ماذا سيجني اقتصاد المغرب من تنظيم كأس العالم 2030؟
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
الرباط – بعد 5 محاولات، نجحت المملكة المغربية في الظفر بحق استضافة كأس العالم بعد إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم نجاح الملف الثلاثي المشترك مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030.
وتعد هذه النسخة سابقة في تاريخ البطولات العالمية حيث ستنطلق في قارة وتنتهي في قارتين، وستستضيف أوروغواي وباراغواي والأرجنتين المباريات الثلاث الأولى للاحتفال بمرور 100 عام على أول بطولة لكأس العالم، ثم تنتقل المنافسات إلى المغرب وإسبانيا والبرتغال.
وتنظيم كأس العالم ليس مناسبة رياضية فحسب، بل فرصة لتحقيق فوائد اقتصادية للبلدان المنظمة على مستوى السياحة والخدمات والبنية التحتية وغيرها من المجالات التي ستتأثر إيجابا.
منافع
في النسخة الأخيرة لكأس العالم بقطر، استطاع المغرب لفت انتباه العالم إليه إثر وصوله لأول مرة إلى المربع الذهبي في النهائيات بعد تجاوزه منتخبات قوية وعريقة مثل إسبانيا والبرتغال وكرواتيا، واليوم، يلفت الأنظار إليه مرة أخرى بعد إعلان الفيفا قبول الملف الثلاثي لاحتضان بطولة كأس العالم لعام 2030.
يقول الخبير الاقتصادي محمد الجدري إن تنظيم المملكة حدثا عالميا مثل كأس العالم "لا يمكنه إلا أن يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وعلى مستويات التنمية خاصة فيما يتعلق بخلق الثروة وتوفير فرص الشغل للشباب".
ويؤكد الجدري للجزيرة نت أن هذه المنافع سيجنيها المغرب عبر مراحل، تكون الأولى خلال السنوات التي تسبق افتتاح البطولة، ثم أثناء البطولة وبعد انتهائها.
وأوضح الجدري أن المملكة ستشهد خلال السنوات السبع المقبلة تسريع إنجاز مجموعة من مشاريع البنية التحتية من ملاعب ومراكز تدريب وطرق ونقل بين المدن وفنادق ومطاعم ومقاهي وغيرها، إلى جانب المشروع الكبير المتعلق بتسريع إنجاز الخط الثاني من القطار فائق السرعة الذي سيربط الدار البيضاء وأغادير.
وقال إن هذه الورشات ستخلق انتعاشا في قطاعات اقتصادية عديدة وستوفر آلاف فرص العمل سواء مباشرة أو غير مباشرة.
ويرى المحلل الاقتصادي رشيد ساري أن تنظيم المونديال بالمغرب سيجعله وجهة سياحية وقبلة للسياح من مختلف دول العالم، مما سيرفع مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام للبلاد.
وقال ساري للجزيرة نت "إذا كانت السياحة تساهم حاليا بنسبة 7% في الناتج الداخلي الخام، فيُتوقع أن يساهم هذا القطاع بعد تنظيم هذه التظاهرة الرياضية بنسبة تصل إلى 30 %".
بدوره، يؤكد محمد الجدري على العائدات المهمة التي سيجنيها قطاع السياحة، إذ يتوقع أن يستقبل المغرب 26 مليون سائح في أفق 2030.
ويقول رشيد ساري إن هذه الفعالية هي أيضا مناسبة لتنظيم ورشات ولقاءات موازية للتعريف بالتراث الثقافي والتاريخي للمملكة وبإمكانياتها الاقتصادية ولاستقطاب المستثمرين.
ويتابع "سيستقطب المغرب فاعلين من مختلف دول العالم لذلك ينبغي استثمار ذلك في التعريف بإنجازات المغرب على مستوى صناعة السيارات والطاقات المتجددة والصناعات التحويلية والهيدروجين الأخضر".
وأكد ساري "كما أعددنا ملفا لاحتضان كأس العالم، علينا الاشتغال حاليا على إعداد ملف اقتصادي متكامل لعرضه أمام العالم خلال تنظيم هذه الكأس لاستقطاب الاستثمارات".
ويشدد ساري على ضرورة اقتناص المملكة هذه الفرصة لتقوية المنظومة الرياضية، لافتا إلى أن مساهمة الرياضة في الاقتصاد "هزيلة جدا حسب تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصادر العام الماضي".
ولا تتجاوز مساهمة الرياضة في الناتج الداخلي الإجمالي 0.5% حسب التقرير، لذلك يشدد رشيد ساري على ضرورة العمل على تقوية المنظومة الرياضية كلها من منظور مقاولاتي ليرتفع حجم مساهمتها في الناتج الداخلي الإجمالي إلى ما بين 2 و3%.
كما يؤكد أهمية هذا الحدث في النهوض بالإعلام الرياضي، داعيا إلى الاستثمار في البنية التحتية الإعلامية لمواكبة الأحداث الرياضية المهمة المقبلة في البلاد.
ويُنتظر أن يستضيف المغرب 30 مباراة من مجموع مباريات هذه البطولة وستوزع على 6 مدن هي الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وأغادير وفاس.
واستكشفت دراسة لمؤسسة "صوجي كابيتال جستيون" التابعة لمجموعة الشركة العامة للمغرب، الآثار المالية والاقتصادية لتنظيم المغرب كأس العالم، وهي الدراسة التي نشرها موقع الإذاعة والتلفزة المغربية.
وأوضحت الدراسة أن تنظيم هذه الفعالية بالمغرب سيتطلب استثمارا يتراوح بين 50 و 60 مليار درهم (حوالي 5 إلى 6 مليارات دولار)، وستوزع هذه الموازنة على بناء وتجديد الملاعب ومراكز التدريب وتكاليف التنظيم العامة.
ووفق المصدر نفسه، سيتم تأمين التمويل من قبل الدولة بـ23 مليار درهم والمؤسسات العمومية أو الحكومية بـ17 مليار درهم، و10 مليارات درهم سيتم تأمينها من مصادر أخرى.
وستتوزع هذه التكاليف على:
بناء وتحديث الملاعب بميزانية تقارب 17 مليار درهم. 8 مليارات درهم لبناء وتجديد مراكز التدريب. 17 مليار درهم ستخصص لتطوير شبكات النقل والبنية التحتية. 10 مليارات درهم تكاليف التنظيم المشتركة بين الدول المنظمة لهذا الحدث. تحفيزووفق الدراسة، فإن تنظيم كأس العالم فرصة أيضا لتحفيز عدد من القطاعات الاقتصادية في المغرب، إذ سيستفيد قطاع البناء من مشاريع ضخمة ستحدث نشاطا وانتعاشا لدى المقاولات والشركات المحلية مما سيسهم في توفير آلاف فرص العمل وتعزيز نمو عدد من القطاعات.
وتكشف أن القطاع السياحي سيستفيد من تدفق السيّاح خلال السنة التي ستُنظم فيها المسابقة والسنوات التي تليها، مما سيزيد الطلب على الإقامات الفندقية والخدمات السكنية، وتوقعت توفير 100 ألف سرير إضافي وتحقيق عائدات تصل إلى 120 مليار درهم (حوالي 12 مليار دولار).
وبالنسبة للقطاع البنكي، سيستفيد عبر الزيادة في تمويل مشاريع البنية التحتية مما سيسهم في تعزيز القطاع المصرفي وزيادة الاستثمارات في المشاريع الكبرى.
كما ستشهد شركات الاتصالات زيادة في حركة المكالمات ونقل البيانات، بالإضافة إلى الاستثمار في توسعة البنية التحتية وتسريع تطوير تقنية الجيل الخامس.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن تنظيم المونديال فرصة مهمة ينبغي استثمارها من أجل تحقيق تنمية حقيقية وإقلاع اقتصادي للمملكة سينعكس في النهاية على الحياة اليومية للمواطن المغربي ومستوى عيشه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الناتج الداخلی تنظیم کأس العالم البنیة التحتیة ملیار درهم
إقرأ أيضاً:
المغرب.. مطالب بالتحقيق في كلفة دعم استيراد المواشي
الرباط – في خضم الجدل المتصاعد بالمغرب حول كلفة دعم استيراد المواشي وشفافية هذا الدعم، تقدّمت فرق الأغلبية البرلمانية بطلب لتنظيم مهمة استطلاعية للوقوف على مدى نجاعة البرامج والإجراءات الحكومية الموجهة لاستيراد الأبقار والأغنام واللحوم، ومدى مساهمتها في حماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وجاءت هذه الخطوة بعد يومين فقط من إعلان فرق المعارضة البرلمانية عن مبادرة لتشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق بشأن مختلف أشكال الدعم الحكومي الموجه لاستيراد وتربية المواشي، وسط تضارب الأرقام بشأن حجم المستفيدين وكلفة الدعم.
