كتب للأطفال فى العديد من المجلات العربية منها ماجد الإماراتية، العربى الصغير الكويتية، باسم السعودية، علاء الدين المصرية، سلسلة حيوانات البحر، سلسلة المزرعة والغابة، إضافة إلى مشاركته فى كتابة النسخة المصرية من مسلسل التعليم الترفيهى ما قبل المدرسة، عالم سمسم، الكاتب الصحفى والمؤلف الدكتور محمد فتحى، مدرس الإعلام بكلية الآداب - جامعة حلوان، وعضو اللجنة العليا لمكتبة الأسرة، ويسجل فى حواره لـ«الوطن» رؤيته لدور مجلات الأطفال فى نسج الهوية الوطنية للأطفال ما بين الماضى والحاضر.

الوعى بأهمية الوطن وتاريخه يبدأ من الطفولة.. وكبار المبدعين شاركوا بعبارات حماسية

كيف ترى دور مجلات الأطفال فى تنمية الوعى لدى الأجيال الجديدة؟

- رغم تطور التكنولوجيا والتطبيقات الإلكترونية، لا تزال مجلات الأطفال لاعباً رئيسياً فى التربية والوعى، ويبدو ذلك منذ نشأتها فى مصر على أيدى رفاعة الطهطاوى، الذى نشر مجلة «روضة المدارس»، وكانت توزع وتحرر فى المدارس المصرية، ومخطئ من يظن أن التطور التكنولوجى سحب البساط منها، المشكلة فقط فى عدم دعمها بالشكل الكافى، بما يمكنها من القيام بدورها، وهو ما نراه فى إصدارات نوعية للأطفال موجودة الآن، فمجلة «سمير» أقدم مجلة مصرية مستمرة فى الصدور، و«علاء الدين» أصبحت تتفاعل أكثر فى مناسبات مختلفة، وتجذب شريحة عمرية مختلفة، ومجلة «نور» التى يصدرها الأزهر لها دور عظيم فى المعاهد الأزهرية، وفى قرى وربوع مصر المختلفة، إضافة لمجلة «قطر الندى» التى تنشرها وزارة الثقافة المصرية، ولا تزال تدعمها مادياً لكن ليس بالشكل الكافى.

مطبوعات الأطفال تواجه شبح الإغلاق أو الدمج أو تحويلها لوسيط إلكترونى بخلاف المشكلات المادية وعدم وجود كوادر مؤهلة

ما المشكلات التى تواجه مجلات الأطفال؟

- المشكلة باختصار أن مشروع الطفل بشكل عام فى مصر تفرق دمه بين الوزارات والمؤسسات والهيئات، وبالتالى تراجع دور مجلات الأطفال المصرية التى تواجه شبح الإغلاق أو الدمج أو تحويلها لوسيط إلكترونى، فإذا أضفنا المشكلات المادية، وعدم تأهيل أغلب كوادر الصحفيين العاملين فى بعض هذه المجلات، بل والذين يترأسون تحرير بعضها أحياناً، فإن الكلام عن تطويرها يصبح واجباً على الدولة، فليس من المعقول أن يتولى الذين أوصلوا مشروع الطفل فى مصر إلى هذه المرحلة، وليس من المقبول أن يكونوا هم أيضاً من يتولون التطوير.

كيف تلعب المجلات دوراً فى التربية الوطنية؟

- الوعى بأهمية الوطن وتاريخه وحضارته يبدأ من مرحلة الطفولة، بل إن اتجاهات التربية العالمية الآن تؤكد أن المشكلة الكبرى لدى أطفال العالم تكمن فى عدم غرس مبادئ الحياة لدى الأطفال منذ صغرهم، والحياة فيها سياسة وفلسفة وإعلام ووطن كبير نعيش فيه، وفيها أيضاً أسرة يجب أن نعى جيداً دورها، وفيها أعداء يجب أن نحذر منهم دائماً، ويمكننى أن أقول مستريحاً إن القضية الفلسطينية مثلاً بقيت حاضرة فى قلوب أطفال مصر بسبب مجلات الأطفال التى تبنتها منذ الخمسينات، وتراجعت لديهم بسبب ترك المجلات الآن لهذه القضية، وانشغالها بقضايا أخرى، أو موضوعات ترفع من قيمة الترفيه على حساب التعليم.

«ميكى» شاركت المصريين أفراحهم وأحزانهم.. و«سمير» دعت لصلاة شكر من أجل مصر

هل اهتمت «ميكى» و«سمير» بالأحداث الجارية أم القصص والألعاب؟

- كانت القضايا الوطنية حاضرة بقوة فى مجلات الأطفال فى الستينات، ومنذ صدور «سمير» فى أبريل 1956 و«ميكى» فى 1959، لم يغب عن صناع المجلتين تعميق الهوية المصرية لدى القراء من الأطفال، ولذلك نرى أن «ميكى» لم تكن مطبوعة أجنبية تم الاكتفاء بترجمتها، وإنما نشاهد ميكى يحتفل بالمناسبات المختلفة مثل المولد النبوى الشريف وشهر رمضان الكريم، ويشارك المصريين أفراحهم وأحزانهم وصدماتهم، وظهر ذلك بقوة بعد النكسة فى أعداد شارك فيها العديد من المبدعين مثل سيد حجاب، يوسف إدريس، مجدى نجيب، محمود سالم، وغيرهم من الكتاب الذين أرادوا أن يرسلوا رسالة واحدة مفادها أن المصريين لن ينكسروا وأننا سننتصر، وظهر جمال عبدالناصر على غلاف أكثر من عدد لتؤكد المجلة أنها لن تترك دورها فى رفع الروح المعنوية للناس، وأولهم الأطفال من قراء المجلة.

كيف عبّر الأطفال عن مشاعرهم بعد النكسة؟

- بعثوا برسائل دعم عبر أعداد مجلة «ميكى» لجمال عبدالناصر والجيش المصرى العظيم، والبداية كانت فى عدد ١٥ يونيو ١٩٦٧، حيث كتبت رئيس تحرير المجلة عفت ناصر ومدير تحريرها رجاء عبدالله رسالة إلى جمال عبدالناصر على لسان الأطفال، ثم انتشرت رسائل «بريد القراء» من أطفال مصر فى كل مكان، لكى يؤكدوا على نفس المعنى بمنتهى الثقة: سننتصر.

ماذا جاء فى نص أول رسالة لجمال عبدالناصر؟

- الرسالة جاءت بعد عدول جمال عبدالناصر عن تنحيه، ويلفت نظرك أولاً المخاطبة الودية وليست الرسمية، فالرسالة لم تبدأ مثلاً بالديباجة البروتوكولية المعتادة مع رئيس الجمهورية، وإنما بمخاطبة الوالد، وبالنداء عليه باسمه المجرد: «إلى والدنا الحبيب.. إلى أب العرب القائد الرائد أبوخالد.. يا جمال.. نحن أطفال العرب نعلن فرحتنا وسعادتنا لنزولك على إرادة جماهير وقادة الأمة العربية كلها، وبقائك كما كنت، كما ستظل دائماً فى مكان القيادة الحكيمة العظيمة للأمة العربية، وإننا كلنا على ثقة بأن وحدة العرب التى أثبتتها هذه المحن ستصل بفضل زعامتك إلى إزالة كل آثار العدوان الغاشم».

وحملت الرسالة وعداً وعهداً على لسان الأطفال: «نعاهدك يا جمال أننا نعرف دورنا فى النضال، وسنجتهد فى دراستنا فى ميادين العلوم والاختراع والفن، لنكون جيلاً من العلماء، جيلاً باسلاً تفخر بنا.. سنبنى.. سنبنى.. سنبنى.. سنتحلى بالأخلاق الكريمة والشجاعة والصبر، ولن ننسى أبداً رسالتك الكبيرة والعظيمة، ونحن على يقين أننا بفضل قيادتك سنصل إلى النصر الأكيد بإذن الله، كما أننا على يقين أننا سنكبر لنعيش فى وطن عربى متحد من المحيط إلى الخليج».. وكان التوقيع: أطفال العالم العربى.

ما أبرز المشروعات الوطنية لأدب الطفل؟

- يجب هنا أن أشير إلى أن المشروع الوطنى الأبرز فى أدب الأطفال فى مصر هو «القراءة للجميع»، الذى كانت من ثماره العظيمة «مكتبة الأسرة»، وهو دور مهم لعبته الدولة التى قدمت أدب الأطفال بأسعار زهيدة ساعدت الأسر المصرية على تربية أبنائها وتكوين مكتبات مهمة وعظيمة.

كيف احتفلت مجلات الطفل مثل «ميكى» و«سمير» بنصر أكتوبر ١٩٧٣؟

- تأخر الاحتفال بنصر أكتوبر فى «ميكى» و«سمير» ربما لظروف الطباعة آنذاك، لكن فى «ميكى» مثلاً ظهر أول احتفاء حقيقى بالنصر فى عدد 18 أكتوبر، والبطل هنا كان صفحة بريد القراء التى كانت الصفحة الثانية فى المجلة، وبعث خلالها أحد الأطفال قصيدة جاء فيها: «حالف لاجيب النصر».. ونشرت رئيس التحرير مقالاً بعنوان «تعيشى يا مصر»، تحدثت فيه عن عدالة حرب الشعب المصرى، وأن مصر لا تزال مستعدة للتضحية، فيما نشرت مدير التحرير قصة بعنوان «هدية لبلدى» عن جندى مصرى على الجبهة.

هل شارك الأدباء والمشاهير فى احتفالية «ميكى» بنصر أكتوبر؟

- فى عدد 25 أكتوبر قرأنا فى «ميكى» تهانى من شخصيات قديرة مثل نجيب محفوظ، محمد عبدالوهاب، توفيق الحكيم، يوسف إدريس، أنيس منصور، موسى صبرى، وغيرهم من الكتاب والمفكرين والفنانين، كتبوا كلمات للتاريخ عن هذه الحرب، وفى نفس العدد قرأنا مغامرة بعنوان «حارة الأبطال»، من رسوم الفنان بهجت عثمان، وأبطالها من الأطفال المصريين الذين يقومون بدورهم فى حماية الوطن.

وهل استمر الأمر فى الأعداد التالية؟

- استمر بالطبع، وكانت فرحة كبيرة، بل ظهرت على غلاف مجلة «ميكى» رسوم للفنان محمد التهامى، تجسد ميكى مرتدياً ملابس مصرية أصيلة لفلاح وعامل وغيرهما، رافعاً علامة النصر، وكان ضمن الكتاب المصريين الذين كتبوا فى «ميكى» آنذاك الكاتب الكبير صالح مرسى، الذى قدم بعد أكثر من 10 سنوات على النصر ملحمتين عظيمتين «دموع فى عيون وقحة» و«رأفت الهجان».

وهل اختلف الوضع فى مجلة «سمير»؟

- «سمير» قامت فى الأساس على ترسيخ الهوية المصرية، وهى التى قدمت ميكى، كما قدمت العديد من فنانى الكوميكس المصريين والعالميين، وكتب فيها كبار الأدباء والمفكرين، وكانت تنشر كتاب «طريق الحرية» لجمال عبدالناصر على حلقات.

وكيف تعاملت مجلة «سمير» مع نصر أكتوبر؟

- «سمير» كانت تقدم مسلسلاً عن المقاومة الفلسطينية بعنوان «رجال لا تعرف المستحيل»، من سيناريو حسين قدرى ورسوم عفت حسنى، إضافة لمغامرات تان تان التى كانت تنشرها، ودندش وكراوية وجدو وعصام ومذكراته، وشاهدنا غلاف عدد 14 أكتوبر بريشة عفت حسنى تتصدره عبارة «كل مصرى بينادى.. أنا مِلك لبلادى»، وقدمت فى العدد التالى مذكرات عصام عن هذا الحدث الكبير على شكل «كوميكس» دمجت فيه بين شخصية عصام الكرتونية وصور فوتوغرافية حقيقية على الجبهة.

