بقلم/ عبدالرحمن الراشد
في تلك السنة ، كان الإسرائيليون شامتين بالاقتتال بين «حماس» والسلطة الفلسطينية في غزة، الذي دام 3 أشهر. فيه مات مئات في قتال الإخوة، وسيطرت الحركة على كامل القطاع. طردت منسوبي فتح إلى رام الله. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية صور أفراد منهم بملابسهم الداخلية في الشوارع بعد هروبهم متجهين إلى الضفة الغربية.
لإسرائيل، كان الوضع مريحاً جداً. فلسطينيون ينشغلون عنها بالاقتتال، وبدلاً من دولتين فلسطينية وإسرائيلية، صارت هناك دويلتان فلسطينيتان متقاتلتان. انهارت حكومة فلسطين الموحدة، وعيّنت «حماس» قضاتها وشرطتها، وسمّت إسماعيل هنية رئيس وزرائها، وسمّت سلطة رام الله سلام فياض رئيس حكومتها. الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي دعموا رام الله، وإيران موّلت جماعة غزة. ترسخ الانفصال، وتبخر حلم الدولة الفلسطينية بعد ذلك اليوم.
انقلبت حياة الفلسطينيين هناك إلى بؤس دائم مع إغلاق المعابر، وتعطلت سبل العيش. حُفرت الأنفاق وتوغلت إيران في القطاع، وصارت تربي جماعات لها، تؤدب بعضهم ببعض، وتجهزهم لحاجاتها.
رغم وجود سلطة «حماس»، فإن وضع الفراغ، الذي دعمته إسرائيل بشكل غير مباشر، بعدم تمكينها السلطة الشرعية من عودتها وبسط نفوذها في غزة. ولا ننسى أنه قبل هيمنة «حماس» بـ5 سنوات، كانت إسرائيل قد دمرت قدرات السلطة الوليدة في بيت لحم ورام الله، بدلاً من أن تعززها.
غزة أصبحت منذ عام 2007 في فراغ إلا من تنظيم عسكري يتنافس مع «الجهاد» ولا يعترف به. والفراغ، كما في ليبيا واليمن ولبنان، وكذلك أفغانستان، هو العدو الأول للاستقرار، يهدد المحيط، وليس أهل غزة أو إسرائيل فقط. عدد من منفذي العمليات المسلحة ضد مصر في سيناء تسللوا من غزة، حتى «حماس» لم تعد صاحبة السلطة المهيمنة بظهور «الجهاد الإسلامي» وجماعات من «القاعدة».
إن كانت إسرائيل تطمح إلى استقرارها فستحتاج إلى أن تعيد النظر في سياستها المعطلة لوعد أوسلو بالدولة الموعودة، وأن تعيد تعاملها مع السلطة الفلسطينية، ولن يكون هناك سلام واستقرار من دون حكومة شرعية فلسطينية، تملك سلطات حقيقية وممكنة من المجتمع الدولي.
في خضم الحرب الحالية، الأعين على «حماس» وإسرائيل، في حين تجلس السلطة الفلسطينية مع المتفرجين. الحقيقة أن تعطيل حكومة رام الله وإضعافها وراء نمو «حماس» و«الجهاد» في غزة، وكذلك في الضفة الغربية.
منذ الانقسام، انكمشت السلطة بقدراتها ووظائفها وتأثيرها. خنق السلطة الفلسطينية يهدف إلى منع قيام دولة لهم، مع الحد من نفوذهم في المناطق الأقل من المتفق عليها في أوسلو (نفوذ السلطة على ألف كيلومتر مربع فقط، من أكثر 5 آلاف كيلومتر في اتفاق أوسلو، لا تزال خارج صلاحيتها، إضافة إلى قطاع غزة). بإضعاف قيادات السلطة لا يمكن أن يتوقع منهم بسط سلطتهم وتحمل مسؤوليتهم. سلامة إسرائيل مشروطة بأمن المناطق الفلسطينية، مثل كل دول العالم، عليها أن تمكن الفلسطينيين من إدارة شؤون مناطقهم، ما يتطلب دعم السلطة وبناء إمكاناتها وتأهيل قدراتها على سنوات.
لا تستطيع إسرائيل أن تفعل ما فعله نظام الأسد وتبعد مليونين ونصف المليون فلسطيني إلى مصر، البلد الوحيد المجاور. ولن تتحمَّل إغلاقَه سنوات إضافية، تحت سلطة «حماس» و«الجهاد».
نقلاً عن الشرق الاوسط
المصدر: سام برس
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة رام الله
إقرأ أيضاً:
إدارة ترامب توقف تمويل أمن السلطة الفلسطينية بشكل كلي
أفادت وسائل إعلامية أميركية بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوقفت بشكل كلي تمويل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.
اقرأ ايضاًونشرت صحيفة "واشنطن بوست" اليوم الأربعاء تقرير يفيد بأن "إدارة ترامب أوقفت بالكامل تمويل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وفلسطينيين".
وتواجه السلطة الفلسطينية "وقتا صعبا في الحفاظ على سيطرتها في مناطق متفرقة بالضفة الغربية"، مشيرة، الصحيفة الأميركية، إلى أن إيقاف التمويل عن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية يأتي في "وقت حرج" في ظل سعيها لتعزيز دورها في حكم غزة بعد الحرب.
المرة الأولى
وبحسب تقرير الـ "واشنطن بوست" فإن إيقاف التمويل لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية يسجل للمرة الأولى، إذ أوقفت واشنطن آخر مساعدة مباشرة للسلطة خلال فترة ولاية ترامب الأولى لكنها استمرت في تمويل التدريب والإصلاح لقوات الأمن.
قيمة المساعدات الأمريكية للسلطة؟
تتفاوت قيمة المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية تبعا للسياسات الأمريكية والظروف الاقتصادية والسياسية، والتي تكون مشروطة بالتزام السلطة الفلسطينية باتفاقيات السلام.
اقرأ ايضاًومنذ توليه فترته الرئاسية الثانية، في أواخر كانون الثاني يناير الماضي، يهدد ترامب بوقف المساعدات الأميركية، خاصة مصر والأردن، ضمن خطته الرامية إلى "تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة" إلى دول مجاورة.
والمساعدات الأمريكية إحدى أكبر المنح التي تتلقاها السلطة الفلسطينية، وتشمل دعما ماليا مباشرا، إضافة إلى تمويل مشاريع تنموية وإنسانية عبر وكالات مثل USAID.
ويبلغ إجمالي المساعدات السنوية يتراوح بين 200 إلى 300 مليون دولار، مع تركيز على مشاريع إنسانية وتنموية.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن