الغزو الأمريكي تسبب في محنة ربع مليون «مصري- عراقي» بمصر
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
أخذت مشكلات الجالية العراقية في مصر تتزايد (حوالي 3 ملايين عراقي ) مع ارتفاع تكاليف المعيشه، وإيجارات السكن وزيادة نسبة البطالة، بين العراقيين الوافدين بالمدن الجديدة، خاصة مدينة 6 أكتوبر التي بها العديد من الجامعات والمعاهد الخاصة، فضلاً عن عدد كبير من المصانع والشركات التي وجد فيها العراقيون فرصا للعمل، وقد حملت بعض أحياء المدينة بصبغة عراقية، حيث يلاحظ المار بها المحال التجارية والمقاهي بمسميات عراقية، إضافة إلى الأسواق والمدارس التي تتميز بكثافة عراقية ملحوظة، وأبناء الجالية العراقية بمصر، الذين يشكلون حالة عراقية مصغرة من كلّ الأطياف والتوجهات، ويعكسون طيبة العراقيين وقيَمهم ومبادئهم، يقول عبد الرضي المحمود عندي ورشة عمل سمكرة ومعي ثلاثة عمال مصريين وعراقي ونقدم أفضل الخدمات للمواطنين، جئت لمصر في عام 2003 م، تصورت بقائي في مصر مؤقت لكن صار الوقت مختلفا، أولادي أصبحوا مصريين باللغة والأهل والله أعلم بقادم الأيام، من سنة زرت بغداد كي أرتب لعودة نهائية، لكن لقيت حالي مرتبط بمصر، عشت بها محطات مهمة في عمري، ويقول مصلح سعيد أبو عدنان (52 سنة)، أنا بمصر من ثلاث سنوات من إحدى المحافظات الكردية بشمال العراق هربًا من الطائفية والتضييق، عندي مخبز في الحي السابع، ملحوظة مهمة مشروع المخابز شائع بين أبناء الجالية العراقية، لكن غلاء الأسعار الرهيب في السلع الغذائية، بجانب صعوبات تجديد الإقامة، دفعته إلى قرار العودة إلى العراق قريبًا.
في الحي السابع أيضًا يعمل مدرس اللغة الإنجليزية محمد حميدي (38 سنة) بائعًا في متجر عراقي للمعلبات والألبان: يقول لدينا الآن مشكلة كبيرة جدا هناك جيل من المصريين- العراقيين الذين ولدوا بالعراق عندما كان بها سبعة ملايين مصري، فيما تعرف بحقبة الرئيس صدام حسين، هؤلاء بعضهم يحمل الجنسية العراقية ومعظم أقاربهم هنا في مصر فتجد شابا مصريا والده عراقي وهؤلاء هاجروا من العراق بعد حرب 2003وهم فعلًا مشكلة يريدون إقامات دائمة في مصر لكن عددهم كبير جدًا حوالي ربع مليون، ومنهم من ولد في مصر بعضهم يحمل جنسية مصر بسبب الأم، لكن والدهم عراقي ويحتاجون إقامات دائمة للتعليم، ثم قال لعنة الله على الحروب تخلق مشاكل بلا نهاية ومن حسن الحظ أن مصر تستوعب العراقيين، لكن ظروف مصر الاقتصادية صعبة، وقد انتشرت المطاعم والمتاجر العراقية مثل مطعم لبيع الفلافل العراقية الذي اشتراه مصريون من أصحابه العراقيين قبل أن يهاجروا وبعد أن أخذوا منهم سر الصنعة كما يقول محمد علي، أحد العاملين في المطعم: إن كل عراقي وجد في أم الدنيا وطنه الثاني الذي احتضن كافة المتواجدين داخل حدوده ووفر لهم الأمن والاستقرار والدراسة والعمل، وفي جامعات مصر خصوصاً بالأزهر عدد كبير من الطلاب العراقيين المنتمين لكافة مدن العراق وكردستان.
