نحو 30 ألفا متزوجون من أجانب وعرب.. زواج الوافدين في مصر قرار أم اختيار؟!
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
مع زيادة أعداد الوافدين إلى مصر والتى بلغت أكثر من 9 ملايين نسمة يعيشون على أرض مصر من 133 دولة، أصبح الهدف من وراء القدوم إلى القاهرة ليس العمل فحسب، بل أصبح الزواج من مصريين هو الهدف الأول خاصة لدى المرأة الوافدة التى لم يسبق لها الزواج، لاسيما المرأة العربية القادمة من دول الشمال الإفريقي، حيث ارتفعت نسبة زواج المصريين من النساء العربيات إلى أرقام ملحوظة في آخر ١٠ سنوات.
ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن 12.2 ألف مصرى متزوجون من نساء عربيات، و 12.5 ألف مصري متزوجون من أجنبيات، من الروسيات والأوكرانيات، ما يعني أن هناك نحو ٢٥ ألف مصرى تزوجوا من سيدات غير مصريات في الفترة من ٢٠١٣ إلى ٢٠٢٠.
وفي المقابل لم يكن زواج الرجال المصريين من النساء الوافدات هو الأبرز، بل كان لزواج المصريات أيضا من رجال وافدين أرقامًا ملحوظة في زواج الأجانب، حيث سجلت عقود زواج المصرية من زوج جنسيته عربى (غير مصرى) حوالي ٨ آلاف حالة، وحوالي ٣ آلاف حالة من زوج أجنبي، وأنجبت هذه النسب حوالي ٢٠٠ مولود يحملون جنسية غير مصرية من ناحية الأب.
ووفقًا لخريطة الوافدين في مصر التى أعلنتها منظمة الهجرة الدولية، تشهد 5 محافظات مصرية رئيسية 56 في المائة من المهاجرين وهي القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، ودمياط، والدقهلية، فيما يعيش باقي المهاجرين في محافظات مثل، أسيوط، وأسوان، والغربية، والإسماعيلية، والأقصر، ومرسى مطروح، والمنوفية، والمنيا، وبورسعيد، والقليوبية، وقنا، والشرقية وسوهاج والسويس، وفي محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء أعداد قليلة.
وفي ضوء هذه الأرقام التى تعكس نمو أعداد زواج الوافدين في مصر، سواء الزواج من نساء وافدات أو رجال وافدين، طرحت "الأسبوع" سؤالا حول مدى نجاح زواج الوافدين من مصريين أو مصريات، البعض من الروايات على ألسنة أصحاب التجربة أكد نجاح هذا النوع من الزواج على حسب طبيعة العلاقة التى مروا بها وعلى حسب مدى قدرة الطرفين في تحمل الطرف الثاني، والبعض الآخر أكد فشل التجربة وانتهاءها بالطلاق في نهاية المطاف.
تقول السيدة خلود، يمنية الأصل، إنها تزوجت مصري في بداية وفودها إلى القاهرة، منذ ١٠ سنوات، وأقيمت معه في منطقة حلوان بالمعصرة، وأنجبت طفلين منه، وكانت قد تعرفت عليه أثناء دراستها في كلية الخدمة الاجتماعية بحلوان، حيث يعمل الزوج موظفا في الكلية، مضيفة أنه بالرغم من فرق السن بينهما وأن الزوج يكبرها بـ١٢ عاما إلا أنها شعرت بالمسئولية تجاهه، وبدأت علاقة ارتباطهما، وتقدم لأسرتها.
وتستكمل خلود: وافقت على الزواج منه، وأنجبنا أول مولودة بعد العام الأول، وكانت الحياة بسيطة لم يكن فيها خلافات كبيرة، في أول ٥ سنوات، ومع التغير الاقتصادي والظروف الضاغطة تحولت الحياة إلى تحديات كبيرة أبرزها المستوى الاقتصادي، وطلب الزوج منها أن تعمل حتى تساعده في الانفاق على المنزل، لبت خلود طلب الزوج وعملت سكرتيرة في إحدى عيادات الأطباء، وأعانت الزوج على تحمل المسئولية المادية، إلا أن أعباء المعيشة كانت تتفاقم يوما بعد يوم مع المولودة الثانية، وكثرت المشاكل بينهما.
لم يتحمل الزوج الانفاق على أعباء الحياة، وقررت طلب الطلاق منه والعودة إلى العيش مع أسرتها باليمن.
