جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-23@00:02:48 GMT

ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة

تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT

ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

سطّرت كتائب عز الدين القسام مُعجزة جديدة تُكتب بحروف من الذهب، وتضاف إلى سجل هذه الأمة في الجهاد في سبيل الله ونصرة المُستضعفين في الأرض من الشعب الفلسطيني الذي انفردت به العصابات الصهيونية المتعصبة منذ قيام هذا الكيان الغاصب على أرض فلسطين التاريخية بداية من "بن جوريون" عند إعلان ما يعرف بزرع دولة إسرائيل في قلب الوطن العربي، مرورًا بشمعون بيريز ووصولا إلى العصابة الإرهابية التي تحكم إسرائيل حاليًا والمتمثلة بالثلاثي (نتنياهو وبن جفير وسموتريش) الذين يهدفون علنًا وبدون حرج إلى إبادة الشعب الفلسيطني وازالته من الوجود على مرأى من العالم ومنظماته الدولية.

كانت ساعة الصفر فجر السبت الموافق 7 أكتوبر، بانطلاق "طوفان الأقصى" نحو العمق الإسرائيلي، متجاوزة بذلك الأسلاك الشائكة والقلاع الحصينة لجيش الاحتلال الإسرائيلي طوال خطوط التماس في قطاع غزة والتي لا تقل قوة ومتانة عن خط برليف الشهير الذي عبره الجيش المصري على الضفة الشرقية لقناة السويس قبل خمسين سنة وبالتحديد في 6 أكتوبر 1973. فقد تمكنت المقاومة الفلسطنية من اختراق تلك التحصينات من عشرين نقطة مستخدمة سيارات الدفع الرباعي والدرجات النارية، وكذلك السير على الاقدام واستخدام المظلات الحاملة للجنود والكوماندوز البحري الذين استهدفوا بنجاح قاعدة زكيم العسكرية في عسقلان، بينما سيطرت المقاومة في غلاف غزة بالكامل على 11 معسكرًا للجيش الذين كانوا في سبات طويل بقدرة الله، وكذلك اختراق بنجاح عشرين مستعمرة، فقد باغت هؤلاء الابطال الجميع داخل دولة الكيان، خاصة الأجهزة الأمنية والعسكرية والحكومة، واستطاعت كتائب القسام وسريا القدس، قتل اكثر من 700 إسرائيلي من بينهم أحد قادة ألوية جيش الاحتلال وأسرمائيات الجنود ومن بينهم قائد المتطقة الجنوبية.  

وهكذا تمكنت حماس وقائدها العسكري محمد الضيف من إعادة للأمة شرفها، وغسل عار الهزائم المتكررة للجيوش العربية وحكوماتها مجتمعة والتي عجزت طوال الصراع العربي الإسرائيلي المتد لأكثر من 70 سنة عجاف؛ عن صناعة هذا النصر المبين الذي تحقق خلال ساعات قليلة والمتمثل في تركيع حكومة الصهاينة واذلال جنودها؛ فالمعارك لم تتوقف منذ يوم السبت، واختراق معسكرات الجيش الإسرائيلي مستمرة حتى كتابة هذه السطور في اليوم الثالث لهذه الملحمة الأسطورية التي سطرها المقاومون من مختلف سرايا الجهاد الفلسطنية وخاصة ذات التوجه الإسلامي. وقال تبارك وتعالى في هذا الموقف "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ".

ولعل منظر الهروب الجماعي للمستطوطنين نحو تلاابيب، وكذلك استسلام ضباط وجنود جيش الاحتلال الذي يعرف بالجيش الذي لا يقهر بدون مقاومة أمام شاشات الهواتف الرقمية خير دليل على هذا الإنجاز الاستثنائي الذي ابهر العالم الحر، وشكل صدمة وزلزالا غير مسبوق ولا يصدقه الخيال بالنسبة لإسرائيل وحلفائها الغربيين.  

