الوطن:
2025-04-23@07:10:23 GMT

ناصر عبدالرحمن يكتب: أم حسين

تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT

ناصر عبدالرحمن يكتب: أم حسين

(1) تجلس أم حسين فى صالة شقتها بحى روض الفرج.. تسند ظهرها العجوز على كنبة الصالة وهى تحرك كنكة القهوة بهدوء فوق السبرتاية.. حولها نساء الحى. ما زالت تحكى أم حسين عن ابنها حسين الشهيد، وما زالت نساء الحى يتشوقن إلى سماع حكايات الشهيد التى تزيدهن حباً فى أم حسين.وجهها يزداد نوره وهى تبدأ حكاياتها عن طفولته وكيف كان صغيراً يرتدى بدلة ضابط الجيش.

كيف كان يصعد فوق هذه الكنبة وهو يرفع يده بالسيف الخشبى يحذر الأعداء من الاقتراب، وكيف كان يحب أن يقلد صوت جمال عبدالناصر، وكيف لم تشعر به إلا وهو فى كليته العسكرية.تنظر أم حسين إلى المدى وتبتسم كأنها تحدّثه.أم حسين: حبيبى يا ابنى اتأخرت عليك معلش، هاجيلك لما ربنا يأذن.هذه الجمل تحدّث بها نفسها منذ أن استشهد ابنها حسين فى حرب أكتوبر المجيدة التى أعادت للوطن هيبته، وللشعب عزته، وللجنود شرفهم، وللعرب كرامتهم.تشرد أم حسين كلما زارها خيال حسين الشهيد فتحدّثه ويحدّثها رغم مرور أكثر من أربعين سنة، وما زال حسين حياً فى عين أمه، يأتى فتصمت النساء من حولها يستمعن إلى حديث بين أم وابنها شبه يومى، حديث لا ملل فيه ولا تكرار، يزورها الشهيد فتفُسح له ليجلس بجوارها، يزورها فتشرق شمسها، اعتادت النساء على زيارات الشهيد لأمه.

(2) واعتادت على الترحيب بابنها تسأله عن أصحابه الشهداء، وتسأله عن أحواله فى جنة الخلد، تسأله ثم تصمت وهى تهز رأسها تستمع إليه بوقار مرعب.تذكُر إحدى النساء أن أم حسين ودّعت ابنها فإذا بعنقود من العنب على حجرها، فتشير إحداهن إلى عنقود العنب فتنبه أم حسين وتقوم بتوزيع عنقود العنب على النساء، تحلف على طعم العنبة التى لم تتذوق مثلها طوال حياتها لدرجة أنهن يتمنين أن يأتى الشهيد بفاكهة الجنة كما جاء بعنقود العنب.تضحك أم حسين وهى تفرد يدها ترحب بالشهيد وهى تُجلسه كعادته بجوارها، لكن هذه المرة يشحب وجه أم حسين فتكرر سؤالها على الشهيد: مالك يا حسين؟.. مالك يا ابنى؟.. فيه حاجة حصلت؟.. والنبى لتقول يا بنى. يا حسين. كده برضو، ده أنا أمك يا حسين. قول لى مالك فيه إيه؟.. إوعى يمنعوك تزور أمك. أنا عارفة إنى طوّلت عليك يا ولدى، عارفة إنى اتأخرت بس دى أعمار.. ظابط زيك فى الجيش بيقول لى إنه مسك فى نفس الكتيبة بتاعتك وإنه بيشوف صورتك مزينة الكتيبة.

(3) رُد عليّا يا حسين.. أقول لك، احكى لى عن حرب أكتوبر، احكى لى كيف عديت الضفة التانية وكيف رفعت العلم بتاعنا تانى، احكى لى عن الانتصار اللى جبته بدمك واحكى لى عن الملايكة اللى كانوا جنبك بيحاربوا معاك.. وقول لى عن التكبيرة اللى كانت بترعب الصهاينة.. أقول لك، خذنى معاك أتحايل على الملايكة يسمحولك تزور أمك.. ومالك يا ابنى مقفل ليه؟!نساء الحى ينظرن إلى أم حسين هذه المرة فى توتر، تبكى النساء حول أم حسين بلا توقف بكاء صادقاً لا صوت له وهن يتابعن يد أم حسين وهى تشير لابنها ووجهها وهو يتمايل.ترفع أم حسين وجهها إلى حسين وهى تشير برجاء وتكرار: والله لتقول لى فيك إيه مخبيه.. تتسع عين أم حسين وهى تودع ابنها فى صمت، تودع حسين الشهيد.بينما يظهر على باب الشقة ضابط فى الأربعين من عمره يسأل عن أم حسين ووجهه حزين.. بينما ترفع أم حسين وجهها للضابط وهى تشير إليه ليجلس بجوارها مكان ابنها حسين.

