عبدالرحمن الأهنومي
علي قدر أهل العزم تأتي العزائم ‘ لقد كانت طوفان الأقصى طوفانا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فهي أولا لم تفاجئ العدو فحسب بل وفاجأت الصديق والقريب وفاجأتنا جميعا.. إن ما حدث لهو نصر إلهي بكل المقاييس والمستويات تخقق على أيدي المقاومين الفلسطينيين في كتائب القسام بشكل أساسي علاوة على سرايا القدس والفصائل الأخرى، ففي الوقت الذي أحاط العدو وأعوانه وأدواته وحلفاؤه من مطبعين ومنبطحين بقطاع غزة وأمعنوا في الحصار والخنق على المقاومة وأهلها وشعبها، وفي وقت بلغت المعاناة في قطاع غزة أشدها بعد الدمار الذي أحدثه العدو خلال السنوات السابقة مستكملا جريمته بخنق المقاومة وأهلها من كل شيء.
ما شاهدناه من البطولات التي اجترحها أبطال القسام تعجز الكلمات عن وصفها وتتلعثم الألسن.. لقد أعادوا للأمة كرامتها بحق وحقيقة.. وأذلوا اليهود الصهاينة أمام الكاميرات التي وثقت صوتاً وصورة .. لقد جعلوا اليهود تحت أقدامهم صاغرين مستكينين مذعورين مرعوبين يرتجفون خوفا.. وقتلوا منهم من قتلوا وأسرو من أسروا وجرحوا من جرحوا بالآلاف وليس بالمئات فحسب وجسدوا بذلك قول الله « وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ » بعد أن توهم اليهود بأنهم جيش لا يقهر وتوهمت الأعراب أيضا بأن إسرائيل قوة عظمى يحتمون بها ويخشون هيبتها وسطوتها مرغ أبطال القسام وسرايا القدس هذا الكيان في تراب المذلة والعار وغيروا مجرى التاريخ وثبتوا الحقائق الكبرى لمن بعدهم ولمن قبلهم.
طوفان الأقصى بما حملت من أبعاد تعد نصراً غير مسبوق في تاريخ صراع الأمة مع هذا الكيان، طوفان الأقصى أسقطت إسرائيل التي ظل وجودها قائما على السطوة والوحشية وعملية الدعاية المكثفة عن جيشها ومسمياته الخنفشارية جيش الدفاع والجيش الذي لا يقهر.. فيما ظهر جيشا من ورق يموت جنوده وهم لا يعرفون كيف ماتوا من شدة الخوف والذعر.. كنا نعتقد بأن الجيش السعودي لا أذل منه جيشا حينما كنا نتابع مشاهد الفرار التي كان إعلامنا الحربي يوثقها في الجبهات فإذا بنا اليوم نكتشف أن الصهاينة وجيشهم أذل وأجبن.
لقد أحدثت طوفان الأقصى ثلما شاسعا في بنية الكيان الصهيوني وهزة مرعبة لها تداعياتها عليه والتي لن تتوقف إلا بزواله وانهياره.. قبل ذلك فإن خسارته الثقيلة لا وصف لها.. وقد تابعت يوم أمس الصحف الصهيونية وما صدرته من عناوين عن الطوفان. بعضها وصفته بأسوأ هجوم وأكبر كارثة على الصهاينة.. وأخرى اعتبرت يوم السبت أحلك يوم على اليهود..وأخرى قالت بأن ما حدث مرعبا وسيبقى عارا في تاريخ الصهاينة وبني اسرائيل..وهو في المقابل مجد تاريخي للأمة كلها صنعه أبطال القسام الأماجد واستعادوا به كرامة أمتنا حين تقدموا على الصهاينة بذلك البأس والعنفوان والقوة والشدة واثخنوا فيهم القتل والجرح والأسر وجعلوا في كل بيت من البيوت اليهودية داخل الكيان مأتما وعزاء بعدما ظل العزاء في ديار العرب لسنوات طوال، لقد فعلوا ما لم تستطع فعله الجيوش العربية مجتمعة ومتفرقة ذلك أنهم حملوا الإيمان بالله والتقوى وانطلقوا مجاهدين في سبيل الله ونصرة لعباده ودفاعا عن مقدساته ولم ينطلقوا لمرتب أو رتب عسكرية أو لمهمة عسكرية بل كمجاهدين حملوا أرواحهم على أكفهم يسبحون الله ويكبرونه ويستمدون العون منه.
