الجزيرة:
2024-07-06@11:52:29 GMT

السبت اللاهب.. 50 عاما بين اقتحام بارليف وجدار غزة

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

السبت اللاهب.. 50 عاما بين اقتحام بارليف وجدار غزة

كان يوم سبتهم، تأتيهم حيتانهم شُرّعا، يقيمون صلوات الهيكل، تهتز الرؤوس تحت القبعات الصغيرة، غير أن سبت السابع من أكتوبر 2023 كان على غير ما توقع اليهود.

عَمِيت عليهم الأنباء فهم لا يتساءلون ولا يترقبون هذا الحجم الكبير من الدمار، أما في غزة فقد أبرم الأمر بليل، وقررت كتائب القسام أن تقتحم "الجدار الحصين"، ليعبر اللظى إلى المستوطنات الغافية.

خرج القوم لا يلوون على شيء، كانت ملابس النوم تشي بالمباغتة، ومن الكبار من سحب من غرفة نومه، ليجد نفسه يقتاد إلى غرف مظلمة قد يطول فيها انتظاره.

وبين عبور جدار غزة واقتحام خط بارليف 50 عاما، شابت فيها رؤوس المشاركين في العاشر من رمضان وانحنت كثيرا ظهور من بقي منهم قبل أن يسمعوا عن عملية عسكرية مشابهة تذكرهم بتلك الأيام التي طمرتها عقود السلام والتطبيع.

وقد باينت الأيام والسنون الـ50 الفاصلة بين الحدثين الراسخين في الذاكرة العربية، ولكن وحدت بينهما مشتركات من بينها العدو الموحد، والإقدام الأسطوري، فبين الحدثين واليومين أرحام موصولة وأوجه شبه تنتفض بين التفاصيل ومن تحت لألاء اللهيب. ومن أوجه التشابه تلك:

تدمير أسطورة الجدار

كان الجدار في الحادثتين عاملا مشتركا، وكان حجم التهويل من خطورة وقوة هذا الجدار وكونه غير قابل للاختراق جزءا من الحرب النفسية التي طالما مارسها الإسرائيليون ضد خصومهم العرب، كان جدار بارليف قويا للغاية كلف إسرائيل 500 مليون دولار من أجل بنائه، قبل أن تتبلور فكرة إذابته لدى البطل المصري المهندس اللواء باقى زكى يوسف الذي اقترح إذابة الساتر الرملي للجدار من خلال مضخات المياه، وهكذا انطلقت نوافير المياه برشاقة الطوفان لتدمر أجزاء مهمة من الجدار، ولتزرع القذائف بعد ذلك أكثر من 80 فرجة مكنت الجيش المصري من إحراز أهم نصر في تاريخ المواجهة بين العرب والإسرائيليين.

حمل الحصن اسم القائد العسكري حاييم بارليف، وامتد 12 كيلومترا داخل جزيرة سيناء، وعلى جوانبه أقيم 22 موقعا دفاعيا بطول 170 على طول قناة السويس، إضافة إلى منصات لإطلاق الصواريخ ومرابض للدبابات، ومحطات اتصال لا سلكي.

أما الجدار الذكي فيمتد على طول 65 كيلومترا على طول غزة، وينتهي إلى البحر منعا للمقاومة من حفر أنفاق تحت الماء، بينما يرتفع إلى 10 أمتار، ويمتد عمقا لأكثر من 25 مترا تحت الأرض، واكتسب الجدار صفة "الذكاء" من حجم الرقابة التقنية المحيطة به من كاميرات ومجسات وأجهزة تحسس، وقد كلف الجدار إسرائيل أكثر من مليار دولار، واستغرق تشييده 3 سنوات، لكنه نال مثلما نال جدار بارليف، وكسرته سواعد قوية زرعت الموت في قرى غلاف غزة، وأخرجتهم من بيوتهم في رعب مرير.