يجب أن يدرك العرب من المحيط إلى الخليج أن "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلّا بالقوة" فهذه العبارة التي قالها الزعيم الخالد جمال عبد النصر رمز القومية العربية تُعبِّر عن حقيقة صادقة تتجاهلها بعض الحكومات العربية التي تعتقد بأن حل قضية فلسطين وتحقيق السلام بين العرب وإسرائيل يمكن تحقيقه عن طريق ما يُعرف بالمحادثات والتطبيع مع الكيان الصهيوني، على الرغم من مرور عقود عديدة على اتفاقيات "أوسلو"، وقبل ذلك كامب ديفيد و"وادي عربة" والنتيجة ليس اكثر من وَهْمٍ؛ فإسرائيل لا تعرف إلا لغة القوة فقط، فلا يمكن أن يتحقق السلام العادل القائم على المبادرة العربية وإقامة الدولة الفلسطنية وعاصمتها القدس الشريف، إلّا بالخيار الإسلامي والذي تأكد للأمة الإسلامية قاطبة بأنه الطريق الوحيد نحو النصر، فحماس والجهاد الإسلامي هما الحاضرين بقوة؛ فالميدان للجهاد والشهادة من أجل الأقصى.

لقد تراجعت القومية العربية ودورها النضالي منذ احتلال الكويت؛ والتي ارتبطت عن قرب بهذا الصراع التاريخي، فمنذ 1994 تحوّل قادة منظمة التحرير الفلسطنية بمختلف فصائلها بما فيها "فتح" التي كانت أيقونة النضال الفلسطيني إلى أعضاء في حكومة مدنية محاصرة من إسرائيل في رام الله، فأصبحت مع مرور الأيام غير مُواكِبة ولا تنسجم مع مطالب الشعب الفلطسيني الذي ينضال من اجل الحرية فاتفاقية اسلو كانت قاتلة ومثبطة للشعب الفلسطيني.

لقد سارعت الولايات المتحدة بتحريك أساطيلها وخاصة حاملة الطائرات "فورد" نحو الشواطئ الاسرائيلية لمساندة حليفتها في هذه الهزيمة غير المسبوقة في تاريخ هذا الكيان، وكذلك وعد بايدن بتعويض إسرائيل عن خسائرها العسكرية والمالية نتيجة حرب التحرير والزحف نحو الأراضي المحتلة، بينما اكتفت معظم الحكومات العربية ببيانات هزيلة تساوي بين الجلاد والضحية؛ فالاستثناء هنا خليجيًا في موقف سلطنة عمان ودولتي قطر والكويت؛ إذ أوضحت هذه الدول أن سبب قيام المقاومة بهذه الاقتحامات هو تعنت حكومة ناتنياهو ورفضها تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بإقامة دولة فلطسين وعاصمتها القدس الشريف.

في الختام.. كل المؤشرات تدل على أن المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان سوف تدخل المعركة من الجليل الأعلى شمال فلسطين، وذلك خلال الساعات القادمة لمناصرة غزة التي تتعرض للقصف والدمار الشامل منذ يوم السبت الماضي، وربما الاجتياح البري كما أكدت ذلك الحكومة الاسرائيلية.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المقاومة اللبنانية تستهدف بصلية صاروخية تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي في مستوطنة “المنارة”

2024-11-21naghamسابق الفيلم الروائي الطويل (عتمة مؤقتة) يشارك في مهرجان لاهاي السينمائي بهولندا انظر ايضاً الفيلم الروائي الطويل (عتمة مؤقتة) يشارك في مهرجان لاهاي السينمائي بهولندا

دمشق-سانا تشارك المؤسسة العامة للسينما في مهرجان لاهاي السينمائي بهولندا من خلال فيلم “عتمة مؤقتة” …

آخر الأخبار 2024-11-21السفير الضحّاك: عجز مجلس الأمن عن النهوض بمسؤولياته شجع الاحتلال على مواصلة اعتداءاته 2024-11-21الحرارة حول معدلاتها والجو صحو بشكل عام 2024-11-21الخارجية الصينية: إجراءات واشنطن بتحديث ونشر أسلحتها النووية تقوض الاستقرار العالمي 2024-11-21دولة فلسطين ترحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت 2024-11-21الهلال الأحمر ينظم مبادرتين لتأمين السلامة المرورية في ريف السويداء 2024-11-21الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت لارتكابهما جرائم حرب 2024-11-21عراقجي: إرادتنا جادة بالتعاون مع الوكالة الدولية لكن الأوروبيين يتعارضون مع هذا المسار 2024-11-21علاجات الأمراض الروماتيزمية خلال المؤتمر الثالث عشر لرابطة أمراض ‏المفاصل 2024-11-21طبيب سوري يحصل على أفضل عرض تقديمي سريري بمؤتمر القدم ‏السكرية في لوس‏ أنجلوس 2024-11-21ارتفاع عدد ضحايا الإعصار الذي ضرب الفلبين إلى 12 شخصاً

