أوليفييه دوزون يكتب: ظل واشنطن
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
تعيين الجنرال كاباريبى وزيرا للتعاون فى رواندا!بول كاغامه رئيس رواندا
خلافًا لكل التوقعات أثار تعيين الجنرال جيمس كاباريبى فى ٢٧ سبتمبر فى منصب وزير الدولة للتعاون الإقليمى فى رواندا ضجة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية.
يبدو أن اختيار كاباريبى يعنى أن رواندا ترغب فى استبعاد جمهورية الكونغو الديمقراطية من مظلة التعاون الإقليمى ويرى فيل كلارك أستاذ السياسة الدولية فى كلية الدراسات الشرقية والأفريقية من جامعة لندن أن الحكومة الرواندية تعلم جيدًا أن كينشاسا تعتبرها العقل المدبر للتدخل العسكرى الرواندى فى جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ التسعينيات وحتى اليوم"
وقد ورد اسم الجنرال كاباريبى فى تقرير خبراء الأمم المتحدة فى يونيو ٢٠٢٣ بشأن الكونغو الديمقراطية باعتباره أحد الضباط الروانديين المشاركين فى العمليات العسكرية فى مقاطعة شمال كيفو الكونغولية فى الأشهر الأخيرة.
ويشير تقرير الأمم المتحدة بوضوح إلى أن هذه العمليات تهدف إلى "تعزيز حركة إم ٢٣ من خلال توفير القوات والمعدات، واستخدامها للسيطرة على مواقع التعدين، واكتساب النفوذ السياسى فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتدمير القوات الديمقراطية لتحرير رواندا". (FDLR)"، وهى جماعة متمردة رواندية من الهوتو تشكلت فى البداية على يد مرتكبى جرائم إبادة جماعية سابقين.
وترفض كيجالى دائمًا أى اتهام بوجود صلة لها بحركة ام ٢٣ وأدانت هذا الاتهام على لسان رئيسها بقوله "إنها رواية استمرت لفترة طويلة" فى ٤ يوليو ٢٠٢٣ وذلك خلال مقابلة مع التليفزيون الوطنى متسائلا "هل هذا يضع حل المشكلة؟ ومستنكرا صمت المجتمع الدولى تجاه مصير اللاجئين الكونغوليين الناطقين باللغة الرواندية المستوطنين فى رواندا وتواطؤ القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية مع القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وهى المجموعة التى وصفها بأنها تهديد لكيجالي.
ويستكمل البروفيسور كلارك تحليله للوضع "بينما تنظر جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى كاباريبى بقدر كبير من الشك فإنه يحظى بالاحترام فى القارة ليس فقط لدوره فى سقوط موبوتو ولكن أيضًا مع مختلف بعثات حفظ السلام من رواندا إلى موزمبيق وجمهورية أفريقيا الوسطى. (لوموند ٢ أكتوبر ٢٠٢٣)
ومع ذلك فإن تاريخ هذا البلد الواقع فى وسط أفريقيا المليء بثروات معدنية هائلة غير معروف إلى حد كبير
فمنذ عام ١٩٩٧ لقى ١٠ ملايين شخص حتفهم واغتصبت ٥٠٠ ألف امرأة، ودُمرت ١١٠ آلاف كيلومتر مربع من الغابات فى الكونغو بسبب الاستغلال غير القانونى للموارد التعدينية ومنذ عام ١٩٩٤ شهدنا الغزو الخفى للكونغو على يد ميليشيات تابعة لقوات بول كاجامى رئيس رواندا الذى دعمه فى البداية الرئيس بيل كلينتون ثم ساركوزي.
بول كاجامى هذا الرجل القوى الذى تدرب فى الولايات المتحدة ويخدم مصالح واشنطن على أفضل وجه ليس فقط فى جمهورية الكونغو الديمقراطية ولكن أيضًا فى جمهورية أفريقيا الوسطى فى الكونغو برازافيل وفى دول وسط أفريقيا حيث الصراع بين الغرب والصين. ولا شك أن روسيا نهمة فى السيطرة على الموارد الاستراتيجية هناك وهكذا يقوم المفترسون بتقطيع جمهورية الكونغو الديمقراطية ونهب ثرواتها.
وقد اندلعت حرب كيفو فى عام ١٩٩٦ فى أعقاب انتفاضة التوتسى الكونغوليين المعروفين باسم البانيامولينجو والتى استغلها بول كاجامى صاحب النفوذ والذى تدعمه الولايات المتحدة وبريطانيا. منذ عام ١٩٩٤ يستقبل شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية العديد من اللاجئين الهوتو الفارين من غضب وانتقام التوتسى الذين وصلوا إلى السلطة.
وقد كان المارشال موبوتو مازال فى الحكم ٠ وعلى الرغم من الانتهاكات العديدة الناجمة عن طغيانه ظل حليفًا مخلصًا لفرنسا وعاملا للاستقرار.
وقد قام تشارلز أونانا فى كتابه "الهولوكوست فى الكونغو، أوميرتا المجتمع الدولي"، الذى نشرته L'Artilleur عام ٢٠٢٣ بتوثيق تورط واشنطن فى مذابح اللاجئين على يد القوات الرواندية ولكن من سيحاسب بول كاجامى حليف واشنطن؟ كيف وواشنطن تنكر كل هذه الحقائق حفاظا على مصالحها وبأى ثمن وغنى عن القول أن تعيين الجنرال كاباريبى حصل على تأييد البنتاجون.
وكانت الحروب الماضية شأنها شأن حروب اليوم تمثل جزءا من التنافس الأمريكى الفرنسى فى أفريقيا. وبذلك تكون أمريكا هى التى منعت آنذاك تجديد بطرس بطرس غالى الناطق بالفرنسية أمينًا عامًا للأمم المتحدة. وأخيرًا، فإن فرنسا التى تفاوضت على عودتها إلى قيادة حلف شمال الأطلسى مقابل إنشاء الدعامة الجنوبية للمنظمة فى البحر الأبيض المتوسط تعرضت فى نهاية المطاف للطرد بازدراء من جانب واشنطن.
أوليفييه دوزون: مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. يتناول فى مقاله، قرار تعيين الجنرال كاباريبى وزيرا للتعاون فى رواندا، وعلق على ذلك بقوله إن "ظل واشنطن يلوح فى الأفق".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: رواندا ظل واشنطن أوليفييه دوزون تعیین الجنرال
إقرأ أيضاً:
معارك عنيفة واستهداف سفارات غربية.. ما الذي يجري في الكونغو الديمقراطية؟
عرفت الكونغو الديمقراطية، الثلاثاء مظاهرات عنيفة، أقدم خلالها متظاهرون غاضبون على مهاجمة سفارات عدة دول غربية وإفريقية بينها فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية، ورواندا و أوغندا.
واندلعت هذه المظاهرات الغاضبة، احتجاجا على سيطرة حركة "إم 23" على مدينة غوما الإستراتيجية شرق الكونغو الديمقراطية".
وتجمع المحتجون في نقاط مختلفة في كينشاسا للتنديد بحصار حركة "إم 23" لمدينة غوما، والدعم المزعوم الذي تقدمه رواندا للحركة.
وتتهم الكونغو الديمقراطية، رواندا، بدعم "حركة 23 مارس" (M23) ومحاولة احتلال أراضيها الغنية بالمعادن مثل الذهب وغيره.
وتصاعدت خلال الأيام الأخيرة حدة المعارك بين الجيش الكونغولي ومسلحي الحركة الذين تمكنوا من توسيع مناطق سيطرتهم في شمال كيفو، قبل أن تعلن الحركة اليوم الثلاثاء سيطرتها على كامل مدينة غوما الإستراتيجية بعد قتال عنيف.
استدعاء سفير رواندا
وكانت الكونغو الديمقراطية استدعت أمس دبلوماسييها في رواندا، إثر احتدام المعارك في الشرق الكونغولي بين الجيش ومتمردي حركة "أم23" التي تتهم رواندا بدعمها.
وتزامنت هذه الخطوة مع تصريح للمتحدث باسم الجيش الكونغولي سيلفان إيكينجي، قال فيه إن رواندا "مصممة على الاستيلاء على مدينة غوما"، وإن الجيش مصمم كذلك على "صد العدو".
وعلى إثر التطورات الميدانية المتلاحقة بالشرق الكونغولي، اندلعت مظاهرات غاضبة بعدة مدن في الكونغو الديمقراطية، أحرقوا خلالها مداخل سفارات دول غربية، ودول إفريقية يتهمونها بدعم المتمردين.
في غضون ذلك دعا الاتحاد الإفريقي إلى "وقف فوري" للمعارك بشرق الكونغو، وحض الطرفين المتقاتلين على "الالتزام الصارم بوقف إطلاق النار" الذي اتفقا عليه في وقت سابق.
ومن جانبه دعا الاتحاد الأوروبي حركة "أم23" إلى "وقف تقدمها والانسحاب فورا"، وذلك في بيان وقعته دول الأعضاء السبع والعشرون.
"تحديات لا يمكن تصورها"
وفي خضم هذا التصعيد واستمرار القتال العنيف في مدينة غوما الكونغولية ومحيطها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء وضع المدنيين المحاصرين وسط النيران المتبادلة، والذين قالت إنهم يواجهون "تحديات لا يمكن تصورها" مع فرار مئات الآلاف من العنف، بما في ذلك 700 ألف شخص كانوا يعيشون في مخيمات النازحين على مشارف المدينة.
وقال قال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، يانس لاركيه، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن زملاءه في المدينة أبلغوا عن وجود "العديد من الجثث في الشوارع".
وقال لاركيه إن المستشفيات في غوما أصبحت مثقلة بتدفق الجرحى، كما تعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وانقطعت خدمة الإنترنت.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، شيلي ثاكرال، إن الأسر التي تفر من القتال "تواجه تحديات لا يمكن تصورها".
وأضافت: "كل خطوة من رحلتهم محفوفة بالمخاطر، الطرق مسدودة والموانئ مغلقة وأولئك الذين يعبرون بحيرة كيفو يخاطرون بحياتهم في قوارب مؤقتة، وقد تم إفراغ بعض مواقع النازحين داخليا حيث كان القتال أكثر عنفا".
من جهتها قالت الدكتورة أدلهيد مارشانج، منسقة الاستجابة الطارئة لأزمة جمهورية الكونغو الديمقراطية لدى منظمة الصحة العالمية، إن مئات الأشخاص في المستشفيات حاليا، ومعظمهم مصابون بطلقات نارية وشظايا، مما يزيد خطر الإصابة بعدوى ثانوية بشكل كبير.
ماهي حركة "أم23"؟
هي حركة مسلحة متمردة تنشط في المناطق الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية وبالأخص في مقاطعة كيفو التي تحد كل من أوغندا ورواندا.
تأسست هذه الحركة سنة 2012 على يد منشقين على الجيش الكونغولي، بحجة أن الحكومة المركزية في العاصمة كينشاسا لم تف بالتزاماتها معهم وفقا لاتفاقية سلام أبرمتها معهم عام 2009 وأنهوا بموجبها تمردهم وانضموا إلى القوات المسلحة للبلاد.
وتمكنت الحركة خلال السنوات الأخيرة من السيطرة على العديد من المناطق في الكونغو الديمقراطية، خصوصا في شرق البلاد الذي تنتج مناجمه كميات كبيرة من الذهب، بالإضافة إلى العديد من المعادن الأخرى.
وتقول الحركة، إنها تدافع عن مصالح التوتسي خاصة ضد مليشيات الهوتو العرقية مثل القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي أسسها الهوتو الذين فروا من رواندا بعد مشاركتهم في حملة إبادة جماعية عام 1994 لأكثر من 800 ألف من التوتسي.
دعوة للتفاوض
ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية على العودة إلى التفاوض لإرساء السلام.
وخلال انعقاد جلسة مجلس الأمن، أدانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ما وصفته بدعم رواندا لتقدم المتمردين من حركة 23 مارس. وتنفي كيجالي منذ وقت طويل دعمها للحركة.
وقال المجلس في بيانه إنه "يندد بالتجاهل الصارخ المستمر لسيادة جمهورية الكونغو الديمقراطية وسلامة أراضيها بما في ذلك الوجود غير القانوني لقوات خارجية في شرق البلاد".
وقال المجلس إنه "يشعر أعضاء مجلس الأمن بقلق بالغ إزاء استمرار حدوث أنشطة تشويش وتزييف على نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس) لدعم عمليات حركة 23 مارس في منطقة نورث كيفو ما يمثل خطرا وشيكا على سلامة الطيران المدني ويؤثر سلبا على توصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين من السكان".