إحدى الثغرات التي فتحها المقاومون في جدار غزة (الجزيرة) المباغتة سر الانتصار

أخذ عنصر المباغتة جزءا أساسيا من تحطيم القوة الإسرائيلية، ففيما كان الجنود الإسرائيليون في بارليف مستمعتين بعيد الغفران عام 1973، دوى الرصاص المصري والسوري من كل حدب، وترامى القتلى والأسرىن وبقيت إسرائيل في دهشة استمرت 6 أيام قبل أن يتدخل الدعم العسكري الأميركي لإقامة جسر جوي يمنع من توسيع النصر العربي.

أما في حالة السابع من أكتوبر فقد كانت المباغتة جزءا من خطة الدفاع، حيث أعطت حماس الانطباع لإسرائيل بأنها غير راغبة في موجة جديدة من القتال، أما تل أبيب فقد كانت غارقة في نوم ثقيل من الاطمئنان العسكري، قبل أن يحرق الفجر اللاهب حالة الأمن المزيفة.

أعياد الغفران والعرش

جمع السبت الحارق أيضا بين الحدثين، فقد كان في بارليف أول أيام عيد الغفران (الكيبور) أقدس أعياد اليهود، أما في الفجر الغزاوي فقد كان آخر أيام عيد العُرش الأثيرة أيضا عند اليهود.

وكما كان البعد الديني أيضا حاضرا لدى المصريين والفلسطينيين، حيث كانت التكبيرة شعار مقتحمي خط بارليف، وكانت الصدى نفسه شعارا لمقتحمي الجدار الذكي، ليكون الدين عنصرا أساسيا في صناعة النصر وتجرع سطوة الهزيمة.

وكما دوى التكبير على الجبهات عند اقتحام الجدارين، فقد دوت زغاريد النصر والاحتفاء في عدد من العواصم العربية احتفالا بالانتصار الذي يأتي في سياق مستمر من الهزائم.

ولإن جمع السبت بين الحدثين، فقد كان شهر أكتوبر/تشرين الأول وعاء زمنيا للحدثين، حيث جرى اقتحام بارليف في السادس، بينما جرى عبور سياج غزة في السابع من الشهر ذاته.

حجم القتلى والأسرى

لم يستقر بعد عداد القتلى والجرحى والأسرى الإسرائيليين في هجوم غزة، ولكنه لا يستبعد أن يقترب من العدد الذي سقط في حرب عام 73، خصوصا إذا قررت إسرائيل شن حرب برية على القطاع.

ففي حرب بارليف اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل أكثر من 2800 من جنودها وأسر أكثر من 500 آخرين، في حين لا يزال العدد الإجمالي للقتلى والأسرى الإسرائيليين مجهولا حتى اللحظة في ظل التغير المستمر في الأرقام والحصيلة التي تقدمها الجهات الإسرائيلية الرسمية. أما الفلسطينيون فقد فقدوا لحد الآن قرابة 400 شهيد، وأكثر من ألفي جريح.

الحسرة الإسرائيلية

تجرع الإسرائيليون المرارة، وظهر ذلك في تصريحاتهم وكتاباتهم، فقد كتب إيهود باراك الذي أصبح بعد ذلك رئيسا للوزراء وفق ما نقلت عنه بي بي سي "لقد كانت الوجوه شاحبة كأنما يعلوها التراب، فقد كانت هذه اللحظة هي الأشد قسوة خلال الحرب، وبعد ذلك بدأت القوات الإسرائيلية في دخول المعارك وكسب السيطرة على مساحات من الأراضي، لكن في ذلك اليوم ضاع أثر نصر 67 النفسي وضاع شعور أن الجيش الإسرائيلي لا يهزم".

وفكرت غولدا مائير في الانتحار بعد أن سقطت هيبة جيشها في الحضيض، وارتفع مؤشر العزة العربي في أصقاع عديدة، عادت الابتسامة إلى الوجوه الشاحبة، ورفع الجيش المصري اللواء عاليا في قلوب وشرايين بلاد العرب.

أما في غزة فقد وصف المحللون الإسرائيليون ما جرى بالهزيمة المذلة لهم، والانتصار الخاطف لحماس.

