لجريدة عمان:
2024-10-05@05:38:17 GMT

الوعد والخطر فيما يتعلق بإزالة الكربون

تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT

إن من الأهمية بمكان من أجل الحد من الاحتباس الحراري العالمي بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية أن نعمل على إزالة الكربون من العالم أجمع، ولكن الضغط على الاقتصادات الناشئة لحملها على الوصول إلى صافي صفر انبعاثات بسرعة أكبر مما ينبغي قد يؤدي إلى زيادة الديون المقومة بالدولار والتقلبات المالية في مختلف أنحاء العالم النامي علمًا أنه حتى نتمكن من دمج هذه البلدان في جهود إزالة الكربون، فإن هذا يتطلب استراتيجية دقيقة ومتنوعة.

لقد اقترح صنّاع السياسات والباحثون وبعضهم من البلدان النامية طيلة العام الماضي حلولا لهذه المعضلة، وبينما يجتمع زعماء العالم لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش في الفترة من التاسع إلى الخامس عشر من أكتوبر، فإن ثلاثة مقترحات على وجه الخصوص تستحق المناقشة الجادة.

وعلى الرغم من أن الاقتصادات الناشئة والنامية لم تسهم إلا قليلا في أزمة المناخ، فإن انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون تتزايد بسرعة، ولتحقيق النمو الاقتصادي الذي يتوقعه مواطنوها والبقاء ضمن حدود ميزانياتها الكربونية والتحوّل بعيدا عن الوقود الأحفوري، يتعيّن على هذه البلدان أن تقوم باستثمارات كبيرة في التقنيات الخضراء على أن يتم تمويلها بشكل أساسي من خلال تدفقات رأس المال الدولية. يتوقع تقرير الاستثمار العالمي لعام 2023 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن البلدان النامية سوف تحتاج إلى 1.7 تريليون دولار من الاستثمارات السنوية لتحقيق التحوّل الأخضر، وفي عام 2022 تمكنت من تأمين 544 مليار دولار فقط. إن أغلب هذا التمويل مقوم بالدولار مما يؤدي إلى تفاقم أعباء الديون التي تتحمّلها البلدان منخفضة الدخل والتي تكافح بالفعل لخدمة التزاماتها الحالية وذلك في أعقاب جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا.

إن الاعتماد على تمويل آخر بالعملة الأجنبية يعد غير عملي كذلك لأن أغلب إيرادات هذه البلدان هي بعملاتها المحلية. إن المقترحات الثلاثة التي تجري مناقشتها حاليا تكمل بعضها البعض. إن المقترح الأكثر شهرة مبادرة بريدجتاون 2، قد عملت على وضع التمويل بالعملة المحلية في صدارة المناقشات المتعلقة بالسياسات العالمية. لقد ركّزت مبادرة بريدجتاون الأصلية -التي دعمتها رئيسة وزراء بربادوس ميا أمور موتلي ومستشارها في مجال المناخ الخبير الاقتصادي أفيناش بيرسود- على إصدار حقوق السحب الخاصة (حقوق السحب الخاصة هي الأصول الاحتياطية لدى صندوق النقد الدولي)، ولكن الاقتراح المعدل يحث صندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف على تقديم ضمانات مدعومة تأخذ في الاعتبار مخاطر العملة التي يتم تسعيرها بشكل خاطئ، وبالتالي خفض تكاليف الاقتراض في البلدان النامية.

ويتلخص الاقتراح الثاني في توسيع نطاق الضمانات وتوفيرها إلى تي سي اكس ومقرها أمستردام وهي آلية لتجميع المخاطر والمصممة لتزويد البلدان ذات الدخل المنخفض بوسيلة فعالة من حيث التكلفة لحماية نفسها من تقلبات العملة، ويشجع الاقتراح الثالث بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية الثنائية على توحيد متطلباتها فيما يتعلق بالسيولة وذلك من خلال منصة «داخلية» تعمل بالعملات المحلية.

وعلى الرغم من أن هذه المقترحات الثلاثة مصممة لتناسب بلدان وسياقات اقتصادية مختلفة، وبتأثيرات متفاوتة إلى حد كبير على التطور طويل الأمد للعملات المحلية وأسواق رأس المال المحلية، فإنه يمكن توسيع نطاقها، وعلى سبيل المثال، تركّز مبادرة بريدجتاون على أكبر مصادر الانبعاثات في الاقتصادات الناشئة والنامية، وهذا أمر بالغ الأهمية لإبقاء درجات الحرارة العالمية أقل من عتبة 1.5 درجة مئوية، ويمكن تطبيقه أيضًا على العديد من البلدان المتقدمة.

وبالمثل وعلى الرغم من أن تي سي اكس تتعامل بشكل أساسي مع عملات أصغر حجما وأكثر تقلبا، فإن الأداة الداخلية المقترحة ستكون مصممة خصيصا بحيث تناسب البلدان التي لديها مؤسسات تتمتع بقدر كاف من النضج.

إن من الممكن توسيع هذه المجموعة لتشمل الاقتصادات الأكبر حجما والأكثر تقدما، مما يسمح بمجموعة أوسع من آليات التحوط. تفترض مبادرة بريدجتاون أن يتم فرض مبلغ مالي مقابل التحوط من مخاطر صرف العملات الأجنبية في الاقتصادات الناشئة والنامية، وفي حين أصدر أنصار المبادرة تحليلا تجريبيا مفصلا يشير إلى وجود مثل هذه المبلغ، فإن من السابق لأوانه الحديث عن تأثيره، ومع ذلك، فإن الحجة الشاملة التي تقول إن تكلفة الاستثمار في التقنيات الخضراء في هذه البلدان هي أكبر بكثير مقارنة بالاقتصادات المتقدمة هي حجة مقنعة لا يمكن إنكارها. تعتمد استراتيجية تي سي اكس على عدم وجود ارتباط بين العملات المختلفة. وبطبيعة الحال، كلما زاد عدد العملات التي تقوم تي سي اكس بإدخالها، زادت فوائد التجميع.

وعلى النقيض من ذلك، ينبع الأساس المنطقي الاقتصادي للمنصة الداخلية من التخفيض المتوقع في تكاليف التحوط عندما يتمكن الوسطاء من الوصول إلى العملات المحلية، وعلى الرغم من أن القدرة على توسيع هذا النهج لا تزال غير مؤكدة، فإن هناك إمكانية لتحقيق اقتصاديات التوسع نتيجة للحجم.

يتعيّن على المجتمع الدولي من أجل تجنب أي انهيار مالي أن يساعد البلدان الناشئة والنامية في إدارة تدفقات رأس المال الضخمة، ولا بد من الجمع بين المقترحات الثلاثة وبين الجهود المتجددة لتعزيز المؤسسات والأسواق المحلية كما من الممكن أن تعمل الآلية الداخلية، على عكس الاقتراحين الآخرين، على تعزيز هذا الهدف من خلال العمل في شراكة مع البنوك المركزية والمقرضين التجاريين.

لقد أدت الطبيعة الملحّة لأزمة المناخ وبروزها على المستوى العالمي إلى وجود فرصة فريدة لتعزيز هذه الأجندة. إن تعزيز قدرة البلدان النامية على حشد المدخرات المحلية وتحقيق الاستقرار في تقلبات العملة من شأنه أن يسفر عن فوائد تمتد إلى ما هو أبعد بكثير من تحقيق صافي صفر انبعاثات.

علاوة على ذلك، فإن الآلية الداخلية المقترحة، والتي من شأنها أن تسهل زيادة التنسيق بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، تتوافق مع الهدف الأوسع المتمثل في تبسيط النظام المالي الدولي، وفي الوقت الحالي، تعاقب وكالات التصنيف الائتماني بنوك التنمية متعددة الأطراف بسبب افتقارها إلى القدرة على الوصول إلى نفس إجراءات الدعم في حالة نقص السيولة والتي تتمتع بها البنوك التجارية. ولكن من خلال تنسيق إدارة السيولة، يستطيع المقرضون من المؤسسات متعددة الأطراف زيادة قدرتهم على الإقراض بشكل كبير.

