يمن مونيتور/وكالات

قال موقع “ميديابارت” الفرنسي الاستقصائي إن عملية “طوفان الأقصى” المسلحة التي بدأتها حركة حماس فجر السبت ضد إسرائيل، غير مسبوقة، سواء من حيث التنظيم أو الوسائل المستخدمة، وتثبت أنها هجوم عسكري مدروس ومعدّ، وتنفيذ محدد التوقيت لاستراتيجية مدروسة.

ونقل “ميديابارت” جان بول تشاجنولود، وهو أستاذ فخري بالجامعات ورئيس معهد أبحاث ودراسات الشرق الأوسط في البحر الأبيض المتوسط، قوله: “ تثبت حماس أنها منظمة، حيث تمكنت على مر السنين من التفكير في استراتيجية ومنح نفسها الوسائل لتحقيقها في ظروف معقدة بشكل خاص بالنظر إلى الوضع في غزة والحصار الذي تعيشه.

إنها عملية معقدة للغاية، تم إعدادها مسبقًا لفترة طويلة جدًا، بوسائل مبتكرة مثل المصابيح الدقيقة والطائرات بدون طيار، التي صنعوها بلا شك. وقبل كل شيء، ما يبرز هو القدرة على دخول الأراضي الإسرائيلية.”

كفاءة عالية

وأشار “ميديابارت” إلى أن مقاتلي حماس عبروا السياج المعروف بأنه غير قابل للعبور. فهو مزود بأجهزة استشعار وكاميرات وهوائيات ومعدات مراقبة أخرى. وهو محاط بجدار معدني تحت الأرض بعمق عدة أمتار. ويبلغ طوله 65 كيلومترًا، ويبدأ من الحدود مع مصر، ويحيط بقطاع غزة ويمتد إلى البحر ويعتبر بمثابة “جوهرة” التكنولوجيا الفائقة التي كان من المفترض أن تضمن حصار غزة.

ويُذكِّرُ الموقع أنه حتى قبل اكتماله أظهر السياج والترسانة المنتشرة حوله فعاليتهما القاتلة. ففي عام 2018، حاولت حشود المتظاهرين الفلسطينيين، المطالبين بحق العودة وإنهاء الاحتلال، الوصول إليه دون جدوى، وأوقفهم قناصة إسرائيليون في المنطقة العازلة بعمق 300 متر، والتي يحظر الجيش الإسرائيلي التواجد داخلها. وفقد 195 من سكان غزة أرواحهم، وأصيب آلاف آخرون، غالبتيهم من الشباب، بالإعاقة، وغالبًا ما أصيبوا بكسر في أحد أطرافهم.

ولفت الموقع إلى أنه تم بنجاح اقتحام موقع “إيرز” العسكري الإسرائيلي، الذي يمثل رمزًا كبيرًا، والذي يمثل الحدود إلى شمال الأراضي الفلسطينية، وقد تم احتلاله من قبل رجال من الجناح المسلح لحركة حماس. ويشير إلى أن معبر إيريز هو قفل غزة: ممر يبلغ طوله مئات الأمتار ولا يُسمح بعبوره إلا للأشخاص المتميزين والدبلوماسيين والصحافيين والعاملين في المجال الإنساني، وأحيانًا بكميات صغيرة فقط، للأشخاص المصابين بأمراض خطيرة للغاية والعمال الفلسطينيين “النادرين”.. وأنه يتكون من سلسلة من البوابات المعدنية التي يتم التحكم في فتحها عن بعد، والأوامر الصادرة عبر مكبرات الصوت، والحواجز الخرسانية، وعدم الاتصال بالإنسان.

ويضيف الموقع أنه مساء السبت، ورغم القصف الإسرائيلي، سقطت صواريخ على تل أبيب، على بعد 70 كيلومترا من غزة، وما زال القتال يدور.. ويقول خبير فلسطيني لـ“ميديابارت”: “كتائب القسام تستعد منذ حرب 2021. كنا نعلم أنهم سيتخذون إجراءً، دون أن نعرف التوقيت الدقيق. لكن في الأيام الأخيرة، أرسلت حماس رسائل إلى الإسرائيليين عبر مصر وقطر وقنوات أخرى، محذرين إياهم بأن الحركة سترد في حال لم يوقف الإسرائيليين متطرفيهم اليمينيين.وهذا ما حدث.”