إن طوفان الأقصى لا تتوقف آثارها عند حدود ما أحدثته بالعدو الصهيوني من هزيمة منكرة ومن خسائر كبيرة لا حسبة لها حتى الآن. بل إن أبطالها بعثوا الأمل لدى ملياري مسلم في العالم بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين وليس لقوة الصهاينة والأمريكيين وبعثوا الأمل لدى ملايين الشباب الذين يتعطشون اليوم للقتال ويتشوقون للجهاد في مواجهة اليهود الغاصبين.. ومن لا يعرف الأثر عليه أن ينزل إلى الجامعات في صنعاء والمدارس والله إن الشباب يبحثون عن طرق يسجلون أسماءهم ليلتحقوا بركب المجاهدين وقس على ذلك في بقية شعوب الأمة.
علاوة على ذلك لقد أسقطت طوفان الأقصى سيرك التطبيع الخياني وجعلت منه أضحوكة للعالم فمن يطبع مع من.. العدو الصهيوني يستجدي اليوم دعم الحلفاء كما أعلن أمس يستجدي العالم، يستجدي الأمم المتحدة للتدخل.. الكيان الصهيوني اليوم يرتجف من أوله إلى آخره تحت ضربات أبطال القسام وسرايا القدس ..جيش الكيان الصهيوني وقادته يرتجفون خوفا وذعرا مما صنع أبطال المقاومة فهل هؤلاء يا محمد بن سلمان سيمنحوك حماية أو قوة! لقد فقأت المقاومة ومجاهديها عين التطبيع وكسروا قرونه كلها، ما تحقق في طوفان الأقصى عظيم وعظيم لا يمكن حسابه بالبيانات والأرقام بل بالمعادلات التاريخية وبالعناوين الكبرى للصراع كما أن قراءته لا بد من أن توضع في سياق المعادلات بمقاربة تاريخ الوجود اليهودي والكيان الصهيوني ومآلاته وتحولات صراع الأمة معه.. لقد أبكى أبطال الأقصى كل يهودي في كل المعمورة.. لقد أفرحوا كل مؤمن في كل الأرض.. فالتحية لهؤلاء الأبطال أبطال الأمة وعظمائها والتحية للشعب الفلسطيني العظيم.. التحية أبو خالد الضيف وإسماعيل هنية وللسنوار وللقائد زياد نخالة للقسام والسرايا..التحية لغزة العزة والمجد والقوة.. والرحمة على الشهداء والشفاء للجرحى والفرج للأسرى والنصر من الله لأمتنا الإسلامية..
هذه الإضاءة الصغيرة جدا لا تختزل مشهدا واحدا من طوفان الأقصى ولا تعطي تضحيات جسام قدمها المقاومون شيئا من حقهم ، لكنّها تأكيد بأنّ المقاومة هي نتاج إيمان بالله وثقة عليه وتوكل على الله وإرادة حرة وقوية ، وهي خيار وقرار يلتزمها كلّ الأحرار المشبَعين بالإيمان والتقوى والعزة والكرامة، والله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الکیان الصهیونی طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
حشود مليونية بالعاصمة صنعاء تعلن التحدي للعدو الصهيوني وتؤكد ثباتها في نصرة فلسطين
الوحدة نيوز/ أعلنت الحشود المليونية في مسيرة “مع غزة جهاد وتعبئة واستنفار.. وجاهزون لردع أي عدوان” في العاصمة صنعاء اليوم، عن تحدي الشعب اليمني للعدو الصهيوني، وثبات موقفه القوي في نصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة مهما كانت التحديات.
واكتظ ميدان السبعين بالحشود التي تقاطرت من كل حدب وصوب، حاملة البنادق وراية الجهاد، ومرددة شعارات الصمود والتحدي بكل عنفوان لقوى العدوان والاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل وأذنابها.
