أين تقف دول أميركا اللاتينية من طوفان الأقصى؟
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
يبدو أنَّ الاعتقادَ السائدَ لدى العرب بالدَّعم اللامتناهي للقضيَّة الفلسطينيَّة من قِبل أغلب بلدان أميركا اللاتينيّة، أصبحَ يحتاجُ تحديثًا تفرضُه الظروفُ السياسيَّة في المِنطقة، وتوجّهات الحكومات المتعاقبة في مختلِف البلدانِ منذ أن تراجعَ وزنُ تيّار اليسار الاجتماعيّ بوفاة الزعيم الفنزويليّ تشافيز في 2013.
فالموقفُ الأوَّل، والأبرزُ والأكثر إثارةً للجدل في بلدِه، اتخذَه رئيسُ كولومبيا اليساريّ غوستافو بيترو، بعد سُويعات من انطلاقِ عملية "طوفان الأقصى"، من خلال نشرِه أكثرَ من عشْرِ تغريداتٍ على حسابه في منصة X، خَلَت من عباراتِ التنديد أو الاتِّهام لحماس، وقالَ في إحداها: "الحلُّ الوحيد كي ينامَ أطفالُ إسرائيلَ بسلام، هو أن ينامَ أطفالُ فلسطينَ بسلام، وهذا لن يتحقَّق إلا باتفاقيّة سلامٍ تحترمُ حقوقَ الشعبَين…"، وأضافَ: " فيما يلي صورُ أطفال فلسطينيين اغتالَهم الاحتلال الغاصب لأرضِهم". كما دوَّن في تغريدةٍ أخرى: "لقد درست تاريخَ القضية الفلسطينيَّة منذ شبابي، وعرَفت جيدًا معنى الاحتلال والفصل العنصريّ والجرائم ضدَّ الإنسانيَّة التي ارتكبتْها إسرائيلُ في حقِّ الشعبِ الفلسطينيّ، لا يمكنني أن أتغاضَى عن هذا!!". وعزَّز تلك التغريدةَ بصور تُظهر التغيّراتِ التي طرأت على الخريطةِ الفلسطينية منذ 1948، كما وصفَ غزَّة في تغريدة أخرى: "بالسجن الكبير المُحاصر منذ 16 سنة".
المعارضة على خط الهجومهذه التغريداتِ، قُوبلت بتسونامي انتقاداتٍ من قِبل سياسيينَ من المعارضة اليمينيّة في كولومبيا والمِنطقة، والرأي العام التابع لها، وحسابات تُوحي بانتمائِها إلى لجانٍ إلكترونية تنتهج السَّبَّ والشّتم. إضافةً إلى ذلك، تبادلَ الرئيس بيترو تغريداتٍ حادّة مع السفير الإسرائيليّ في بوغوتا، لامَه فيها هذا الأخيرُ على عدم إدانته لـ"إرهاب حماس"، غير أنَّ ردّ الرئيس بيترو كان: "ردّ حكومتي ما كان ليتغيرَ سواء أدَّى الإرهاب إلى مقتلِ أطفال أبرياء في كولومبيا أو في فلسطين". ويبدو أنَّ السفيرَ الإسرائيليَّ يقصد بتغريدتِه تلك، التعديلَ الذي طرأ على بيانِ الخارجية الكولومبية على الأحداث، حيث تمّ حذف عبارات: "ندين بشدَّة الهجوم الإرهابي على المَدنيين" و"في إسرائيل"، واستنتج الجميعُ أنَّ الخارجيَّة أصدرت البيانَ دون العودة للرئيس، فاضطُرت لتعديله.
وقريبًا من موقفِ رئيس كولومبيا، أعادَ الرئيسُ الفنزويلي نيكولاس مادورو نشرَ بيان خارجيته الذي رأى أنَّه على إسرائيل إعادة حقوق الشعبِ الفلسطيني ليعمَّ السلام، ودعا إلى تنفيذ القرار رقْم 2334 الصّادر عن مجلس الأمن، الذي يطالبُ إسرائيل بوقفِ الاستيطان في الضّفة الغربية بما فيها القدسُ الشرقية، وعدم شرعيّة إنشاء إسرائيلَ المستوطناتِ في الأرضِ المحتلّة منذ عام 1967. ولم يندّد البيان بما أقدمت عليه حماسُ، ولم يصفْها بالإرهابية.