وتضيف السيدة اليمنية: إن أصعب ما واجهته خلال تجربتها في الزواج من مصري، هي الإجراءات المعقدة لطلب الطلاق، وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقوقها، من نفقة ومسكن ومصروفات على أبنائها.
ومن اليمنية إلى التونسية، كانت قصة زواج ناجحة من مصري، حيث تحكي السيدة (م.ج)، في الأربعين من عمرها، وتقيم في مصر من اكثر من 20 عاما: أنا متزوجة من مصري منذ 2008، كان (زوجي) يدرس في جامعة القاهرة وأحببته ولم أتردد بقرار الزواج، فالشاب المصري مهذب وشهم ويحب الحياة العائلية، وهي صفات غير موجودة في شباب آخر بشكل عام، وهذا ما يلفت نظرنا في المصري.
وتستكمل: زوجها أحبها لأنها قنوعة ولم تعترض في بداية زواجهما على السكن مع أهله، كما أنه شجعها على مزاولة عملها في المدرسة حيث تعمل مدرسة للغة الفرنسية في إحدى المدارس الخاصة، وتضيف: دعمني ولم يتركني أشعر بالوحدة والغربة.
وتستكمل تجربتها لـ"الأسبوع": السنة الأولى هي الأصعب على مختلف المستويات، من حيث إيجاد صداقات والتعود على الأجواء المصرية من حيث العلاقات الشعبية والعائلية، ولكن مع الوقت لم تعد تشعر بالغربة، خصوصا أن عملها وعائلتها يأخذان وقتها كله، مؤكدة أنها لم تجد ما يعكر صفو حياتها في مصر ولم تفكر أبدا في العودة إلى تونس، إلا للزيارات العائلية فقط.
وتختلف قصة السيدة التونسية (م.ج)، عن قصة المغربية السيدة خديجة حيث تقول: تزوجت من طبيب مصري، لكنه تغير مع الوقت وبدأ يعاملها بقسوة وعنف، ومنعها من العمل والخروج، وتحملت هذا الجحيم لعشر سنوات، بعدها أخذت قرار الرحيل مع أولادها دون علمه، ونجحت في محاولتها العودة للمغرب وطلبت الطلاق من هناك، ولم تندم على قرارها الذي غير مجرى حياتها.
تقول المغربية: لم أتوقع أن علاقة الحب التى جمعتها بالمصري ستزول بسرعة، وأن زوجها سينقلب رأسا على عقب، ويتحول لشخص آخر يمارس العنف والصراخ والضرب أمام أولادهما، وأعطيته الكثير من الفرص، لكن بعد فترة طويلة اتخذت القرار الصائب وهربت مع أولادها لبلدها الأم.
ومن المغربية إلى الليبية، صفوة، على مشارف الأربعين من عمرها تقول: إنها لم تحسب يوما أنها ستسقر في مصر وتتزوج من مصري، حيث إنها جاءت إلى القاهرة في أعقاب الثورة الليبية مع أسرتها، وعملت في مجال التجميل، وتعرفت على شاب مصري طلب الزواج منها، وارتضاه اهلها، فوافقت على الزواج منه، مضيفة أنها لم تحسب وقتها تحديات السكن والثقافات المختلفة قليلا، ورغم ذلك حاولت ترتيب حياتها من جديد وسط بيئة مختلفة عن الحياة التي عاشتها، لكنها لم تتأقلم مع العادات والتقاليد.
وازدادت معاناتها مع تغير تصرفات زوجها الذي لم يصبر عليها ولم ترغب بالجلوس في المنزل، لكنه لم يسمح لها بممارسة عملها في مجال التجميل، وفرض عليها شروطا لم تتقبلها، ولم تمض سنتان حتى طلبت الطلاق لتعود إلى أسرتها رغم الحب الذي جمعهما.
وتشير الليبية إلى أن المرأة الليبية لديها فكرة غير واقعية عن الزواج من عربي أجنبي، ولكن عندما يجدن أنفسهن في البلدان العربية، يدركن أن الحياة الواقعية تختلف بالكامل عن الحكايات الشرقية.
ومن روايات الوافدات، إلى ظاهرة ملحوظة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات وتعليقات من بعض الشابات المصريات يشجعن الأخريات على الزواج من أجنبي، وتنوعت التعليقات ما بين تزوجي أجنبي واحصلي على جنسيته وطوري اللغة الإنجليزية، وتزوجي أجنبي بعد أن يعلن إسلامه، سيقدر قيمتك ولن يهينك، وتزوجي أجنبي وتقاسموا العمل في البيت بدلا من خدمة الرجل المصري وأهله خاصة أنه لن يقوم بتحضير كوب شاي.
