الإعلامي العربي زاهي وهبي يكتب عن الحبر في زمن الحرب!
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
أثير – الإعلامي العربي زاهي وهبي
ما جدوى الكتابة في اللحظات الحرجة والأوقات العصيبة؟ وهل يرتقي الحبر إلى مصاف الدم حين يبذل الناس أرواحهم فداء أرضهم ووطنهم؟ أو حين يهدم الاحتلال البيوت على رؤوس قاطنيها من نساء وأطفال وعجائز؟ أي دور للكلمة حيال هذا الواقع؟ وهل تنفع القصائد والأغنيات؟ في الوقت عينه أليس الصمت نوعاً من التواطئ والخذلان؟ هل نستطيع صمّ آذاننا عن دوي المدافع وهدير الطائرات؟ أليس المقتولون أهلنا وناسنا وبني جلدتنا؟ أليسوا على الأقل نظراءنا في الخلق؟
تعود هذه الأسئلة بقوة كلّما اشتدّت ضراوة القتال وحمي الوطيس.
من الزمن.
أما قطاع غزة ورغم انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي منه فإنه واقع تحت حصار ظالم ودائم، لا يستطيع المواطن الفلسطيني فيه التنقل بسهولة ولا السفر، مثلما لا يستطيع الحصول على الغذاء والدواء والكهرباء بشكل طبيعي، دولة الاحتلال تُقطِّر عليه كل شيء، ولو استطاعت لمنعت عنه حتى الهواء، ومتى شاءت تقصف وتدمِّر وتغتال، فضلاً عما يتسبب به الحصار من مشاكل اجتماعية صحية ونفسية إلى جانب الفقر والبطالة وسائر الآفات التي يعمل الاحتلال على مضاعفتها وسط تجاهل دولي فاضح لواحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية.
رغم مرارة هذا الواقع ما يزال البعض يستكثر على الفلسطينيين لجوءهم إلى كل الوسائل الممكنة والمتاحة للتعبير عن رفضهم للاحتلال ومقاومتهم له، واضطرارهم إلى ابتكار أساليب مدهشة في مواجهة البطش الإسرائيلي. والأنكى أن بعض المستلَبين للدعاية الغربية صار يعتبر الانتصار للحق الفلسطيني والكتابة عن المأساة الفلسطينية موضة بالية ودقّة قديمة لا تتماشى مع المعايير الغربية للحرية والعدالة والديمقراطية. علماً أن هذه المعايير سقطت سقوطاً مدوياً مع اندلاع الحرب الأوكرانية حيث مارست الحكومات الغربية ووسائل الإعلام كل ما كانت تستنكره وتستكثره على الفلسطينيين والعرب.
لجأت الحكومات الغربية إلى كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في سبيل الضغط على روسيا ومحاربتها، استخدمت الإعلام والثقافة والرياضة والمال والاقتصاد وكل ما استطاعت إليه سبيلاً، فيما كانت على مدى عقود تصمّ آذانها وتغمض أعينها وتبتلع ألسنتها إزاء كل ما يتعلق بفلسطين وحق شعبها في الحرية والاستقلال، وأكثر من ذلك كانت تدعونا دائماً لعدم خلط السياسة بالثقافة والرياضة وسواهما كلما رفض مثقف أو رياضي عربي مشاركة إسرائيلي في ندوة أو مباراة. عجباً!
لو كانت الكتابة لا تجدي لما حورِبَ الكتّاب المنحازون للحق الفلسطيني، ولو كانت الموسيقى والأغاني بلا أثر لما عُتِّمَ على الفنانين المنتصرين لهذا الحق، بمن فيهم الفنانون الغربيون الذين تتم مقاطعتهم ومحاربتهم بمجرد أن يعلنوا موقفاً يكشف حقيقة الاحتلال الإسرائيلي ويتضامن مع مظلومية الشعب الفلسطيني.
بلى الكتابة مجدية وضروريّة وملحّة.
يقول محمود درويش بما معناه ليس علينا المفاضلة بين الرصاصة والكلمة. في معارك التحرير والاستقلال كلاهما يكمل الآخر. فالكلمة تحفظ الذاكرة وتحصّن الوعي وتمنع تزييف التاريخ. خطورة الاحتلال الإسرائيلي ليست فقط في كونه غاصباً للجغرافيا بل أيضاً في سعيه الحثيث لاغتصاب التاريخ عبر مزاعمه الباطلة وترهات “أرض الميعاد”. لذا تغدو أهمية الكلمة مضاعفة لجهة فضح الأكاذيب والأحابيل الإسرائيلية، وكشف حقيقة الكيان العنصري والفاشي، والتأكيد على الهوية الحقيقية تاريخاً وجغرافيا باعتبار فلسطين أرضاً عربية محتلة سوف تتحرر لا محال.
لا أملَ لكم عندنا، لا هواء(*)
لا ماءَ ليجري في عروقكم، لا دماء
لا أرض لكم هنا، لا بحر، لا فضاء.
لا بيتَ لكم عندنا
لا ربَّ، لا أنبياء.
لا كتباً عتيقة،
لا ذاكرةً، لا ذكريات،
لا حجرَ لتكتبوا أسماء موتاكم،
أو لتنقشوا تواريخ حروبكم.
لكم صقيعُ المعدن، ولنا نسيمُ البلاد،
لكم هديرُ الخوفِ، ولنا حداء الأمهات.
عودوا حيث جئتم،
لا ليلَ لأحلامنا معاً،
لا شمسَ لنهارَين معاً.
لا أمس لكم هنا،
ولا غدَ أكيداً…
———-
(*) مقتطف من قصيدتي “كيف نجوت”.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي يفجر 20 منزلا في جنين بالضفة الغربية
أفادت ولاء السلامين، مراسلة قناة القاهرة الإخبارية من رام الله، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل عمليات التدمير في الضفة الغربية، إذ استولت على منازل في بلدة طمون وحولتها إلى ثكنات عسكرية، بعدما أجبرت سكانها على المغادرة، وأبلغتهم بإمكانية العودة بعد فترة غير محددة قد تمتد لساعات أو حتى أشهر.
قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعد هجماتها في الضفة الغربيةوأشارت السلامين، خلال رسالتها على الهواء، عبر قناة القاهرة الإخبارية، أنه في مدينة جنين ومخيمها، صعّدت قوات الاحتلال هجماتها بتفجير حي سكني كامل مكون من 20 منزلًا، إذ استخدمت شاحنة محملة بالمتفجرات لتفخيخ وتفجير المنازل دفعة واحدة، ما أسفر عن دمار واسع وانتشار كثيف لأعمدة الدخان، ووفقًا لشهود عيان، تطايرت شظايا المنازل المدمرة حتى وصلت إلى مستشفى جنين الحكومي، ما يعكس ضخامة الانفجارات.
إغلاق مداخل مخيم الفارعة بالسواتر الترابيةوأوضحت أن العملية العسكرية لا تزال مستمرة وسط حصار خانق تفرضه قوات الاحتلال على المدينة ومخيمها، كما توسعت الهجمات لتشمل مدينة طولكرم ومخيمها، ومخيم نور شمس، إضافةً إلى مدينة طوباس ومخيم الفارعة، إذ أغلقت قوات الاحتلال مداخل ومخارج المخيم بالسواتر الترابية، وشددت الحصار على بلدة طمون، ما أدى إلى تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين.
ولفتت إلى أن قوات الاحتلال بررت عمليات التدمير بأنها تستهدف البنية التحتية للمقاومة، إلا أن الوقائع على الأرض تثبت أن المنازل الفلسطينية تُفجر بالكامل تحت مزاعم واهية، في سيناريو مشابه لما حدث في جباليا وشمال قطاع غزة.