رفع أعلم فلسطينوعلى خَلفيّة البيان الباهت، الذي أصدرتْه خارجية بوليفيا، نشرَ الزعيمُ اليساري والرئيس الأسبق، إيفو موراليس، عددًا من الصور التي رُفعت فيها أعلامُ فلسطين والتغريدات التي استنكر فيها "اللغة الخشبية" التي تضمّنها البيان، حَسَب وصفه. وقال:
"الشعب البوليفي سيدين دائمًا الاحتلالَ الإسرائيلي غير القانونيّ للأراضي الفلسطينية، والعدوان المنهجيّ على الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل الاستقلال. تلك هي الأسباب الحقيقيَّة للصراع، وعدم إدانتها يعني التواطؤ". وأضافَ في تغريدة أخرى: " عندما تدافع الشعوب عن سيادتها، يُطلَق عليها الإرهابيون."
ومن المعروف أن الرئيس الأسبق البوليفي موراليس، يعيش مؤخرًا حربًا ضروسًا مع الرئيس الحالي لويس أرسي، الذي كان وزيرَ ماليته حتى 2019، ورشّحه بنفسه خلفًا له، لكنَّ مشاكل كبرى نشبت بين الطرفَين، أدَّت إلى أزمة عميقة في الرئاسة الحالية، واضطرت الحزب الحاكم إلى طرد الرئيس أرسي ونائبه وعشرين نائبًا برلمانيًا، من صفوفه.
المتعاطفون مع اسرائيلفي المقابل، ولتشابه المواقف المُتعاطفة مع إسرائيل، سنكتفي بمواقف ثلاثة رؤساء.
أوّلها، موقف الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، الذي جاء قاسيًا على غير العادة، حيث قال في تغريدة على منصة X: "لقد صدمتني الهجماتُ الإرهابية التي نُفّذت اليوم ضد المدنيين في إسرائيل، والتي أودت بحياة العديد من الضحايا. وإنني إذ أعرب عن تعازيّ لأقارب الضحايا، أؤكّد من جديد نبذي للإرهابِ بكل أشكاله، وأدعو المجتمع الدوليَّ إلى العمل من أجل الاستئناف الفوري للمفاوضات الهادفة لحلِّ الصراع، بشكل يضمن وجودَ دولة فلسطينية قادرة على البقاء اقتصاديًا، تعيش بسلام مع إسرائيلَ داخل حدود آمنة لكلا الجانبَين".
وثانيها، موقف رئيس التشيلي اليساري غابرييل بوريش، الذي أسهبَ في عبارات الاستنكار في تغريدته الأولى يوم السبت، على منصة X، وأعرب عن "الإدانة المُطلقة للهجمات على عددٍ من البلدات والمدن في إسرائيل" وتقدّم بالتعازي لأهالي الضحايا، وأمرَ بإرسال طائرة لإجلاء 200 سائحٍ من التشيلي، عالقين في إسرائيل.
ودعا بيانُ خارجيته إلى ضرورة استئناف عملية المفاوضات بين الطرفَين الفلسطيني والإسرائيلي، بما يفضي إلى اتفاقِ سلام عادل ونهائي، في إطار الحلّ القائم على وجود دولتَين وَفقًا للقرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة.
ورغم حرصِ رئيس التشيلي وبيانِ خارجيته على اتخاذ موقفٍ أقرب إلى التعاطف مع إسرائيل، إلّا أنَّ سفير إسرائيل في التشيلي، أعربَ عن غضبه الشديد بشأن تغريدة خاصّة بوزير خارجيّة التشيلي ذكّر فيها الرأيَ العام بأنَّ "حماس في موضع الدفاع عن النفس".
