كتب جورج شاهين في" الجمهورية": ما جرى في مستوطنات غلاف غزة أحيا في اذهان اليهود المعمّرين ما قامت به منظمة "الهاغانا" في غزوها القرى الفلسطينية الآمنة و"تهجيرها". وعليه، كيف السبيل الى شرح هذه المعادلة؟
لا تتسِع مجموعة من الصفحات لما تحتمله عملية "طوفان الأقصى" من معاينات لكل ما سبقها ورافقها وتلاها وما يمكن ان تؤدي إليه من جديد مُحتمل، وهي التي وضعت بعد ساعات قليلة على انطلاقتها على طاولة البحث في عدد من مراكز الدراسات الاستراتيجية في المنطقة والعالم.

وكل ذلك من اجل تشريحها بمختلف وجوهها بعدما فتحت الآفاق واسعة امام عدد من السيناريوهات التي تستحق التوقف عندها وتحليلها قياساً على كل واقعة من وقائعها في توقيتها وشكلها في انتظار ما يمكن أن تقود إليه من متغيرات مضافة الى ما حملته من مفاجآت لا يمكن أن تحصى بسهولة وفي وقت قريب.

من يستفيض في تحليل هذه العملية لا يمكنه أن يتجاهل ما كشفه مسؤول حركة "حماس" في بيروت علي بَركة الذي كشف قبل ظهر امس ان عملية "طوفان الاقصى" كانت عملية "حمساوية مئة في المئة"، وقد نجحت "حماس" بالتخطيط لها بكل تفاصيلها، وأدَقّ ما هَدفت اليه من عناصر الصدمة والمفاجأة في الداخل الفلسطيني والاقليم والخارج. وقد يكون الاهم في ما كشَفه بَركة أنها حافظت على سريتها حتى الساعة صفر منها، وبعدما تم تحضير مستلزماتها العسكرية والامنية والاعلامية والتحسب لردات الفعل الاسرائيلية المحتملة على قطاع غزة ومن دون ان تُطلع أياً من حلفائها وأصدقائها عليها في اشارة لنفي اي محاولة أو مسعى للإفادة منها واستثمارها وصرفها في خانة هذه القوة الإقليمية او تلك.
وعليه، لا يمكن لأي مرجع ديبلوماسي أو عسكري سوى ان يتوقف امام هذه النقطة الحساسة في ظل ما كشف من وجود عملاء في أرقى صفوف المسؤولين فيها، فقد تكون هذه "السرية" المطلقة التي تم الحفاظ عليها من أبرز نقاط القوة التي سمحت بإطلاقها، وخصوصا لجهة ما حققته من عناصر الصدمة والمفاجأة ليس على المستوى الإسرائيلي فحسب، إنما على مستوى المنطقة والعالم. ذلك انها المرة الاولى التي تحقق فيها مثل هذه العملية نتائجها الأولية المقدرة لها وما حققته من إنجازات في الساعات الاولى منها قبل ان تبدأ الترددات الهائلة التي انعكست على مختلف وجوه حياة الاسرائيليين اليومية على مساحة الدولة ومؤسساتها بطريقة انعكست على المقيمين فيها أيضاً بفِعل إقفال مطار بن غوريون لفترات عدا عما أحيطت به من مخاطر، فانطلقت الوفود الاجنبية في اتجاه جسر الملك حسين في طريقهم الى المطارات الاردنية للعودة إلى بلدانهم.
وختاماً، مهما قيل في هذه العملية فإن هناك ملاحظة حساسة ودقيقة توقف عندها أحد الديبلوماسيين المُحنّكين الكبار الذي ربط بين منظرين "تاريخي" و"آني" يختصر مسافة تمتد لقرن تقريباً. فقد ربطَ بين منظر الفارّين من المستوطنات في اتجاه مناطق آمنة ومنظر التهجير الفلسطيني منذ أن أنشئت منظمة "الهاغانا" اليهودية بعد "وعد بلفور" وابّان الإنتداب البريطاني وبعده وصولاً الى ما ارتكبته من مجازر عام 48 وما تلاها، كما شكلت طريقة تعاطي "حماس" مع الاسرى الاسرائيليين "ترجمة فورية" لطريقة تعاطي الجيش الاسرائيلي مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة طوال الأعوام الماضية وهي مناظر ستحفر عميقاً في العقل الاسرائيلي وتؤثر فيه، وخصوصاً كبار السن منهم والمسؤولين الجدد قبل أي عقل آخر.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

صاروخ يمني واحد يُرعب الصهاينة ويُوقظ العالم

 

 

إنجاز يمني نوعي وإستراتيجي ثالث في عمق الكيان منذ الإعلان عن خوض المواجهة ضد العدو “الإسرائيلي” إسنادًا لغزة ومقاومتها الباسلة التي بدأت بعد السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي تاريخ عملية “طوفان الأقصى” المباركة والتاريخية.
في الإنجاز الاول استهداف “إيلات” (أم الرشراش) ثم “تل أبيب” (يافا)، بطائرة مسيَّرة لتدخل القوة الصاروخية بقوة محدثة هزة أمنية وسياسية في الكيان ونقلة نوعية في تاريخ المواجهة بصاروخ جديد من منظومة الصواريخ “الفرط صوتية” والذي بعون الله نجح في الوصول إلى هدفه متجاوزًا كل منظومات دفاعات الأعداء وشركائهم الغربيين والعرب المطبعين.
القوات المسلحة اليمنية أكدت في بيانها، أن الصاروخ “الفرط صوتي” قطع مسافة تقدر بـ 2040 كلم في غضونِ إحدى عشرةَ دقيقةً ونصفِ الدقيقة، وهذا المدى هو الأطول الذي تعرّضت له “إسرائيل” منذ قيامها ولم تنجح الدفاعات الجوية في اعتراضه وفق خبير عسكري صهيوني والوقت القصير يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن اليمن كدولة تمتلك أهم وأحدث المنظومات الصاروخية التي تعجز كل الدفاعات الموجودة أمريكية أو “إسرائيلية” عن اعتراضها والتصدي لها.
في الموقف المعلن والرسائل من العملية المؤيدة بفضل الله وبركة المولد النبوي الشريف، عوائق الجغرافيا والعدوان الأمريكي البريطاني ومنظومات الرصد والتجسس والتصدي لن تمنع اليمن من تأدية واجبه الديني والإنساني انتصارًا للشعب الفلسطيني، وبالتالي على العدو أن يعيش وسط دوامة من الخوف والرعب والانتظار لمزيد من الضربات والعمليات النوعية على أعتاب الذكرى الأولى من عملية “طوفان الأقصى” المباركة.
رسالة أخرى من اليمن تزيد من قلق المستوطنين وأزمة قادتهم، الرد على “الحديدة” قادم لا محالة وهذا الصاروخ اعتبروه “تيست» (Test) والتوقيت قد يكون مرتبطًا بالذكرى الأولى لعملية “طوفان الأقصى” وعمليات الإسناد ستستمر طالما استمر العدوان على غزة والحصار الجائر.
قبل الحديث عن الدلالات في بعدها الأمني تجدر الإشارة إلى أن توقيت الضربة مع مناسبة المولد النبوي الشريف كانت متوقعة وذلك لإشعار الصهاينة بأولوية الجهاد والمواجهة لدى شعب الأنصار اقتداء برسول الله حتى زوال العدو “الإسرائيلي” الذي باغتته الضربة رغم أنه مع شركائه الأمريكيين والغربيين وما دونهم من الأنظمة المطبعة كانوا في أقصى درجة الاستعداد متوقعين ردًا من إيران على اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية ومن اليمن، على اعتداء الحديدة.
مع ذلك استطاع صاروخ واحد أن يتجاوز كل الرادارات المعادية المنتشرة على مساحة شاسعة في المنطقة، وبعد اختراق كل الأحزمة الدفاعية في محيط الكيان فشلت دفاعات جيش العدو الأربعة بما فيها “حيتس” في رصد الصاروخ واعتراضه، بل إن عشرين صاروخًا أطلقت من هذه الدفاعات زادت من حجم الخسائر في “تل أبيب” وشكّلت عامل ضغط لهروب أكثر من مليوني مستوطن إلى الملاجئ.
عملية المولد النبوي أثبتت الفشل الذريع للأمريكي بتحالفاته البحرية، وترسانات أسلحته، وإمكاناته التي سخرها لحماية الصهاينة داخل فلسطين المحتلة، ومن شأن هذه العملية لناحية نوعية السلاح وطبيعة الهدف أن يكون لها مفاعيل مهمة في مسار ومآلات معركة طوفان الأقصى.
