تصاعدت ردود الأفعال الغاضبة فى أوساط الخبراء الأمنيين فى واشنطن وتل أبيب على الفشل الذريع لتلك الأجهزة فى التنبوء، أو رصد تحركات المقاومة الفلسطينية التى نجحت فى اختراق جميع الدفاعات والاحتياطات العسكرية الإسرائيلية، واحتلت قواعد وعادت بجنود وضباط أسرى. ووصف المسؤول السابق في البنتاجون، ميك مولروي (ضابط وكالة المخابرات المركزية) الهجمات بأنها "فشل استخباراتي"، مشيراً إلى أنه كانت هناك مؤشرات محتملة على "تخزين الذخائر، وإعداد القوة الهجومية"، فضلاً عن "النشاط السيبراني".

ولكن لم تتمكن إسرائيل التقاط أى منها، أو حتى ملاحظتها.

وألقى المسؤول الأمريكى باللوم في الفشل في المقام الأول على المسؤولين الإسرائيليين، إلا أنه قال إن المخابرات الأمريكية كان يجب عليها أيضًا أن تلتقط بعض المؤشرات، حيث يتبادل البلدان المعلومات الاستخبارية.

وقال ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق، جوناثان بانيكوف، الذي يعمل الآن في مركز أبحاث المجلس الأطلسي: "لقد كان هذا فشلًا استخباراتيًا، ولم يكن من الممكن أن يكون الأمر خلاف ذلك". وأشار إلى أن صور الجثث الاسرائيليين التى كانت ملقاة في الشوارع والمدنيين الذين تم اقتيادهم إلى الأسر في غزة بمثابة صدمة عميقة.

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إيال هولاتا: "لقد كانوا يخططون لهذا منذ فترة طويلة". وأضاف "من الواضح أن هذا هجوم منسق للغاية، وللأسف تمكنوا من مفاجأتنا تكتيكيًا والتسبب في أضرار مدمرة".

وواجه وزراء دفاع إسرائيل السابقون تساؤلات ملحة ومتزايدة عن كيفية حدوث الكارثة التى ألمت بهم. وقال الجنرال المتقاعد جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي: "يبدو الأمر مشابهًا تمامًا لما حدث في ذلك الوقت"- مشيرًا إلى أكتوبر 73- وأضاف "كما نرى، فوجئت إسرائيل تمامًا بهجوم منسق بشكل جيد للغاية".

وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلى: ستكون هناك مناقشات بشأن الاستعدادات الاستخباراتية "في المستقبل" لكن التركيز في الوقت الحالي ينصب على القتال. وقال في مؤتمر صحفي: "سنتحدث عن ذلك عندما نحتاج إلى الحديث عنه".

وأكدت مجلة بوليتيكو أن المشرعين الأمريكيين ومسؤولي الأمن القومي السابقين أعربوا عن صدمتهم بما حدث فى إسرائيل، وأشاروا إلى هجوم المقاومة الفلسيطينية على مواقع إسرائيلية، وقتل وأسر العديد من الجنود ينم عن فشل استخباراتي كبير من قبل الإسرائيليين. وأشارت المجلة إلى أن المشرعين فى الكونجرس يطلبون من إدارة بايدن معلومات عن كيفية تمكن حماس من اختراق شبكة الدفاعات الجوية الإسرائيلية المتطورة، وإطلاق مئات الصواريخ من غزة إلى إسرائيل.

وقال النائب الديمقراطى جيم هايمز، وهو عضو بارز في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكى "لقد كان الأمر صادمًا نوعًا ما من حيث حجمه وطموحه"، كما أعرب مسؤولون سابقون في الأمن القومي الأمريكى عن صدمتهم من أن مسؤولي المخابرات الإسرائيلية لم يكتشفوا الهجمات في وقت مبكر.

واعترف مسؤول أمني إسرائيلي سابق لصحيفة بوليتيكو بأن الهجوم غير المسبوق كان بمثابة فشل "كارثي" سمح بحدوثه "الفوضى" في القوات المسلحة الإسرائيلية وأجهزة المخابرات. وقال تشاك فريليتش، النائب السابق لمستشار الأمن القومي الاسرائيلى: "إنه فشل من حيث الاستخبارات والعمليات". مضيفًا: "من الواضح أننا لم نكن مستعدين على الإطلاق لهذا الأمر. لقد تم احتلال مقر الفرقة المسؤولة عن غزة، وهم في حالة من الفوضى، وبالتالي تأخر الرد برمته".

التمويه الاستخبارى

وفيما يلقى مسؤلون إسرائيليون وأمريكيون اللوم على الجانب الإسرائيلى فى الفشل الاستخبارى، يرى كثير من المحللين أن حماس قد نجحت بالفعل التوارى عن الأنظار منذ حرب غزة التى اندلعت فى 2021، حيث كان تركيز الاستخبارت الإسرائيلية على الضفة الغربية وحركات المقاومة التى نشأت حديثًا مثل عرين الأسود، فضلاً عن العمليات الفردية لبعض المقاومين بالضفة.

