طفلاً من مختلف أنحاء العالم يتلقون علاجاً جينياً لحالات الضمور العضلي الشوكي النادرة في مستشفى ميدكير للنساء والأطفال
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
دبي – الوطن
نجح “مستشفى ميدكير للنساء والأطفال” في دبي في علاج 71 طفلاً يعانون من الضمور العضلي الشوكي المُهدد للحياة، وهو اضطراب يؤثر في خلايا العصبون الحركي داخل الحبل الشوكي ، وهي الخلايا العصبية التي تتحكم في حركة العضلات الإرادية. وقد بات «مستشفى ميدكير للنساء والأطفال» مؤسسة الرعاية الصحية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط في مجال توفير هذا العلاج الجيني المُنقذ للحياة من خلال برنامج عالمي للوصول المُدار للعلاجات الجينية.
وكان أطفال من عدة بلدان بما في ذلك تركيا ورومانيا وروسيا وبيلاروسيا ونيبال وإيران قد توجهوا إلى دبي للحصول على هذا العلاج الجيني المُغير للحياة وكذلك خدمات العلاج الشامل لهذا الاضطراب والتي يوفرها “مستشفى ميدكير للنساء والأطفال”. وقد قدم المستشفى أيضاً هذا العلاج المُغير للحياة لـ 10 أطفال مؤهلين من دون مقابل.
ويُعد ضمور العضلات الشوكي اضطراباً جينياً نادراً ذا تأثير عميق على الأفراد الذي يصيبهم. ويسبب هذا الداء فقدان خلايا العصبون الحركي داخل الحبل الشوكي، الأمر الذي ينتُج عنه ضعفٌ وضمورٌ مستمرين في العضلات. وتُصنّف هذه الحالة الموهنة إلى أربعة أنماط رئيسية تتميز فيما بينها بحسب العُمر الذي تبدأ فيه أعراض كل نمط في الظهور، وكذلك مدى حدة الأعراض. وغالبا ما يظهر «النمط 1»، وهو النمط الأكثر حدة في أعراضه، لدى الأطفال دون الستة أشهر من العمر، ويؤدي إلى محدودية فرص الحياة على نحو مأساوي. وعلى النقيض منه، فإن «النمط 4» يصيب البالغين، وغالباً ما تكون أعراضه أخف. وفي حال تُرك ضمور العضلات الشوكي من دون علاج، فإنه يؤدي إلى إعاقات عميقة وصعوبات في التنفس، مما يؤدي إلى تضاؤل جودة حياة المريض إلى حد هائل.
وقال د. فيفيك موندادا، استشاري طب أعصاب الأطفال، لدى «مستشفى ميدكير للنساء والأطفال»: «نفخر بالعمل الرائد الذي قُمنا به في «مستشفى ميدكير» في تطوير الأبحاث المتعلقة بداء ضمور العضلات الشوكي وفي علاجه. لقد أتاح لنا فريقنا المتخصص، ومنشآتنا الفائقة في تقدمها، والتزامنا الثابت تحقيق إنجازات تُعد بمثابة علامات فارقة هامة في معركتنا ضد هذا الداء. وتتمثل مهمتنا في نقل علاج هذا الداء إلى حدود أبعد، وتوفير دعم متخصص، ومنح الأمل للأطفال المصابين به. وبينما نستمر في أداء مهمتنا، نبقى ملتزمين بتحسين نتائج العلاج والعمل من أجل مستقبل أفضل للمصابين بضمور العضلات الشوكي».
وأضاف: “بفضل جهودنا المستمرة في تطوير علاجات متعددة التخصصات لضمور العضلات الشوكي، فقد بات المستشفى مركزاً عالمياً لعلاج المرضى الباحثين عمن يخفف آلامهم الناجمة عن هذه الحالة المرضية المدمرة. وعلاوة على ذلك، فإن المنهج الذي نتبعه في علاج ضمور العضلات الشوكي يجسد استراتيجية شاملة ومتعددة الاختصاصات تتخطى حدود توفير العلاج الجيني. وبينما يمثل العلاج الجيني علامة فارقة ومتميزة في التعامل مع داء ضمور العضلات الشوكي، إلا أنه مجرد جانب واحد ضمن جوانب منهج شامل يستهدف تحسين حياة الأطفال المُصابين بهذا الداء”.
