السودان في لعبة الأمم... انقسام وتقاسم وتقسيم
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
السودان في "لعبة الأمم"... انقسام وتقاسم وتقسيم
البرهان دشّن مسار التطبيع في "عنتيبي" مع نتنياهو، وحميدتي شق قناة اتصال بمساعدة داعميه الإقليميين بـ"الموساد" الإسرائيلي.
الأرجح أن الحرب في السودان ستطول، بدلالة البحث عن "عواصم موقتة" خارج العاصمة ومدنها الثلاث، والتي باتت بؤرة "حرب المواقع الثابتة".
يتضح أن الإعياء وعدم اليقين والعجز تسرب لصفوف الحراك الثوري ولا غرابة فمهما بلغت تضحياتهم وبطولاتهم، يبدو أن "لعبة الأمم" أشد قوة وتأثيراً منهم.
صَمَتَ العالم، وخصوصاً الغرب، على تفشي "العسكرة" في نظام ما بعد البشير، ولا سيما بعد أن أظهر قطبا الانقلاب وجنرالاه استعداداً مذهلاً لدفع كل فواتير الظفر بـ"الشرعية" وإضفاء المقبولية والمشروعية على حكمهما البلاد واقتسامهما السلطة والثروة.
الأول خطب ودّ "إسرائيل" من بوابتَي الخارجية ورئاسة الحكومة، والثاني "أخذها من قصيرها" بالارتباط بأحد أبشع أجهزة الاستخبارات في العالم، صاحب الصيت السيئ، الذي لا يليق إلا به وبكيانه.
* * *
بعد جهد جهيد، أمكن لكاتب هذه السطور ترتيب لقاء عن بعد، مع نخبة من شبان "الحراك الثوري" السوداني وشابّاته. المهمة لم تكن سهلة أبداً. لا أحد منهم في مكانه. بعضهم ما زال في الخرطوم، لكن في أماكن أكثر أمناً، وبعضهم الآخر انتقل إلى ولايات أخرى، شدة الاشتباكات فيها أقل حدة من مدن العاصمة الثلاث، ومنهم من لجأ إلى دول المنافي القريبة والبعيدة، ومنهم من ينتظر، يعيش بعضهم في معسكرات ومراكز إيواء، وآخرون تدبّروا أمر شتاتهم بشقّ الأنفس.
أجندة الحراك وأولوياته تبدّلت، انتقل من إسقاط حكم العسكر وتسليم السلطة إلى مدنيين ديمقراطيين، إلى عمليات الغوث والإنقاذ وتوثيق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ما حاجة السوداني الهائم على وجهه مع عائلته إلى حديث عن "الانتقال الديمقراطي"، في الوقت الذي ينتظره الموت خلف كل زقاق، ويطارده المرض والجوع والعوز من دون رحمة، وأطفاله يتضورون جوعاً من دون أن يقوى على توفير رغيف الخبز، أو يعتصرهم الألم من دون أن يجد حبة دواء. الأولويات انقلبت رأساً على عقب تماماً.
ثورة 19 كانون الأول/ديسمبر 2018 الشعبية المجيدة في السودان، تطوي صفحتها الأخيرة، بعد سيل جارف من التضحيات. وقوى "الدولة العميقة" و"الثورة المضادة"، محلياً وإقليمياً، تنجح في تدمير هذه البلاد، وتقطيع أوصالها، وقطع الطريق على تحولاتها الديمقراطية، في ظل صمت العالم وتواطئه، بينما خصوم السودان، التقليديون، ينتظرون بلهفة "لحظة تصفية الحساب" مع البلد/القارة، الذي استكثروا عليه بقاءه قطعة واحدة، فأعملوا فيه معاول الانقسام والتقسيم والتقاسم.
لم يكن دخول الجيش و"الجنجويد" على خط الحراك الشعبي الجارف، بريئاً أبداً، وجنرالات الفريقين لم يرفعوا الغطاء عن نظام عمر حسن البشير، حرصاً على أرواح المحتجين الذين ضاقت بهم الشوارع والميادين.
دخولهم على خط الثورة كان منذ اليوم الأول بهدف إجهاضها وامتطاء صهوتها، وفي أذهانهم تحويل سلطتهم الموقتة إلى سلطة دائمة، والحلول محل البشير وبعض أركان حكمه الأكثر إثارة للغضب والاستفزاز الشعبيين.
وما لم يكن ممكناً إنجازه فوراً ومنذ البدء، تحقق لهم على نحو سافر في انقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2021، وقبل أن تندلع نيران القتال داخل "البيت العسكري – الميليشياوي" وبين قطبين تجتاحهما شهوة السلطة والتربع على عرشها: البرهان وحميدتي.
صَمَتَ العالم، وخصوصاً الغرب، على تفشي "العسكرة" في نظام ما بعد البشير، ولا سيما بعد أن أظهر قطبا الانقلاب وجنرالاه استعداداً مذهلاً لدفع كل فواتير الظفر بـ"الشرعية" وإضفاء المقبولية والمشروعية على حكمهما البلاد واقتسامهما السلطة والثروة. البرهان دشّن مسار التطبيع في "عنتيبي" مع نتنياهو، وحميدتي شق قناة اتصال بمساعدة داعميه الإقليميين بـ"الموساد" الإسرائيلي.
الأول خطب ودّ "إسرائيل" من بوابتَي الخارجية ورئاسة الحكومة، والثاني "أخذها من قصيرها" بالارتباط بأحد أبشع أجهزة الاستخبارات في العالم، صاحب الصيت السيئ، الذي لا يليق إلا به وبكيانه.
عطّل الرجلان مسار الانتقال وجداوله الزمنية واستحقاقاته المتفق بشأنها، لكن الصراع بينهما سرعان ما سيطفو على السطح، ليدخلا "لعبة صفرية" بعد أن أدركا أن السودان لا يُحكم بنظام الرأسين، وأنه إن لم يتمكن أحدهما من إزاحة الآخر عن المسرح، فلا بأس من الذهاب إلى خيار التقسيم والتقاسم، وهو ما يلوح اليوم بقوة في سماء السودان الشاسعة.
خلف كل منهما، وقفت أطراف إقليمية ودولية. بعضها رأى في البرهان امتداداً لتجربته الخاصة في امتطاء الثورات وإطفائها، وبعضهم الآخر رأى في حميدتي حصان طروادة للتطبيع ورأس حربة في الهجوم على الثورات الشعبية العربية و"إسلامها السياسي". وهم أصحاب خبرة طويلة وعريضة في قيادة الثورات المضادة لثورات "الربيع العربي" وتصدرها. هنا، ستنتقل الأزمة من "السودنة" إلى "الأقلمة" و"التدويل".
على أن حميدتي، والحق يقال، كان أكثر ذكاءً في إدارة المعركتين العسكرية والسياسية مع الجيش ومجلسه وقائده، على رغم فارق القوة ميدانياً بينهما، والطابع "غير الرسمي" للميليشيات التي يتزعمها.
أكثر من الحديث عن "الفلول" والتحذير من "الأخونة" والتنبيه لمخاطر "الإسلام السياسي"، ولم يكفّ عن إطلاق الوعود لقيادات "الحرية والتغيير" بقرب الانتقال المدني – الديمقراطي، حتى بدا في بواكير الحرب أن للرجل نفوذاً في الأوساط المدنية والشعبية السودانية يفوق كثيراً ما للجيش وبرهانه.
وتحت مظلة "الاتفاق الإطاري"، كانت عمليات "الغزل المتبادل"، السريّة والعلنية، تدور بين "قوى الحرية والتغيير" من جهة، و"الجنجويد" من جهة ثانية، ولم يكن رئيس الحكومة السابق حمدوك بعيداً عن كل هذا وذاك.
الجيش بدا أنه أُخِذَ على حين غرة. جسمه الثقيل وغير المرن، جعله عرضة للضربات المتنقلة والرشيقة لـ"الدعم السريع". وبدا لأشهر (حتى اليوم) أنه يقاتل أشباحاً متنقلة. إفراطه في استخدام القوة الجوية والمدفعية أوقعه في المحظور، عن قصد أو من دونه، إذ تسبب بإلحاق أذى شديد بالمدنيين السودانيين وهو يطارد هذه الأشباح التي تزرع الموت والخراب، وتعيث في البلاد قتلاً وتخريباً وسرقة واغتصاباً، من دون رادع قانوني أو وازع من ضمير.