هل كانت شخصية «السادات» حاضرة فى «سمير» مثل «عبدالناصر»؟

- بالتأكيد، ونشرت مجلة «سمير» أقوالاً مأثورة من خطاباته المختلفة، كما دعت فى بابها الدينى «أحباب الله» إلى صلاة شكر من أجل مصر بعد انتصارها فى هذه الحرب.

هل اكتفت «سمير» بتناول الحدث فقط أم قدمت نصائح للأطفال من قرائها؟

- الموضوع لم يكن مجرد قصص، وإنما ملحمة كاملة ظهرت حتى فى هدية أحد الأعداد، والتى كانت عبارة عن كتيب يمكن فصله عن المجلة، يقدم نصائح للحماية المدنية، وكيف يتعامل الأطفال فى الغارات الحربية، وكيف يحدث الإجلاء عن المدارس أو البيوت، ونشرت المجلة عبارات حماسية مثل «انتصار يساوى العمر كله»، والتى جاءت بإحدى المقالات المنشورة آنذاك.

هل هناك أشكال أخرى تعزز «روح أكتوبر» لدى الأطفال بخلاف الكتابة؟

- بالتأكيد، أنا واحد من الناس الذين يحلمون بوجود «لعبة إلكترونية» للأطفال من وحى حرب أكتوبر، كما أتمنى تنظيم جولات للحكائين المصريين المتميزين فى القرى والنجوع؛ لحكى بطولات وتحديات الحرب بطريقة مختلفة وبشكل مباشر مع الأطفال، كما أتمنى تحويل بعض الكتب المميزة التى صدرت فى هذا الصدد إلى أعمال درامية أو قصصية للأطفال، وأذكر هنا كتب «المصريون والحرب» و«الرفاعى» و«على خط النار»، والكتب الثلاثة للكاتب الراحل جمال الغيطانى.

وهل توقفت المشروعات المقدمة للأطفال عن أكتوبر؟

- لا أتمنى ذلك، وهناك مشروع متميز ستقدمه الهيئة المصرية العامة للكتاب من خلال قصص مصورة عن الحرب، كتبها هيثم عبدربه، ويرسمها أحمد جعيصة، لكننا فى حاجة للمزيد من الأعمال.

إجازة رسمية

نعانى من ندرة ما يقدم عنها، وللأسف الشديد البعض يتعامل مع انتصار أكتوبر بوصفه يوم إجازة ومناسبة سنوية، رغم أن «روح أكتوبر»، لو جاز التعبير، هى التى نهضت بهذا البلد، وهنا ينبغى الإشارة إلى تجارب متميزة دعمتها الدولة، على سبيل المثال فى بداية الألفينات قامت إدارة الشئون المعنوية بتنظيم مسابقة بعنوان «إبداع أكتوبر»، فاز فيها الأديب الكبير الدكتور نبيل فاروق عن قصته «جاسوس سى» من رسوم الفنان الكبير فواز، وهى القصة التى أتمنى أن أراها مقررة فى المدارس، أو منشورة فى مكتبة الأسرة على أقل تقدير، كما أتمنى أن تعود مسابقة «إبداع أكتوبر» مرة أخرى لتقديم روايات وحكايات مختلفة عن الحرب بأسلوب مختلف لهذا الجيل.