ويشدد د. موندادا على الحاجة إلى عناية ودعم من جانب متخصصين لمرضى ضمور العضلات الشوكي. وقال: “نعمل على ضمان تلقي والدي الطفل المُصاب بالداء التعليم الصحي المناسب، واستفادتهما من خطط الرعاية الصحية المصممة خصيصاً حسب الاحتياجات الفردية لكل طفل، والتي يقدمها المستشفى لهما بعد إقامة ابنهما في دبي، مما يضمن استمرارية الرعاية وإدارة التعامل مع الحالة بواسطة خبراء طب أعصاب الأطفال المحليين في الموطن الأصلي للطفل المُصاب بعد عودته إليه”.
في مستشفى ميدكير للنساء والأطفال، يتعاون فريق متعدد التخصصات يضم أخصائيين في طب أعصاب الأطفال وطب الرئة والقلب والعظام ومعالجين فيزيائيين وطب الجهاز الهضمي، من أجل توفير رعاية شاملة لكل مريض على حدة. وهذا النهج الشامل لا يضمن حصول المرضى على تدخلات علاجية مبتكرة فحسب بل والدعم والعلاج اللازمين لتعزيز جودة الحياة أيضاً.
وبحسب د. موندادا، فإن نتائج العلاج تختلف باختلاف الأفراد المصابين، وذلك نتيجة الطابع المستمر لداء ضمور العضلات الشوكي. ويستهدف العلاج الجيني بصفة رئيسية المجموعة القائمة للخلايا الحية داخل جسم الطفل المصاب، حيث يبدأ العلاج بالعمل وإحداث التأثير. وللأسف، فإن العلاج الجيني لا يمكنه إعادة إحياء الخلايا التي هلكت بالفعل. ولذا، فإن التشخيص والعلاج المبكرين يُعدان من الأهمية القصوى بمكان، إذ يتيحان فرصاً أفضل لتحقيق نتائج ناجحة.
وفي بعض الحالات، يتلقى الأطفال المصابون بالداء علاجاً جينياً كجزء من برنامج لفحص الأطفال حديثي الولادة في بلدانهم الأصلية، مما يمكنهم من عيش حياتهم مثل الأطفال الأصحاء. وعلى النقيض من ذلك، فإن الأفراد الذين يعانون حالات صحية أكثر تعقيداً، كتركيب أجهزة تنفس اصطناعي تحتاج إلى فتح جراحي في الجسم، وفغر المعدة، أو يعانون من ضعف أو تقلص دائم في العضلات، قد لا يتمكنون من تحقيق التعافي الكامل. ولكن على الرغم من ذلك، فإنه من الممكن أن تمتد حياتهم لفترة طويلة، وكذلك أن تتحسن مستويات جودة معيشتهم بتقليل المضاعفات، وتقليل الحاجة إلى بقائهم داخل المشافي وتجنب المزيد من التدهور.
ومع استمرار المعركة ضد الضمور العضلي الشوكي، يحافظ “مستشفى ميدكير للنساء والأطفال” على التزامه الراسخ بدفع حدود الابتكار الطبي مع توفير نهج شامل للرعاية. ويواصل المستشفى جهوده الدؤوبة لتوفير الأمل بمستقبل أكثر إشراقاً للأطفال الذين يعانون من تحديات الضمور العضلي الشوكي في دولة الإمارات وخارجها.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
أول رضيع ينجو من مرض مميت بفضل علاج جيني ثوري!
شمسان بوست / متابعات:
نجح رضيع بريطاني في قلب الموازين الطبية بعد أن أصبح أول حالة في العالم تتلقى علاجا جينيا فريدا لمرض وراثي نادر يعرف بـ”عوز الأورنيثين ناقل الكربامويل” (OTC).
وهذا الإنجاز العلمي الذي تم في مستشفى غريت أورموند ستريت في لندن، يفتح باب الأمل أمام عشرات العائلات التي تعاني من هذا الاضطراب الوراثي الخطير.
وتم تشخيص حالة الطفل توماس البالغ من العمر 14 شهرا بعوز الأورنيثين ناقل الكربامويل عندما كان عمره بضعة أسابيع، ليصبح واحدا من بين 15 حالة فقط يتم تشخيصها سنويا بهذا المرض الجيني النادر.
ويحدث عوز الأورنيثين ناقل الكربامويل عندما تتراكم الأمونيا السامة (تنتج عن تكسير البروتينات في الجسم) في دم الشخص. وعادة ما يتم معالجة الأمونيا في الكبد وإخراجها عبر البول، لكن المرضى الذين يعانون من هذه الحالة لديهم نقص جيني في البروتين المسؤول عن إزالة سموم الأمونيا في الكبد، ما يؤدي إلى تراكمها بكميات سامة.
