لجريدة عمان:
2025-07-05@22:24:54 GMT

الوعد والخطر فيما يتعلق بإزالة الكربون

تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT

إن من الأهمية بمكان من أجل الحد من الاحتباس الحراري العالمي بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية أن نعمل على إزالة الكربون من العالم أجمع، ولكن الضغط على الاقتصادات الناشئة لحملها على الوصول إلى صافي صفر انبعاثات بسرعة أكبر مما ينبغي قد يؤدي إلى زيادة الديون المقومة بالدولار والتقلبات المالية في مختلف أنحاء العالم النامي علمًا أنه حتى نتمكن من دمج هذه البلدان في جهود إزالة الكربون، فإن هذا يتطلب استراتيجية دقيقة ومتنوعة.

لقد اقترح صنّاع السياسات والباحثون وبعضهم من البلدان النامية طيلة العام الماضي حلولا لهذه المعضلة، وبينما يجتمع زعماء العالم لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش في الفترة من التاسع إلى الخامس عشر من أكتوبر، فإن ثلاثة مقترحات على وجه الخصوص تستحق المناقشة الجادة.

وعلى الرغم من أن الاقتصادات الناشئة والنامية لم تسهم إلا قليلا في أزمة المناخ، فإن انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون تتزايد بسرعة، ولتحقيق النمو الاقتصادي الذي يتوقعه مواطنوها والبقاء ضمن حدود ميزانياتها الكربونية والتحوّل بعيدا عن الوقود الأحفوري، يتعيّن على هذه البلدان أن تقوم باستثمارات كبيرة في التقنيات الخضراء على أن يتم تمويلها بشكل أساسي من خلال تدفقات رأس المال الدولية. يتوقع تقرير الاستثمار العالمي لعام 2023 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن البلدان النامية سوف تحتاج إلى 1.7 تريليون دولار من الاستثمارات السنوية لتحقيق التحوّل الأخضر، وفي عام 2022 تمكنت من تأمين 544 مليار دولار فقط. إن أغلب هذا التمويل مقوم بالدولار مما يؤدي إلى تفاقم أعباء الديون التي تتحمّلها البلدان منخفضة الدخل والتي تكافح بالفعل لخدمة التزاماتها الحالية وذلك في أعقاب جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا.

إن الاعتماد على تمويل آخر بالعملة الأجنبية يعد غير عملي كذلك لأن أغلب إيرادات هذه البلدان هي بعملاتها المحلية. إن المقترحات الثلاثة التي تجري مناقشتها حاليا تكمل بعضها البعض. إن المقترح الأكثر شهرة مبادرة بريدجتاون 2، قد عملت على وضع التمويل بالعملة المحلية في صدارة المناقشات المتعلقة بالسياسات العالمية. لقد ركّزت مبادرة بريدجتاون الأصلية -التي دعمتها رئيسة وزراء بربادوس ميا أمور موتلي ومستشارها في مجال المناخ الخبير الاقتصادي أفيناش بيرسود- على إصدار حقوق السحب الخاصة (حقوق السحب الخاصة هي الأصول الاحتياطية لدى صندوق النقد الدولي)، ولكن الاقتراح المعدل يحث صندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف على تقديم ضمانات مدعومة تأخذ في الاعتبار مخاطر العملة التي يتم تسعيرها بشكل خاطئ، وبالتالي خفض تكاليف الاقتراض في البلدان النامية.

ويتلخص الاقتراح الثاني في توسيع نطاق الضمانات وتوفيرها إلى تي سي اكس ومقرها أمستردام وهي آلية لتجميع المخاطر والمصممة لتزويد البلدان ذات الدخل المنخفض بوسيلة فعالة من حيث التكلفة لحماية نفسها من تقلبات العملة، ويشجع الاقتراح الثالث بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية الثنائية على توحيد متطلباتها فيما يتعلق بالسيولة وذلك من خلال منصة «داخلية» تعمل بالعملات المحلية.

وعلى الرغم من أن هذه المقترحات الثلاثة مصممة لتناسب بلدان وسياقات اقتصادية مختلفة، وبتأثيرات متفاوتة إلى حد كبير على التطور طويل الأمد للعملات المحلية وأسواق رأس المال المحلية، فإنه يمكن توسيع نطاقها، وعلى سبيل المثال، تركّز مبادرة بريدجتاون على أكبر مصادر الانبعاثات في الاقتصادات الناشئة والنامية، وهذا أمر بالغ الأهمية لإبقاء درجات الحرارة العالمية أقل من عتبة 1.5 درجة مئوية، ويمكن تطبيقه أيضًا على العديد من البلدان المتقدمة.

وبالمثل وعلى الرغم من أن تي سي اكس تتعامل بشكل أساسي مع عملات أصغر حجما وأكثر تقلبا، فإن الأداة الداخلية المقترحة ستكون مصممة خصيصا بحيث تناسب البلدان التي لديها مؤسسات تتمتع بقدر كاف من النضج.

إن من الممكن توسيع هذه المجموعة لتشمل الاقتصادات الأكبر حجما والأكثر تقدما، مما يسمح بمجموعة أوسع من آليات التحوط. تفترض مبادرة بريدجتاون أن يتم فرض مبلغ مالي مقابل التحوط من مخاطر صرف العملات الأجنبية في الاقتصادات الناشئة والنامية، وفي حين أصدر أنصار المبادرة تحليلا تجريبيا مفصلا يشير إلى وجود مثل هذه المبلغ، فإن من السابق لأوانه الحديث عن تأثيره، ومع ذلك، فإن الحجة الشاملة التي تقول إن تكلفة الاستثمار في التقنيات الخضراء في هذه البلدان هي أكبر بكثير مقارنة بالاقتصادات المتقدمة هي حجة مقنعة لا يمكن إنكارها. تعتمد استراتيجية تي سي اكس على عدم وجود ارتباط بين العملات المختلفة. وبطبيعة الحال، كلما زاد عدد العملات التي تقوم تي سي اكس بإدخالها، زادت فوائد التجميع.

وعلى النقيض من ذلك، ينبع الأساس المنطقي الاقتصادي للمنصة الداخلية من التخفيض المتوقع في تكاليف التحوط عندما يتمكن الوسطاء من الوصول إلى العملات المحلية، وعلى الرغم من أن القدرة على توسيع هذا النهج لا تزال غير مؤكدة، فإن هناك إمكانية لتحقيق اقتصاديات التوسع نتيجة للحجم.

يتعيّن على المجتمع الدولي من أجل تجنب أي انهيار مالي أن يساعد البلدان الناشئة والنامية في إدارة تدفقات رأس المال الضخمة، ولا بد من الجمع بين المقترحات الثلاثة وبين الجهود المتجددة لتعزيز المؤسسات والأسواق المحلية كما من الممكن أن تعمل الآلية الداخلية، على عكس الاقتراحين الآخرين، على تعزيز هذا الهدف من خلال العمل في شراكة مع البنوك المركزية والمقرضين التجاريين.

لقد أدت الطبيعة الملحّة لأزمة المناخ وبروزها على المستوى العالمي إلى وجود فرصة فريدة لتعزيز هذه الأجندة. إن تعزيز قدرة البلدان النامية على حشد المدخرات المحلية وتحقيق الاستقرار في تقلبات العملة من شأنه أن يسفر عن فوائد تمتد إلى ما هو أبعد بكثير من تحقيق صافي صفر انبعاثات.

علاوة على ذلك، فإن الآلية الداخلية المقترحة، والتي من شأنها أن تسهل زيادة التنسيق بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، تتوافق مع الهدف الأوسع المتمثل في تبسيط النظام المالي الدولي، وفي الوقت الحالي، تعاقب وكالات التصنيف الائتماني بنوك التنمية متعددة الأطراف بسبب افتقارها إلى القدرة على الوصول إلى نفس إجراءات الدعم في حالة نقص السيولة والتي تتمتع بها البنوك التجارية. ولكن من خلال تنسيق إدارة السيولة، يستطيع المقرضون من المؤسسات متعددة الأطراف زيادة قدرتهم على الإقراض بشكل كبير.

وعلى الرغم من أن تطوير أسواق العملة المحلية ورأس المال كان محدودا حتى الآن، فإن هناك سببا يجعلنا نشعر بالأمل. لقد أثرت الصدمات الأخيرة التي تعرّض لها النظام الدولي على الاقتصادات الناشئة بشكل أقل حدة من الأزمات السابقة، مما يشير إلى قدر أكبر من المرونة على مستوى الاقتصاد الكلي. ومع ذلك، أثار ارتفاع مستويات الديون مخاوف جديدة، وخاصة في البلدان الأكثر عُرضة لآثار تغيّر المناخ.

إن تعزيز مرونة هذه الاقتصادات أمر بالغ الأهمية، ليس فقط لاستقرار النظام المالي العالمي، بل وأيضا للحفاظ على زخم مكافحة تغير المناخ.

ريك بيرجلوف كبير الاقتصاديين بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاقتصادات الناشئة البلدان النامیة هذه البلدان من خلال

إقرأ أيضاً:

تعهد أمريكي بإزالة سوريا من قوائم الإرهاب.. نخبرك قصتها كاملة

يطرح التعهد الأمريكي بمراجعة "قوائم الإرهاب" في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بشأن سوريا، تساؤلات حول هذه القوائم وتاريخ تأسيسها والدول التي تصنفها واشنطن "راعية للإرهاب"، إلى جانب الدول التي أزالتها من القائمة على مدار السنوات الماضية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس إنّ الوزير مارك روبيو تعهد خلال اتصال مع نظيره السوري أسعد حسن الشيباني، بالنظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات لمراجعة قوائم الإرهاب الأمريكية، وتلك التابعة للأمم المتحدة فيما يتعلق بسوريا.