وتقول إحدى المصريات، إنها تزوجت منذ 5 سنوات من شاب روسي، رغم أنها كان لديها موقف في رفض الزواج بشكل عام من مصري بسبب تجارب صديقاتها، مضيفة أنها تدرك أن طبيعة الرجل المصري عدم التقدير وعدم المشاركة مهما اختلف مستواه الفكري والاجتماعي.
ولذلك قررت الزواج من أجنبي، والديانة كانت حاجزا في البداية، لكنها تجاوزت هذا المانع وأسلم زوجها وتحدثت معه كثيرا عن الإسلام، وفي الوقت رأت أنه الرجل المنشود بسبب طبيعة الحياة الغربية وحققت رغبتها في الخروج ورؤية حياة جديدة وتطوير لغتها الأجنبية، ونجحت علاقتها مع زوجها الروسي.
وفي ذات السياق كشفت دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عن نظرة بعض الشابات والشباب للزواج، وأسباب تأخره في مصر، منها خوف الرجل المصري من تحمل المسئولية، وحب الذات وإحساسه بضرورة رفض منح أي شيء معنوي أو مادي لشخص آخر حتى لو كان شريك الحياة، وفقدان الثقة في الجنس الآخر نتيجة تجارب وخبرات سابقة، وإقامة العلاقات غير الشرعية خارج إطار الزواج، والخوف من فقدان الحرية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أعداد الوافدين إلى مصر الوافدين في مصر الزواج من من مصری فی مصر
إقرأ أيضاً:
جمعة: التغيير بين اختيار البشر وإرادة الله
تحدث الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، عن مفهوم التغيير في حياة الإنسان، متسائلًا: "هل التغيير يأتي من البشر أم من المولى عز وجل؟" واستشهد بقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]، مؤكدًا أن التغيير في حياة الإنسان يقع بين فعل البشر وإرادة الله.
التغيير البشري: مناطه الاختيار
أوضح جمعة أن التغيير البشري يبدأ من اختيار الإنسان للخير أو الشر. فالإنسان خُيّر بين النجدين، كما قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]. فإذا اختار الخير وسار على نهج الله، زكت نفسه، وفتح الله له أبواب الخير. وأكد أن الإنسان مأمور بالسعي نحو الإيجابية، سواء في العبادة كالصلاة والزكاة، أو في السلوك كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أكد جمعة أن التغيير الذي يتم من الله تعالى يتجاوز قدرة البشر، لأنه متعلق بصفة الخلق والإيجاد. فإذا أظهر الإنسان استعدادًا للتغيير نحو الخير، تدخلت إرادة الله لتبديل حاله من الضعف إلى القوة، ومن الضيق إلى السعة.
استشهد جمعة بحال المسلمين في مكة عند بداية الدعوة الإسلامية، إذ كان حالهم مليئًا بالصعوبات. ولكن عندما تمسكوا بالقيم الإيجابية، غيَّر الله حالهم وكتب لهم الأمن في الحبشة.
ومن الحبشة، تطور حالهم إلى تأسيس دولة الإسلام في المدينة المنورة، حيث بدأوا مرحلة جديدة من القوة والفتوحات.
كما أشار إلى قصة الصحابي عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، الذي ضرب مثالًا في الاجتهاد والتغيير الإيجابي. فعندما عرض عليه سعد بن الربيع - رضي الله عنه - جزءًا من ماله وممتلكاته، رفض وأصر على العمل في التجارة، حتى أصبح من أثرى الصحابة.
التغيير مسؤولية الإنسان وأمر من الله
اختتم الدكتور علي جمعة حديثه بأن الله أمرنا بالسعي نحو التغيير الإيجابي، وأنه كلما تقرب العبد إلى الله، أكرمه المولى بتغيير أحواله إلى الأفضل. ولفت إلى أن البصيرة التي يمنحها الله لعباده الصالحين هي وسيلة لفهم حكمة التغيير الإلهي في حياتهم.
وأكد أن التغيير يبدأ من الإنسان نفسه، فإذا أخلص النية لله وسعى نحو الخير، أعانه الله وغيّر حاله، مستشهدًا بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.