وفي مدينة نصر يعيش آلاف الوافدين العراقيين كنقطة تجمع في المرتبة الثانية بعد أكتوبر، ويسكن أثرياء الوافدين ورجال الأعمال العراقيين في مدينة الرحاب، واللافت أن المناطق الثلاث تصنف مناطق راقية وأسعار الوحدات السكنية فيها مرتفعة تصل لعشرة آلاف جنية شهريًا، يقول حمدون عبد الحسين إن الجالية العراقية تظهر حالتها المنطوية بسبب الظروف الصعبة على الجميع، على عكس الجالية السورية التي تغلغلت داخل الطبقات المصرية كافة وصارت جزءا مهما من تجارة المواد الغذائية، وسكنت مناطق راقية وشعبية وحتى عشوائية، ولا يرجع ذلك إلى ترف أبناء الجالية العراقية المادي مقارنة بالجالية السورية، فمحدودو الدخل من بين أبناء الجالية العراقية يسكنون تلك المناطق بناء على نصيحة من سبقوهم من العراقيين إلى مصر، وعلى سبيل المثال، محسن سميح الذي يتقاضى راتباً قدره 4000 جنيه مصري لكنه يدفع إيجار شقته ثلاثة آلاف حنية في مساحة لا تتعدى 120 متراً.
وتعد الجالية الوافدة من العراق لا توجد بينها ترابطات وتواصل مثل السودانيين، ونلاحظ أن بعض العائلات العراقية داخل مصر تعيش في حالة شبه عزلة، لا تتواصل مع من سواها من أبناء الجالية إلا حينما تجمعهم الصدفة في الغالب، عن ذلك تقول شهدان خالد التي جاءت إلى مصر مع عائلتها في 2007 وسكنوا بالحي العاشر، تعرفنا إلى عراقيين في مصر جمعتنا بهم ظروف الدراسة.
يضيف مصطفي أبو علي مقاول بناء متخصص في سكن العراقيين: إن العراقيين لا يتمركزون في عمارات متجاورة، غالبًا ما تفصل بينهم عشر عمارات أو أكثر، ولا يتواصلون إلا نادرًا، ومعظم أبناء الجالية العراقية يتحدثون بلهجة المصريين الذين يفهمون اللكنة الخليجية، لكن المصريين الذين مكثوا فترة في العراق يفهمون لكنة العراقين.
العراقيون أنفسهم يرون أنهم (ليسوا كالسوريين)في مصر، ويعتبرون أن الحكومة المصرية تتساهل مع السوريين، لكنها تتشدد مع العراقيين في تجديد الإقامة أو استقبال وافدين جدد من عراقيين من أصول مصرية أو العكس، ويتساءل عبد المغني منصف: لماذا تعاملنا الحكومة المصرية هكذا في حين أن العراق أحسن استقبال الجالية المصرية سابقاً، وأشار إلى أنه جاء إلى مصر بتأشيرة سياحية كلفته 400 دولار، لذلك ترفض الحكومة منحه إقامة أو السماح لنجلتيه بالالتحاق بالمدرسة إلا بعد الحصول على تأشيرة أمنية تكلف 1200 دولار، السوريون يأتون هرباً عبر دول أخرى ويأخذون إقامة ومساعدات، لكني دخلت بصورة رسمية وإلى الآن أعيش ببطاقة لجوء من الأمم المتحدة.
ونحن نانشد الحكومة بقبول أبناء العراق في الجامعات وإعفائهم من أقساط الدراسة، فإن الأجهزة المصرية تقصر هذا الأمر على اللاجئين المعترف بهم من قبل المكتب الإقليمي للمفوضية الدولية للاجئين، لاسيما وأن تشكيل الجالية العراقية، بهذا الحجم الكبير لم يأت تحت ظروف طبيعية إنما جاء نتيجة ظروف استثنائية يمر بها المجتمع العراقي في الوقت الحاضر، وهي تعيش مشكلات نفسية، وفي حالة من عزلة الاغتراب والخوف من المستقبل، كما تعاني الأسرة بسبب مشكلات التكيف الاجتماعية، والمشكلة الاقتصادية للأسرة العراقية التي تعاني من البطالة ونفاد مدخراتهم المالية، إذ ازدادت حاجاتهم الحياتية، وظهرت عليهم حالات العوز المادي والحرمان مع ارتفاع إيجار السكن وتضائل فرص العمل وغيرها، كما اثر ذلك في ازدياد معاناة الأسرة في تعليم أبنائها، إذ أنها تعاني من ارتفاع تكاليف الدراسة بمستوياتها المختلفة، وصعوبة تكيف بعض أبنائها مع أقرانهم في المجتمع المصري.
يعود تشكيل الجالية العراقية في مصر إلى الموجة الأولى من نزوج العراقيين إلى مصر عقب قيام الثورة العراقية في ١٤ يوليو ١٩٥٨، التي ضمت بعض السياسيين العراقيين، إلا أنها لم تكن ذات حجم كبير، بل هي عبارة عن أفراد أو أسر محدودة، وبعد ٢٠٠٣، تضاعفت أعدادها بشكل كبير، وقد اختلفت التقديرات لأعداد المهاجرين العراقيين في ظل غياب الإحصائيات الرسمية، والسبب الذي يجعل هناك صعوبة لحصر عدد العراقيين اللاجئين لأسباب سياسية أو إنسانية هو أن بعض العراقيين قد دخلوا الأراضي المصرية بتأشيرات سياحية تنتهي خلال فترة محددة، لكنهم واصلوا استقرارهم بصورة غير قانونية، وعاشوا وتكيفوا نسبيا، بسبب التقارب بين النسق الثقافي للمجتمعين العراقي والمصري.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر الجاليات العربية الجالية العراقية السوريون العراق الغزو الأمريكي الغزو الأمريكي للعراق إلى مصر فی مصر
إقرأ أيضاً:
الاستهداف في أي لحظة.. خبير عراقي: الكيان لا يمكنه ضرب العراق دون ضوء أمريكي - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
اكد الخبير في الشؤون الأمنية احمد التميمي، اليوم الأربعاء (20 تشرين الثاني 2024)، أن الكيان الصهيوني لا يمكنه ضرب العمق العراقي دون ضوء اخضر امريكي.
وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "تسريبات الاعلام الغربي والصهيوني عن توجيه بوصلة عمليات الاستهداف الى فصائل المقاومة في العراق ما هي الا رسائل لما يعد له الكيان"، مؤكدا بان "الاستهداف قد يأتي في اي لحظة ولكن واشنطن تدرك حساسية هكذا خيارات على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة".
وأضاف، أنه "لا يمكن لتل ابيب ضرب العمق العراقي دون ضوء اخضر امريكي وبيان ماهي ردود الأفعال خاصة في ظل وجود قواعد عسكرية ومصالح اقتصادية وشركات بالإضافة الى ان الاتفاقية الاستراتيجية تحتم على واشنطن دعم بغداد في مواجهة أي عدوان خارجي وبالتالي فأن اي موقف داعم للكيان ضد العراق سيكون له ثمن".
وأشار التميمي الى، أن "اجتماع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الأمني يوم امس يدلل على قلق حكومي من تعرض بغداد الى عمليات استهداف مباشرة تدفع الى المزيد من التوتر وقد تقود الى ردود أفعال تزيد من الصراع في الشرق الأوسط، لافتا الى أن شرارة الحرب لن تنتهِ في المنطقة ما دامت ماكنة الموت مستمرة في قتل الأبرياء في فلسطين ولبنان وواشنطن تدرك الامر جيدا".
وبين الخبير الأمني، أن "أي عمليات استهداف قد تحصل ربما تنحصر في اغتيالات ولن تمس الأهداف الاقتصادية المهمة لان اي توجه بهذا المسار سيعني انفجار كبير، مؤكدا" ان أمريكا هي المعنية الآن بمنع الصراع من الانتقال الى مستوى مختلف اذا ما اعطت للكيان الصهيوني باستهداف العراق لان قواعدها ستؤمن تحليق الطائرات وتقديم كل المعطيات الفنية كما حدث في استهداف طهران قبل أسابيع اي ستكون شريكة في العدوان.
وردّ رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، يوم أمس الثلاثاء (19 تشرين الثاني 2024)، على تقديم إسرائيل رسالةً إلى مجلس الأمن الدولي لوضع إجراءات فورية للهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة، بالقول إن ذلك يمثل "ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق"، وفيما أكد رفض "هذه التهديدات والدخول في الحرب"، شدد على أن "قرار الحرب والسِّلم هو قرار بيد الدولة العراقية".
وقال السوداني في إطار ترؤسه الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، إن "الرسالة التي أرسلها الكيان الصهيوني الى مجلس الأمن الدولي، تمثل ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق، وتحقيقاً لمساعي الكيان المستمرة نحو توسعة الحرب في المنطقة".
وشدد على أن "العراق يرفض هذه التهديدات، وأن قرار الحرب والسِّلم هو قرار بيد الدولة العراقية، وغير مسموح لأي طرف بأن يصادر هذا الحق"، لافتاً إلى "رفض العراق الدخول في الحرب، مع الثبات على الموقف المبدئي بإنهائها، والسعي لإغاثة الشعبين الفلسطيني واللبناني.