 

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القضايا الوطنية التربية الوطنية جمال عبدالناصر الأطفال فى فى مصر

إقرأ أيضاً:

القضايا العربية والمتغيرات العالمية

 

حاتم الطائي

تَمرُ المنطقة العربية بمرحلةٍ مفصلية في تاريخها الحديث، لا تقل أهمية أبدًا عن المراحل المفصلية السابقة على مدى قرون؛ بل لن نُبالغ إذا قلنا إنَّ الفترة الراهنة الأشد خطورة على منطقتنا وقضايانا المصيرية، وفي المقدمة منها قضيتنا المركزية؛ فلسطين، خاصة في ظل الخذلان الدولي غير المسبوق تجاه الإجرام الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، والذي فاق التصورات وتجاوز الواقع السياسي والعسكري بمراحل.

لم تعد إسرائيل مجرد ذلك الكيان المغروس عمدًا مع سبق الإصرار والترصد لإضعاف الأمة العربية ووأد أي محاولة للنهوض ومنافسة الغرب؛ بل باتت دولة الاحتلال سرطانًا يُريد أن يلتهم المنطقة ويبتلعها، من خلال اقتلاع سكان قطاع غزة والضفة الغربية والقدس من أراضيهم، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، ثم التمدد إلى دول المنطقة، وفرض نفوذها وهيمنتها تحت قوة الضغط الأمريكي، الذي يستغل حالة الضعف التي تُعاني منها منطقتنا.

وعلى الرغم من أن العرب يملكون كل الأدوات والوسائل التي تُمكِّنهم من فرض عدالة قضيتهم ووجهات نظرهم فيما يتعلق بمصير المنطقة، إلّا أنهم يفتقرون إلى الإرادة السياسية القوية، والقدرة على مواجهة الصلف الأمريكي الذي تحول تحت إدارة الرئيس اليميني دونالد ترامب إلى تجبُّر واستعلاء لا مثيل له. العرب يملكون الثروات المالية والموارد الطبيعية التي تدعم قوتهم، فضلًا عن الجوانب الحضارية المُضيئة، فلقد كانت هذه المنطقة بيئة خصبة لازدهار أعرق الحضارات، وعلى أرضها عاش أنبياء الله ونشروا دعوتهم في ربوع الدنيا، غير أنَّ عدم الرغبة في المواجهة وتفضيل سياسات "النأي بالنفس"، تسبب في أن تتحول المنطقة العربية إلى لقمة سائغة في أفواه المُجرمين، من دعاة الاستعمار الجُدد، الذين ينظرون إلى الأوطان على أنها "مشاريع عقارية" يمكن إبرام "صفقات" عليها!

من المؤسف أنَّ الكثير من الأنظمة لم تعد قادرة على قول "لا" في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، وباتت عاجزة عن طرح أي رؤية عادلة للقضايا العربية، لكن لا ينبغي أن يدفعنا ذلك إلى اليأس والتراجع والاستسلام؛ بل علينا أن نتحلى بالشجاعة في مُواجهة المخططات التي تريد عودة الاستعمار بصورة أخرى، وعلى الحكومات العربية أن تحتمي بشعوبها الرافضة رفضًا قاطعًا لأي احتلال إسرائيلي، والغاضبة بشدة من حرب الإبادة التي استمرت في قطاع غزة لأكثر من 15 شهرًا. ومع اقتراب انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة، وتوقعات بإعلان رؤية عربية مشتركة لمواجهة مخططات الرئيس الأمريكي، فإن سقف المطالب في هذه القمة يجب أن يكون عاليًا، ليعكس إرادة الشعوب العربية التي ضجرت من المواقف غير الحاسمة، والتصريحات التي تحتمل أكثر من معنى. يجب أن تكون القمة تعبيرًا عن حالة التعاطف منقطعة النظير مع الشعب الفلسطيني المُستضعَف، والذي ما يزال يتجرع ويلات العدوان الإسرائيلي. 

ولا ريب أن المرحلة المقبلة من العمل العربي تتطلب سرديةً ذات طموح أعلى وتمثيلاً أكبر لإرادة الشعوب العربية الطامحة الى التحرر والعدالة، والتي لطالما حلمت بأن تتحرر فلسطين وأن ينعم كل مواطن فلسطيني بحقه الطبيعي في الحياة دون خوف من الموت أو التشرُّد أو الاعتقال والزج به في سجون الاحتلال.