وعلى الرغم من أن تطوير أسواق العملة المحلية ورأس المال كان محدودا حتى الآن، فإن هناك سببا يجعلنا نشعر بالأمل. لقد أثرت الصدمات الأخيرة التي تعرّض لها النظام الدولي على الاقتصادات الناشئة بشكل أقل حدة من الأزمات السابقة، مما يشير إلى قدر أكبر من المرونة على مستوى الاقتصاد الكلي. ومع ذلك، أثار ارتفاع مستويات الديون مخاوف جديدة، وخاصة في البلدان الأكثر عُرضة لآثار تغيّر المناخ.

إن تعزيز مرونة هذه الاقتصادات أمر بالغ الأهمية، ليس فقط لاستقرار النظام المالي العالمي، بل وأيضا للحفاظ على زخم مكافحة تغير المناخ.

ريك بيرجلوف كبير الاقتصاديين بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاقتصادات الناشئة البلدان النامیة هذه البلدان من خلال

إقرأ أيضاً:

دعم شعبي عربي كامل للفلسطينيين.. ومطالبات بإنهاء التطبيع

القاهرة «أ.ف.ب»: بعد سنة على اندلاع الحرب في قطاع غزة، لم يخفت الدعم الشعبي الثابت للفلسطينيين في البلدان العربية، لكن دون أن يقترن بقرارات أو بخطوات موازية من جانب حكومات هذه الدول التي يطالبها المتضامنون بقطع علاقاتها مع إسرائيل.

على المستوى الرسمي، تجمع الدول العربية على إدانة الرد الإسرائيلي على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 من أكتوبر 2023.

لكن الحرب المستمرة في غزة والمتمددة إلى لبنان لم تسفر عما هو أبعد من الانتقادات العلنية، باستثناء قرار السعودية رفض أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل من دون إقامة الدولة الفلسطينية.

كذلك، لا يشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة سوى الوسيطين التقليديين مصر وقطر.

وجاء الرد الأقوى في المنطقة الثلاثاء من طرف إيران التي شنّت هجومًا صاروخيًا على إسرائيل.

قبل فترة قصيرة، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: «السؤال المطروح هو هل إلغاء اتفاقية السلام يخدم فلسطين ويخدم الأردن، نحن لا نعتقد ذلك»، رغم إقراره أن الاتفاقية الموقعة عام 1994 «باتت وثيقة يملأها الغبار».

في المقابل، ترتفع الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية في الشارع، وتجمع التظاهرات على اعتبار «فلسطين أمانة»، كما يردد المتظاهرون في البحرين والمغرب اللذين طبعًا على غرار الإمارات والسودان في علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل منذ أواخر عام 2020 برعاية أمريكية.

في الرباط، يوضح عضو (مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين) رشيد فلولي أن المغرب شهد منذ بدء الحرب في غزة حوالي 5 آلاف تظاهرة، إضافة إلى عدة مسيرات وطنية للتضامن مع فلسطين والمطالبة بإسقاط اتفاق التطبيع.

«كابوس»

يعد فلولي الذي يتظاهر مرتين في الأسبوع بالرباط، أن المكسب الأهم يتمثل في حشد «جيل جديد» مؤيد للقضية الفلسطينية.

يقول الباحث في معهد دول الخليج العربية بواشنطن حسين إبيش: إن الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل «كانت لديها أسباب لذلك، وهذه الأسباب لا تزال قائمة».

من جهته، يؤكد مدير منطقة شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ريكاردو فابياني وجود الكثير من المصالح التي تحول دون تغيير الوضع، مثل اتفاقيات التعاون الأمني والدعم الدبلوماسي ونقل التكنولوجيا العسكرية فضلا عن الاستفادة من الدعم الأمريكي.

ويتابع: «هناك أيضا مسألة عدم التراجع أمام الضغوط الشعبية، التي قد تشكل سابقة خطرة بالنسبة لجزء غير يسير من تلك البلدان».

ويرى حسين إبيش أن «كابوس» المنطقة يتمثل «بعودة ظهور كل المطالب التي رفعت خلال الربيع العربي والتي لم تتم الاستجابة لها».

ويوضح «المعادلة هي أن قمع (الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين) سيعطي الكلمة لأولئك الذين يمكن أن يطرحوا قضايا سوء الإدارة والمعاملة القاسية وغياب دولة القانون والبطالة».

ويعتبر أن ثمة انفصالًا إلى حد كبير بين الشعوب ومسارات صنع القرار التي تظل مغلقة من طرف القادة، بحيث لا يبقى أمامها سوى التعبير عن «عواطفها» إزاء الحرب، رافضًا في الوقت نفسه فكرة وجود «شارع عربي» موحد، ويخلص إلى أن السلطات «قررت أن السماح بالتظاهرات يتيح تنفيس الضغط ويعد أكثر أمانًا».

«أجيال جديدة»

يتخذ التضامن مع الفلسطينيين أشكالًا أخرى، في مصر، وهي أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل في العام 1979، يعبر عن هذا التضامن من خلال حملة لمقاطعة الشركات التي تعتبر داعمة لإسرائيل، بينما تم تفريق تظاهرات في الشارع بسرعة العام الماضي.

في هذا الصدد، طرح مؤيدون للقضية الفلسطينية تطبيقًا يحمل على الهاتف لكشف ما إذا كانت السلع من إنتاج إحدى الشركات التي يجب مقاطعتها. ويوضح مصممو التطبيق المسمى «قضيتي» أن «فلسطين ليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم».

يرى فابياني بقوله: إنه «من الواضح برأيي أن هذا ليس له تأثير». لكنه يستطرد: «هناك أجيال نشأت بعد الربيع العربي ولم تعرف بالتالي إمكانية التعبير بحرية عن آرائها، واليوم يتشكل لديها وعي سياسي من خلال القضية الفلسطينية».

ويضيف: «السؤال المطروح هو ما إذا كنا سنرى بروز أجيال جديدة من السياسيين في غضون 5 أو 10 أعوام في تلك البلدان».

في انتظار ذلك تتيح مواقع التواصل الاجتماعي حرية أكبر للتعبير، حيث لا يزال هاشتاج «لا ننسى» متداولا منذ عام.

مقالات مشابهة

  • احتجاز الكربون وتخزينه في بريطانيا يحظى بتمويل حكومي ضخم
  • ماكرون يحطم الأرقام القياسية فيما يتعلق بعدم الشعبية
  • زيادة الطلب على الكهرباء.. هل تشكل حلا لأزمة الصناعة الخالية من الكربون في أوروبا؟
  • دعم شعبي عربي كامل للفلسطينيين.. ومطالبات بإنهاء التطبيع
  • الحكومة اليمنية توجه طلباً للمجتمع الدولي يتعلق بملاحقة قادة جماعة الحوثي وتصنيفها إرهـ بياً
  • البدء بإزالة الردم عن طريق عين بعال
  • أخيرا.. أساتذة كلية الطب والصيدلة يخرجون عن صمتهم ويعبرون عن رأيهم فيما وقع ويقع بكلياتهم
  • مجلس الشورى يبارك عملية الوعد الصادق”2″ التي دكت أهدافاً عسكرية صهيونية في عمق الأراضي المحتلة
  • وزير الأشغال والنقل اللبناني: كل ما يتعلق بالوضع العسكري يخضع لموافقة الجيش
  • اليابان: الهجوم الإيراني على إسرائيل "غير مقبول"