أمّا ثالث موقف والذي اعتُبر الأعنف، هو الصادر عن الرئيس السلفادوري نجيب بوكيله، حيث نشرَ تغريدات باللغتَين الإسبانية والإنجليزية تضمنت التالي:"بصفتي سلفادوريًا من أصول فلسطينية، أنا متأكّد من أن أفضل شيء يمكن أن يحدث للشعب الفلسطيني هو اختفاء حماس تمامًا، هذه الوحوش لا تمثل الفلسطينيين." وأضافَ: "أي شخص يدعم القضية الفلسطينية سيرتكب خطأ كبيرًا بالوقوف إلى جانب هؤلاء المجرمين".
والرئيس بوكيله، فازَ بالرئاسة في 2019 بمباركة إسرائيلية، وواضح أنَّه حريص على الحفاظِ عليها، وهو على مشارف الترشّح لفترة ثانية في 2024.
الظروف المحليةإنَّ مواقف قادة أميركا اللاتينية من أي مستجدات بشأن القضية الفلسطينية، محكومةٌ بالظروف المحلية لكل بلد. فالأحزابُ السياسية وممثلوها يفكّرون كثيرًا قبل الجَهْر بمواقفِهم المعادية لإسرائيلَ، نظرًا لأنَّ شعوب هذه المِنطقة النائية من الكوكب، يتأثرون بشكل أساسي بروايات وسائل الإعلام الغربيّة المتعاطفة دائمًا مع إسرائيل. ويرى الكثيرون أنَّ موقفَ الرئيس الكولومبي الذي يعتبر أوَّل رئيس يساري لبلده، سوف تكون له تبعاتٌ مُدوّية، وليس من الغريب أن تكلّفه خسارةَ منصبه، إن لم يكن سجنه، بحُجج أخرى!!
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ة الفلسطینی فی إسرائیل مع إسرائیل فی تغریدة
إقرأ أيضاً:
بايرن ميونخ يودع فريتز شيرير.. الرئيس الأسبق الذي رسم طريق المجد
أعلن نادي بايرن ميونخ الألماني، اليوم الأحد، وفاة فريتز شيرير، الرئيس الأسبق للنادي، عن عمر يناهز 85 عامًا، ليودع النادي أحد أبرز الشخصيات التي ساهمت في تشكيل مسيرته الناجحة عبر العقود الماضية.
انضم شيرير إلى صفوف بايرن ميونخ كعضو في عام 1971، وتدرج في المناصب الإدارية داخل النادي، حيث تولى أمانة الصندوق بين عامي 1979 و1985، قبل أن يتولى منصب الرئيس من 1985 حتى 1994، ليستمر بعدها في موقع نائب الرئيس حتى عام 2012، كما كان عضوًا لفترة طويلة في المجلس الإشرافي للنادي البافاري.
وفي بيان رسمي، أشاد هيربرت هاينر، الرئيس الحالي لبايرن، بالدور المحوري الذي لعبه شيرير في تاريخ النادي، قائلاً: "فريتز شيرير كان أحد الأشخاص الذين ساهموا في تشكيل وتطوير بايرن ميونخ. تعازينا لعائلته وأصدقائه. سيظل النادي يكرم ذكراه بأعلى درجات الاحترام، فقد كان مرتبطًا بالنادي بإخلاص لعدة عقود، ولعب دورًا حاسمًا في اتخاذ قرارات مهمة ساهمت في وصول بايرن لما هو عليه اليوم".
من جانبه، قال أولي هونيس، الرئيس السابق للنادي: "بفضل قيادته كرئيس، دخل نادينا في مجالات جديدة، وكان دائمًا رفيقًا مخلصًا لبايرن ميونخ في جميع مراحل حياته".
أما كارل هاينز رومينيجه، الرئيس التنفيذي السابق لبايرن، فقد أكد على أهمية بصمة شيرير في تاريخ النادي، قائلاً: "العديد من المحطات المهمة في تاريخ بايرن ميونخ مرتبطة ارتباطًا وثيقًا باسمه. إنه يستحق أقصى درجات الاحترام والتقدير".
رحيل شيرير يمثل خسارة كبيرة لبايرن ميونخ، لكنه يظل جزءًا لا يتجزأ من إرث النادي العريق، حيث ترك بصمة لا تُنسى في مسيرة الفريق البافاري، الذي بات واحدًا من أعظم الأندية في العالم بفضل إدارته الحكيمة وقراراته الاستراتيجية.