إشادة بالمشاركة القطرية في معرض العالم العربي بباريس
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
يحتضن معهد العالم العربي بباريس، حاليا معرض «عطور الشرق» الذي يستمر حتى 17 مارس 2024. وفي رحلة فنية شيقة للحواس في مدن الشرق القديمة، يدخل الزوار في قلب إحدى حضارات العطور من حقبة العصور القديمة إلى يومنا هذا، ويغوصون عبر هذا الحدث الثقافي الفريد، عبر طرق التجارة في شبه الجزيرة العربية، في عبق وخفايا صناعة العطور ويلاحقون زخاتها وروائحها الحساسة الجميلة من خلال تتبع رحلة نقل البخور والعنبر والمسك والزعفران والعود والتوابل، وطقوس تقطيرها وتحويلها إلى عطور فريدة.
وتتعانق في هذا المعرض الإبداعات الفنية مع نسمات العطور ليستمتع الزائر برؤية بصرية ساحرة لتكتمل الصورة وتشبع مختلف حواسه، ففي فضاء يزيد على ألف متر مربع، يعرض ما يقارب 200 عمل تراثي ومعاصر منها أعمال للفنانة والمصممة القطرية عائشة السويدي، التي شاركت بثلاثة أعمال فنية، حيث يجمع المعرض الفني المصاحب لمعرض «عطور الشرق» (مخطوطات، ومنمنمات، ومنسوجات، ولوحات، وصورا فوتوغرافية، ومنحوتات وتركيبات، ومقاطع فيديو)، إضافة إلى مواد خام تدخل في صناعة العطور وتحكي أهمية الروائح المختلفة في العادات الثقافية والتقاليد الاجتماعية في العالم العربي الإسلامي، إلى جانب مغامرة استكشاف تاريخ صناعة وتجارة العطور في الشرق من الجزيرة العربية إلى الهند، ومن جزر إندونيسيا إلى أقاصي آسيا، حيث يتعرف الزائر خلال رحلته في المعرض على أصل الروائح النادرة والثمينة التي أصبحت أكثر شهرة للتجار العرب.
كما يصاحب هذا المعرض برنامج ثقافي متنوع يشمل حفلات موسيقية وندوات فكرية وورش عمل وعروض سينمائية ولقاءات أدبية، على مدى ستة أشهر حتى مارس 2024.
وأوضح السيد جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي بباريس في تصريح لوكالة الأنباء القطرية «قنا» أن أهمية هذا المعرض تكمن في إظهار قيمة العطور في الحضارة العربية الإسلامية حتى إنها أصبحت جزءا من العادات الثقافية والاجتماعية اليومية، كما أن العطور تساهم في انفتاح هذه الحضارة العريقة على بقية الأمم والحضارات من خلال العطور ومكوناتها.
وأشار إلى أن الطرق التجارية القديمة التي كانت تشق الجزيرة العربية وتربط بين الجنوب والشمال، لعبت دورا مهما ورئيسيا في تطور صناعة العطور وانتقالها من الشرق الأوسط إلى الغرب، قائلا «لئن وجدت العطور الفاخرة اليوم في باريس ولندن وبقية العواصم الأوروبية، فإنه لا أحد ينكر أن منشأها الأول كان في العالم العربي وفي شبه الجزيرة العربية، حيث نجح العرب والمسلمون منذ قديم الزمان في صناعة عطور فريدة من نوعها استطاعت أن تفرض مميزاتها ومكوناتها ووصفاتها في أغلب دول العالم.
فنون بصرية
وبدورها أكدت السيدة أنياس كارايون المشرفة على معرض «عطور الشرق»، في تصريح مماثل لـ»قنا» أن المعرض يجمع في ثناياه حوارا مباشرا وغير مباشر بين الكثير من الفنون البصرية، على غرار الفن المعاصر والحديث والقديم، وبين فن النحت والبلاستيك والتصوير الفوتوغرافي بالإضافة إلى الموروث الثقافي العربي الإسلامي الثري.
وأضافت: «اخترن المزج بين الفنون البصرية التي تظهر للعين وبين الروائح والعطور التي تنبعث في فضاء المعرض عبر تقنيات فنية أنشئت خصيصا لهذا الغرض»، منوهة بأن الزوار يحسون بسلاسة وتكامل التحف المعروضة والصور الفوتوغرافية والقطع الفنية والمنحوتات، التي تلائم فكرة المعرض الأساسية.
وأشادت كارايون بالمشاركة القطرية المتميزة في هذا المعرض من خلال أعمال الفنانة والمصممة القطرية عائشة السويدي، التي شاركت بثلاثة أعمال فنية بعنوان «مدخانات» تتوزع على ثلاث قطع فنية أصلية بتصميم فريد وجميل وهي عبارة عن مبخرات تستعمل في تبخير البيوت والمنازل والفضاءات العائلية، وتدخل في الاستعمالات اليومية للعطور والروائح كالترحيب بالضيوف والزوار.
وأكدت أنه من وجهة نظر علمية، تبرز مساهمة العلماء العرب بشكل كبير في تطور تقنيات صناعة العطور من خلال تطويرهم تقنيات التقطير التي لم تكن دارجة في تلك الفترة من التاريخ، وقد مكن تطوير تقنية التقطير من الحصول على المياه المقطرة والزيوت الزهرية المركزة التي تعتبر اليوم المكون الأول والرئيسي للعطور.
أزياء سعودية
من جهتها قالت ريم الناصر الفنانة المعاصرة ومصممة الأزياء السعودية لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، إنها تشارك في هذا المعرض بعمل فني، وهو عبارة عن مجموعة من الأزياء المصممة على الطريقة التقليدية، مصنوع من زهور الياسمين التي تعرف بها منطقة العريش ومحافظة جيزان (جنوب السعودية)، ويتم ارتداؤها في المناسبات والأفراح.
بدوره أشار كريستوفر شيلدريك مصمم الروائح والعطور في معرض «عطور الشرق»، إلى أن المعرض رائع نظرا لقيمة وتنوع الأعمال الفنية المعروضة فيه، والتي تعطي للزائر الانطباع بأنه يتجول في أكثر من مكان وأكثر من زمان في نفس الوقت.
وقال شيلدريك الذي يملك خبرة 50 عاما في تصميم وتقطير وصنع العطور في تصريحه لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: لدي احترام كبير للعرب والمسلمين فيما يخص العطور، لذلك كانت مهمتي صعبة جدا لكي أختار من بين كل الروائح والعطور العربية الشرقية أربع روائح فقط تمثل وتختصر العطور العربية وتعطي الانطباع للزائر الشرقي والغربي بقيمة هذه العطور ومميزاتها الأساسية، ولذا تم اختيار العنبر، و»الشمامان» وهو من أصل هندي ولكنه ممزوج بالروائح العربية مثل العود والورد والزعفران، أما العطر الثالث فهو عطر «الكيفي» وهو عطر من أصل مصري قديم وتعود وصفته وخلطته إلى ما قبل 3000 عام، إلى جانب عطر خاص بالنساء يجمع بين الورد والمسك، مع التركيز على مكونات العطور الطبيعية مثل العود والعنبر والمسك والورد وزهرة النارنج وياسمين الليل، وفق تدرج مشوق ومخصوص.
ونوه بأن الشرق الأوسط والعالم العربي كان المسؤول عن توفير المكونات الأساسية للعطور في العالم، حيث يعود الفضل للطرق التجارية القديمة التي وجدت في الشرق الأوسط والجزيرة العربية، والتي بفضلها وصلت مكونات العطور إلى أوروبا والعالم، بعد أن مرت عبر الطائف ودمشق وتركيا ومصر وكذلك الهند، ومن هنا كان إسهام العالم العربي والإسلامي بشكل كبير في صناعة العطور الغربية حيث يتواصل هذا التأثير إلى اليوم، فقد أصبح العود في السنوات العشرين الماضية مكونا رئيسيا في العطور الغربية ولم يكن موجودا من قبل، وينطبق الأمر كذلك الزعفران.
الجدير بالذكر أن معهد العالم العربي بباريس، الذي تأسس سنة 1980، كمؤسسة فرنسية تعنى بالشأن الثقافي، وتستقبل ضمن أنشطتها المتواصلة على طول العام، الكتاب والمفكرين والفنانين من كل أنحاء العالم العربي والأوروبي لعرض أفكارهم وإبداعاتهم.
ويعد المعهد الذي صممه الفرنسي جون نوفيل، تحفة معمارية فريدة تقع على ضفاف نهر السين، فضلا عن كونه أهم مؤسسة للثقافة العربية الإسلامية في فرنسا وأوروبا.
ويسعى هذا المعلم الثقافي إلى تطوير دراسة العالم العربي في فرنسا وتعميق فهم حضارته وثقافته وتشجيع التبادل الثقافي وتنشيط التواصل والتعاون بين فرنسا والعالم العربي، ويعين رئيسه بناء على اقتراح من الرئيس الفرنسي، وبالتشاور مع ممثلي الدول العربية في فرنسا.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر معهد العالم العربي باريس الجزیرة العربیة هذا المعرض العطور فی من خلال
إقرأ أيضاً:
مسترال سابا.. ذكاء اصطناعي يدخل سباق اللغة العربية
في خطوة جديدة تهدف إلى توسيع نطاق تأثيرها في سوق الذكاء الاصطناعي، أطلقت شركة مسترال، الناشئة الفرنسية التي تسعى لمنافسة الشركات الأميركية الكبرى مثل OpenAI وAnthropic، نموذجًا جديدًا يُدعى مسترال سابا.
وبحسب تقرير نشره موقع "تك كرانش" يتميز هذا النموذج بأنه موجه بشكل خاص لتلبية احتياجات البلدان الناطقة بالعربية.
حجم النموذج وكفاءته
مسترال سابا هو نموذج صغير نسبيًا، يحتوي على 24 مليار معلمة، وهو حجم أقل مقارنة بالنماذج الأخرى التي تحتوي على معلمات أكثر، ولكن ما يميز سابا هو كفاءته العالية في معالجة المحتوى العربي.
يُذكر أن تقليل المعلمات يمكن أن يُسهم في تحسين الأداء وتقليل التأخير، ولكن سابا يُظهر أداءً مذهلاً في التعامل مع اللغة العربية، متفوقًا في هذا المجال على النموذج الأسبق مسترال سمول 3.
أقرأ أيضاً.. ثورة في الذكاء الاصطناعي.. "Gemini" يتذكر كل شيء
الانتشار الثقافي
إضافة إلى تركيزه على اللغة العربية، يعكس النموذج تأثيرات ثقافية من منطقة جنوب آسيا بفضل التفاعل الثقافي بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وعلى هذا النحو، يحقق مسترال سابا أداءً متميزًا أيضًا مع بعض اللغات الهندية.
خطوة استراتيجية نحو الشرق الأوسط
هذه الخطوة ليست مجرد تطوير تقني، بل تمثل تحركًا استراتيجيًا من قبل مسترال للتركيز بشكل أكبر على الشرق الأوسط. ويُتوقع أن يُسهم مسترال سابا في جذب المزيد من العملاء في المنطقة، خاصة في الصناعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لدعم المحادثات أو توليد المحتوى باللغة العربية.
اقرأ أيضاً.. Grok 3.. مستقبل الذكاء الاصطناعي بين الاستدلال والبحث العميق
استخدامات متعددة
ومن خلال توفير هذا النموذج على شكل نموذج جاهز للاستخدام، يمكن للشركات الاستفادة من سابا في تطبيقات متعددة مثل دعم المحادثات الذكية أو إنشاء محتوى عربي أكثر توافقًا مع احتياجات المستخدمين في المنطقة. كما يمكن تخصيصه وتطويره بما يتناسب مع متطلبات الشركات في صناعات حساسة مثل الطاقة و التمويل و الرعاية الصحية.
تجدر الإشارة إلى أن مسترال، رغم أصولها الأوروبية، قد أثبتت التزامها الجاد في تقديم دعم متعدد اللغات منذ إصدار نموذجها الأول مسترال 7B. ومع إطلاق مسترال سابا، تواصل الشركة تعزيز هذا التوجه، حيث تضع خططًا لتوسيع دعمها للغات إقليمية أخرى في المستقبل.
إسلام العبادي(أبوظبي)