ففي رسالته الصوتية التي أذيعت صباح السبت، يسرد محمد ضيف، قائد الجناح العسكري لحركة حماس، والذي نادرا ما يتحدث، سلسلة من الأسباب وراء العملية الحربية التي تقوم بها الحركة: اقتحامات ساحة المساجد حيث تقع قبة الصخرة والمسجد الأقصى، ثالث أقدس المواقع في الإسلام، وإساءة معاملة حوالي 5000 أسير فلسطيني، وانتهاكات المستوطنين اليهود في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين. وقال إن “هذا يوم المعركة الكبرى التي ستضع حداً لآخر احتلال على وجه الأرض”.

وزراء اليمين المتطرف

وينقل “ميديابارت” عن مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأقصى بغزة، قوله: “يجب أن نعترف بأننا أمام حكومة إسرائيلية فاشية يمينية متطرفة، يعتقد بعض وزرائها أن الوقت قد حان لطرد الفلسطينيين وضم أكثر من نصف الضفة الغربية. يعتقد بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية أنه لا يوجد شيء يمكن أن يوقف إسرائيل، وأنهم يستطيعون قتل الفلسطينيين دون عقاب، واقتحام المسجد الأقصى. هذا العام 2023سيء بشكل خاص، حيث قتلت إسرائيل 250 فلسطينياً قد قُتلوا قبل يوم السبت، أي بدء عملية “طوفان الأقصى”.

 

ويلفت الموقع إلى أنه في الواقع، تضاعفت الإجراءات ضد الفلسطينيين منذ تشكيل الحكومة الأخيرة بقيادة بنيامين نتنياهو، والتي يشغل فيها وزيران من اليمين المتطرف مناصب رئيسية، هما إيتامار بن غفير، وهو مستوطن وعنصري يهودي، ويتولى حقيبة الأمن القومي. هذا الأخير توجه يوم 21 مايو/ أيار 2023 إلى ساحة المسجد الأقصى، في خطوة اعتبرتها الحركات الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس، استفزازاً. وفي 23 أغسطس/ آب، أعلن في مقابلة مع قناة إسرائيلية: “حقي، وكذلك حق زوجتي وأولادي، في السفر على طرق يهودا والسامرة، أهم من حق العرب في السفر”. وأكد الموقع أن هذين مجرد مثالين على كلماته وأفعاله التحريضية.

أما زميله بتسلئيل سموتريش، وزير المالية، المسؤول أيضًا عن إدارة الضفة الغربية، فهو يتبنى أيديولوجيته بالكامل. ولأنه مؤيد لإسرائيل الكبرى، من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن، فقد أراد من الجيش هدم قرية حوارة الفلسطينية، بالقرب من نابلس، التي كانت هدفاً لغارات المستوطنين الإسرائيليين في 26 فبراير 2023 وبالتالي، فإن “انطلاق هذه العملية العسكرية من حماس هو بسبب تصرفات بن غفير وسموتريتش، والصمت المطبق للعالم أجمع”، كما يقول الخبير الفلسطيني.

دفن القضية الفلسطينية أمر مستحيل

“ميديايارت”، نقل أيضا عن شاجنولود، تأكيده أن “حماس نجحت بهذه العملية العسكرية في تذكير العالم بأن هناك صراعاً لم يتم حله بعد وأنه من المستحيل دفنه كما حدث منذ عدة سنوات.. وأن تطبيع الدول العربية مع إسرائيل غير ممكن إلا بعد حل القضية الفلسطينية”.

من جهته يقول مخيمر أبو سعدة: “أرادت حماس تعطيل هذا التطبيع لأنه، بحسب العديد من التحليلات، سيترك القضية الفلسطينية جانبا. وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين ليس كافيا”.

واعتبر “ميديابارت” أن تاريخ هجوم كتائب القسام على إسرائيل هذا يسير في هذا الاتجاه: فهو يتزامن، مع الذكرى الخمسين لشن حرب أكتوبر1973 من قبل مصر وسوريا. فما يسميه الإسرائيليون “حرب يوم الغفران”، ويسميه الفلسطينيون “حرب رمضان”..

ويشير إلى أن العملية العسكرية نالت، في وقتها، إعجاب العالم العربي لاستراتيجيتها ونجاحها في الأيام الأولى: تم اختراق خط بارليف، وأسر جنود إسرائيليين. ومع ذلك، خسرت مصر الحرب، لأنها لم تتمكن من مقاومة المساعدات الهائلة التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل. واليوم، تدرك غزة أن القصف الإسرائيلي سيتسبب حتماً في وفيات أكثر من ذي قبل.

وهناك أيضًا التهديد بـ” نقل السكان الفلسطينيين إلى الدول المجاورة، وهو ما تؤيده أحزاب اليمين المتطرف الموجودة حاليًا في تل أبيب. وهي “مخاطرة”، يعترف مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية العالق مع عائلته في منزله وسط غزة، بوجودها لكنه اعتبر أن “إسرائيل ستستغرق وقتا طويلا لإعادة بناء قوة الردع وصورتها، وأنه يشك في أن يتمكنوا من تنفيذ عملية الطرد هذه”.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي حماس طوفان الأقصى غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

انتقادات إسرائيلية لسوء الأداء الإعلامي في الحرب.. حماس نجحت بالدعاية

رغم ما يحوزه الاحتلال من أدوات دعائية واسعة وكبيرة، وشبكة طويلة من العلاقات مع كبرى الشبكات الإعلامية حول العالم، أمام الحصار الذي يفرضه على إعلام المقاومة، لكن خيبة أمل كبيرة رافقته خلال الحرب الأخيرة، ومراسم إطلاق سراح المختطفين من غزة، بسبب قدرة المقاومة على توصيل رسائلها الإعلامية للجمهور الاسرائيلي الذي بات يلتفّ حول الشاشات للاستماع لما يقوله ناطقوها.

أوري يسخاروف، رئيس قسم الأبحاث في حركة "خبراء الأمن"، وجندي احتياطي من الوحدة الاستخبارية 8200، زعم أن "إطلاق سراح المختطفين في الأسابيع الأخيرة وفّر لحماس فرصة ذهبية للدعاية الحية للجمهور الإسرائيلي بتنظيمها عروضاً هوليوودية صادمة، مستوحاة من رموز النضال الفلسطيني، وهدفها إذلال الإسرائيليين من خلال هذه الأداة الإعلامية، وأعلنت بكتابات خلف منصات التسليم بثلاث لغات: "نحن اليوم التالي"، في رسالة موجهة للجمهور الفلسطيني والإسرائيلي والعالمي".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أن "حماس تطلّعت لأن تحقق مثل هذه الصور تأثيراً مماثلاً لتأثير عملياتها التفجيرية في أعوام 1994 في قلب دولة الاحتلال، بحيث تسفر عن تراجعها، وتعبها، ورعبها، وإعطاء الحركة كل ما تريده، من خلال متابعتها جيداً للأصوات الداعية اليوم لوقف القتال، ويصفون فكرة "النصر المطلق" بأنها "شعارات فارغة ونكتة حزينة".

وأوضح أن "هذ الصور القادمة من غزة بمثابة المسمار الأخير في نعش فكرة الحلّ السياسي، لأن "طقوس الإذلال" التي ترافق عمليات الإفراج عن المختطفين تحقق النتيجة المعاكسة تماماً لما تأملته حماس، لأنها في 2025، لن تلتقي مع "إسرائيل" السابقة، المستعدة لإجراء محادثات متسرّعة في طابا، أو تجميد الاستيطان مقابل الدخول في المفاوضات، أو إطلاق سراح ثلاثين أسيرة مقابل فيديو لاختطافهن".

وأشار أنني "ألتقي بقطاع واسع من الجمهور الذي يعيش "حرب البقاء"، يلعق جراحه، ويشعر بالاشمئزاز من هذه الصور، وغاضب من أي صور تعيده لما قبل السابع من أكتوبر، ويفهم جيدًا ثمن الإنكار الذي سمح لحماس بخداع صناع القرار، ومنح تقييماتها الاستخبارية شعورا زائفا بالهدوء".

وختم بالقول أنه "سيكون من الصعب مجددا بيع الإسرائيليين ذات "منتج" لما قبل هجوم السابع من أكتوبر، وقبول تنظيم وتسليح جيشها على بعد مئات الأمتار من الكيبوتسات تحت ستار أننا "سنردّ في المكان والزمان المناسبين"، لأن هذه العلامة التجارية لهذا المنتج كانت خدعة كبيرة".

درور إيدار خبير الشئون الدعائية، أكد أن "الإعلام الإسرائيلي يفقد طريقه بتغطية الحرب، لأن استخدامه المتلاعب للمشاعر العامة وذكريات الهولوكوست يشوّه خطابه العام، مما يستدعي التحذير من تحويل الصور الدعائية الحاضرة اليوم لتاريخ من الهستيريا، في ضوء استخدام حماس لوسائلنا الإعلامية بكل صراحة، التي تستسلم لها، من خلال بث الوضع المسرحي للمختطفين، مروراً بالتغطية التي تتكرر دون تجديد لساعات طويلة حتى تصبح "مخدّرة" للعقل، وانتهاءً بالعرض الثنائي الأسود والأبيض للموقف من الصفقة عموما".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أن "وسائل الإعلام مسؤولة عن نقل الواقع إلى جمهورها الاسرائيلي، لكنها بدلاً من ذلك تعمل على تفكيك وعيه، وهذا أمر خطير دائماً، وأثناء الحرب الوجودية يصبح الأمر خطيراً بشكل مضاعف، وهو ما يتكرر في بث مشاهد المختطفين على منصة المسرح في غزة، مع أن مثل هذه المشاهد تكتسب اليوم زخماً في ظل التغطية الإعلامية الواسعة".

وأوضح أن "حماس تراقب وسائلنا الإعلامية ونحن نلقي اللوم على بعضنا، وتبقى فقط مشاعر العداء تجاه قيادتنا، وليس تجاه العدو الحقيقي، ويبدو أن نفس التنمّر السياسي الذي عرفناه في عام الانقلاب القانوني عاد ليطلّ برأسه على الشاشات، وهكذا يراقبنا الفلسطينيون، ويفركون أيديهم معًا، فيما فقدنا أعصابنا في عيونهم، تمامًا كما تنبّأوا عندما اختطفونا، وأدركوا التعبئة الأحادية الجانب التي قامت بها أغلب وسائلنا الإعلامية لصالح التنازلات والاستسلام".

وأشار أنه "في كل هذه الحالات لم يكن هناك مكان مناسب في الخطاب الإعلامي لصوت عقلاني آخر، يفحص الأمور بمعزل عن العاطفة، ويأخذ في الاعتبار الاعتبارات المستقبلية مثل إهمال حياة الإسرائيليين ، وتشجيع العمليات المسلحة في ضوء غسيل الأدمغة الإعلامي الذي أطلق على معارضي الانقلاب القانوني وصف "أعداء السلام والشعب" والفاشيين ومحرّضي الحرب والمتطرفين والمسيحانيين والنازيين اليهود".


مقالات مشابهة

  • بينهم أسيرة محررة في “طوفان الأقصى”.. قوات العدو تعتقل عدة فلسطينيين بالضفة
  • شاهد | بعد ربع قرن.. الحاج صدقي يذوق طعم الحرية في أجواء رمضان مع عائلته في الخليل
  • شاهد | الأسير الفلسطيني المحرر جلال الفقيه بعد 22 عاماً في سجون العدو يتنسم عبق الحرية بغزة
  • الهباش: من غير المقبول أن تكون هناك سلطتان على الساحة الفلسطينية
  • مكتسباتُ معركة “طوفان الأقصى”
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  •   صنعاء : انعقاد المؤتمر الدولي فلسطين: من النكبة للطوفان - أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير
  • انتقادات إسرائيلية لسوء الأداء الإعلامي في الحرب.. حماس نجحت بالدعاية
  • طوفان الأقصى: السياسي والإيديولوجي
  • قوات الاحتلال تقتحم المسجد الأقصى وتُخرج الفلسطينيين