كأي عربي مسلم كان أم مسيحي فإن قضيته الأولى عروبة ومقدسات آن الوقت لأن تعود إليه ويعود إليها، فما شاهدناه وما يقلقنا بشأن المسجد الأقصى مسألة تجعله القضية المحورية والشغل الشاغر لأذهاننا جميعا، وقبل أن استهل هذه السطور، يدور في ذهني سؤال: هل حقًا إسرائيل قوة نعجز نحن العرب عن مواجهتها؟!. قد لا أميل إلى أكلاشيهات الإجابات العاطفية وإن كانت ترجمة للواقع في كثير من الأحيان.

فنحن وإذ نحتفي بـ يوبيل ذهبي و50 عامًا مضت على انتصارات السادس من أكتوبر، هذه الذكرى من تاريخ أمة استطاعات بوحدتها أن تستعيد مجدٍ سُلب على غفلة من الزمان وأن تقلب الطاولة على المحتل وداعميه، في برهان لا يقبل الشك أن إرادتنا العربية أقوى بكثير مما يوهمنا به البعض من قوة النبت الصهيوني المسمى بـ إسرائيل.

وإن أقرب الإجابات والتحليلات في ظني مصداقية فيما يدور الآن مع الصهيونية أن تحلي كلا من القلب والعقل بمصادر الشجاعة والإيمان سلاح يخفت ويضيء عند الأجيال المتعاقبة من العرب، وأن المباغتة تعوض فارق الإمكانات بين طرفين أحدهما أشبه ببلونة اختبار، والآخر إبرة معطلة عن العمل.

فلم يعد للصهاينة أي مبررٍ للاحتفاء أو إحياء يوم الغفران أو العُرش فقد باتا يومين من  الكابوس بل الطوفان الذي سيصاحبهما ذكرى ليومٍ أسودٍ كما حبذا أن يصف وزير خارجيتهم بنيامين نتنياهو، السابع من أكتوبر الجاري في خطابه عشية طوفان الأقصى.

ذاك المشهد من الرواية، لم يكن ليتوقعه أكثر المتفائلين أو يحسبه يحدث في ظل ارتكان ووداعة وتشرذم، أفقد الكثيرون إحساسهم أن للأقصى قضية مُلحة في أذهان الجيل الحالي على أقصى تقدير، إلا أنها كانت باعثة لأمل طال انتظاره منذ أن دنست أقدام الصهاينة باحات الأقصى المبارك، واستباحته طمعًا في هيكلها المزعوم، ومع تفاؤل صاحبه قلق وحذر، يبقى لصدى طوفان الأقصى الذي يتزامن هذا العام مع أعياد بني صهيون واحتفالهم بيوم العُرش أو المظال وسمحات توراة، كانت لنا وقفة مع بشارات الأعياد المباركة لشعب التيه.

فمع تجاوز القتلى والأسرى لأول مرة منذ عام 1948 حد الألفين والثلاث، حق لنا أن نتخذ تلك الأعياد أيام بشارة بنصر الله تعالى وتأييده، فبالأمس القريب كان الغفران- السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان- يومًا سطر عبورًا للمصريين وتفوقهم على الكيان المحتل، واليوم أضحى يوم العُرش وما تلاه من أعياد هوشعناه رباه وسمحات توراة ستظل خالدة في ذاكرة الفلسطينيين، ومن آمن بهم وقضيتهم من العرب، وباتت أيامنا في أكتوبر أمجادًا تترا، صارت رغبتنا في محو الكيان الزائف أكبر مما مضى، لكن تظل التحديات والعراقيل أكثر من كونها صراع مع محتل بل زاد من أبناء الدم الواحد سلسالًا لقابيل يؤمنون ويآمنون لمن هم بالخيانة والعار جبلوا.

فلم تعد مصيبة الأقصى مقتصرة على أحفاد القردة والخنازير وحدهم، بل شاركهم أيضا من هم بالتنطع فطموا والدياثة فطروا، من ذهب عنهم أبسط معاني الإيمان بالإنسانية ودعم المظلوم، من غلبت مصالحهم حدود العقيدة، فغابت عنهم نخوتهم وسلبت منهم عزتهم. وعزاؤنا فيهم قول الحق تبارك وتعالى: «وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ».

وحسبنا فيما يفعله الفلسطينيون اليوم قوله سبحانه: «إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ»، وأيضا: «قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ».

وختامًا ربما أصُب بالخزي ممن يسمون أنفسهم عربًا ومسلمين، وهم يطالبون بالترقق والتلطف مع كيان محتل لم يعرف للبشرية حقوق، وآسف في مواطن أخرى لنكران البعض الدعم المصري لبني جلدتهم في مشارق الأرض ومغاربها، بأن يكون جزاء الإحسان كمثل ما عاهده سنمار، إلا أننا لا نزال نؤمن بأن صاحب الحق لابد وأن ندعمه دون انتظار للجزاء فما عندكم ينفد وما عند الله باق.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

جوميز يعلن قائمة الزمالك للقاء فاركو ببرج العرب

أعلن الجهاز الفني للفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك بقيادة البرتغالي جوزيه جوميز عن القائمة التي ستخوض مباراة فاركو، المقرر لها غداً الأربعاء باستاد برج العرب، في إطار مباريات الجولة التاسعة والعشرين لمسابقة الدوري المصري الممتاز.

وتضم قائمة الزمالك كلاً من:

حراسة المرمى : محمد عواد - محمد صبحي – عمر عبد العزيز.

خط الدفاع : حمزة المثلوثي - حسام عبد المجيد – أحمد مجدي – عمر جابر.

خط الوسط : نبيل عماد دونجا - محمد شحاتة – زياد كمال – محمد السيد - عمار ياسر – ترافيس موتيابا - سيد عبد الله "نيمار" – إبراهيما نداي - ناصر ماهر - عبد الله السعيد – محمد عاطف.

خط  الهجوم:  يوسف أوباما - مصطفى شلبي – أحمد مصطفى "زيزو".

مقالات مشابهة

  • إصابة 3 فلسطينيين في هجوم للمستوطنين على مركبات المواطنين جنوب نابلس
  • المنسي والمُهمل.. في أعمال الغريب
  • إكرام بدر الدين يكتب: ثورة الضرورة
  • د. محمد حجازي يكتب: ثورة 30 يونيو بين حاضر ومستقبل أمة
  • جوميز يعلن قائمة الزمالك للقاء فاركو ببرج العرب
  • محمد سيف يكتب: مبادرة ابدأ.. شباب في مهمة وطنية
  • محمد مغربي يكتب: ثورة اصطناعية لذوي الهمم (2)
  • منير أديب يكتب: 30 يونيو.. والحفاظ على الهوية المصرية من التآكل
  • ورطة الكيان الصهيوني بغزة
  • منذ 7 أكتوبر الماضي.. الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 9450 فلسطينيًا من “الضفة”