أرقام متضاربةوأشعل وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة فتيل الجدل بعد أن اتهم مستوردي الأغنام بتحقيق أرباح ضخمة وغير أخلاقية على حساب الدعم العمومي، مقدرا أرباحهم بـ13 مليار درهم (حوالي 1.3 مليار دولار).
ودعم زميله في الحزب وزير التجارة والصناعة رياض مزور هذه التصريحات، وأشار إلى أن عدد المستوردين لا يتجاوز 18 فردا، مما يثير شبهة احتكار، ملوحا بكشف أسمائهم مستقبلا.
في المقابل، نفى رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب وقيادي في حزب الأحرار قائد الائتلاف الحكومي، هذه الأرقام مؤكدا أن عدد المستوردين بلغ 100، وأن كلفة الدعم لم تتجاوز 300 مليون درهم (30 مليون دولار).
إعلانوفي محاولة لتبديد التضارب، أعلنت وزارة الفلاحة أن كلفة دعم استيراد الأغنام الموجهة لعيد الأضحى خلال عامي 2023 و2024 بلغت 437 مليون درهم (حوالي 43.7 مليون دولار)، شملت 875 ألف رأس و156 مستوردا. لكنها لم تكشف عن الكلفة الإجمالية لباقي عمليات الاستيراد خارج هذه المناسبة.
وتصاعدت الاتهامات بعد طلب الأغلبية تشكيل مهمة استطلاعية بدلا من لجنة تقصي حقائق، إذ اتهم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (معارضة) نبيل بنعبد الله الحكومة بـ"المكر" السياسي، مشيرا إلى أن مبادرة المعارضة بمجلس النواب إلى الدعوة لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق كان يفترض أن تواجه بروح إيجابية، طالما أن الهدف هو الوصول إلى الحقيقة.
وفي خضم هذا التراشق، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أن اختيار الآلية الرقابية المناسبة يبقى من اختصاص البرلمان ولا دخل للحكومة فيه، مشددا على أن علاقة الحكومة بالمؤسسة التشريعية مبنية على التوازن والتعاون كما نص الدستور.
وقال النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية (معارضة) عبد الصمد حيكر إن الدعم العمومي الموجه لاستيراد المواشي لم يُحقق أهدافه المعلنة، سواء في التحكم في الأسعار أو حماية القدرة الشرائية للمواطنين أو الحفاظ على القطيع الوطني، بل تحوّل إلى مصدر أرباح طائلة لفئة محدودة، دون أثر ملموس على السوق.
وأكد حيكر، في حديث للجزيرة نت، أن المعطيات الرسمية تُشير إلى أن 10.7% فقط من المتقدمين بطلبات الاستيراد استفادوا وقاموا فعليا باستيراد الأبقار أو الأغنام مستفيدين من الامتيازات المقررة، كما أن 40% من الشركات المستفيدة فعليا لا علاقة لها أصلا بقطاع اللحوم أو المواشي، إذ تم إنشاؤها خصيصا بعد الإعلان عن العملية أو غيّرت نشاطها للغرض ذاته.
إعلانوأوضح أن الأرقام التي بحوزته مستمدة من وثائق رسمية صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، وتم توزيعها على النواب خلال مناقشة مشروع قانون مالية 2025.
وتكشف هذه الأرقام -وفق المتحدث- "عن دعم مباشر بقيمة 500 درهم (50 دولارا) عن كل رأس غنم بمناسبة عيد الاضحى، فضلا عن تكاليف ضريبية كبيرة نتيجة الإعفاء من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، لتصل الكلفة الإجمالية إلى أزيد من 13 مليار درهم (1.3 مليار دولار) إلى حدود أكتوبر/تشرين الأول 2024″، مشيرا إلى أن عمليات الاستيراد تضاعفت منذ ذلك الحين، مما يؤشر على أن كلفتها قد تفوق 20 مليار درهم (نحو ملياري دولار).
وفيما يخص التضارب الواضح في الأرقام والتصريحات، تحدث البرلماني عبد الصمد حيكر عن الحاجة إلى تحقيق شفاف وجاد، وفق وصفه.