وجسدت الجماهير بخروجها المليوني العظيم صلابة موقف اليمن قيادة وجيشاً وشعباً، في نصرة غزة وفلسطين، وأنه لن يثنيه أي عدوان أو قوة على هذه الأرض حتى يتم إيقاف العدوان على قطاع غزة وفك الحصار عليه.
ورددت الحشود الشعارات المؤكدة على تفويضها لقائد الثورة، والاستعداد والجهوزية لمواجهة أي تصعيد أمريكي صهيوني، والتصدي لكل مخططاتهم ومؤامراتهم الإجرامية التي تستهدف الشعب اليمني والأمة.
وهتفت بعبارات (من يجهلنا فسيعرفنا.. لن نتزحزح عن موقفنا)، (نحن لإسرائيل هلاك)، (يا صهيوني نتحداك) (ماضون بخط التصعيد.. لن نتراجع بل سنزيد)، (أعلنها يمن الأنصار.. عزما وثباتا إصرار)، (تعبئة واستنفار.. أعلنها يمن الأنصار) وغيرها من الهتافات.
وجددت التأكيد على مواصلة التعبئة والاستنفار ومساندة غزة ومجاهدي المقاومة، وخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” حتى تحقيق النصر على أعداء اليمن والأمة.
ونددت باستمرار المجازر المروعة والتجويع والتدمير والإبادة الجماعية التي يرتكبها كيان العدو الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة، بشراكة أمريكية ودعم دول الغرب وبتواطؤ دولي وتخاذل عربي وإسلامي مهين.
وباركت الحشود في المسيرة المليونية، عمليات القوات المسلحة اليمنية التي استهدفت عمق كيان العدو الصهيوني والتي أصابته بالذعر والهلع، نصرة للشعب الفلسطيني وغزة ودفاعاً عن اليمن.
كما أكدت أن العدوان الصهيوني على اليمن لن يزيد الشعب اليمني إلا قوة وثباتا في مواجهته والاستمرار في نصرة قضايا الأمة وفي المقدمة القضية الفلسطينية.. مشيدة بالعمليات والملاحم البطولية التي يسطرها مجاهدو المقاومة الفلسطينية الباسلة ضد العدو الصهيوني المجرم.
وأوضح بيان صادر عن المسيرة، تلاه عضو المجلس السياسي الأعلى الدكتور عبد العزيز بن حبتور، أنه لأربعمائة وواحد وأربعين يوماً، والعدو الإسرائيلي مستمر بشراكة أمريكية، في إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولم يكتف بذلك بل لا زال إجرامه يتمدد ويتوسع إلى الضفة الغربية والقدس، ولبنان وسوريا؛ أمام مرأى ومسمع العالم المتفرج.
وأكد الاستمرار في الخروج الخروج الأسبوعي بمسيرات مليونية، بلا كلل ولا ملل ولا فتور، انطلاقاً من إيماننا بالله سبحانه وتعالى، وجهاداً في سبيله وابتغاءً لمرضاته.
وأشار إلى أنه وانطلاقاً من عمق انتمائنا الإيماني، ومن توكلنا على الله، واعتمادنا عليه، وثقتنا به، نُعلن تحدينا الواضح والصريح لكيان العدو الإسرائيلي ومن خلفه الأمريكي، ومواصلة جهادنا بثبات وصبر في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، دعماً وإسناداً للشعب الفلسطيني ودفاعاً عن بلدنا، كما نُعلن جهوزيتنا لمواجهة أي مؤامرات تستهدف هذا الموقف.
كما أكد البيان الاستعداد الكامل لتقديم التضحيات اللازمة في هذه المعركة المقدسة التي كان يحلم أن يخوضها كل يمني مؤمن، وأن يجاهد في سبيل الله ضد العدو الإسرائيلي، وقد تحقق ذلك بفضل الله، وبات اليوم هذا الموقف العظيم شرفا لنا أمام الله وأمام كل العالم في الدنيا والآخرة.
