البروفيسور بن حبتور العلم الشامخ
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
كلمة حق وصدق أقولها في البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور، وبإجماع كل من عرفه عن قرب أو عمل معه، فهو شخصية وطنية وقامة من قامات هذا الوطن، وقائد إداري كفؤ وأكاديمي بارز متواضع ودمث الخلق وحسن التعامل مع الجميع قريبهم وبعيدهم.
كان اختبار الدكتور بن حبتور لقيادة حكومة الإنقاذ الوطني، من قبل القيادة الثورية والسياسية اختيارا سليما وموفقا حيث تمكن هذا المناضل الفذ من قيادة العمل الحكومي بحكمة واقتدار في مرحلة هي من أصعب واشد المراحل التي مر بها الوطن اليمني وأهله، هي مرحلة العدوان والحصار السعودي الإماراتي الأمريكي، الذي استهدف حاضر ومستقبل الوطن، فتمكن بفضل من الله وبدعم من القيادة الثورية والسياسية من إدارة العملية المؤسسية ومعه كافة أعضاء الحكومة والحفاظ على ديمومة العمل المؤسسي في جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات والمصالح الحكومية بالتزامن مع دعم وإسناد جبهات المواجهة ضد العدو ومرتزقته.
عرفته عن قرب حريصا على المصلحة العامة ومتابعا للقضايا الإنسانية وحريصا على إحقاق الحق وإنصاف المظلوم دون تمييز بين شخص وآخر، فالجميع عنده سواء.
البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور، شخصية وطنية أكاديمية وسياسية وحدوية مخلصة ومحبة لكل أبناء الوطن، حريص على المساهمة في تعزيز وحدة الصف الوطني، غيور على وطنه، وكرامة شعبه يرفض أي مساس بوحدة اليمن أو التفريط بها، فلا مجال لهذا الأمر.
جاء تكريم البروفيسور بن حبتور، من قبل فخامة المشير الركن مهدي محمد المشاط، بمنحه وسام الوحدة 22 مايو، تقديراً من قبل القيادة الثورية والسياسية لهذا العلم السامق ولحكومته ونجاحها في القيام بواجباتها الوطنية والإدارية والخدمية برغم التحديات الجمة التي واجهتها الحكومة منذ يومها الأول.
سيظل البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور، علما شامخا من أعلام هذا الوطن ومدرسة متكاملة ومستشارا لبناء اليمن حاضرا ومستقبلا، فهو بالتأكيد شخص لا تغيره الأيام ولا المناصب ولا يهمه الكرسي بقدر انشغاله بوطنه واستقراره وبكل ما من شأنه الارتقاء بوطنه وصنع تقدمه وتطوره.
مهما تكلمت عن هذا الرجل فلن أستطيع أن أوفيه حقه، فهو شخص يستحق وبجدارة كل عبارات التقدير والثناء وسنظل نكن له كل مشاعر الود والمحبة.
والله من وراء القصد،
-مساعد مدير مكتب رئيس الوزراء للشؤون الإنسانية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
القيادة الأخلاقية
د. ذياب بن سالم العبري
في عالم اليوم، أصبحت الأخلاق في القيادة قضية محورية تهم الأفراد والمجتمعات على حد سواء. فالقيادة ليست مجرد منصب أو نفوذ، بل هي سلوك وأسلوب حياة، تنعكس فيه القيم والمبادئ التي يؤمن بها الشخص. ولعلّ ما يميز المجتمعات الناجحة هو وجود أفراد يتحلون بالنزاهة، والعدل، والمسؤولية، وهي قيم أصيلة أكد عليها الإسلام، وتعززها العادات العُمانية المتوارثة، وتدعمها أحدث النظريات الإدارية الحديثة.
لم تكن القيادة الأخلاقية مفهومًا مستحدثًا، بل هي مبدأ متجذر في الإسلام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" (متفق عليه). ويعني ذلك أن القيادة لا تقتصر على أصحاب المناصب، بل يمارسها كل فرد في حياته اليومية، سواء في أسرته أو عمله أو مجتمعه. أما في المجتمع العُماني، فقد كانت الأخلاق ولا تزال حجر الزاوية في بناء الشخصية العُمانية، حيث ترسخت قيم النزاهة، والتسامح، واحترام الكبير، وحفظ العهد، وهي صفات انعكست في أنظمة المجتمع التقليدية مثل المجالس العُمانية التي تُعدّ منصة للحكمة والتشاور، ونظام الأفلاج الذي يعكس روح العدل والمسؤولية الجماعية.
وتشير الدراسات الإدارية الحديثة إلى أن القادة الأكثر نجاحًا هم أولئك الذين يلتزمون بقيم أخلاقية واضحة. ومن بين المبادئ الأساسية التي حددها علماء الإدارة مثل جون ماكسويل وستيفن كوفي نجد النزاهة والاستقامة، حيث يُتوقع من القائد أن يكون قدوة حسنة، تمامًا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم نموذجًا لأصحابه بأفعاله قبل أقواله. كما تشمل القيادة الأخلاقية مبدأ تحمل المسؤولية والمساءلة، فالقيادة ليست امتيازًا؛ بل التزام، وهو ما يتوافق مع الحديث النبوي: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه" (رواه الطبراني). ومن الركائز الأخرى العدالة والشفافية، حيث إن بناء الثقة يتطلب وضوح الرؤية والتعامل بإنصاف مع الجميع، كما أمر الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ (النساء: 58).
ولكي يكون الفرد قائدًا أخلاقيًا في حياته، فإن هناك عوامل أساسية تسهم في تعزيز هذه القيادة، أولها القدوة الحسنة، فالشخص الذي يلتزم بالقيم في أفعاله قبل أقواله يترك أثرًا إيجابيًا فيمن حوله، وهو ما يعزز بيئة أخلاقية قائمة على الاحترام والثقة. وثانيها التوازن بين المصالح الشخصية والعامة، حيث يجب على القائد الأخلاقي أن يتخذ قراراته بناءً على العدل والمصلحة العامة، وليس بدافع المنفعة الشخصية فقط، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (رواه البخاري). أما ثالث العوامل فهو الشجاعة في اتخاذ القرارات الصائبة، فالأخلاق تتطلب أحيانًا مواجهة التحديات واتخاذ قرارات قد لا تكون سهلة ولكنها صحيحة، وهو ما يعكس مبدأ الثبات على الحق والاستقامة، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ (فُصِّلَت: 30).
ومن العوامل المهمة أيضًا الالتزام بالوعود والعهود، فالقيادة الأخلاقية تقوم على الوفاء بالالتزامات، وهي صفة متجذرة في الثقافة العُمانية، حيث كان الأجداد يتعاملون بالكلمة الصادقة التي تُعتبر عهدًا لا يُنقض. بالإضافة إلى ذلك، فإن القدرة على التأثير الإيجابي تعد من أبرز عوامل القيادة الأخلاقية، حيث يسهم القائد في بناء بيئة تحفز الآخرين على الالتزام بالقيم، وهو ما نجده واضحًا في المجالس العُمانية التي تعزز الحوار والتوجيه القائم على الحكمة.
وتظل القيادة الأخلاقية ممارسة يومية تحتاج إلى التزام فردي ومجتمعي. ولكي يكون الفرد قائدًا أخلاقيًا في حياته، عليه أن يضع القيم أساسًا لقراراته، فيسأل نفسه: هل يعكس قراري الصدق والأمانة والعدل؟ كما يحتاج إلى التحلي بالحكمة في التعاملات اليومية، مستلهمًا ذلك من تعاليم الإسلام والمجالس العُمانية التي تركز على التفكير قبل التصرف. وتحمل المسؤولية عنصر مهم في القيادة الأخلاقية، فالإنسان مسؤول عن أفعاله وتأثيرها على الآخرين، كما أن الالتزام بالمبادئ هو ما يصنع الفارق الحقيقي، حيث قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ (النحل: 90). أما الإحسان والإتقان في العمل فهما من صفات القائد الحقيقي، إذ إن كل وظيفة أو مسؤولية، مهما كانت صغيرة، تؤدي دورًا في بناء مجتمع قوي ومتوازن.
القيادة الأخلاقية ليست رفاهية؛ بل هي جوهر نجاح الأفراد والمجتمعات. وبينما تواجه البشرية اليوم تحديات متعددة، يبقى الالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية هو البوصلة التي توجهنا نحو مستقبل أكثر إشراقًا. فمن يتمسك بروح الإسلام، ويحافظ على أصالة العادات العُمانية، ويطبق أفضل ممارسات القيادة الحديثة، يكون بلا شك نموذجًا يُحتذى به في بناء مجتمع مزدهر يقوم على العدل والنزاهة والتسامح.