هل يصب هجوم حماس في مصلحة آلة الدعاية الروسية؟
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
جنود إسرائيليون على السياج الحدودي مع غزة
العلم الإسرائيلي منكس على ساريته، باقة صغيرة من زهور القرنفل باللونين الأبيض والأزرق، الألوان الوطنية الإسرائيلية، يقصد الروس السفارة الإسرائيلية في موسكو للتعبير عن تعازيهم في ضحايا هجوم حماس الإرهابي. ضباط الشرطة يتفقدون وثائقهم الشخصية. الوضع هادئ في السفارة وكذلك الحال أمام ممثلية السلطة الفلسطينية في العاصمة الروسية.
العلاقات الروسية جيدة مع كلا الجانبين: الإسرائيلي والفلسطيني، بيد أنها وفي الوقت نفسه تحافظ على مسافة من كليهما، كما يقول الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط رسلان سليمانوف، الذي يعيش في أذربيجان، في مقابلة مع DW: "لا تزال العلاقات تتمتع بالثقة بشكل جزئي، حتى بعد أن هاجمت روسيا أوكرانيا، ما أدى إلى تدهورها مع إسرائيل إلى حد ما".
وفي هذا السياق، يستذكر سليمانوف تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مايو/أيار 2022. حينها، ادعى لافروف، في إشارة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن "أكثر المعادين للسامية ضراوة" هم عادة اليهود أنفسهم. وأدانت الحكومة الإسرائيلية تصريحات لافروف. وتحدث وزير الخارجية آنذاك، يائير لابيد، عن "تصريح فاضح لا يغتفر، وخطأ تاريخي فادح". ويلخص سليمانوف: "لكن ما حدث ليس عصي على الإصلاح".
اتصالات مكثفة مع حماس
الأمر نفسه ينطبق على علاقة الكرملين بحماس، التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية: "لقد تكثفت هذه الاتصالات في الآونة الأخيرة. ويزور ممثلو حماس موسكو بشكل متكرر، آخر مرة كانت في مارس/آذار من هذا العام". ويشكك الخبير في أن الكرملين كان على علم بالهجوم الكبير من قبل حركة حماس الإسلاموية-المتطرفة: "حتى المخابرات العسكرية الإسرائيلية كانت متفاجئة بالكامل. ولم يتم استبعاد مثل هذا السيناريو من حيث المبدأ في موسكو، لكن لم يتوقع أحد مثل هذا الحجم للهجوم".
وترى يلينا سوبونينا، وهي من كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية، الذي ليس ببعيد عن الجيش والحكومة، الأمر نفسه، إذ هي على يقين من أن قيادة الكرملين لم تكن تعرف بأمر الهجوم. وفي حديثها إلى DW، أعربت سوبونينا عن شكوكها في قدرة روسيا على تقديم مساهمة كبيرة في تجنب وقوع الهجوم.
والسبب في ذلك هو أن الكرملين لديه حالياً أولويات أخرى، وتحديداً فيما يتعلق "بجاره الغربي"، أي أوكرانيا. ومع ذلك، ترى سوبونينا أن موسكو "تبذل حالياً جهوداً" للتنسيق بالدرجة الأولى مع شركائها العرب، خاصة مصر والإمارات وقطر وإيران. وتؤكد الباحثة السياسة في موسكو، أن روسيا لن تنحاز إلى أي طرف وستعمل ضد "الأنشطة الإرهابية".
وبالفعل، أدانت موسكو رسميا التصعيد الحالي في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ووصفت وزارة الخارجية الروسية ذلك بأنه "نتيجة لحلقة مفرغة من العنف" ودعت إلى ضبط النفس.
أما "أبواق الكرملين" الذين يظهرون في وسائل الإعلام الموالية للحكومة يركزون على ثلاث أطروحات رئيسية: الأخطاء الغربية أدت إلى التصعيد، والحروب أصبحت من طبيعة الأمور، والروس الذين فروا إلى إسرائيل (بسبب الحرب ضد أوكرانيا) سيعودون الآن إلى روسيا.
إلقاء اللوم على "مجانين" الغرب
يرغب الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف في تبني الفرضية القائلة بأن الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، هو من يجب لومه عند الحديث عن هجوم حماس الإرهابي. ففي قناته على تيليغرام، يصف النائب الحالي لرئيس مجلس الأمن، الولايات المتحدة بأنها "اللاعب الحاسم". وبذلك، يربط ميدفيديف جيوسياسياً العدوان الروسي على أوكرانيا بما يحصل في الشرق الأوسط مؤكدا: "الصراع في الشرق الأوسط هو بالضبط ما كان ينبغي على واشنطن وحلفائها أن ينشغلوا به، ولكن عوضاً عن ذلك تدخل المجانين من واشنطن بشؤوننا عن طريق مساعدة النازيين الجدد وتأليب الشعبين القريبين من بعضهما (الروسي والأوكراني) ضد بعضهما البعض".
ولا يأخذ الخبير في شؤون الشرق الأوسط، رسلان سليمانوف، كلام ميدفيديف على محمل الجد: "ميدفيديف بعيد كل البعد عن الواقع وليس له أي تأثير منذ فترة طويلة. ورغم هذا فإن ميدفيديف يمثل على وجه التحديد وجهة نظر الكرملين بأن الغرب يتعمد إثارة مثل هذه الصراعات. لكن هذه مجرد نظرية مؤامرة لأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي له في الواقع أسباب مختلفة تماماً".
وبدلاً من ذلك، يرى سليمانوف أن الكرملين يستفيد من الناحية الفعلية من تصاعد العنف في الشرق الأوسط ويقول بهذا الخصوص: "إن الهجوم على الأقل يصرف الانتباه عما يفعله الجيش الروسي في أوكرانيا. ويستعمله الكرملين للاستهلاك الدعائي المحلي في داخل روسيا. معظم الروس ليسوا مهتمين بالصراع ؛ إذ أنه بعيد عنهم ومعقد جداً".
قد يكون هذا صحيحاً بالنسبة للأغلبية، ولكن ذلك لا ينطبق على جميع الروس. وإلا لما كانت هناك زهور أمام السفارة الإسرائيلية في موسكو ولما كانت تقف أمامها امرأة تحمل لافتة مكتوب عليها "لا للإرهاب". ومع ذلك، لم تدم وقفتها طويلاً: فقد اعتقلتها الشرطة، وفق تقارير إعلامية.
يوري ريشيتو/خ.س
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: غلاف غزة إسرائيل روسيا الغزو الروسي لأوكرانيا قتلى أسرى الولايات المتحدة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف غلاف غزة إسرائيل روسيا الغزو الروسي لأوكرانيا قتلى أسرى الولايات المتحدة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الشرق الأوسط فی موسکو
إقرأ أيضاً:
سفير إسرائيل السابق في الأمم المتحدة يدعو لتهجير الفلسطينيين إلى قطر (شاهد)
دعا السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان الرئيس ترامب للضغط على قطر لاستقبال جميع سكان قطاع غزة بدلا من الأردن ومصر.
وأردف أردان في مقابلة مع القناة 14 العبرية، بأن قطر هي مصدر كل الشرور في الشرق الأوسط، وإن من مصلحة "إسرائيل" إضعاف نفوذها.
@now14il גלעד ארדן, לשעבר שגריר ישראל באו״ם במסר לטראמפ: ״במקום ירדן ומצרים - קטאר צריכה לקחת את העזתים״ ♬ צליל מקורי - עכשיו 14 Now
وبحسب أردان فإن مصلحة قطر هي زيادة قوتها ونفوذها، وبالتالي يجب على إسرائيل التوقف عن إعطائها الشرعية.
وقال السفير السابق وهو يشرح بالتفصيل كيف ينظر إلى النفوذ الاقتصادي لقطر في الأمم المتحدة: "قطر دولة داعمة للإرهاب وتقدم الرشاوى للعالم أجمع".
وقال: "قطر هي التي استضافت قادة حماس وتمول الإرهاب"، موضحا أن إسرائيل ارتكبت برأيه خطأ كبيرا على مدى سنوات طويلة بالتعاون معها.
وبحسب السفير السابق، "ربما كان هذا خياراً آنذاك"، ولكن اعتباراً من اليوم، يتعين على إسرائيل أن تفعل كل شيء للكشف عن وجهها الحقيقي.
وبحسب السفير السابق فإن مصلحة إسرائيل هي أن تعود دور الوسيط في المفاوضات بشأن مستقبل قطاع غزة إلى مصر: "قطر ليست ممولاً للإرهاب فحسب، بل هي أيضاً ممول لمقاطعة إسرائيل ونزع الشرعية عنها في الجامعات الأميركية، وهو ما يضر بصورتنا".
وختم قائلا: "قطر دولة صغيرة وغنية، يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة فقط، لديها مساحة كبيرة والكثير من المال وعلى ترامب الضغط عليها لقبول كل سكان غزة، واستضافة على أراضيها ليس فقط قادة حماس، بل وكل أنصار حماس، يمكنها استبدالهم بجميع العمال الهنود والعمال الأجانب المتواجدين هناك".