الوضع الراهن وما يعتريه من متغيرات دولية عميقة التأثير، يؤكد لنا أن العرب يجب أن تكون لهم كلمة واضحة وموقفًا صلبًا في مواجهة مخططات ترامب-نتنياهو، وممارسة أقصى الضغوط من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية وحماية الأمن القومي العربي من المُهددات غير المسبوقة، لا سيما في ضوء الإرهاب الصهيوني المُستمر منذ عقود طويلة.

على العرب في قمتهم الطارئة أن ينظروا إلى مواقف دول مثل جنوب أفريقيا والبرازيل- غير العربيتين- واللتين لم ترضخا للضغوط الصهيونية، وواصلتا الدفاع عن القضية الفلسطينية أمام المحاكم الدولية، في حين أن الأنظمة العربية الرسمية لم تتحرك ولم تشارك في تحريك أي دعوى قضائية دولية، رغم التعاطف الدولي الكبير، فضاعت من أمامنا فرصة تاريخية لتحقيق مزيد من النقاط لصالح القضية الفلسطينية.. ورغم ذلك نؤكد أنَّ الفرصة ما تزال قائمة، وأن بإمكان العرب إجبار أمريكا على التراجع عن مخططاتها والوصول إلى حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية.

على العرب مواجهة إسرائيل وأمريكا بكل قوة، والقول بصوتٍ عالٍ إن أمريكا فك مفترس ووحش كاسر ومارد شيطاني، تُريد أن تفتك بالعالم أجمع لتحقيق أهدافها وأطماعها، حتى لو كان الثمن أرواح الآلاف والملايين من البشر.

لقد كشفت السياسات الأمريكية الحالية، أن الرئيس ترامب يريد أن يلتهم كل شيء أمامه، ويدير بلاده والعالم بطريقة "الصفقات"، ولا أدل على ذلك من موقفه تجاه قضية أوكرانيا، وما شاهدناه في المشادة الكلامية بينه وبين رئيس أوكرانيا، ومدى التحقير الذي مارسه تجاه رئيس أوكرانيا، والذي يكشف أنَّ ترامب ربما باع أوكرانيا إلى روسيا، في صفقة غير واضحة المعالم حتى الآن.

ويبقى القول.. إنَّ القمة العربية الطارئة المرتقبة يوم الثلاثاء، يجب أن تُعبِّر عن مواقف الشعوب العربية الرافضة للإجرام الصهيوني والداعمة للحق الفلسطيني، وضرورة مواجهة الجبروت والتعنت الأمريكي، من خلال توظيف أدوات الضغط العربية، حتى تنعم منطقتنا بالأمن والاستقرار ويتحقق العدل في ربوعها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • عمان وأمريكا تعززان التعاون وتبحثان القضايا المشتركة
  • فريدة الشوباشي: فقدت جنيني بعد إعلان عبدالناصر التنحي
  • مدفع الإفطار.. تراث بذكريات الطفولة والأجواء الدافئة
  • القوات المسلحة تنظم زيارة لوفد من الإعلاميين وطلبة الأكاديمية العسكرية المصرية والجامعات لمركز السيطرة المتكامل للشبكة الوطنية للطوارئ
  • «القومى للمرأة» بأسوان: توزيع 250 وجبة ضمن مبادرة «مطبخ المصرية»
  • قومي المرأة بأسوان يطلق مبادرة مطبخ المصرية لتوزيع الوجبات في رمضان
  • محافظ أسوان يشيد بمبادرة مطبخ المصرية ويؤكد أهمية التكافل خلال رمضان
  • الإعلان عن الوظائف وتشغيل الأطفال.. ضوابط جديدة يحددها مشروع قانون العمل
  • عايدة رياض: الطفولة السعيدة سر النجاح الفني.. فيديو
  • القضايا العربية والمتغيرات العالمية