لم تستوعب إسرائيل الصدمة بعد، فعملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، ممثلة بكتائب القسام، باغتتها بشكل لم يخطر على بالها، فشكّلت لها ولمخابراتها إخفاقًا كارثيًا، لم يخفّف من وقعه القصف "الوحشيّ" الذي لجأت إليه ضدّ قطاع غزة، على عادتها، ولو من باب محاولة "ردّ الاعتبار" هذه المرّة، ولا إعلان "حالة الحرب" مع ما قد يعقب ذلك من عدوان، خبر الفلسطينيون أصنافه على مرّ السنين.


 
لم تستوعب إسرائيل صدمة "طوفان الأقصى" بعد، فما حصل ليس مجرّد حدث استثنائيّ، بل يجوز وصفه بـ"التاريخي"، ليس فقط لأنّ الجيش الذي قيل إنّه "لا يُقهَر"، انكسر وأهين في قلب المناطق التي احتلّها، ولكن أيضًا لأنّ المقاومة الفلسطينية هي التي استملت زمام المبادرة وفرضت "ساعة الصفر"، بعدما دأبت إسرائيل على أن تختار توقيت حروبها ومعاركها، وتضع المقاومة في موقع "ردّ الفعل"، بحكم "الأمر الواقع".
 
وفيما كانت إسرائيل لا تزال تحت وقع الصدمة، بدأت الأمور تتكشّف أكثر، لتشتعل أكثر من "جبهة" في آن، ففي مصر بدا حادث قتل شرطي لإسرائيليين لافتًا ومعبّرًا، وفي لبنان لم تكن الصواريخ "لقيطة" ولا "مجهولة" هذه المرّة، بل إنّ "حزب الله" اختار تبنّيها بسرعة قد تكون هي الأخرى غير مسبوقة، لكن هل يعني ذلك انضمام لبنان عمليًا إلى معركة "طوفان الأقصى"؟ وهل يصبح دخوله قلب المواجهة "تحصيلاً حاصلاً"؟!
 
"لا حياد" في المعركة
 
بالنسبة إلى "حزب الله"، فالموقف واضح لا يحتمل اللبس كما يعبّر عنه العارفون بأدبيّاته، وهو أنّ "لا حياد" في هذه المعركة، وهو بالتحديد ما ذهب إليه رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين في تصريحاته، لأنّ هذه المعركة بالتحديد هي معركة بين الحقّ والباطل، وبالتالي فأيّ مقاربة "رمادية" لها، توازي مساندة "الباطل"، ولعلّ هذا بالتحديد ما دفع الحزب إلى تحديد "توضعه" سريعًا، من دون أن يشعر بأيّ حرج أو يراعي أيّ هواجس.
 
وبمعزل عن الأصوات التي سُمِعت في الداخل اللبناني في اليومين الماضيين وهي تدعو "حزب الله" إلى عدم الخوض في أيّ "مغامرة"، وفق وصف البعض، قد تؤدي إلى "توريط" البلد في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، ولا طاقة له أصلاً على تحمّل تداعياتها في ظلّ أزماته المتفاقمة، يؤكد العارفون أنّ ما أراده الحزب بالدرجة الأولى كان "مساندة" المقاومة الفلسطينية، وتلبية "النداء" الذي وجّهته القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف في هذا الصدد.
 
يستغرب المؤيدون لموقف "حزب الله" أن تخرج تصريحات من النوع "المستفزّ"، الذي يتعمّد استخدام عبارات "المغامرة" و"التوريط"، فضلاً عن الاستشهاد بعبارة "لو كنت أعلم" الشهيرة وتوظيفها خارج سياقها، في هذا الظرف بالتحديد، فيما الأوْلى بالجميع اليوم إدراك أهمية اللحظة التاريخية، التي لم تمرّ على جيل كامل من قبل، والتي وضعت حدًا للكثير من الأساطير، وأطلقت معادلة جديدة قوامها أن ما قبل "طوفان الأقصى" غير ما بعدها.
 
سيناريو الحرب "مُستبعَد"
 
لا يعني ما تقدّم أنّ دخول لبنان إلى قلب المواجهة بات تحصيلاً حاصلاً، أو أنّ لبنان أصبح فعلاً في قلب معركة "طوفان الأقصى" كما حاول البعض الإيحاء، إذ يقول العارفون إنّ عملية "حزب الله" يمكن أن تفسَّر على أنها "رسالة" بالدرجة الأولى، فهو من ناحية أراد تلبية نداء الفلسطينيين، وتأكيد مساندته لهم، أيًا كان شكل الدعم المطلوب، ولكنه من ناحية ثانية أراد أن يقول للإسرائيليين "نحن هنا"، في سياق "الحرب النفسية" التي بلغت ذروتها.
 
لكن، أبعد من هذه الرسالة، التي قد توظّف في خانة التلويح بخيارات وسيناريوهات قد توضع على الطاولة في حال اختار العدو التصعيد، إما على الجبهة الفلسطينية أو الجنوبية، فإنّ عملية "حزب الله" لا تعني وفق العارفين دخولاً رسميًا وفعليًا في قلب المعركة، بل إنّ الحزب حرص على أن يكون تحرّكه "محدودًا ومضبوطًا"، والأهمّ من ذلك، أن يأتي من ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها، عبر استهداف المنطقة اللبنانية المحتلة تحديدًا.
 