وتعمدت حماس أن تكون غزة هادئة على مدى الفترة الماضية إمعانًا فى التمويه، الأمر الذى مكن حركة المقاومة الفلسطينية من إعداد مخزون ضخم من الصواريخ غير الموجهة التي لها القدرة على اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية والقبة الحديدية. والتخطيط بهجوم مفاجئ شل المؤسسات العسكرية والاستخبارية داخل إسرائيل، دون وجود إشارات مسبقة، أو تحليلات لإمكانية وقوع هجوم فلسطينى، أو حتى مجرد عملية عابرة ممكن أن يقوم بها عدة أفراد من حماس.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل واشنطن قطاع غزة أمريكا تل أبيب غزة حماس عملية طوفان الأقصى طوفان الأقصى كتائب عز الدين القسام أمريكا وإسرائيل الأمن القومی

إقرأ أيضاً:

فورين أفيرز: خطر جديد يتهدد الأمن القومي الأميركي

قالت مجلة فورين أفيرز إن التهديد الأعظم لأنظمة الكمبيوتر الحكومية الأميركية كان لحدود أسابيع قليلة هو اختراق القوى الأجنبية المعادية لها وسرقة البيانات منها، لكن الجديد هو أن التهديد الأخطر الذي ظهر في الأيام الأخيرة، هو تهديد محلي مصدره وزارة كفاءة الحكومة.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم جيمس غولدجير وإليزابيث سوندرز- أن رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك وفريقه من المهندسين فيما يسمى وزارة كفاءة الحكومة ادعوا الوصول على نطاق واسع، إلى الأنظمة الحيوية التي تتعامل مع المعلومات الحساسة والسرية في العديد من الوكالات الحكومية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دروس تجربة إعادة إعمار الموصل.. تايمز: من سيعيد بناء غزة؟list 2 of 2فورين بوليسي: هكذا حطمت غزة أساطير الغربend of list

ورأت المجلة أن ما يمثل كابوسا للأمن القومي ليس فقط تحركات وزارة كفاءة الحكومة التي يبدو بعضها غير قانوني وغير دستوري في ظاهره، ولا تهديد الخصوصية الخطير للأميركيين نتيجة اختراق البيانات الحساسة، بل هو أنشطة ماسك نفسها، التي تجعل الحكومة الأميركية يديرها فريق من الشباب الذين لا يتمتعون بأي خبرة حكومية، وربما لم يخضعوا لعمليات فحص الموظفين.

ولا شك أن خصوم أميركا سيجدون في هذا البرنامج ثروة من التجسس والابتزاز -حسب الصحيفة- وأن حلفاءها سيعيدون النظر في روتينهم المعتاد معها، وربما لن يكونوا على استعداد لمواصلة العمل معا، حتى لو لم يصل ماسك إلى أنظمة وكالات الأمن القومي الرئيسة، وبالتالي فإن الحكومات الأجنبية -الصديقة والأعداء على حد سواء- تولي اهتماما وثيقا لهذا الأمر.

إعلان قنبلة يدوية

ومن خلال تقويض الأنظمة المخصصة لحماية الجمهور، لا تقلل إدارة الرئيس دونالد ترامب بشكل كبير من فرصة الإصلاح الحقيقي فحسب، بل تعرض البلاد للخطر، وبالتالي فإن تصرفات ترامب وماسك تعادل إلقاء قنبلة يدوية في مركز جهاز الأمن القومي، حسب المجلة.

وإذا كان لدى فريق ماسك إمكانية الوصول إلى التعليمات البرمجية التي توجه مدفوعات الحكومة الأميركية وإعادة كتابتها، فإن مخاطر الأمن السيبراني وانتهاك الخصوصية ستكون هائلة، ومن المرجح أن تكون أجهزة الاستخبارات المعادية تعمل على تقييم أعضاء فريق ماسك الذين قد يكونون مهملين في التعامل مع أجهزتهم الرقمية أو عرضة للوقوع في الفخ أو حالات الإكراه.

وطالب موظفو ماسك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية -التي يبدو أن إدارة ترامب عازمة على تفكيكها من دون استشارة الكونغرس- بالوصول إلى أنظمة سرية لم يكن لديهم إذن بها، وحسب صحيفة غارديان "دخل موظفو وزارة كفاءة الحكومة إلى منشأة المعلومات الحساسة" رغم اعتراض موظف إداري تم طرده.

