"طوفان الأقصى" تكشف نظرة الغرب "العوراء" لما يحدث في فلسطين
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
كشفت عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية مؤخرا ضد إسرائيل، "عور" الغرب في التعامل مع مواقف يعتبرها دفاعا عن النفس عندما يقوم بها المحتل، ويصفها بالإرهاب عندما يدافع بها صاحب الأرض عن نفسه، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالأسيرات.
فعلى مدى سنوات من الاحتلال الوحشي، كان الغرب يتعامل مع قتل الفلسطينيين على أنه حق مشروع للإسرائيليين، في حين يرى رد أصحاب الأرض صنفا من صنوف الإرهاب.
في المعركة الأخيرة التي باغتت فيها المقاومة جيش الاحتلال وتمكنت من أسر عشرات الجنود والضباط والمدنيين بينهم نساء، علت أصوات الولايات المتحدة ومن يليها من الدول الغربية تنديدا بما يحدث للإسرائيليات.
وفي موقفه هذا، تجاوز الغرب حقيقة أن من حق الفلسطينيين مواجهة الاحتلال، وهو أمر يكفله لهم القانون الدولي، وينفق من يتباكون على إسرائيل اليوم مليارات الدولارات لتمكين الأوكرانيين من فعل الأمر نفسه أمام الروس، في اختلال فاضح للمعايير الأخلاقية التي تنصب حسب الطلب.
وبينما يرى الغرب دفاع الأوكرانيين عن أرضهم حقا مشروعا، يرى اقتحام المقاومة لمستوطنات الاحتلال عملا إرهابيا، متجاهلا أنه لا يكاد يمر يوم دون أن يقتحم جنود الاحتلال بيتا أو بلدة فلسطينية، فيهدمون المنازل علنا ويعتقلون النساء، بل يقتلونهن في وضح النهار.
وفي حين تنهمر دموع الغرب على مجندات إسرائيليات يخدمن في جيش محتل، فإنه في الوقت نفسه لا يرى نساء فلسطين وهن يركلن ويسحلن ويقتلن في الشوارع، كما أنه لا يرى المسجد الأقصى يقتحم ويدنس وينكل بالمصلين فيه، دون أن ينطق بكلمة واحدة.
وحتى وسائل الإعلام التي لا تكاد تذكر نساء فلسطين المعتقلات منذ سنوات في سجون الاحتلال ولا تعرفهن أصلا، فإنها اليوم تشتاط غضبا من أجل الإسرائيليات الواقعات في قبضة المقاومة.
ليس هذا وحسب، فقد قتلت إسرائيل قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري 170 فلسطينيا في الطرقات ولأسباب لا تعدو كونها أوهام جنود لا يتورعون عن إطلاق الرصاص، ومع ذلك لم يحدث الغرب ولو جزءا من هذه الجلبة التي يحدثها اليوم.
واليوم، قررت تل أبيب قطع الطعام والشراب والوقود والكهرباء عن سكان غزة الذين وصفهم وزير دفاع إسرائيل بأنهم "حيوانات بشرية"، في وقت لا يوجد فيه بالغرب من يعلق على هذه الأمور التي يراها القانون الدولي جريمة ضد الإنسانية.
وفي وقت تواصل فيه إسرائيل قصف كل ما هو على أرض غزة من بشر وحجر، وتقتل أطفالا ونساء وعائلات بأكملها لاستعادة كرامة أراقتها المقاومة بغتة، فإن النائحين الغربيين لا يلتفتون إلا عندما يريدون تحويل الجناة إلى مجني عليهم.
المصدر: الموقع بوست
إقرأ أيضاً:
عندما تُباع العدالة
في خطوة تكشف حجم الانحياز الفاضح لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، أعلن رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، انسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية، متذرعًا بأن المحكمة أصبحت “مسيسة”، جاء هذا القرار بعد إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، على خلفية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في غزة، هذه الخطوة، التي تُمثل طعنة في خاصرة العدالة الدولية، تؤكد أن أوربان مستعد للوقوف في وجه القانون لحماية قاتل الأطفال، لكن هذا القرار لا يعبر عن جميع المجريين، فهناك أصوات حرة ترفض التواطؤ مع الإجرام وتؤمن بسيادة العدالة.
لطالما كانت حكومة أوربان من أبرز المدافعين عن الاحتلال الإسرائيلي في أوروبا، لكن أن يصل الأمر إلى حد الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، فهذا ليس مجرد موقف سياسي، بل هو إعلان شراكة صريح مع مجرمي الحرب، وشرعنة للدماء المسفوكة في غزة.
ورغم أن هذا القرار صادر عن الحكومة، فإن الشعب المجري ليس كتلة واحدة خلف أوربان، هناك أصوات مجرية حرة، من مفكرين وصحفيين وناشطين في حقوق الإنسان، يرفضون أن تُلطَّخ سمعة بلادهم بالتواطؤ مع الاحتلال، ويؤمنون بأن العدالة يجب أن تطبق على الجميع، بما في ذلك القتلة الذين أوغلوا في دماء الأبرياء في غزة.
أوربان لم يعترض يومًا على المحكمة الجنائية عندما كانت تستهدف دولًا أخرى، لكنه قرر فجأة أنها “مسيسة” حينما اقتربت من ملاحقة إسرائيل، هذا النفاق السياسي يكشف أن انسحاب المجر لم يكن دفاعًا عن مبادئ العدالة، بل كان خطوة استباقية لحماية حلفائه من الملاحقة، في تحدٍّ وقح للعدالة الدولية وللدماء الفلسطينية التي سالت تحت القصف الإسرائيلي.
بينما تئن غزة تحت آلة الحرب، ويُقتل الأطفال في مجازر موثقة، يقرر أوربان أن يكون عائقًا أمام محاسبة القتلة، إنه قرار يعكس مدى استعداد بعض الحكومات لبيع مبادئ العدالة مقابل مكاسب سياسية وتحالفات مشبوهة، لكن مهما حاولوا، فلن يتمكنوا من محو الحقيقة، الاحتلال مجرم، ومجرمو الحرب لن يهربوا من المحاسبة إلى الأبد.
انسحاب المجر من المحكمة الجنائية الدولية ليس مجرد موقف سياسي، بل هو سقوط أخلاقي مدوٍّ لحكومة أوربان، التي فضّلت حماية مجرمي الحرب على الالتزام بمبادئ العدالة الدولية، لكن يبقى السؤال: هل سيصمت أحرار المجر أمام هذه الخيانة الصريحة للقانون والقيم الإنسانية؟ أم أنهم سيرفعون صوتهم رفضًا لتحويل بلادهم إلى ملاذ للفارين من المحاسبة؟
إن المستقبل وحده سيكشف إن كان الشعب المجري سيرضخ لسياسات أوربان المتخاذلة، أم أن هناك من سيقف ليقول: ليس باسمنا، ولن تكون المجر شريكًا في التغطية على مجازر الاحتلال، العدالة قد تتعثر، لكنها لا تموت، وستبقى غزة شاهدة على من تآمر ومن قاوم، ومن دافع عن الحق ومن باعه بأبخس الأثمان.