مضى على الثورة اليمنية التى تفجرت فى السادس والعشرين من سبتمبر 1962 واحد وستون عاما اليوم، وخلال عقود ستة جرت مياه كثيرة تحت جسر الترقب، بل وجفت أنهار وتبدلت قلوب وتغيرت أزمنة، لكن يبدو أنها فى قلوب اليمنيين لم يتبدل حبها قط. ظن الحوثيون (وهنا كل الظن إثم) ،ظنوا أن تسع سنوات عجاف كافية لمحو الذاكرة. أعلنوا رسميا مع قليل من المواربة والذعر، أن ما أقدموا عليه فى 21 سبتمبر 2014 ثورة بديلة.
هكذا ببساطة ومهدوا لذلك منذ سنوات على الأقل، لكنهم فى هذا العام ذهبوا بعيدا وجعلوا تاريخ اجتياحهم صنعاء بدء ولادة التاريخ وما عداه سموه وهما!. لكن للواقع كما للتاريخ منطقه، كما للقانون رأيه، كما للمجتمع سطوته ورأيه أيضا. فالقانون يصنف فعل الحوثيين فى 2014 تمرداً، وليس حتى انقلاباً كما يتمنى صفوتهم ناهيك عن ثورة. والمجتمع لن يسمح بستين عاماً من التضحيات، لتقوم ثورة مضادة لثورة مجتمع، وقواعد تعريف القانون صارمة، وتحتاج إلى مباركة شعبية للتغيير والقبول بها. فما تم من الجماعة المسلحة كان خروجا على القانون لا غير، وليس كل من اقتحم القصر الجمهورى صار دولة شرعية، بل بعرف المجتمع الدولى والوطنى يبقى تمرداً. فالاعتراف بالدولة ليس مجرد غلبة مؤقتة فى استخدام السلاح، وفى نظر المجتمع فإن ما يرونه من مظاهر سلطة الأمر الواقع مشاهد من السخرية المُرة لا أكثر, وتلك متاهةٌ ستطول فى البلد السعيد حتى تعود المؤسسات.
ولثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 فى اليمن قصتها، تمتد من قلب القاهرة فى مصر العروبة ولا تنتهى بقلعة القاهرة بتعز المحاصرة الآن ، ونهر من دماء وسيل من الذكريات وثلاثة أجيال توارثت الوجع، واتصلت ببعضها حلما وشجنا. حتى غدت لليمنيين ثوابت لا يفرطون بها، منها اسم الجمهورية ومحطات ثورته الأولى فى 1962 وإعادة الحكم للناس فى صنعاء، والثانية فى 14 أكتوبر 1963 بعدن، وقادت الاستقلال ضد الاحتلال البريطانى. ومنذ ذلك التاريخ فى صنعاء وعدن، خاض الناس فى حروب عدة بصنعاء ومثلها عدن، ولكن ثبت فى الناس أن الحدث العظيم المتفق عليه، هو تلك الثورة قبل ستة عقود، وما تلاها هى حروب أخوة وأخطاء يغفرها الناس ولا يغفرها التاريخ.
الأسبوع المنصرم أراد الحوثى أن يكمل بهجته ويعلن انتهاء ألق تلك الثورة، متكئا على وهم أن جيلا جديدا من الصغار قد تم اختطافه، وجعله نبتاً غير صالح، ومستندا على وهم آخر هو أن القوة فى غلبة السلاح، والرعب المسيطر على صنعاء يكفى لخلق ذاكرة جديدة.
