الوطن:
2024-07-04@10:58:23 GMT

ناصر عبدالرحمن يكتب: أم حسين

تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT

ناصر عبدالرحمن يكتب: أم حسين

(1) تجلس أم حسين فى صالة شقتها بحى روض الفرج.. تسند ظهرها العجوز على كنبة الصالة وهى تحرك كنكة القهوة بهدوء فوق السبرتاية.. حولها نساء الحى. ما زالت تحكى أم حسين عن ابنها حسين الشهيد، وما زالت نساء الحى يتشوقن إلى سماع حكايات الشهيد التى تزيدهن حباً فى أم حسين.وجهها يزداد نوره وهى تبدأ حكاياتها عن طفولته وكيف كان صغيراً يرتدى بدلة ضابط الجيش.

كيف كان يصعد فوق هذه الكنبة وهو يرفع يده بالسيف الخشبى يحذر الأعداء من الاقتراب، وكيف كان يحب أن يقلد صوت جمال عبدالناصر، وكيف لم تشعر به إلا وهو فى كليته العسكرية.تنظر أم حسين إلى المدى وتبتسم كأنها تحدّثه.أم حسين: حبيبى يا ابنى اتأخرت عليك معلش، هاجيلك لما ربنا يأذن.هذه الجمل تحدّث بها نفسها منذ أن استشهد ابنها حسين فى حرب أكتوبر المجيدة التى أعادت للوطن هيبته، وللشعب عزته، وللجنود شرفهم، وللعرب كرامتهم.تشرد أم حسين كلما زارها خيال حسين الشهيد فتحدّثه ويحدّثها رغم مرور أكثر من أربعين سنة، وما زال حسين حياً فى عين أمه، يأتى فتصمت النساء من حولها يستمعن إلى حديث بين أم وابنها شبه يومى، حديث لا ملل فيه ولا تكرار، يزورها الشهيد فتفُسح له ليجلس بجوارها، يزورها فتشرق شمسها، اعتادت النساء على زيارات الشهيد لأمه.

(2) واعتادت على الترحيب بابنها تسأله عن أصحابه الشهداء، وتسأله عن أحواله فى جنة الخلد، تسأله ثم تصمت وهى تهز رأسها تستمع إليه بوقار مرعب.تذكُر إحدى النساء أن أم حسين ودّعت ابنها فإذا بعنقود من العنب على حجرها، فتشير إحداهن إلى عنقود العنب فتنبه أم حسين وتقوم بتوزيع عنقود العنب على النساء، تحلف على طعم العنبة التى لم تتذوق مثلها طوال حياتها لدرجة أنهن يتمنين أن يأتى الشهيد بفاكهة الجنة كما جاء بعنقود العنب.تضحك أم حسين وهى تفرد يدها ترحب بالشهيد وهى تُجلسه كعادته بجوارها، لكن هذه المرة يشحب وجه أم حسين فتكرر سؤالها على الشهيد: مالك يا حسين؟.. مالك يا ابنى؟.. فيه حاجة حصلت؟.. والنبى لتقول يا بنى. يا حسين. كده برضو، ده أنا أمك يا حسين. قول لى مالك فيه إيه؟.. إوعى يمنعوك تزور أمك. أنا عارفة إنى طوّلت عليك يا ولدى، عارفة إنى اتأخرت بس دى أعمار.. ظابط زيك فى الجيش بيقول لى إنه مسك فى نفس الكتيبة بتاعتك وإنه بيشوف صورتك مزينة الكتيبة.

(3) رُد عليّا يا حسين.. أقول لك، احكى لى عن حرب أكتوبر، احكى لى كيف عديت الضفة التانية وكيف رفعت العلم بتاعنا تانى، احكى لى عن الانتصار اللى جبته بدمك واحكى لى عن الملايكة اللى كانوا جنبك بيحاربوا معاك.. وقول لى عن التكبيرة اللى كانت بترعب الصهاينة.. أقول لك، خذنى معاك أتحايل على الملايكة يسمحولك تزور أمك.. ومالك يا ابنى مقفل ليه؟!نساء الحى ينظرن إلى أم حسين هذه المرة فى توتر، تبكى النساء حول أم حسين بلا توقف بكاء صادقاً لا صوت له وهن يتابعن يد أم حسين وهى تشير لابنها ووجهها وهو يتمايل.ترفع أم حسين وجهها إلى حسين وهى تشير برجاء وتكرار: والله لتقول لى فيك إيه مخبيه.. تتسع عين أم حسين وهى تودع ابنها فى صمت، تودع حسين الشهيد.بينما يظهر على باب الشقة ضابط فى الأربعين من عمره يسأل عن أم حسين ووجهه حزين.. بينما ترفع أم حسين وجهها للضابط وهى تشير إليه ليجلس بجوارها مكان ابنها حسين.