على أن "الجنجويد"، مع استمرار القتال في ظل انعدام توازن القوى، سيستعيد فصولاً من سيرته الأولى في دارفور، حين كان يقتل ويدمر ويغتصب ويشرد باسم البشير و"شرعيته" و"نظامه الإسلاموي"، مقترفاً أبشع الجرائم والانتهاكات بحق السودانيين والسودانيات، ومعتمداً على جيوش من المرتزقة جاء بهم من السودان وجواره، وهو صاحب الخبرة الطويلة في تجنيد المرتزقة للقتال في اليمن إلى جانب "الشرعية"، وفي ليبيا إلى جانب الجنرال العجوز خليفة حفتر، وسيُفضي ذلك بالتدريج إلى انفضاض القوم من حوله.
حتى القوى السودانية باتت تجد حرجاً في الدفاع عنه، حتى وهي ترفع شعاراً "بريئاً ونزيهاً": وقف الحرب، من دون أن تفصح عن كيف سيتم ذلك، وما هو مصير نظام الرأسين، وكيف يمكن التوفيق بين مؤسسة عسكرية شرعية، على رغم كل ما يقال عنها وفيها من جهة، وميليشيات سائبة من جهة أخرى.
مع احتدام المعارك من دون حسم، وإطالة أمدها من دون أفق للحسم، وفي ضوء تعثر مسارات الحل السياسي، ستتسع دائرة تدويل الصراع السوداني، وسيتحول السودان إلى جبهة جديدة من جبهات الحرب الروسية الأوكرانية: فاغنر تدعم حميدتي وتشاركه في تجارة الذهب والسلاح، والمسيّرات الأوكرانية تضرب مواقع "الدعم السريع"، ويقال على أيدي خبراء أوكرانيين وصلوا إلى السودان مؤخراً.
وستبدأ كفة "المجتمع الدولي" تميل لمصلحة الجيش، وسيُدعى البرهان إلى إلقاء كلمة السودان في الأمم المتحدة. كل ذلك لأن الصراع في السودان بات يُنظَر إليه من منظور أكبر وأوسع: الصراع الروسي الأمريكي، ولا سيما مع تنامي ثقل روسيا و"فاغنر" في أفريقيا، وانهيار الدور والنفوذ الفرنسيين فيها، واحتدام المنافسة والصراع على القارة السوداء.
لكن ذلك لا يعني أبداً أن الصراع حُسم، أو سيُحسَم لمصلحة الجيش والبرهان، فالقوى الداعمة لحميدتي و"الدعم" ليست قليلة بدورها، وبعضها يريد تصفية الحساب مع السودان على خلفيات عديدة (إثيوبيا)، وبعضها يريد تصفية الحساب مع "الإسلام السياسي، الإخواني بصورة خاصة (الإمارات)، وبعضها لا يريد لحميدتي أن يُهزم، كما لا يريد ذلك للبرهان أيضاً، ما دام تقسيم السودان وتفتيته سيصبحان مهمة أسهل، إن تعذّر الحسم على الطرفين، واضطر الجانبان إلى البحث في خيارات التقسيم والتقاسم.
هي عناوين وتحديات طارئه على أجندة السودان وحراكه الشعبي وحراكه المدني. فالمطلوب اليوم بات يتعلق ببقاء البلد وليس بشكل نظام حكمه. المطلوب اليوم استنقاذ حيوات ملايين السودانيين المشردين في بلدهم والجوار، وليس تمكين الشعب من حكم نفسه بنفسه. المطلوب اليوم المحافظة على وحدة السودان، في ظل هبوب رياح التقسيم العاتية.
جرّب السودان شعار "سودان واحد بنظامين" قبل انفصال الجنوب، وفشل فشلاً ذريعاً، والأغلب أن التلويح بحكومتين من جانب طرفي الحرب، ينذر بالعودة إلى هذا الشعار، وإن تحت مسمى "فيدرالي"، وليس مهماً اليوم الاكتفاء بالدعوة إلى وقف الحرب بأي ثمن، فما بعد وقف إطلاق النار، ثمة سيل من الأسئلة التي لم تنجح الأطراف المتحاربة وداعموها في توفير الأجوبة عنها.
والأرجح أن الحرب في السودان ستطول، بدلالة البحث عن "عواصم موقتة" خارج العاصمة ومدنها الثلاث، والتي باتت بؤرة "حرب المواقع الثابتة". ومع كل يوم يمضي، تتزايد احتمالات الوصول إلى "نقطة اللاعودة"، وتتعاظم مخاطر تقسيم البلاد إلى عدة دول، وليس إلى دولتين اثنتين، فلا قعر للانقسامات المتناسلة، ولا خط نهاية لمسار التفتيت.