(4) تتابع النساء طاعة الضابط وهو يجلس فى وقار وصمت بجوار أم حسين.. الضابط لا يتحرك، يعلوه الحزن الشديد بينما تصب أم حسين القهوة إلى الضابط بهدوء وقد علت وجهها أنوار شديدة، وتنظر أم حسين إلى الضابط تخبره بأن ابنها حسين قد أخبرها بأنه استشهد فى سيناء.يفاجأ الضابط بمعرفة أم حسين لمقتل ابنها، بل تطلب منه أن يأخذها معه إلى حيث ابنها الشهيد.ترفع السيدات أصواتهن بالصراخ، فيفاجأن بصوت أم حسين حاسماً شديداً يرفض صراخهن، بل يطلب الزغاريد.تطلب أم حسين أن تحضر زوجة ابنها وأبناؤه الثلاثة حسين وعلى وأبوبكر، تطلب أم حسين حضور أولاد ابنها الشهيد.. ووسط دهشة الجميع يدخل أبناء الشهيد حسين فتخبرهم جدتهم بأنهم أبناء بطل شهيد، جدهم بطل شهيد، فهم أبناء شجرة جذورها شهداء، ثم تنظر فى حسم إليهم: من سيرتدى بدلة الشهادة.ووسط كل العيون ترتفع أيدى الأحفاد الثلاثة فى رغبة صادقة يطلبون حياة الشهادة.. ويأتى صباح جديد بعد مرور الحزن الذى يصاحب الفراق.تعود أم حسين لتجلس كعادتها على السجادة تستند ظهرها للكنبة وهى تقلب كنكة القهوة بهدوء وحولها نساء الحى تحكى لهن عن بطولة ابنها الشهيد فى حرب الكرامة، حرب أكتوبر المجيد.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نصر أكتوبر العبور العظيم أم الشهيد أم حسین

إقرأ أيضاً:

هل يجوز للأم أن تؤم ابنها الصغير في الصلاة؟ دينا أبو الخير تجيب

أجابت الدكتورة دينا أبو الخير، الداعية الإسلامية، على سؤال يقول (هل يجوز للأم أن تؤم ابنها الصغير في الصلاة جماعة بالمنزل؟

دينا أبو الخير: الإنجاب دون تخطيط مرشح للتحول إلى كارثة.. فيديولو أمك ماتت زعلانة منك ازاي تكفر عن ذنبك .. دينا أبو الخير تجيب

وقالت دينا أبو الخير، في برنامج "وللنساء نصيب" على قناة "صدى البلد"، إن الأم لها دور في تعليم أبنائها الذين لم يصلوا إلى سن البلوغ كيفية الصلاة.

وأضافت أن الأم تعلم الطفل قراءة الفاتحة وحركات الصلاة ويقف بجوارها ويتعلم منها هذه الحركات ويفعل مثلها.

وأشارت إلى أن الأم أو المرأة لا يجوز لها أن تقف إمامة في الصلاة سواء للطفل أو للرجل، منوهة أن هنا يظهر دور الأب في هذه الحالة فيقف إماما للمرأة والطفل في الصلاة.

واوضحت أن هذا الطفل من الممكن أن يقف إماما في الصلاة وخلفته أمه إذا كان متقنا لقراءة الفاتحة ومتقنا لأداء أركان الصلاة، حتى ولو لم يصل إلى سن البلوغ.

مقالات مشابهة

  • الطرابلسي يقرر إيقاف مدير مركز شرطة “صياد” بعد فضيحة تسريب ابتزاز جنسي بمكتبه
  • حسين خوجلي يكتب: أيام الله السبعة
  • الجماعة الإسلامية في لبنان تنعى القائد الشهيد حسين عطوي
  • هل يجوز للأم أن تؤم ابنها الصغير في الصلاة؟ دينا أبو الخير تجيب
  • عادل الباز يكتب: الشمول المالي: لماذا؟ وكيف؟ وبأي اتجاه؟ (1)
  • بالفيديو.. عكار تودع ابنها الشهيد محمود زيتون
  • الأطباء تتابع الحالة الصحية للطبيب محمد حسين
  • توجيه عاجل من وزير الصحة بنقله لمعهد ناصر.. تفاصيل حالة الطبيب محمد حسين
  • نائب رئيس الوزراء يتابع الحالة الصحية للطبيب «محمد حسين» ويوجه بنقله لمعهد ناصر
  • بعد استغاثته.. وزير الصحة يوجه بنقل الطبيب محمد حسين إلى معهد ناصر لتلقي العلاج