(4) تتابع النساء طاعة الضابط وهو يجلس فى وقار وصمت بجوار أم حسين.. الضابط لا يتحرك، يعلوه الحزن الشديد بينما تصب أم حسين القهوة إلى الضابط بهدوء وقد علت وجهها أنوار شديدة، وتنظر أم حسين إلى الضابط تخبره بأن ابنها حسين قد أخبرها بأنه استشهد فى سيناء.يفاجأ الضابط بمعرفة أم حسين لمقتل ابنها، بل تطلب منه أن يأخذها معه إلى حيث ابنها الشهيد.ترفع السيدات أصواتهن بالصراخ، فيفاجأن بصوت أم حسين حاسماً شديداً يرفض صراخهن، بل يطلب الزغاريد.تطلب أم حسين أن تحضر زوجة ابنها وأبناؤه الثلاثة حسين وعلى وأبوبكر، تطلب أم حسين حضور أولاد ابنها الشهيد.. ووسط دهشة الجميع يدخل أبناء الشهيد حسين فتخبرهم جدتهم بأنهم أبناء بطل شهيد، جدهم بطل شهيد، فهم أبناء شجرة جذورها شهداء، ثم تنظر فى حسم إليهم: من سيرتدى بدلة الشهادة.ووسط كل العيون ترتفع أيدى الأحفاد الثلاثة فى رغبة صادقة يطلبون حياة الشهادة.. ويأتى صباح جديد بعد مرور الحزن الذى يصاحب الفراق.تعود أم حسين لتجلس كعادتها على السجادة تستند ظهرها للكنبة وهى تقلب كنكة القهوة بهدوء وحولها نساء الحى تحكى لهن عن بطولة ابنها الشهيد فى حرب الكرامة، حرب أكتوبر المجيد.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نصر أكتوبر العبور العظيم أم الشهيد أم حسین

إقرأ أيضاً:

أم تنهي حياة ابنها بسبب مرض نادر .. "قصة صادمة"

اعترافات أم بريطانية بإنهاء حياة ابنها البالغ من العمر سبع سنوات، تثير جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، إذ قامت بتزويده بـ"جرعة كبيرة من المورفين"؛ بهدف إنهاء معاناته، خلال معركته مع مرض السرطان الخبيث.

 

صرحت الأم أنطونيا كوبر البالغة من العمر 77 عامًا لـ"بي بي سي" أنها أنهت "بهدوء" حياة ابنها "هاميش" الذي كان يعاني مرضاً مميتاً، يطلق عليه اسم "ورم الخلايا العصبية"، وهو نوع نادر من السرطان يصيب الأطفال.

وأكدت “أنطونيا”  أن طفلها هاميش كان يعاني "الكثير من الألم" قبل وفاته عام 1981.

 

أنطونيا تكشف سر إنهاء حياة ابنها .. القصة كاملة

وشاركت أنطونيا سرها الذي أخفته لسنوات خلال حملتها لتغيير القانون المتعلق بالموت الرحيم، الذي يعتبر "غير قانوني" حاليًا في إنجلترا.

 

وأوضحت أنطونيا أن ابنها كان يبلغ من العمر خمس سنوات فقط عندما شُخِّص بالمرض الشرس، وقال الأطباء إن حالته مميتة.

 

وخضع الطفل لعلاج "مؤلم" من السرطان لمدة 16 شهرًا في مستشفى "جريت أورموند ستريت"، ما ساعد على بقائه حيا لفترة أطول، إلا أن أنطونيا أكدت أن طفلها كان يعاني آلاماً شديدة.

 

وأوضحت: "في الليلة الأخيرة لهاميش، قال لي إنه يعاني ألما حادا، فقلت له: هل تريد مني أن أنهي هذا الألم؟ فرد: نعم من فضلك يا أمي. ومن خلال قسطرة خارجية، أعطيته جرعة كبيرة من المورفين التي أنهت حياته بهدوء".

 

وعندما سُئلت أنطونيا عما إذا كانت تعتقد أن هاميش كان يعلم أنها تنوي إنهاء حياته، أجابت: "أشعر بقوة أنه عندما أخبرني بمعاناته من ألم شديد، وسألني عما إذا كان بإمكاني إزالة آلامه، كان يعلم، ما الذي سيحدث".

 

وتابعت: "لا يمكنني أن أخبركم لماذا أو كيف فعلت هذا، لكنني كنت أمه، وكان يحب أمه كثيرا، وكنت أحبه أكثر، ولم أكن لأدعه يعاني، وأشعر أنه كان يعرف حقًا إلى أين يتجه".

 

وأنهت أنطونيا حديثها قائلة: "كان هذا التصرف الصحيح الذي كان يجب عليّ فعله. كان ابني يواجه أشد المعاناة والألم الشديد، ولم أكن لأسمح لذلك بالاستمرار".

 

وبعد مرور أربعة عقود، تعاني أنطونيا نفسها سرطانًا غير قابل للشفاء، وتقول إن هذا الأمر عزز وجهة نظرها بشأن الموت بمساعدة الغير، وتقول: "نحن نفعل ذلك مع حيواناتنا الأليفة. فلماذا لا نفعل ذلك مع البشر؟".

مقالات مشابهة

  • شخص ينهي حياته شنقا داخل منزله بالمعصرة
  • قاتل والدته في الكرك صلى عليها الجنازة
  • أم تنهي حياة ابنها بسبب مرض نادر .. "قصة صادمة"
  • فيديو نادر وصورة قتالية لأبرز قياديي حزب الله خلال هجوم.. شاهدوها!
  • برفقة شخصيّة إيرانيّة بارزة... صورة تنتشر لقائد حزب الله الذي استشهد في الحوش
  • “حرمات منتهكة” نساء اليمن بين صوت الجلاد وصوت الضحايا .. تقرير شامل
  • لأسباب تكتيكية وغيرها.. هكذا تستخدم جماعات متشددة نساء انتحاريات
  • مجتمع فاشل جدًا
  • الانتحار السوداني ... متى يتوقف وكيف؟!
  • انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة مع طالبان بالدوحة.. وغضب من عدم إشراك نساء أفغانستان