وذكرت المجلة بأن مشاركة الأسرار وحمايتها جزء أساسي من التعاون الدولي للولايات المتحدة وأقرب حلفائها، وهي تحتاج الثقة في أن المعلومات الحساسة يتم التعامل معها على نحو معروف، ولم يكن من الواضح لماذا أراد ماسك الوصول إلى منشأة المعلومات الحساسة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وحتى لو لم يذهب فريق ماسك إلى أبعد مما هو متعارف عليه في التعامل مع المعلومات الحساسة، فإن التهديد بأن تحاول وزارة كفاءة الحكومة القيام بشيء من شأنه تقويض أنظمة السرية الحكومية يمكن أن يؤدي إلى تآكل ثقة حلفاء الولايات المتحدة وقدرتهم على مشاركة معلومات استخباراتية حساسة معها.

وتقوم الثقة على الأشخاص الذين يعملون في الوكالات، حيث يتمتع العديد من الأشخاص الذين لا يعرف عامة الناس أسماءهم في وزارة الخزانة بإمكانية الوصول إلى نظام المدفوعات وجميع البيانات الشخصية الحساسة التي يمكن لماسك الآن رؤيتها، وهؤلاء هم البيروقراطيون المهنيون غير السياسيين الذين يخدمون كلا الحزبين وأداء المهام المطلوبة منهم، لا اتخاذ القرارات بشأن من يحصل على ماذا.

إعلان خطر الفساد

وفي أول يوم له في منصبه، أصدر ترامب أمرا يسمح بمنح فريق "الوصول إلى المرافق والتكنولوجيا اللازمة لأداء واجبات المكتب الذي تم تعيينهم فيه"، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن موظفي ماسك الذين مُنحوا حق الوصول إلى نظام الدفع كانوا موظفين في وزارة الخزانة، واجتازوا فحوصات الخلفية الحكومية وحصلوا على التصاريح الأمنية اللازمة، لكن عمليات التحقق من الخلفية لهذه الأنواع من التصاريح تستغرق عادة عدة أشهر، ولذلك يظل فحص أعضاء فريق ماسك مشكوكا فيه.

وسوف يتردد الحلفاء بشكل خاص في مشاركة المعلومات الاستخباراتية الحساسة إذا كانوا يخشون أن يتمكن أفراد ليست لديهم خبرة حكومية ولم يخضعوا للتدقيق من خلال بروتوكولات الأمن النموذجية من الوصول إلى هذه المعلومات الاستخباراتية.

وتحذيرا من خطر الفساد، أوضحت عالمة الاجتماع إليزابيث بوب بيرمان، أن منح السيطرة المباشرة على صنبور التمويل الفدرالي للرئيس وعملائه أمر غير ديمقراطي، لأنه يمنحهم القدرة على حرمان من يرونه خصما سياسيا من الأموال التي خصصها الكونغرس بموجب القانون.

وينطبق خطر الفساد هذا على ماسك الذي يمكنه الآن الاطلاع على المدفوعات الحكومية للمنافسين التجاريين وإيقافها، وقد يحاول هندسة أنظمة الحكومة الأميركية بطرق تعود بالنفع على مصالحه المالية الخاصة.

وبالفعل وجد ماسك وفريقه طريقهم إلى البيانات الفدرالية الخاصة الأكثر حراسة، وسوف يجعلون الولايات المتحدة موضع عدم ثقة لأولئك الذين يتعاملون مع الآلية غير المرئية للأمن القومي الأميركي.

مقالات مشابهة

  • فورين أفيرز: خطر جديد يتهدد الأمن القومي الأميركي
  • مصر تتلقى رسائل من إسرائيل وأمريكا: تل أبيب تؤكد التزامها باتفاقية السلام.. وواشنطن لا تنوي الصدام معها
  • رفضا للتصريحات الإسرائيلية.. مصر: استقرار السعودية وأمنها القومي من صميم أمنننا ولا تهاون فيه
  • الحكومة الإسرائيلية تعلق على الصور الصادمة للرهائن الثلاثة بعد إطلاق سراحهم
  • إسرائيل: الصليب الأحمر تسلم المحتجزين الـ 3 ليسلمهم للقوات الإسرائيلية
  • معاهدة السلام في خطر.. بوادر أزمة سياسية بين القاهرة وتل أبيب.. ودبلوماسي غربي: مصر تعتبر تهجير الفلسطينيين تهديدا لأمنها القومي
  • بسبب خطة ترامب.. توبيخ رئيس استخبارات جيش إسرائيل يثير أزمة
  • يديعوت أحرونوت: إسرائيل تبحث أمنيًا إمكانية خروج سكان غزة عبر ميناء أسدود ومطار رامون
  • الأمم المتحدة: العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنين تقيد وصول المساعدات للفلسطينيين
  • واشنطن تهدد السوداني.. ماذا نعرف عن المحتجزة الإسرائيلية في بغداد؟