بعض الشعوب والأمم لها أحلام كثيرة ـ تضعُف وتتضاعف ـ حيث يبدأ الحلم خيالًا.. فيراه كثيرون هزلًا لن يتحقق، أما الحالمون فيرونه واقعًا منتظَرًا وأملًا مرتقَبًا.
لذلك، تحتاج الأحلام الكبرى ـ دائمًا وأبدًا ـ إلى حالمين كبار، لديهم القدرة على تحمل عبء المسئولية، بعقول منفتحة، والتغريد خارج السِّرب، إضافة إلى التفكير خارج الصندوق، بمشروعات حالمة غير مسبوقة، لبلوغ غايات ربما يعتبرها البعض خيالًا.
قبل أيام، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم، رسميًا، عن استضافة «الرباط» لبطولة «كأس العالم 2030»، في ملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال، ليصبح المغرب ثاني دولة عربية تستضيف الحدث العالمي الكبير.
بالطبع، لم يكن الطريق سهلًا أو مفروشًا بالورود أمام المغرب، الذي حاول مرارًا استضافة المونديال، خصوصًا أن التحضير لهذا الحدث العالمي الأبرز، بدأ منذ أعوام طويلة، عندما كان قاب قوسين أو أدنى من تنظيم «مونديال 2010».
لعل ما حققه المغرب في مونديال «قطر 2022»، بعد حصوله على المركز الرابع، وتحقيق إنجاز كروي غير مسبوق، عربيًا وإفريقيًا، وإقصائه الكبار من البطولة، كان أكبر دافع وداعم لملف المغرب.
اللافت أنه بعد فوز المغرب بتنظيم «مونديال 2030»، أعلن «الفيفا» بدأ تلقي الترشيحات لاستضافة «مونديال 2034»، ليُصدر الاتحاد السعودي، بيانًا رسميًا، يعلن من خلاله نيته الترشح، ليبدأ السباق نحو استضافة أعظم بطولات العالم على الإطلاق.
تصميم السعودية على بلوغ هذا الحلم، كان واضحًا منذ فترة، بعد أن أصبحت وِجهة للأحداث الرياضية الكبرى، خصوصًا بعد قيامها بتنظيم واستضافة أحداث رياضية عالمية في محتلف الرياضات، خلال السنوات الخمس الأخيرة، وفي ظل وجود دوري المحترفين لكرة القدم، المتكدس بالنجوم العالميين، الذين سيكونون خير سفراء لملف استضافة «كأس العالم 2034».
لقد كانت النسخة العربية لكأس العالم «قطر 2022»، الأفضل والأرقى والأعظم على مرّ التاريخ، وجاء الدور الآن على المغرب، الذي سيكون المونديال على أرضه بنكهة خاصة، تحمل بصمات عراقته، كما نتوقع أن تنظم السعودية المونديال الذي يليه، بشكل يليق بإمكانياتها الكبيرة وإرادتها القوية.
إن تنظيم كأس العالم، أو الأوليمبياد، بات حلمًا مشروعًا لكافة الدول، ولم يعد الأمر حِكرًا على الدول المتقدمة، أو الغرب وحده.. وما استضافة بلدان عربية شقيقة، لبطولات وأحداث رياضية عالمية خلال العقدين الأخيرين، إلا تأكيد على أننا كعرب قادرون على التحدي، ونستطيع أن نحقق المستحيل.
أخيرًا.. في ظل ما حققته مصر خلال السنوات الأخيرة «بحسب الأرقام والإحصائيات والإنجازات» في مشروعات تطوير البنية الأساسية العامة، والمنشآت والطرق والكباري والمواصلات الحديثة والمدن الجديدة، يبدو التساؤل مشروعًا ومنطقيًا: ماذا ينقصنا إذن لاستضافة كأس العالم أو الأوليمبياد؟
فصل الخطاب:
المهرولون نحو الأحلام الصغيرة، هم أصحاب إعاقة في القلب والعقل والإرادة، ولا يُدركون أن حقائق اليوم هي نِتاج أحلام الأمس.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مونديال 2030 فيفا المغرب السعودية كأس العالم 2034 محمود زاهر تنظيم كأس العالم قطر 2022 الدورى السعودى کأس العالم
إقرأ أيضاً:
تيلستار.. القمر الصناعي الذي غيّر شكل كرة القدم
من يعتقد أن التكنولوجيا دخلت إلى عالم كرة القدم فقط عبر تقنية الفيديو "فار" "VAR" أو حسّاسات التسلل فهو مخطئ، لأن العلاقة بين التكنولوجيا وهذه اللعبة بدأت قبل عقود، وتحديدًا من خلال تصميم الكرة نفسها والتي تُعدّ كرة "تيلستار" التي طوّرتها شركة أديداس في نهاية الستينيات، تجسيدًا واضحًا لهذا التداخل بين التكنولوجيا والرياضة.
قمر صناعي غيّر شكل الاتصال والكرةاسم "تيلستار" لم يكن عشوائيًا، بل مستوحى من قمر الاتصالات الصناعي الأميركي الشهير تيلستار "Telstar" الذي أُطلق عام 1962. وقد طوّرته مختبرات "بيل" لصالح شركة "إيه تي آند تي" (AT&T) ليكون أول قمر صناعي نشط للاتصالات في العالم. وكان "تيلستار" وراء أول بث تلفزيوني مباشر عبر المحيط الأطلسي، وأول من أرسل إشارات تلفاز ومكالمات وصور فاكس عبر الفضاء.
لعب شكل القمر الصناعي -الكروي والمغطى بألواح شمسية- دورا مهما في إلهام مصممي كرة القدم في شركة أديداس الألمانية لتصميم كرة ذات طابع تكنولوجي بصري، حيث كانت الكرات مصنوعة من الجلد البني الذي لا يمكن تمييزه على شاشات التلفزيون الأبيض والأسود التي كانت سائدة في تلك الحقبة.
الظهور الأول: عندما التقت التكنولوجيا بالرياضةظهرت كرة "تيلستار" لأول مرة تحت اسم "تيلستار إلاست" (Telstar Elast) في بطولة أوروبا 1968، لكن شهرتها الحقيقية بدأت في كأس العالم 1970 بالمكسيك، حيث تم اعتماد نسخة تيلستار دورلاست (Telstar Durlast) رسميًا لأول مرة في تاريخ المونديال.
إعلانكان الشكل الجديد مختلفًا كليًا عن الكرات السابقة؛ إذ اعتمد على تصميم مكوّن من 32 لوحة: 12 خماسية سوداء، و20 سداسية بيضاء، مستوحى من مجسم عشرينيّ مقطوع (truncated icosahedron)، بهدف تحسين وضوح الكرة على الشاشات. هذا التصميم أصبح لاحقًا الشكل "الرمزي" لكرة القدم في العالم، وظهر في الرسوم المتحركة والملصقات الرياضية وغيرها.
قامت شركة أديداس بتصميم الكرة، لكنها استندت في الأساس إلى مفهوم هندسي ظهر لأول مرة عبر شركة "سيلكت سبورت" (Select Sport) الدانماركية عام 1962، التي استخدمت التركيبة المكونة من 32 لوحة لأول مرة في كرة رياضية. اعتمدت أديداس التصميم وأضافت إليه طلاء "دورلاست" (Durlast) البوليميري، الذي وفّر مقاومة للماء وخدوش الملاعب.
وكان الابتكار الأبرز هو جعل الكرة أداة بصرية متكاملة تتماشى مع البث التلفزيوني، ما عزز من تجربة المشاهدة ورفع من جودة التغطية الإعلامية للبطولات.
النسخ المختلفة من تيلستارمرت كرة تيلستار بعدة نسخ وتعديلات عبر السنوات، أبرزها:
تيلستار إلاست (Telstar Elast) بطولة أوروبا إيطاليا (1968): وهي أول نسخة تجريبية للكرة الأيقونية ظهرت في بطولة أوروبا.
تيلستار دورلاست (Telstar Durlast) كأس العالم المكسيك (1970): أول نسخة رسمية في كأس العالم، بيضاء وسوداء بطِلاء مقاوم للماء.
شيلي دورلاست (Chile Durlast) كأس العالم ألمانيا (1974): استخدمت في مونديال ألمانيا.
تيلستار 18 (Telstar 18) كأس العالم في روسيا (2018): نسخة حديثة استخدمت في كأس العالم بروسيا، احتفظت بالشكل العام لكن مع لمسات رقمية وتصميم أكثر حداثة، شمل رقاقات "إن إف سي" (NFC) داخل الكرة لتوفير بيانات عن الأداء.
أيقونة عالميةرغم أن كرات اليوم تتميز بتقنيات متطورة وتصاميم معقدة، تبقى تيلستار حتى اليوم رمزًا عالميًا لكرة القدم. فصورها تُستخدم في الكتب، والقصص المصوّرة، والإعلانات، وحتى في إيموجي كرة القدم على الهواتف، لتذكّرنا دومًا بأن التكنولوجيا كانت -ولا تزال- لاعبًا أساسيًا في تاريخ هذه اللعبة الشعبية.