ويمكن أن يسبب هذا النقص مضاعفات تهدد الحياة مثل تلف الدماغ أو الغيبوبة أو النوبات إذا ترك دون علاج. وقد يشمل العلاج تقليل البروتين في النظام الغذائي وتناول أدوية تعرف بـscavenger therapy، لكن في الحالات الشديدة، لا يكون ذلك كافيا. ويحتاج بعض المرضى، خاصة الذكور الرضع، أحيانا إلى زراعة كبد.
وكان يعتقد أن زراعة الكبد هي الخيار الوحيد لتوماس، حتى تم إدراجه في تجربة العلاج الجيني الرائدة في مستشفى غريت أورموند ستريت (GOSH) في لندن.
وتبدأ أعراض المرض عادة في الظهور بعد الولادة بفترة قصيرة، وتشمل الإرهاق الشديد وعدم القدرة على الرضاعة والقيء. لاحظ والدا توماس أن هناك شيئا غير طبيعي عندما كان عمره أسبوعا واحدا فقط.
وقالت والدته ماريانا: “أصبح توماس غير مستجيب في المنزل ولم يفتح عينيه، وكان الأمر مرعبا حقا. اتصلنا بسيارة إسعاف، وتم نقلنا إلى المستشفى المحلي. عندما وصلنا لأول مرة، لم يتمكن الأطباء من تحديد المشكلة التي يعاني منها توماس. قضينا اليوم كله هناك، من الصباح حتى المساء، بينما اشتبهوا في وجود عدوى لكنهم لم يكونوا متأكدين. وكان توماس يزداد سوءا، وللأسف لم يتمكن المستشفى من مساعدتنا. عندها نقلنا بسيارة إسعاف إلى مستشفى غريت أورموند ستريت”.
وأضافت: “عندما وصلنا إلى مستشفى غريت أورموند ستريت، أخبرونا خلال ساعة أو ساعتين أن مستوى الأمونيا لدى توماس مرتفع جدا. وقام أطباء المستشفى المشهور بتشخيصه بعوز الأورنيثين ناقل الكربامويل واقترحوا إدراجه في تجربة OTC-HOPE.
وتهدف التجربة إلى اختبار علاج جيني يعطى عن طريق التسريب ليصل إلى خلايا الكبد، ومصمم لاستبدال الجين التالف بنسخة سليمة من جين عوز الأورنيثين ناقل الكربامويل.
وقال الباحثون إن العلاج الجديد، المسمى ECUR-506، يستخدم طريقة مبتكرة لإدخال الجين السليم في موقع محدد بدقة في أحد الكروموسومات.
ويأمل الفريق أن تكون نتائج هذا العلاج مشابهة لنتائج زراعة الكبد لدى مرضى عوز الأورنيثين ناقل الكربامويل، لكن بجرعة واحدة بدلا من عملية جراحية معقدة.
وتلقى توماس العلاج الصيف الماضي. وقالت ماريانا: “بعد ستة أشهر، لم يعد بحاجة إلى الستيرويدات، ويحرز تقدما جيدا. لم يعد بحاجة إلى نظام غذائي خاص أو أدوية scavenger therapy. نحن ممتنون للغاية للمساعدة والدعم الذي تلقيناه من الأطباء والممرضات في مستشفى غريت أورموند ستريت. كنا نعتقد أن زراعة الكبد هي الخيار الوحيد لتوماس، وأن العملية ستكون صعبة. نحن سعداء جدا لأنه تلقى العلاج الجيني، لقد كان الأمر مذهلا. احتفلنا مؤخرا بعيد ميلاده الأول”.
من جانبه، قال الدكتور جوليان باروتو، الباحث الرئيسي في الدراسة واستشاري طب التمثيل الغذائي في مستشفى غريت أورموند ستريت: “نحن سعداء برؤية تقدم توماس منذ تلقيه العلاج الجيني .. آمل أن يستمر توماس في هذا المسار المشجع، وأن يحظى الرضع الآخرون المشاركون في هذه الدراسة بتجارب مماثلة. وعلى حد علمنا، هذه هي المرة الأولى التي يتلقى فيها رضيع علاجا جينيا موجهاً للكبد. قد تفتح هذه التكنولوجيا الجديدة آفاقا جديدة لعلاج الرضع المصابين بأمراض كبدية جينية شديدة”.