في الحقيقة كان من اللافت إجماع الخبراء العسكريين والمحللين السياسيين أن نظرية “إسرائيل” المكان الأكثر أمنًا لليهود في العالم” قد سقطت وتهشمت وأصبحت فلسطين المحتلة المكان الأكثر خطرًا على هؤلاء الصهاينة الذين تحاصرهم النيران من خمس جبهات خارجية غير الضفة وغزة والداخل المحتل الذي يعد كالنار تحت الرماد.
قلق إستراتيجي هائل يعاني منه كيان العدو، وانكشاف سياسي لحكومة نتنياهو غير القادرة على حسم المعركة في غزة وردع جبهات الإسناد وتطبيع وجودها في المنطقة رغم مخطط التطبيع ومشاريعه التآمرية، واليمن بعمليته النوعية يعمق الأزمة ويضع نتنياهو على مفترق طرق إما التمادي والإمعان في ارتكاب الجرائم وهذا المسلك سينتهي به في مزابل التاريخ أو النزول عن الشجرة وتخفيف عيار التهديدات بتوسيع الصراع في الشمال والقبول بصفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بغزة وفي كلتا الحالتين مستقبله السياسي انتهى.
إعلام العدو يقول: إن الدفاعات “الإسرائيلية” لم تنجح في اعتراض الصاروخ أساسًا بسبب طريقة صنعه وقدرته على تغيير مساره فجأة، وهذا مصداق لوعود السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي بتطوير تقنيات وتفعيلها بما يفاجئ الأعداء، والقادم يؤكد السيد القائد أعظم وأشد وأنكى.
من الدلالات على فاعلية الضربة أن أضرار الصاروخ وفق بيانات جيش العدو امتدت في دائرة قطرها أكثر من 15 كلم من منطقة بلدة “كفار دانيال” القريبة من مطار بن “غوريون” إلى “مودعين والرملة».
وتفسير ما حدث بالنسبة لجيش العدو قد يكون صعبًا، في ظل مزاعمه بأن الصاروخ انفجر في الهواء لكن الأصعب عليه كيف سيكون حال الكيان لو امتد الصراع وتعرّض لعشرات الصواريخ الدقيقة، وهل تكفي الملاجئ لأكثر من مليوني مستوطن تدافعوا أمام بواباتها هرباً من صاروخ واحد من اليمن ونتج عن ذلك تسعة جرحى.
الخلاصة، أنه بكل الحسابات كيان العدو يعيش في مأزق، من البحر والجو والبر، غزة صامدة، وجبهة حزب الله أكثر سخونة، واليمن يضيف الإثارة ويرفع المعنويات والمفاجأة الكبرى نتوقعها مع مرور عام على “طوفان الأقصى».

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ349 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ348 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • صاروخ يمني واحد يُرعب الصهاينة ويُوقظ العالم
  • تطورات اليوم الـ347 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • السنوار يبعث رسالة لزعيم الحوثيين بعد اختراق صاروخهم قلب تل أبيب.. ماذا قال؟
  • (نص) رسالة رئيس حركة حماس يحيى السنوار إلى قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
  • رئيس حماس يبعث برسالة إلى قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
  • نص رسالة رئيس حركة حماس يحيى السنوار إلى قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
  • نص رسالة يحي السنوار إلى قائد أنصار الله
  • قائد الثورة يتلقى رسالة خاصة من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (تفاصيل)