اقرأ أيضاً قاضي حوثي يتهجم على محامي يمني وينعته باقذر الألفاظ في نيابة بني مطر بصنعاء قبيلة الحدا تحمل الحوثيين مسؤولية سلامة التربوي الكميم الذي اعتقلته بعد مطالبته بالرواتب ميليشيا الحوثي تلقي القبض على ناشطين في الضالع بتهمة تصوير منزل قيادي حوثي ميليشيا الحوثي تحشد لقتال الجيش اليمني ويحملون ”طارق” و”العرادة” مسؤلية إغلاق الطرق إلى فلسطين !! ميليشيا الحوثي تدعي زورا وجود مقاتلين تابعين لهم في فلسطين (صور) المشروع السعودي ”مسام” ينتزع 730 لغمًا في أراضي اليمن خلال أسبوع المنتخب اليمني يواصل استعدادته في السعودية لمواجهة سيرلانكا تحضيرية مؤتمر الميسري تثني على الموقف الرسمي اليمني تجاه القضية الفلسطينية طوال العقود الماضية رجل الدين اليمني المثير للجدل عبدالمجيد الزنداني يلقي كلمة جديدة بشأن فلسطين (فيديو) ”رأينا مشاهد غزة تحت منزلنا”.. جيران رئيس نادي المعلمين اليمنيين يوثقون لحظة اقتحام المليشيا لمنزله (فيديو) أول رحلة لمملكة ”حمير” اليمنية إلى القاهرة إكتشاف موقع أثري ”برونزي” شرقي اليمنوكأنى بالشاعر عبدالله البردونى يطل من قبره ثانية صارخا (- مـاذا أحدث عن صنعاء يا أبتي؟... مليحة عاشقاها السل والجربُ - ماتت بصندوق «وضـاح» بلا ثمنٍ.... ولم يمت فى حشاها العشق والطربُ)
ولكن للزمن غدره، حيث انفجر شلال غضب الناس وغصت شوارع صنعاء وجبال محافظة إب وتهامة بآلاف الشبان، هذا الجيل الذى مثّل أحفاد رجال 1962، وأمام آلة القمع الرهيبة كان الصغار أقوى وليس معهم غير حناجرهم، وعندما فتحت أقبية الخوف أبوابها تبتلعهم اعتصموا بعلم الجمهورية.
هرب الحوثى نحو معادلة خاسرة فقد جعل كل من رفع علم الجمهورية عدوا لرايات المولد النبوى الشريف، ووضع ثنائية عجيبة هى أن من هو مع الجمهورية وثورة 26 سبتمبر هو ضد المصطفى عليه الصلاة والسلام. وأعلن أنه سيقاتل ضد الهوية اليمانية لأجل الهوية الإيمانية، وتناسى ان الإيمان يمانى، كما لا دستور ولا مبادئ وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، كل تلك مفردات تم شطبها من الخطاب السياسى إلى الكتاب المدرسى، ولا شىء يكرس غير المسيرة القرآنية، وبالتالى إسقاط كل ماله علاقة باسم اليمن وجمهوريته وثورته، وأزيلت من كتب المدرسة أهداف ثورة الآباء وبالذات تلك التى تقول (إقام ﺣﻜﻢ ﺟﻤﻬﻮﺭﻱ ﻋﺎﺩﻝ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﻭﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ).أدرك الناس بفطرتهم أنهم أمام خطر شديد فخرجوا، وردوا على الصرخة الخمينية المعممة فى صنعاء بالنشيد الوطنى، وعلى شعارات السلطة المذهبية بعلم الجمهورية. سيل البشر الذى خرج كان مرعبا للقبضة الأمنية، ومربكا لكل القوى الأخرى. هذا غضب عفوى غير معتادة عليه صنعاء، وهذا جيل كان يجزم الكل أنه تم إختطافه، وتلك حماسة ثورية ماعادت تذكرها الأحزاب التى تبخرت فجاة.
هناك شارع لم يوجهه أحد، وغضب جيل تجاوز الجميع. وحالة تتفاعل يبدو أنها ستشكل كرة الثلج المتدحرجة، لتتجاوز الجميع. منعطف اليمن الخطير فى أوله، وكرة التغيير على ما يبدو لاتزال تتشكل لتصنع دويا آخر لواقع غير متوقع. هل ننشد مع البردونى أيضا ونكرر بيته الشهير عن صنعاء: (فى أسى مقلتيها يغتلى يمنٌ... ثان، كحلم الصبا ينأى ويقترب).
*الأهرام
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
ناكر: الانتخابات البلدية ثمرة من ثمار 17 فبراير
اعتبر عبد الله ناكر، رئيس ما يعرف بـ«حزب القمة»، أن الانتخابات البلدية، ثمرة من ثمار ثورة 17 فبراير.
وكان عبدالله ناكر، أدلى بصوته في انتخابات المجلس البلدي الزنتان.
وقال ناكر، إن هذا العرس الانتخابي هو الذي حلم به كل الليبيون وهو ثمرة من ثمار ثورة 17 فبراير وهو الذي سعينا من أجله وماتت الناس لأجله، على حد تعبيره.
وأضاف ناكر:” إن شاء الله ليبيا أمن وأمان وتتحول بالتبادل السلمي على السلطة والديمقراطية التي قدمنا الغالي والنفيس من أجلها”.
الوسومالانتخابات البلدية ثمرة من ثمار 17 فبراير ناكر