ويرى الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن الجدل حول تضارب الأرقام يُخفي إشكالا أعمق يتعلق بـ"الريع والفساد وغياب الحكامة" وفق وصفه، مؤكدا أن "السجال لا يجب أن ينحصر فقط فيما إذا كانت المبالغ المصروفة ملايين أو ملايير، بل يجب التوجه نحو الأسئلة الجوهرية: من استفاد من العملية؟ وفق أي معايير تم قبول ملفات المستوردين؟ ولماذا لم ينعكس هذا الدعم على الأسعار في السوق؟".
وأوضح الخبير للجزيرة نت أن جزءا من التضارب في الأرقام مردّه إلى الخلط بين عمليتين مختلفتين، الأولى تتعلق باستيراد الأغنام المخصصة لعيد الأضحى خلال عامي 2023 و2024 والتي استفاد فيها المستوردون من دعم مباشر وإعفاءات جمركية؛ والثانية تخص عملية استيراد عامة للمواشي واللحوم الحمراء بهدف تزويد السوق وتخفيض الأسعار.
“للي ما ف كرشو عجينة ما عندو علاش يخاف”. بمعنى أن الحكومة إذا كانت فعلاً متأكدةً من أن دعمها لمستوردي المواشي لا يشوبُـــــهُ أيُّ اختلال، فلماذا تتهربُ من لجنة تقصي الحقائق!؟ إنَّ اللجنة مثل اسمها تماماً، لا تهدف سوى إلى الحقيقة. فلماذا تخاف الحكومةُ من الحقيقة!؟ pic.twitter.com/eQVhzAnvwW
— PPS - حزب التقدم والاشتراكية (@PPSofficiel) April 10, 2025
إعلان بين الاستطلاع والتقصيوبالنظر إلى خطورة وتعقد هذا الملف، يرى عبد الصمد حيكر أن تشكيل مهمة استطلاعية بالبرلمان لا يتناسب مع التطلعات الشعبية لكشف الحقائق وإحالة المخالفين على القضاء في حالة وجود قرائن على تورط أي كان في شبهة المس بالمال العام من دون وجه حق وتبديده.
وقال "المهمة الاستطلاعية آلية محدودة، تنبثق عن إحدى اللجان البرلمانية الدائمة ولا تملك صلاحيات ذات إلزامية قوية، حيث يمكن للمسؤولين تجاهل حضور أشغالها دون أية تبعات قانونية، كما أنها لا تتيح الاستماع للفاعلين في القطاع الخاص، رغم أن الموضوع المطروح، وهو استيراد المواشي، يخص مستوردين ينتمون إلى هذا القطاع".
في المقابل، أوضح أن لجنة تقصي الحقائق، المنصوص عليها دستوريا، تتمتع بصلاحيات واسعة، إذ تتيح الاستماع لأي طرف والحصول على الوثائق بالقوة القانونية، كما أن امتناع أي شخص عن التعاون معها يُعرضه للمساءلة الجنائية.
وقال "تقرير لجنة التقصي يمكن أن يُحال على القضاء في حال الكشف عن مخالفات، وهو ما لا توفره المهمة الاستطلاعية التي لا تُفضي إلا إلى توصيات غير ملزمة".
وأضاف "نحن أمام ملف فيه شبهات احتكار وتبديد أموال عمومية وتحقيق أرباح غير مشروعة لعدد محدود من المستوردين، مما يستدعي محاسبة حقيقية، خاصة وأن المتضرر ليس المواطن فقط، بل أيضا الاقتصاد الوطني وقطاع تربية الماشية ككل".
أما رشيد ساري فيرى أن ما يثير القلق هو أن "الاختلالات التي رافقت هذه العملية انطلقت منذ سنة 2023، ولكن إثارتها بصوت مرتفع لم تتم إلا مؤخرا، وخصوصا من داخل مكونات الأغلبية الحكومية نفسها، مما يطرح احتمال أن يكون الموضوع بدأ يُستثمر في إطار حملة انتخابية مبكرة".
ودعا إلى تدخل مجلس المنافسة كما فعل سابقا في ملف أسعار المحروقات، قائلا "إذا ظل الملف محصورا في سجالات بين الحكومة والمعارضة، فسنكون أمام قضية تُوظف سياسيا بدل أن تُعالج مؤسساتيا وفق مقاربة شفافة ومحاسباتية".
إعلان