وجّه جلالة السلطان حفظه الله ورعاه بإيجاد سياسة وطنية للقيمة المحلية المضافة، إيذانا بتركيز العمل على هذا الجانب المهم جدا، واستشرافا بتعاظم فوائد هذه السياسة.

عندما نسمع عن دول ليس لها موارد طبيعية كسنغافورة أو اليابان، لكنها استطاعت أن تحقق نهضة اقتصادية واجتماعية كبيرة جدا، فإنها انطلقت من استراتيجيات وسياسات للقيمة المحلية المضافة.

مؤخرا أوصى المشاركون في الدورة الرابعة من منتدى عُمان للقيمة المحلية المضافة بتبني استراتيجية وطنية للقيمة المحلية المضافة تندرج تحتها شتى البرامج والخطط والسياسات في بوتقة واحدة، من أجل تعظيم الاستفادة من الرؤى والأطروحات ، داعين في الوقت نفسه إلى إرساء قواعد جديدة لبرامج القيمة المحلية المضافة لضمان تعزيز الإنتاج وتحفيز التوسُّع.

حاليا لدينا برامج متفرقة في عدد من الوحدات والشركات الحكومية، وخاصة تلك التي يتصل نشاطها بالنفط والغاز، كشركة أوكيو أو وزارة الطاقة والمعادن أو شركة دليل أو غيرها.

لدينا مواد خام ونفط وغاز ومعادن وأسماك وكائنات بحرية وربما منتجات زراعية

تصدر بثمن زهيد، ولا يستفيد منها الوطن، لأنها تخرج من دون أي قيمة مضافة، ولا تحقق أي قيمة محلية قبل أن تخرج.

ناهيك عن ثروات مهدورة مثل كميات المياه الهائلة التي تخرج مع النفط، أو

الملح الذي لا يستفاد منه عند تحلية مياه البحر، أو الكميات الهائلة من تمر

الباطنة الذي يستهلك طعاما للحيوانات «نفيعة»، أو مئات الأطنان من مخلفات النخيل والحصاد التي تحرق يوميا في مزارع البلاد، أو النفايات التي تخرج وتحقق أرباحا لمن يصدرها بمئات ملايين الريالات. فإذا بحثنا، ستطول القائمة

كثيرا.

ما يزال جهاز الاستثمار العماني يحقق أرباحا كبيرة جدا لاستثماراته داخل البلاد، وهذا لا يتحقق في الاستثمار خارج البلاد «محفظة الأجيال». وهذه علامة فارقة تدعونا للتأمل، وإلى سرعة وضع سياسة وطنية للقيمة المحلية المضافة، وأن يكون جهاز الاستثمار على رأس من يعمل في هذا الاتجاه بجميع شركاته، فلا يمكن أن يغطي برنامج (قمم) لوحده عشرات من الشركات الكبيرة المنضوية تحت الجهاز.

د. طاهرة اللواتية عضوة مجلس الشورى وإعلامية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: للقیمة المحلیة المضافة

إقرأ أيضاً:

استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة

هل يبدو مصطلح “الإنتاجية السامة” مألوفًا؟ إنه ببساطة ربط القيمة الذاتية بما نحققه من إنجازات ملموسة. في مجتمعاتنا المعاصرة، تمجد الإنجازات التي تقاس بالرواتب، الترقيات، والممتلكات المادية، ممّا يخلق ثقافة تمجد العمل الزائد، وتشجب الراحة والتوقف للتأمل.

النتيجة؟ إرهاق دائم، شعور بعدم الأمان، وفقدان المعنى الحقيقي للحياة.
إن هذا العالم الذي يدفع الإنسان للسعي المستمر نحو تحقيق المزيد، يجعلنا نطارد النجاح بوسائل تستنزفنا، ونملأ جداولنا اليومية بمهام لا نهاية لها، حتى ننسى أن نخصص وقتًا لأنفسنا. قد يبدو من الخارج أن هذه الحياة مليئة بالإنجازات، لكن الداخل غالبًا ما يكون مثقلاً بالإرهاق وعدم الرضا.