بالعودة إلى الحراك الثوري وشبانه وشابّاته، والذي بدأنا به هذا المقال، يبدو واضحاً أن الإعياء وانعدام اليقين والإحساس بالعجز أخذت تتسرب إلى صفوفهم، ولا غرابة في ذلك، إذ مهما بلغت تضحياتهم وبطولاتهم الفردية والجماعية، فإنه يبدو أن "لعبة الأمم" أشد قوة وتأثيراً منهم.
*عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية
المصدر | الميادين نتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السودان البرهان حميدتي الموساد إسرائيل لعبة الأمم قوات الدعم السريع الجيش السوداني الحراك الثوري الإسلام السياسي نقطة اللاعودة فی السودان من جهة من دون ما بعد
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: قلق إزاء تدهور الأمن الغذائي في السودان بعد الإعلان عن تفشي المجاعة في خمس مناطق
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش عن القلق إزاء تدهور حالة الأمن الغذائي بسرعة في السودان، حيث يستمر تدهور القدرة على الوصول إلى الغذاء والتغذية لملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
وأعلن تقرير لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن تفشي المجاعة في خمس مناطق على الأقل في السودان، متوقعا أن تواجه خمس مناطق إضافية المجاعة بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيار/مايو 2025.
وكشف التقرير كذلك الذي صدر اليوم الثلاثاء أن خطر المجاعة يهدد 17 منطقة إضافية.
وفي بيان منسوب للمتحدثة المساعدة باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قال غوتيريش إنه بعد أكثر من 20 شهرا من الصراع، يواجه أكثر من 24.6 مليون شخص في السودان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأضاف أن الأمم المتحدة وشركاؤها يعملون على توسيع نطاق تقديم المساعدات الغذائية وغيرها من أشكال الدعم الأساسي للفئات الأكثر ضعفا، لكن القتال المستمر والقيود المفروضة على حركة إمدادات الإغاثة والموظفين لا تزال تعرض عمليات الإغاثة للخطر.
وجدد الأمين العام دعوته للأطراف لتسهيل الوصول السريع والآمن وغير المقيد والمستدام حتى تتمكن المساعدات الإنسانية والعاملون من الوصول إلى المحتاجين أينما كانوا.
وأكد أيضا على الحاجة إلى وقف فوري للأعمال العدائية لإنقاذ الأرواح ومنع الأزمة في السودان وتأثيرها على الدول المجاورة من التصعيد بشكل أكبر في عام 2025.
وناشد تقديم الدعم والتعاون الدوليين العاجلين لتقريب الأطراف من التوصل إلى حل سلمي للصراع من خلال وقف إطلاق نار دائم وزيادة التمويل للعمل الإنساني.
تفاقم واتساع غير مسبوقين
وقال تقرير لجنة مراجعة المجاعة إن ما كشف عنه التقرير يمثل تفاقما واتساعا غير مسبوقين لأزمة الغذاء والتغذية، مدفوعة بالصراع المدمر الذي تسبب في نزوح جماعي غير مسبوق، وانهيار الاقتصاد، وانهيار الخدمات الاجتماعية الأساسية، والاضطرابات المجتمعية الشديدة، وضعف الوصول الإنساني.
يذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل لمراحل الأمن الغذائي هو مبادرة عالمية تضم وكالات الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة. ويصنف انعدام الأمن الغذائي إلى خمس مراحل. والمجاعة هي المرحلة الخامسة من التصنيف وتعني أن واحدا على الأقل من بين كل خمسة أشخاص أو عائلة يعانون من نقص حاد في الغذاء ويواجهون خطر المجاعة.
مجاعة مستمرة
وفقا لتقرير لجنة مراجعة المجاعة، فإن المجاعة التي تم الإعلان عنها في آب/أغسطس 2024 في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور، استمرت وامتدت إلى مخيمي السلام وأبو شوك وجبال النوبة الغربية في الفترة من تشرين الأول/أكتوبر إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
وأضاف أنه من المتوقع أن تتوسع المجاعة بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيار/مايو 2025 في مناطق شمال دارفور بما في ذلك أم كدادة ومليط والفاشر والطويشة واللعيت.
وحذر من أن خطر المجاعة يلوح في جبال النوبة الوسطى، وفي المناطق التي من المرجح أن تشهد تدفقات كبيرة من النازحين داخليا في شمال وجنوب دارفور.