بدأت الولايات المتحدة إصدار قائمة أطلقت عليها "الدول الراعية للإرهاب" في 29 كانون الأول/ ديسمبر 1979، وضمت حينها عددا من الدول العربية، وهي: العراق واليمن الجنوبي وسوريا وليبيا.

وتدعي وزارة الخارجية الأمريكية أن هذه القائمة تضم دولا تقدم بشكل متكرر الدعم لأعمال "الإرهاب" الدولي، وتفرض على الدول المدرجة في القائمة عقوبات صارمة أحادية الجانب.

سوريا الدولة الوحيدة من القائمة الأصلية لعام 1979
تعود إضافة سوريا إلى القائمة الأمريكية في 29 ديسمبر 1979، أي منذ إصدارها من قبل الولايات المتحدة، وهي الدولة الوحيدة من القائمة الأصلية التي بقيت بعد إزالة ليبيا عام 2006، وفقا لتقارير الدول حول "الإرهاب" الصادر عام 2013.



وصنفت الولايات المتحدة النظام السوري برئاسة بشار الأسد عام 1979 كدولة "راعية للإرهاب"، بسبب دعمه لمجموعة متنوعة من الجماعات التي وصفتها بـ"الإرهابية"، والتي كانت تؤثر على استقرار المنطقة وتسببت في اضطرابات كبيرة.

كانت تقصد الولايات المتحدة بالجماعات التي تدعمها سوريا آنذاك حزب الله، عبر تقديم الدعم السياسي والسلاح للحزب، إضافة على السماح لإيران بإعادة تسليح الحزب.

الدول الحالية
إلى جانب سوريا تقع إيران ضمن القائمة الأمريكية، وجرى إضافتها في 19 كانون الثاني/ يناير لعام 1984، وسبقها كوبا التي تم إضافتها في 1 آذار/ مارس لعام 1982، وجرى إزالتها في 2015.

⬛ عام 1988 تم إضافة كوريا الشمالية للقائمة، ومن ثم السودان عام 1993، فيما تم إزالة اليمن الجنوبي من القائمة عام 1990، وتبعه العراق عام 2004، وليبيا عام 2006، ثم كوريا الشمالية عام 2008، والسودان عام 2020.

⬛ بحال إزالة سوريا من القائمة الأمريكية فإن إيران ستبقى وحيدة فيها منذ إضافتها عام 1984، وذلك بسبب دعمها للجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة وحزب الله.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بزيادة تواجدها في أفريقيا، ومحاولة تهريب الأسلحة إلى جماعة الحوثي اليمنية، والمعارضين في البحرين، إضافة إلى استخدام فيلق القدس التابع للحرس الثوري لتنفيذ أهداف سياستها الخارجية، وتوفير غطاء لعملياتها الاستخباراتية.

⬛ خلال السنوات الأخيرة وتحديدا في ولاية الرئيس السابق جو بايدن، ناقشت الولايات المتحدة مسألة إضافة روسيا إلى قائمة الدول الراعية لـ"الإرهاب، بسبب حربها على أوكرانيا تحت حكم فلاديمير بوتين.

مقالات مشابهة

  • ‏المبعوث الأمريكي توم براك: هذه لحظة تاريخية لتجاوز الطائفية المتوترة في الماضي وتحقيق الوعد الحقيقي للبنان
  • التواطؤ الدولي جعل الفاشر على حافة الهاوية.. تجمع روابط دارفور يحذر
  • التنمية المحلية: برنامج «مشروعك» من أنجح المبادرات التنموية التي أطلقتها الدولة
  • وقود الطائرات يحرق البيئة.. الجيش الأمريكي أكبر مصدر لـ«انبعاثات الكربون» في العالم
  • فيما يحتاج العالم إلى الحكماء يحكمه القساة
  • تعهد أمريكي بإزالة سوريا من قوائم الإرهاب.. نخبرك قصتها كاملة
  • واشنطن تبدأ بإزالة القيود على الصين.. وبكين تدعو لتصحيح المسار التجاري
  • رئيس الشعب الجمهوري: اتفقنا على أمور تنسيقية ومعايير مهمة فيما يخص القائمة الوطنية
  • بعد تفوقها على تسلا وجنرال موتورز وفولكسفاغن.. شركات السيارات الصينية تتنافس فيما بينها
  • وزراء الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والتخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والتنمية المحلية ومحافظ مطروح يفتتحون المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين والمستثمرين بجهاز مدينة العلمين الجديدة