وتحدث هؤلاء عن حالة الصدمة التي اجتاحت إسرائيل، ومن بينهم المحلل العسكري ألون بن دافيد الذي قال إن "هناك صعوبة في فهم ما حدث، فلم يتوقع أحد في إسرائيل حرب يوم غفران ثانية، وبالذات من غزة".


فروق متعددة

رغم أوجه التشابه المتعددة، فإن فروقا كثيرة تبرز بين الحدثين الكبيرين.

– ففي اقتحام خط بارليف كانت هنالك خطة عربية موحدة، وجيوش عربية تقاتل جنبا إلى جنب في مواقع قتال متعددة، أما في عبور جدار غزة، فإن كتائب المقاومة في غزة تقاتل لوحدها دون سند، بل تجد نفسها في مواجهة حصارات دولية متعددة.

كان العاشر من رمضان حربا بين دول، أما في حالة فلسطين الآن فهي حرب مفتوحة بين تنظيم ومدينة، ودولة من ورائها العالم الغربي كله.

– أضافت المقاومة عنصرا جديدا إلى سلاحها وهو تطوير التقنية، رغم الحصار الشامل منذ قرابة 20 سنة، وكان العنصر الأكثر خصوصية في ذلك الفجر اللاهب هو حجم العملية واتساعها، حيث استقبل سكان قرى وبلدات غلاف غزة، لهب الموت من البر والبحر والجو.

– ضربة لمسار التطبيع: وقد سارع العديد من المحللين والمراقبين إلى التأكيد على أن حدث السابع من أكتوبر، سيلقي بظلاله بقوة على مسار التطبيع مع إسرائيل، حيث يمكن القول إن كثيرا من مبادرات السلام والتطبيع قد سقطت أو أخذت طريق التجميد بسبب المتغير الذي ستفرضه أحداث السابع من أكتوبر دوليا، وما ستجيشه من مشاعر غضب قوية في العالم العربي.

– لم يطل استمتاع المصريين بالنصر، فبعد سنوات قليلة تبادل الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي حينها مناحيم بيغن، كؤوس السلام في كامب ديفيد، ليبدأ عهد مصري جديد، أما في الحالة الراهنة، لا يبدو أن السلام مرتقب بين الطرفين، بل لا يبدو أن لغير الرصاص والفجر اللاهب أي دور في صناعة مشهد ما بعد السابع من أكتوبر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أکثر من فقد کان أما فی قبل أن

إقرأ أيضاً:

الاحتلال ينفذ حملة دهم واعتقالات في الضفة

الضفة الغربية - صفا

نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية وفجر اليوم الخميس، حملة اعتقالات في مناطق متفرقة بالضفة الغربية المحتلة، طالت عددا من المواطنين بينهم سيدة من طولكرم.

ففي نابلس، اندلعت اشتباكات مسلحة بين مقاومين وقوات الاحتلال خلال اقتحام البلدة القديمة بالمدينة.

واقتحمت قوات الاحتلال بلدة عقربا جنوبي نابلس وسط اندلاع مواجهات مع المواطنين، كما اقتحمت بلدة سبسطية شمال غربي نابلس، وداهم جنود الاحتلال فيها عدة منازل.

وفي طولكرم؛ اقتحمت قوات الاحتلال المدينة واعتقلت السيدة رشا غسان حجازي من منزلها، علما أنها تعمل محاسبة في مشفى الزكاة بالمدينة. 

ودهمت عدة آليات عسكرية إسرائيلية طولكرم وتمركزت في أحياء وشوارع داخلها، واعتقلت قوات الاحتلال الشاب سعيد الغزاوي، عقب اقتحام منزله في عزبة الجراد، شرقي المدينة.

كما اقتحمت قوات الاحتلال، المطبعة الأهلية وسط مدينة طولكرم، وتعود للمواطن عماد أبو صالح، بعد كسر بوابتها، وعاثت خرابًا ودمارًا في محتوياتها.

واندلعت مواجهات واشتباكات مسلحة في المدينة عقب اقتحام قوات الاحتلال عدة محاور، واستهدف مقاومون الاحتلال بعبوة محلية الصنع.

وأعلنت كتائب القسام في طولكرم عن استهداف قوة راجلة للاحتلال في محور دوار ثابت ثابت، مما أدى إلى هروب القوة إلى الجيبات وبعدها قام مقاتلوها باستهداف الجيبات العسكرية وعادو إلى قواعدهم بسلام.

وفي قلقيلية؛ اعتقلت قوات الاحتلال الشابيْن: إبراهيم متولي للضغط على نجله محمود لتسليم نفسه، وحمزة صالح نوفل، بعد اقتحام منزليهما، علماً أن الاحتلال اعتقل ثلاثة من أشقاء نوفل، أمس الأربعاء.

واستهدفت المقاومة في مدينة قلقيلية قوات الاحتلال بصليات من الرصاص خلال اقتحامها عددا من أحياء المدينة.

وفي سلفيت؛ اعتقلت قوات الاحتلال الشاب حمادة عبد الوهاب عبد الله، خلال تواجده في محله التجاري الواقع قرب جدار الفصل العنصري غرب بلدة دير بلوط.

و أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي المدخل الشمالي لمدينة سلفيت بالبوابة الحديدية، وشددت من إجراءاتها التعسفية بحق المواطنين وأعاقت حركتهم عبر إغلاق البوابة الحديدية ومنعهم من الدخول أو الخروج.

وفي رام الله، اقتحمت قوات الاحتلال قرية المغير شمالا، واعتقلت: أنور باسم حج محمد (21 عاما)، وباسل جهاد حج محمد (21 عاما)، واعتدت بالضرب على المواطن شريف النعسان ونجله أدهم، بعد ان داهمت منزلهما واعتقلت نجله الثاني آدم.

وفي مخيم الجلزون، اعتقلت قوات الاحتلال، الشاب أحمد محمد شراكة، بعد أن داهمت منزله وفتشته وعبثت بمحتوياته.

وفي الخليل، اعتدت قوات الاحتلال بالضرب على الشاب وسام الكركي، أثناء تواجده في ساحة مبنى البلدية القديم وسط المدينة، ما أدى إلى إصابته بجروح في اليد ورضوض في أنحاء مختلفة من جسده، نقل على إثرها إلى مستشفى الخليل الحكومي، ووصفت إصابته بالمتوسطة.

واقتحمت قوات الاحتلال بلدات: دورا، إذنا، بيت عوا، صوريف ودير سامت، وسيرت آلياتها في شوارع وأحياء هذه البلدات.

واعتقلت قوات الاحتلال الأسير السابق سعدي الجعوني بعد اقتحام منزله في بلدة إذنا غربي الخليل.

مقالات مشابهة

  • إصابة شاب برصاص الاحتلال خلال اقتحام نابلس
  • محلل فلسطيني: إسرائيل تعمل بشكل ممنهج لإطالة زمن الحرب على غزة (فيديو)
  • وفد التفاوض الإسرائيلي يعود من الدوحة.. وحماس تكشف "الموعد المتوقع" للرد
  • أسامة حمدان: حماس تتوقع ردا من إسرائيل بحلول السبت
  • فأر يثير ذعر جنود إسرائيليين أثناء اقتحام أحد المباني .. فيديو
  • الاحتلال ينفذ حملة دهم واعتقالات في الضفة
  • اقتحام عسكري لمكتب الشباب والرياضة بوادي حضرموت لفرض مدير جديد بالقوة!
  • على وقع طبول الحرب مع حزب الله.. تكاليف اقتراض إسرائيل بأعلى مستوى في 13 عاما
  • إسرائيل تقوم بأكبر عملية مصادرة لأراضي الضفة الغربية منذ 30 عاما
  • "الجدار والاستيطان": الاحتلال يستولي على مساحات شاسعة من أراضي عقربا بنابلس