أوضاع العراقيين القادمين من دمشق الى بيروت
  • السفارة العراقية في لبنان تكشف لـ بغداد اليوم أوضاع العراقيين القادمين من دمشق الى بيروت- عاجل
  • تلبية لطلب عراقي..البرلمان العربي يعقد جلسة له في بغداد نيسان 2025
  • السيسي يثمن التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الشرطة وعائلاتهم في مواجهة الإرهاب
  • الداخلية تعلن تسجيل أكثر من 42 مليون عراقي في منظومة البطاقة الوطنية
  • وزير الأوقاف: مبادرة حياة كريمة وصلت إلى 35 مليون مصري