هذا هو جوهر كتاب قرأته مؤخرًا بعنوان “الإنتاجية السامة” للكاتبة إسراء ناصر. إنه كتاب يستعرض هذا المفهوم بعمق، ويبدو كأنه موجه لكل من يشعر بأنه عالق في دوامة العمل المستمر. كأن الكاتبة هنا تستشهد بمثال شائع بيننا: “معك ريال، تسوى ريال؛ معك مليون، تسوى مليون”. إن هذا المنظور يجعل الإنسان أسيرًا لإنجازاته، ويربط قيمته الذاتية بما يحققه.

الإنتاجية ليست أمرًا سيئًا في ذاتها، فهي وسيلة لتحقيق الأهداف وتنظيم الحياة. لكنها، كما هو الحال مع الطعام الصحي، يمكن أن تتحول إلى ضرر إذا زادت عن الحدّ المطلوب. حين تصبح الإنتاجية وسيلة لإثبات الذات بدلاً من تحقيق القيِّم الشخصية، تتحول إلى عبء نفسي وبدني.
تتناول الكاتبة علامات الإنتاجية السامة، وأبرزها مقارنة إنجازاتنا بإنجازات الآخرين. فالإنتاجية السامة غالبًا ما تغذيها دوافع عاطفية مثل الخجل، الكمالية، أو السعي المستمر للتقدير الخارجي. لذلك، فإن التعرف على هذه المحركات الداخلية يعد الخطوة الأولى نحو التحرر.

تدعو المؤلفة إلى إعادة تعريف النجاح وفقًا للقيِّم والأولويات الشخصية. فالنجاح لا يجب أن يُقاس بما يراه المجتمع، بل بما يتماشى مع أهدافنا ومعاييرنا الذاتية. عندما نركز على ما يهمنا حقًا ونتجاهل سباق الإنجازات الذي يخوضه الآخرون، يصبح النجاح أكثر معنى ورضا.
من أبرز الأخطاء التي تسلط الكاتبة الضوء عليها: الانشغال يعني الإنتاجية: التركيز على المهام ذات التأثير العالي أكثر فعالية من محاولة فعل كل شيء دفعة واحدة.

أيضا تعدد المهام هو الحل: العلم يثبت أن تعدد المهام يستهلك الطاقة ويقلل الكفاءة. التركيز على مهمة واحدة في كل مرة هو الخيار الأمثل.
وأخيراً إن ساعات العمل الطويلة تعني نتائج أفضل: أجسادنا تعمل وفق دورات طبيعية تحتاج إلى الراحة. العمل دون توقف يؤدي إلى تراجع في جودة الإنتاجية.

التخلص من فخ الإنتاجية السامة يبدأ بتغيير العقلية من التفكير بنقص الموارد إلى التفكير بالوفرة. عندما نعتبر الراحة جزءًا أساسيًا من الاستثمار في الذات، تصبح إنجازاتنا أكثر استدامة.
النجاح الحقيقي ليس في فعل المزيد، بل في فعل ما يهم حقًا. إنه في احترام احتياجاتنا للراحة والتجدد، وفي تحقيق التوازن بين الإنجاز والاستمتاع بالحياة. عندها فقط، يمكننا أن نزدهر بدلاً من أن نستمر في مجرد البقاء.
لنُعد تعريف النجاح ونضع معاييرنا الخاصة، لأن قيمتنا الذاتية لا تُقاس بما نحققه من إنتاج، بل بما نحياه من قيَّم ومعنى.

jebadr@

مقالات مشابهة

  • بعد 170 عاماً... كادبوري تخرج من القائمة الملكية البريطانية
  • رئيس الوزراء يستعرض عددا من التحديات التي تواجه بعض المستثمرين وسبل حلها
  • أسعار كروت الشحن وباقات الموبايل اليوم الإثنين 23 ديسمبر 2024
  • استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة
  • "جسور" يُنظم حفل تخرج لمدربين برنامج نعمة بالتعاون مع جمعية الفن للتنمية
  • "التعليم" توجه بعقد امتحانات المواد غير المضافة للمجموع قبل الأساسية لطلاب الشهادة الإعدادية
  • عصمت: دعم وتطوير وتحديث شبكة نقل الكهرباء لاستيعاب القدرات المضافة من الطاقات المتجددة
  • تنفيذ 4 برامج تدريبية يستفيد منها 124 متدرباً بالمحافظات بمركز سقارة
  • وزيرة التنمية المحلية تعلن انطلاق الأسبوع الـ21 من الخطة التدريبية للمحليات غدًا
  • انطلاق الأسبوع الـ 21 من الخطة التدريبية للمحليات غدا