لهذه الأسباب، لا يزال سيناريو الحرب بين لبنان وإسرائيل مستبعدًا حتى إشعار آخر، وفق العارفين، ولا سيما أنّ الطرفين على الأرجح لا يريدانه ولا يجدان فيه مصلحة حاليًا، إلا أنّ مثل هذا السيناريو سيبقى "على الطاولة"، بحسب ما يقول هؤلاء، حيث يرهنونه بالتطورات التي يمكن أن تحصل في الأيام القليلة المقبلة، خصوصًا على مستوى ردّة فعل إسرائيل على ما حصل معها، علمًا أنّ هناك من لا يزال يروّج لفكرة "الحرب الشاملة ومتعددة الجبهات".
 
حتى الآن، لا مؤشّرات تدلّ على أنّ لبنان أصبح جزءًا من معركة "طوفان الأقصى"، ولو أنّ الثابت أنّ اللبنانيين متضامنون مع الفلسطينيين الذين "يكتبون التاريخ" هذه الأيام، ولو كانوا يتعرّضون لعدوان جديد يضاف إلى سجلّ الحروب الإسرائيلية الهمجية والوحشية ضدّهم. أكثر من ذلك، ثمّة من يرى في رسالة "حزب الله" تأكيدًا على "الردع" وليس "استحضار الحرب"، على الأقلّ بانتظار نضوج المعطيات فلسطينيًا، ليُبنى على الشيء مقتضاه! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: طوفان الأقصى حزب الله على أن

إقرأ أيضاً:

ماذا سيربح العراق من صراع إسرائيل مع حزب الله في لبنان؟

بغداد اليوم - بغداد 

علق الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري، اليوم السبت (5 تشرين الأول 2024)، على الفائدة الاقتصادية للعراق جراء الحرب الدائرة في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بأسعار النفط.

وقال الجواهري في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "الحرب الحالية ما بين حزب الله والكيان الصهيوني والتصعيد والتهديد ما بين الكيان وايران، دفع بكل تأكيد الى ارتفاع أسعار النفط عالميا، وهذا الارتفاع اكيد فيه فائدة اقتصادية للعراق، واتساع رقعة الحرب، ربما ترفع هذه الأسعار أكثر خلال المرحلة المقبلة".

وبين، ان "هناك مخاوف من قضية اتساع رقعة الحرب في المنطقة، خاصة اذا ما تم استهداف منشآت نفطية إيرانية، لكن مقابل ذلك ستكون هناك أيضا اضرار اقتصادية أخرى للعراق، ولهذا لا شيء واضح بشأن الفائدة الاقتصادية، فالكل ينتظر قواعد الاشتباك في المنطقة ما بين إسرائيل وايران، لكن بصورة عامة النفط سيواصل الارتفاع ولن يعود للانخفاض في ظل هذا الصراع وهذا بشكل عام بنفع العراق اقتصاديا وماليا".

وقال الحرس الثوري الإيراني في بيان له الثلاثاء الماضي، إنه شن الضربات على أهداف عسكرية إسرائيلية، محذرا من "هجمات ماحقة ومدمرة" إذا ردت إسرائيل.

وقال التلفزيون الإيراني إن هذا الهجوم جاء ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.

ووصفت إيران هجومها الصاروخي ضد إسرائيل بأنه رد مناسب على التصعيد في الشرق الأوسط، مهددة بشن مزيد من الهجمات".

وقالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك: "رد إيران المشروع والعقلاني والقانوني على الأعمال الإرهابية للنظام الصهيوني -التي تضمنت استهداف مواطني إيران ومصالحها والتعدي على السيادة الوطنية لجمهورية إيران الإسلامية- تم تنفيذه على النحو الصحيح"، مضيفة أنه إذا قررت إسرائيل الرد، فإنه سيترتب على ذلك ردا ساحقاً.

ويسعى المجتمع الدولي لخفض التصعيد في ظل الضربات الإسرائيلية الأخيرة وعمليات الرد من حزب الله، لكن جهود وقف إطلاق النار قد تتمخض عن جديد.

وهددت إسرائيل بالرد على إطلاق إيران حوالي 180 صاروخا باتجاه أراضيها انتقاما لاغتيال زعيمي حزب الله وحركة حماس فيما توعدت طهران بأنها ستضرب كل البنى التحتية الإسرائيلية في حال مهاجمتها.

وللمرة الأولى، استخدمت إيران صواريخ فرط صوتية خلال هذا الهجوم الذي اطلق عليه اسم "الوعد الصادق 2" على ما ذكرت وسائل الاعلام الإيرانية. 

مقالات مشابهة

  • في ذكراه الأولى.. طوفان الأقصى وتداعي النظام العالمي
  • شهداء الحركة الرياضية .. الحلقة 11 (عبد الله أبو شغيبة)
  • باحث: طوفان الأقصى أول عملية عسكرية داخل العمق الإسرائيلي منذ 1948
  • باحث سياسي: إسرائيل تُضرب في مقتل لأول مرة
  • تقرير بريطاني يُشبّه غارات إسرائيل على لبنان بهجوم الصدمة والترويع في العراق
  • ماذا سيربح العراق من صراع إسرائيل مع حزب الله في لبنان؟
  • "أوقفوا الإبادة" وسم تضامني مع اكتمال عام على "طوفان الأقصى"
  • هل تسقط إسرائيل في مستنقع لبنان؟
  • الحرب البرية الشّاقة.. حزب الله يصعّب المهمة على إسرائيل
  • ما هي التحديّات التي تنتظر إسرائيل في لبنان؟