مراسيم وقوانين مرسومان بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعدين شاغرين في دائرة دمشق وآخر في دائرة مناطق حلب 2024-11-20 الرئيس الأسد يصدر ثلاثة قوانين تسهم في تطوير آليات العمل بالقطاع السياحي 2024-11-14 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتنفيذ عقوبة العزل بحق قاضية في النياية العامة التمييزية 2024-11-02الأحداث على حقيقتها القوات الروسية تقيم 9 نقاط مراقبة بريفي القنيطرة ودرعا قرب “منطقة فصل القوات” 2024-11-18 الجيش يدمر 15 طائرة مسيرة للإرهابيين في أرياف حلب واللاذقية وإدلب 2024-11-18صور من سورية منوعات مركبة الشحن الفضائية الصينية “تيانتشو-8″تلتحم مع محطة الفضاء الصينية تيانقونغ 2024-11-16 انبعاثات الكربون العالمية تصل إلى مستوى قياسي خلال العام الجاري 2024-11-13فرص عمل الخارجية تعلن عن برنامج تدريب المقبولين للتقدم إلى المرحلة الثالثة من مسابقتها 2024-11-06 التعليم العالي تسمح للجامعات الخاصة فتح التسجيل المباشر لملء الشواغر في كلياتها 2024-11-04الصحافة استكمال المــهــمــة!!! بقلم: أ. د.بثينة شعبان 2024-11-18 المسافة صفر.. مخرز في خاصرة الاحتلال – بقلم : جمال ظريفة 2024-11-16حدث في مثل هذا اليوم 2024-11-2121 تشرين الثاني-اليوم العالمي للتلفاز 2024-11-2020 تشرين الثاني- اليوم العالمي للطفل 2024-11-1919 تشرين الثاني 1954 – بدء بث «تلفزيون مونتي كارلو» وهي أقدم قناة تلفزيونية خاصة في أوروبا 2024-11-1717 تشرين الثاني 1969 -مفاوضات بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة للحد من عدد الأسلحة الإستراتيجية على كلا الجانبين 2024-11-1616 تشرين الثاني 1970- قيام الحركة التصحيحية بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد 2024-11-1515 تشرين الثاني 1920-عقد أول اجتماع لعصبة الأمم في جنيف
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • المقاومة اللبنانية تستهدف بصلية صاروخية تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي في مستوطنة “المنارة”
  • قائد الثورة: الأمريكي شريك أساسي مع العدو الإسرائيلي في كل جرائمه التي يرتكبها على مدى عقود من الزمن
  • ماذا نعرف عن المؤرخ الإسرائيلي الذي قُتل في معارك لبنان وماذا كان يفعل؟.. عاجل
  • درة: هذا ما دفعني لتقديم وين صرنا.. والقضية الفلسطنية هي قضية كل العرب
  • من المؤرخ الإسرائيلي الذي قُتل في معارك لبنان وماذا كان يفعل؟
  • بعد التهديد الإسرائيلي.. المقاومة تدعو للجهوزية القصوى وتوجه رسالة للحكومة العراقية
  • الصحة اللبنانية: 3558 شهيدا و15123 جريحا منذ بدء العدوان "الإسرائيلي"
  • حزب الله: المقاومة هي الخيار الوحيد لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الخروج
  • حدث أمنيّ صعب... ما الذي يحصل مع الجيش الإسرائيليّ في جنوب لبنان؟
  • صورة لمركز الجيش الذي استهدفه العدوّ في الصرفند.. هكذا أصبح بعد الغارة الإسرائيليّة