تستضيف سلطنة عمان الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي.. ويحمل هذا الاجتماع أهمية جيوسياسية كبرى خاصة أنه يأتي في ظل أحداث كبرى تشهدها منطقة الشرق الأوسط وكذلك أوروبا والتي يمكن أن توصف بأنها أحداث تقع عند مفترق طرق ليس على المستوى الدبلوماسي فقط، ولكن على مستوى إعادة تشكيل النظام العالمي وبناء القواعد التي يقوم عليها العالم أجمع، الأمر الذي يوفر فرصة مهمة لتعزيز التفاهم والتعاون والسلام في عالم يبدو حاليا أنه يهيمن عليه الصراع.

في منطقة الشرق الأوسط، وصلت المواجهات بين الفلسطينيين الذين يناضلون من أجل استعادة أرضهم المحتلة، وبين المحتل الإسرائيلي إلى ذروتها بصورة أذهلت العالم من أساليبها ومن نتائجها على الأرض.. وفي أوروبا حيث تدعم الدول الغربية أوكرانيا في صراعها مع روسيا تنشأ مخاوف كبرى من نشوب صراع أكبر قد يجتذب القوى العظمى العالمية. وفي ظل هذه الخلفية المتوترة يصبح الاجتماع المشترك في مسقط أكثر أهمية من أي وقت مضى. فبادئ ذي بدء، تأتي المناقشات بشأن القضايا الأمنية، وخاصة فيما يتعلق باليمن، في الوقت المناسب. إن الحرب في اليمن، وما ترتب عليها من عواقب إنسانية مدمرة، تدعو الجميع إلى اتخاذ قرارات بتجاوزها والبدء في إعادة إعمار اليمن وتضميد جراحه وندوبه الغائرة حتى لا تكون هذه الندوب بذرة لحرب أخرى، ومن الممكن أن يمهد العمل المشترك بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي الطريق لتجديد الدفع نحو السلام، والاستفادة من نفوذهما السياسي المشترك ومصالحهما المشتركة في الاستقرار الإقليمي، خاصة أن جميع أطراف الحرب قد وصلت إلى قناعة بضرورة وضع نقطة النهاية.

لكن الملفات المطروحة أمام اجتماع مسقط لا تنظر إلى القضايا الأمنية في معزل عن القضايا التنموية، ولذلك من بين أهم الملفات التي سيناقشها اجتماع مسقط ملف الطاقة، وفي مقدمة ذلك الهيدروجين الأخضر الذي تستثمر فيه دول الخليج العربي وبشكل خاص سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وتهتم به كثيرا الدول الأوروبية خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية وما صاحبها من أزمة في الطاقة.

ويمكن أن يحقق التعاون بين دول الخليج الغنية بالموارد وأوروبا المتقدمة تكنولوجيًا تقدمًا كبيرًا في تقنيات إنتاج الطاقة النظيفة، إضافة إلى ما في الأمر من مكاسب مادية واقتصادية للطرفين حيث يضمن أمن الطاقة لأوروبا مع توفير سبل التنويع الاقتصادي لدول الخليج التي تسعى جاهدة إلى تنويع مصادر دخل مختلفة عن الطاقة الأحفورية.

وعلى الصعيد الإنساني، يتمتع كل من مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي بتاريخ طويل في تقديم المساعدات للدول المحتاجة.. في عالم مليء بالأزمات كالعالم الذي نعيش فيه اليوم، من الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط وأوروبا وإلى محنة اللاجئين المستمرة، فمن الممكن أن يؤدي النهج المنسق في التعامل مع المساعدات الإنسانية إلى إعلاء تأثير جهود الإغاثة، وضمان وصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها.

لا يمكن إنكار أن التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الوسط وأوروبا هائلة ومعقدة وهي التي تدفع العالم إلى التحول من نظام عالمي أحادي إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب ومتغير في المبادئ والقيم، لذلك فإن المتوقع أن تنعكس كل هذه القضايا على اجتماع مسقط اليوم، على أمل أن تفرض الدبلوماسية العمانية التي تنشد التفاهم وتدعو للسلام بين الجميع قيمها ومبادئها للخروج بنتائج استثنائية تتفق مع حجم المتغيرات في العالم أجمع، وتكون بمثابة مقدمة لعصر متجدد من الشراكة بين دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي، شراكة لا تعالج المخاوف الحالية فقط، ولكن ترسم أيضا الطريق نحو مستقبل مستقر ومستدام وسلمي للجميع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

رئيس مؤسسة النفط يشارك بـ«مؤتمر الطاقة العالمي» في هيوستن

شارك رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط المكلّف، المهندس مسعود سليمان، والوفد المرافق له، صباح اليوم في هيوستن، في فعاليات افتتاح مؤتمر أسبوع الطاقة العالمي “CERAWeek” العريق، الذي يُعقد سنوياً منذ أكثر من 43 سنة بهدف تحديث استراتيجيات صناعة الطاقة في العالم.

ويُعَدّ مؤتمر “CERAWeek”، “التجمّع السنوي الأبرز في قطاع الطاقة، ويُصنَّف ضمن أفضل خمسة “مؤتمرات لقيادات الشركات” على مستوى العالم”.

ويجمع هذا الحدث الرائد “أكثر من 450 من كبار المسؤولين التنفيذيين، و80 وزيرًا ومسؤولًا رفيع المستوى، و325 ممثلاً لوسائل الإعلام، مع أكثر من 10,000 مشارك من أكثر من 2050 شركة في 80 دولة، للحوار حول الأجندة المقبلة مع دخول العالم عصرًا جديدًا من التحول في مجال الطاقة”.

ويتمحور أسبوع الطاقة العالمي 2025 حول “استراتيجيات الطاقة في العالم، والتحديات المقبلة فيما يتعلق بأمن الطاقة والإمدادات وطموحات المناخ، بالإضافة إلى الأسواق والبنية الأساسية واتجاهات السياسة والتقدم التكنولوجي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وما يعنيه هذا لجميع جوانب الصناعة وما وراءها”.

كما شارك المهندس مسعود، في وقت سابق من صباح اليوم، قبيل انطلاق أعمال هذا المؤتمر، “في قمة عالمية لاستكشاف وإنتاج النفط بحضور رؤساء وممثلي ومديري كبرى الشركات النفطية في العالم”.

وأكد رئيس مجلس إدارة المؤسسة، خلال هذه القمة، أن “ليبيا تتطلع إلى توسيع نشاطها في مجال صناعة الطاقة، لافتاً إلى أن الظروف مهيأة لذلك، وأن حالة الاستقرار النسبي التي تنعم بها ليبيا اليوم كانت دافعاً رئيسياً للإعلان عن انطلاق جولة العطاء العام للاستكشاف والتنقيب”.

وأوضح المهندس مسعود أن “زيادة معدلات الإنتاج من النفط والغاز هو الهدف الرئيس الذي تسعى المؤسسة الوطنية للنفط إلى تحقيقه، وتتحمل مسؤوليته على عاتقها، لأن زيادة الإنتاج هي السبيل الوحيد لتحسين الدخل القومي الليبي وتحقيق نهضة اقتصادية لليبيا والليبيين”.

وأشار إلى أنه “هنا اليوم، على رأس وفد من نخبة القياديين بالمؤسسة الوطنية للنفط، ليضع أمام الشركات النفطية العالمية 22 فرصة استثمارية في مجال الطاقة، تتمثل في 11 موقعًا بحريًا و11 موقعًا بريًا آخر، تنتظر من يستكشف ما تخبئه في جوفها من فوائد لنا ولكم”.

كما وجّه دعوته للشركات الراغبة “في خوض غمار الاستكشاف والتنقيب في ليبيا، والاستثمار في هذه المساحات وفق مواد تعاقدية تنافسية، تمت صياغتها بالتعاون مع أعرق بيوت الخبرة العالمية، وحسب أعلى معايير الشفافية والنزاهة”.

مقالات مشابهة

  • أول اكتشاف من نوعه في الصين يهز العالم يكفي ل600 عام من الطاقة
  • الجابر: التفوق في الذكاء الاصطناعي يعتمد على إمدادات الطاقة
  • سلطان الجابر: 109 ملايين برميل يومياً الطلب على النفط بحلول 2035
  • مسعود يشارك في مؤتمر الطاقة والقمة العالمية للاستكشاف والإنتاج في هيوستن
  • رئيس مؤسسة النفط يشارك بـ«مؤتمر الطاقة العالمي» في هيوستن
  • مركز إقليمي للطاقة النظيفة.. سيناء أحد أهم مصادر الهيدروجين الأخضر في العالم
  • البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يقدم قرضاً لتحسين إنارة الشوارع في الأردن
  • ‏اندفاع العراق نحو العالم يجعله يستعيد نفوذه
  • 600 سنة من الطاقة.. أول اكتشاف من نوعه في الصين يهز العالم
  • إليك أغرب أشكال الاحتجاج التي شهدها العالم على مر التاريخ (صور)