وخاطب أبناء الأمة العربية والإسلامية أنظمة وشعوبا وأحزاباً وجماعات بالقول “عليكم أن تعلموا بأن العالم يحدد علاقته معكم ونظرته إليكم من خلال ما تحملونه من مشروع ومبادئ وقيم، والتي تُترجم واقعاً من خلال مواقفكم، ولا تتضح المواقف الحقيقة وتُختبر المبادئ والقيم الصادقة إلا في مواجهة التحديات والمخاطر والتهديدات المصيرية، فمن خلال مواقفكم المخزية من القضية الفلسطينية، وتخاذلكم وصمتكم في مواجهة الخطر الصهيوني الذي يستبيح بلدانكم بلداً بعد آخر، ويهدد مصيركم ومستقبلكم، ويعلن بكل جرأة وقبح عن مشروعه في أرضكم، وعلى أنقاض بلدانكم ومقدساتكم فيما يسميه بـ (إسرائيل الكبرى) أو (الشرق الأوسط الجديد) والتي تحددت ملامحه في سوريا؛ ولا شك أن الدور قادم عليكم إن تمكن من ذلك”.
وأضاف “فكيف تتوقعون من خلال ذلك الواقع المؤسف أن تكون نظرة العالم إليكم؟ سوى نظرة الاحتقار والازدراء؛ فعودوا إلى قرآنكم وإلى دينكم، وغيروا واقعكم، وجاهدوا في سبيل الله، ودافعوا عن أنفسكم، لتستقيم لكم دنياكم وآخرتكم، وتعيشوا أعزاء كرماء في الدنيا والآخرة”.
وتوجه بعظيم الثناء والحمد والشكر لله سبحانه وتعالى، على ما منّ به علينا من انتصارات عظيمة وعمليات مسددة دكت عمق كيان العدو الإسرائيلي، وزرعت الخوف والرعب في قلوب قطعان الصهاينة وقاداتهم المجرمين، ونشد على أيدي أبطالنا المجاهدين في القوات المسلحة اليمنية بالمواصلة وضرب العدو دون رحمة.
وأشاد البيان باستمرار العمليات النوعية للمقاومة الفلسطينية في غزة والتي تستنزف العصابات الصهيونية وتقتل جنودهم وضباطهم بشكل مستمر وفعال.
وبارك للأخوة في كتائب الشهيد عزالدين القسام بذكرى تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس، وهي الذكرى المهمة والتاريخ الحافل بالجهاد والتضحية.
وعبر عن التأييد للدعوة التي أطلقتها حركة المقاومة للأمة العربية والإسلامية لتشكيل جبهة إسناد شاملة للدفاع عن غزة.. داعيا الأمة العربية والإسلامية للاستجابة لهذه الدعوة والانضمام إلى جبهات الإسناد، وتفعيل كل الطاقات والامكانات لنصرة الأشقاء في فلسطين.
وفي المسيرة ألقى المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع بيانا أعلن فيه، أن القوات المسلحة اليمنية نفذت بالاشتراك مع المقاومة الإسلامية في العراق عملية عسكرية نوعية استهدفت أهدافاً حيوية للعدو الإسرائيلي في جنوب فلسطين المحتلة بعدد من الطائرات المسيرة وقد حققت العملية أهدافها بنجاح بفضل الله.
وأشار إلى أن سلاح الجو المسير نفذ عملية عسكرية نوعية استهدفت هدفاً عسكرياً تابعاً للعدو الإسرائيلي في يافا المحتلة بطائرة مسيرة والتي حققت هدفها بنجاح.
وأكد أن القوات المسلحة اليمنية ستتعامل مع أي تصعيد إسرائيلي أمريكي على اليمن بتصعيد مماثل، ولن تتردد في استهداف المنشآت الحيوية للعدو الإسرائيلي وكذلك التحركات العسكرية للعدو الأمريكي التي تستهدف اليمن.
كما أكد أن استمرار الجرائمِ المرتكبة بحق إخواننا في غزة لن يؤدي إلا إلى المزيد من الضربات من خلال القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير والعمليات المشتركة مع المقاومة الإسلامية في العراق على العدو الإسرائيلي، وأن هذه العمليات لن تتوقف إلا بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها.