الهجوم على إسرائيل.. عندما يتحول "الكيبوتس" إلى كابوس!
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
احتراق منزل في كيبوتس كفر عزة جنوب إسرائيل، فهل يتسع نطاق الحرب إلى مناطق أخرى؟
في بيئيري وكفر عزة - في هذه البلدات، في جميع المستوطنات (الكيبوتسات) حدث ما لا يمكن تصوره: احتجاز رهائن وقتل وعمليات اختطاف. هذه البلدات أو المستوطنات تقع على مقربة من قطاع غزة، كان سكانها أولى ضحايا الهجمات الإرهابية التي شنتها عناصر من حركة حماس.
اخترق مسلحو الحركة الحدود مع إسرائيل في الساعات الأولى من صباح يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول. وقاموا بتنفيد عمليات اختطاف وجرح وقتل عدد كبير من المدنيين والجنود.
احتجاز رهائن وسط "الكيبوتس"
مايكي دريل، الذي كان مدير مشروع في مؤسسة "فريدريش إيبرت" في إسرائيل لسنوات، أوضح في مقابلة مع DW: "إنها كارثة. ولم تنته بعد". وتفيد التقارير (الأحد) عن اشتباكات في مستوطنة ماجن "كيبوتس ماجن"، الواقع على بعد حوالي أربعة كيلومترات فقط من الحدود مع قطاع غزة. عاش مايكي دريل لمدة عشر سنوات في المكان نفسه الذي تجري فيه الاشتباكات حالياً. وهو يعيش الآن جنوب تل أبيب.
جنوب إسرائيل على الحدود مع قطاع غزة منطقة ريفية تضم العديد من المستوطنات "الكيبوتسات". يعيش في بعضها 400 شخص، والبعض الآخر يصل عدد سكانها إلى 800 شخص. شيدت المستوطنات في إسرائيل منذ أكثر من 100 عام، حتى قبل تأسيس الدولة في عام 1948. ويوجد عدد قليل منها أيضاً في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل.
حركة حماس تشن هجوما مفاجئا على مناطق إسرائيلية بالقرب من قطاع غزةتعتمد هذه التجمعات التعاونية المعروفة بـ "الكيبوتسات" على أساليب حياة تقوم على مبادئ معينة مثل العدالة الاجتماعية والدعم المتبادل. وقد تمت خصخصة العديد من "الكيبوتسات" الآن، ولا تزال تنتج حصة كبيرة من الإنتاج الزراعي في إسرائيل، على الرغم من أن أربعة بالمائة فقط من الإسرائيليين يعيشون فيها اليوم.
أماكن ذات شعبية رغم التهديد المستمر!
وفق مايكي دريل، فإن المنطقة الجنوبية التي تعرضت الآن للهجمات الإرهابية تحظى بشعبية واسعة، ويوضح: "شعبية "الكيبوتسات" اليوم آخذة في الارتفاع، والمنطقة تتكون بشكل أساسي منها، وقد شهدت زيادة هائلة في عدد السكان في السنوات الأخيرة، على الرغم من التهديد العسكري. إنها تجمعات متماسكة للغاية، حيث مساحات واسعة من المناظر الطبيعة، ومستوى معيشة مختلف تماماً عما هو عليه الحال في المدن الضيقة".
وهذا أمر مدهش للغاية، لأن كل من يعيش في قطاع غزة يعيش أيضاً مع إنذارات صاروخية مستمرة. في بعض الأحيان يكون لدى الأشخاص 15 ثانية فقط للعثور على مأوى. لكن الناس اعتادوا على هذا التهديد مع مرور الوقت، كما يقول مايكي دريل: "لقد تكيفت البنية التحتية بأكملها معه. جميع المنازل هناك محمية بأسقف خرسانية. لكن ما حدث الآن أمر مختلف تماماً".
مشاهد عنف صادمة
في الساعات الأولى من الصباح، دخل مسلحو حماس، الذين تشير بعض التقارير إلى أن عددهم يصل إلى 300 رجل، إلى إسرائيل. وتظهر مقاطع فيديو منتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي مشاهد مروعة لقتلى مدنيين وأبنية محترقة ورهائن عراة. ويقول دريل: "لم يكن أحد يتخيل أنهم سيخترقون السياج بحفارة ثم يقتحمون "الكيبوتسات" ويذبحون الناس ويأخذون العائلات والأطفال من أسرهم إلى غزة".
مسلحو حماس نفذوا في 7 أكتوبر 2023 هجوماً غير مسبوق على إسرائيل، فكيف ستكون نهايته؟
يتحدث البعض عن حدث في إسرائيل يضاهي أحداث 11 سبتمبر، وهي مأساة للبلاد. ويذكر دريل أن هذا الهجوم بالنسبة للسكان في "الكيبوتسات" يعني "انتهاكاً كبيراً للثقة" - بما في ذلك الثقة في حكومتهم والجيش.لأنه لطالما كانت تردد من قبل: أنتم آمنون بفضل نظام الدفاع الصاروخي والأنفاق المهجورة التي شكلت مشكلة أمنية منذ سنوات". ويتابع دريل: "وهذا لم يكن صحيحاً".
بالإضافة إلى ذلك، فإن أغلب سكان "الكيبوتس" ذو توجه سياسي يساري. هناك أيضاً "كيبوتسات" ذات توجه ديني، لكن معظمها يتبنى بشكل تقليدي المثل الاشتراكية. ويقول دريل إن عدداً قليلاً فقط من الأشخاص صوتوا لصالح الحكومة الحالية هنا.
الحياة قبل إغلاق قطاع غزة
ويستحضر العديد من السكان الأوقات قبل إغلاق قطاع غزة. يقول دريل: "لقد كنا نذهب بدراجاتنا إلى البحر في ذلك الوقت". ولم يتم إغلاق قطاع غزة إلا في عام 1994 وبعدها السياج الحدودي. والآن، يقول دريل، يشعر الكثيرون بخيبة أمل تجاه الحكومة والجيش - وأيضاً لأن الأمر استغرق وقتاً طويلاً قبل أن يصل الجيش إلى هناك وكان على سكان "الكيبوتس" الدفاع عن أنفسهم.
في كيبوتس بيئيري، تم احتجاز ما يقرب من 50 شخصاً كرهائن لمدة ساعات حتى تمكن الجيش من إنهاء عملية احتجاز الرهائن. يقول دريل: "كان الإرهابيون يعرفون بالضبط أين توجد نقاط الضعف، ومكان حراسة "الكيبوتسات"، وما إذا كانت تخضع للحراسة على الإطلاق".
أحد أبرز ضحايا هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أوفير ليبشتاين، الرئيس الإقليمي والمتحدث باسم "كيبوتس" كفر عزة منذ فترة طويلة. وكان من أوائل الذين قُتلوا. ومن المعروف عنه أنه كان يدعو بشكل مستمر إلى السلام. ووصف الحياة على الحدود على النحو التالي: "الحياة هنا تشبه الجنة بنسبة 99 بالمائة. لكن واحد بالمائة منها عبارة عن جحيم، وهذا الجحيم يمكن أن ينفجر في أي وقت".
ويذكر أن حركة حماس هي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى، كمنظمة إرهابية.
ليزا هانيل / إ.م
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: هجوم في إسرائيل هجوم على اسرائيليين كيبوتس هجوم في إسرائيل هجوم على اسرائيليين كيبوتس فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
كتاب عبري جديد يكشف بشاعة إسرائيل داخل غزة.. هذا أبرز ما تضمّنه
قال باحث إسرائيلي وضابط احتياط سابق في غزة، أساف حزاني، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد: "تخلّى عن قيمه الأساسية وانضباطه، وأصبح مجموعة من الميليشيات التي تعمل وفقًا لعقيدتها".
وأوضح حزاني، خلال كتابه الجديد، الذي حمل عنوان: "مثلما تأكل على حد السيف" أن "منظومة الدولة قد انهارت، وحلّ محلها حكم الغاب، والكل يأخذ القانون بيده"، مركّزا في فصول كثيرة عند استهداف المدنيين في غزة، والقتل الجماعي عمدًا خلال الحرب الهوجاء التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على الأهالي في كامل قطاع غزة، على مدار نحو عام ونصف.
وفي استهلال الكتاب نفسه، قال حزاني: "ساعة غروب مبكرة داخل مسجد مهدوم بعد تفجير إسرائيلي. الأرضية مليئة بالركام والنوافذ والأبواب تحولت لأشلاء. رجال غزيون موثقون بأيديهم إلى الخلف، ويجلسون أرضًا ينتظرون دورهم للتحقيق معهم، ومقابلهم جندي إسرائيلي مع بندقية رشاشة موجهة لهم، وهو يمزق صفحات القرآن. تقدمت منه وسألته عن السبب، فأجاب الجندي وفي عينيه نظرة حزن: أنتقم منهم".
وتابع: "في اليوم الذي سقطت فيه السماء (7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023)، كنّا في حالة صدمة. لقد أدركنا أنه لا يمكننا الوثوق بالدولة ومؤسساتها. بعد عام ونصف، حل محل الصدمة شيء مقلق أكثر؛ التسليم بالأمر الواقع".
"لا، لم نستعد ثقتنا بالدولة والجيش، على العكس. الإدراك بأنه لا يمكن الوثوق بهما لم يعد صادما. لقد سلّمنا بالأمر، وذوّتناه، وقمنا بتطوير أنماط عمل جديدة: كل مجموعة، عائلة، وفرد يحدد القواعد لنفسه، والجميع يقومون بأخذ القانون بأيديهم" أردف الباحث الإسرائيلي.
وفي السياق نفسه، أشار إلى إحدى اللحظات التي أبرزت انهيار المنظومة، عندما خرج جنرالات متقاعدون (يسرائيل زيف ونوعم تيبون ويئير غولان) للقتال في 7 أكتوبر صباحًا، بقرار شخصي.
إثر ذلك، أكّد حزاني: "أصبحوا أبطالًا وطنيين، ولكن معهم، وُلدت رسالة أصبحت مدمرة أيضا: الدولة لن تنقذ الموقف، لذلك هناك مجال لانتظام تلقائي لمجموعات أو أفراد يحلّون محلّ الدولة".
واسترسل: "في الأيام التالية، عندما حلت منظمة -إخوة في السلاح- محل الدولة في تزويد العتاد والمساعدة للجنود، تم تعزيز هذه الرسالة: ماتت الدولة، تحيا المنظمات المستقلة".
إلى ذلك، استعرض الباحث الإسرائيلي، ما وصفها بـ:"عيّنات من الجرائم" أتت على يد الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين داخل قطاع غزة، بالقول: "في الميدان، الانضباط ينهار. يعلن كولونيل على الملأ: إذا شعرتُ بأي تهديد أقوم بإطلاق النار، لا أسأل أحدًا".
وأضاف: "مع تجاهل تام لخطر تبادل النيران. وهناك ضباط يصوّرون أنفسهم بهواتفهم الخاصة بالرغم من الحظر الصريح والخطر الأمني، ويوثق جنود أنفسهم وهم يهينون وينهبون ممتلكات مواطنين غزيين، بما في ذلك مقاطع فيديو مقززة لجنود يتلهّون بملابس داخلية للنساء الفلسطينيات".
كذلك، أشار الكتاب العبري، إلى أن: "الامتثال الأساسي للأوامر قد اهتزّ كذلك، إذ يرفض جنود فرقة الاحتياط التحرّر من الخدمة، لأنه برأيهم لم تتحقق أهداف الحرب". مؤكدا أن الجيش انهار في السابع من أكتوبر تحت ضربة "حماس"، واندلعت الحرب عندما كان في حضيض مهني.
وجوابا على سؤاله: "هل من الممكن استعادة الثقة في مؤسسات الدولة؟"، مضى حزاني بالقول: "ربما عندما لا تسعى الحكومة نفسها إلى المسّ بمؤسسات الدولة بهوس وزير القضاء ياريف ليفين، القريب من الجنون. ربما عندما لا تنقل الحكومة رسالة مفادها أنه بإمكان أي شخص أن يكون المشرّع والمنفذ والقاضي لنفسه. باختصار، بدلاً من الدولة لدينا غابة. بدلا من الثقافة، قوانين الغاب. بدلاً من العيش، البقاء على قيد الحياة".