انعدام حاد للأمن الغذائي
وأظهر التقرير أن انعدام الأمن الغذائي عند مستويات أسوأ مما كان متوقعا، حيث من المتوقع في الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيار/مايو 2025 أن يواجه 24.6 مليون شخص مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، أي المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى من ذلك.
وأشار إلى أن هذه النتائج تمثل زيادة حادة قدرها 3.5 مليون شخص مقارنة بالعدد المتوقع في الأصل، وتعادل أكثر من نصف سكان السودان.
ويقدم التقرير تحديثا للتوقعات السابقة المنشورة في حزيران/يونيو 2024 للفترة من تشرين الأول/أكتوبر 2024 إلى شباط/فبراير 2025.
تحسن طفيف
وأشار التقرير إلى أنه رغم تلك الأرقام، فإن هناك تحسنا طفيفا من حيث حجم انعدام الأمن الغذائي الحاد مقارنة بموسم العجاف (حزيران/يونيو – أيلول/سبتمبر 2024).
وأوضح أن هطول الأمطار فوق المتوسط أدى إلى دعم الأنشطة الزراعية حيث سمحت الظروف الأمنية للمزارعين بالوصول إلى الحقول والمدخلات الزراعية، وبالتالي تخفيف انعدام الأمن الغذائي. ونتيجة لذلك، انخفض عدد الأشخاص في المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى خلال موسم العجاف.
لكنه لفت إلى أن جميع السكان لم يستفيدوا من هذا على قدم المساواة. ففي المناطق ذات الكثافة العالية من الصراع، أدت الأعمال العدائية إلى تعطيل الأنشطة الزراعية بشدة، مما أدى إلى تخلي المزارعين عن محاصيلهم ونهبها وتدمير الماشية.
وقال إنه من غير المرجح أن تستفيد الأسر النازحة، وخاصة تلك التي تعيش في المستوطنات والمباني العامة، بشكل كبير من الحصاد.
دعوة لمزيد من الدعم للاجئين السودانيين في ليبيا
وفي تطور آخر، دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تعزيز الدعم المالي لتلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين السودانيين الذين يصلون إلى ليبيا مع زيادة الأعداد وانخفاض درجات الحرارة.
وقالت المفوضية في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء إنه منذ بداية العام، تضاعف عدد اللاجئين السودانيين الباحثين عن الأمان في ليبيا، مع وصول ما يقدر بنحو 400 لاجئ إلى البلاد يوميا.
وأفادت المفوضية بأنها موجودة في الكفرة، وهي نقطة الدخول الرئيسية من السودان، وتقدم المساعدة المنقذة للحياة للاجئين لدعم السلطات المحلية والمجتمعات المضيفة. ويشمل ذلك تعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية، وتحسين الظروف المعيشية من خلال توزيع إمدادات الإغاثة، وتعزيز الوصول إلى الوثائق التي تقدمها السلطات المحلية لتحسين حرية التنقل والحماية.
ونبهت إلى أن اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المناطق النائية مثل الكفرة يواجهون ظروفا قاسية بشكل خاص، بما في ذلك أسعار المواد الغذائية في الكفرة التي تعد أعلى بنسبة 19 في المائة من المتوسط الوطني بسبب انقطاع سلاسل التوريد، وارتفاع الطلب ونقص الوقود.
وقالت عسير المضاعين، رئيسة بعثة المفوضية في ليبيا إنه إلى جانب التزام السلطات والمجتمعات الليبية بدعم السودانيين الفارين من الصراع، "هناك حاجة إلى دعم إضافي من المجتمع الدولي لتعزيز الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والصحة والتعليم".
وأضافت: "لقد تحمل اللاجئون في ليبيا صعوبات هائلة في رحلتهم إلى هنا. ومع دخولنا عاما جديدا، يجب أن نتحرك بسرعة لمنع المزيد من المعاناة وحماية الأرواح".
يذكر أن المفوضية تقود الاستجابة المشتركة بين الوكالات للأزمة السودانية في ليبيا. وكجزء من هذه الاستجابة، تسعى المفوضية إلى جمع 22 مليون دولار أمريكي للاستجابة للاحتياجات المقدرة لـ 449 ألف لاجئ ومجتمع مضيف بحلول نهاية عام 2025.
الأمم المتحدة: