أعلنت إسرائيل حالة الحرب وردت بهجمات مضادة على غزة إثر هجوم حركة حماس فيما سقط المئات قتلى من الجانبين

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الإثنين (9 أكتوبر/تشرين الأول 2023) أنه أمر بفرض "حصار كامل" على قطاع غزة مع دخول التصعيد مع حركة حماس يومه الثالث.

مختارات واشنطن تعلن دعمها الكامل لها.. إسرائيل تحمل إيران المسؤولية أيضا ارتفاع عدد ضحايا الهجوم والقصف وأكثر من 123 ألف نازح في غزة الجيش الإسرائيلي: اشتباكات متواصلة وقصف مئات الأهداف في غزة شولتس لنتنياهو: ألمانيا تقف بقوة وثبات إلى جانب إسرائيل +++ هجوم حماس المباغت والرد الإسرائيلي: مئات الضحايا والتصعيد مستمر++

وقال غالانت في بيان مصور "نفرض حصاراً كاملاً على قطاع غزة، لا كهرباء، لا طعام ولا ماء ولا غاز.

.. كل شي مغلق"، علماً بأن إسرائيل تفرض منذ أكثر من 15 عاماً حصاراً على القطاع حيث يعيش 2,4 مليون نسمة. وأضاف غالانت "نحن نقاتل حيوانات ونتصرف وفقا لذلك".

وكانت حركة حماس التي تسيطر على القطاع قد شنت صباح السبت هجوماً مباغتاً على إسرائيل شمل إطلاق صواريخ وعمليات تسلل براً وبحراً وجواً، فيما أعلنت إسرائيل حالة الحرب وردت بهجمات مضادة، تحت مسمى" السيوف الحديدية".

"استعادة السيطرة".. وبدء تعبئة الاحتياط

يأتي هذا فيما أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلى اليوم اعتزام بلاده تعبئة نحو 300 ألف من جنود الاحتياط رداً على الهجوم الواسع الذي شنه مسلحو حركة حماس من غزة.

ووصف الجيش عملية الاستدعاء بأنها الأكبر في تاريخ إسرائيل خلال فترة زمنية قصيرة، فيما تسود حالة قلق كبيرة حول مصير أكثر من 100 إسرائيلي تم اختطافهم ونقلهم إلى قطاع غزة.

وقُتل أكثر من 700 إسرائيلي منذ بدء الهجوم حسبما أعلن الجيش الإسرائيلي. ورد الأخير بغارات جوية وقصف مدفعي على القطاع. وأفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس عن مقتل 560 شخصا وإصابة 2900 آخرين.

من جانب آخر، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم مقتل أربعة أسرى إسرائيليين إلى جانب مقتل آسريهم جراء القصف على قطاع غزة. فخلال الهجوم الإرهابي المباغت قام إرهابيو حماس بقتل جنود إسرائيليين ومدنيين، حيث قتل وأصيب واختطف الكثير من الأبرياء كرهائن.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه "استعاد السيطرة" على البلدات الواقعة جنوب قطاع غزة والتي هاجمها عناصر حماس وأوقعوا فيها قتلى وأسروا منها عددا من الأشخاص. وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري لصحافيين إن الجيش "استعاد السيطرة"، موضحاً أنه "من المحتمل أن يكون ما زال هناك إرهابيون في المنطقة".

مطار بن غوريون لم يتأثر بالقصف

وقال متحدث باسم هيئة المطارات الإسرائيلية إن إطلاق وابل من الصواريخ على منطقة تل أبيب اليوم الاثنين لم يؤثر على مطار بن غوريون، البوابة الدولية الرئيسية لإسرائيل. ويظهر مقطع فيديو تم تداوله عبر الإنترنت دخاناً يتصاعد من المطار. وقال المتحدث إنه تم اعتراض صاروخ في الجو وربما سقط حطامه في قرية مجاورة.

 

وساطة مصرية

قال مصدران أمنيان مصريان اليوم إن مصر تجري اتصالات مكثفة مع إسرائيل وحركةحماسلمحاولة منع المزيد من التصعيد في القتال بينهما وضمان حماية الأسرى الإسرائيليين.

وقال المصدران، اللذان تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، إن القاهرة حثت إسرائيل على ممارسة ضبط النفس وحثت حماس على إبقاء الأسرى في حالة جيدة للحفاظ على احتمال التهدئة قريبا مفتوحا، على الرغم من أن الضربات الإسرائيلية المتعاقبة على قطاع غزة جعلت الوساطة مسألة صعبة.

يأتي ذلك فيما يضاعف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاته العربية والدولية الاثنين من أجل "وقف التصعيد العسكري".

وتلقى السيسي الاثنين اتصالاً هاتفياً من رئيس دولة الامارات محمد بن زايد آل نهيان، الذي طبعت بلاده علاقاتها مع اسرائيل في عام 2020. وناقش الرئيسان "الجهود الجارية لوقف التصعيد العسكري" واتفقا على "أهمية تكثيف التنسيق والتشاور ودفع الجهود الدبلوماسية الرامية لخفض التصعيد والعنف"، وفق بيان للرئاسة المصرية.

كما تلقى السيسي مكالمة من المستشار الألماني، فقد صرح المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت في برلين اليوم الاثنين بأن المستشار الألماني أولاف شولتس أجرى مساء أمس الأحد محادثات هاتفية مفصلة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وأضاف هيبشترايت أن السيسي أعرب للمستشار الألماني عن قلقه البالغ حيال تأثيرات ما يحدث على المنطقة برمتها. 

كما تحادث السيسي هاتفيا الأحد مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعربا عن "قلقهما الشديد" ازاء "تدهور الظروف المعيشية والأمنية" الناجمة عن النزاع. كما أكدا دعمهما لتسوية سلمية تقوم على أساس "حل الدولتين". واجرى الرئيس المصري كذلك مشاورات هاتفية مع العاهل الأردني عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بهدف تنسيق الجهود من أجل "عودة الهدوء".

روسيا تراقب الحرب

قال الكرملين اليوم إن روسيا تراقب تفجر أعمال العنف بين إسرائيل وحماس، "بقلق بالغ". ونقلت وكالة أنباء "إنترفاكس" الروسية عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، القول إن هناك خطر أن يؤدي القتال إلى حرب أوسع نطاقا في المنطقة، ودعا الأطراف إلى وقف التصعيد.

ولم يرد بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، على سؤال من جانب الصحفيين بشأن مستقبل هذه الاتصالات. واعتبرت روسيا أن إقامة دولة فلسطينية هو الحل "الأكثر موثوقية" للنزاع مع إسرائيل معتبرة أن محاربة "الإرهاب" وحدها لا تضمن الأمن.

يشار إلى أن حركة حماس هي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى، كمنظمة إرهابية.

قمة أوروبية ووقف المساعدات للفلسطينيين

يعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي غدا الثلاثاء اجتماعا طارئا لمناقشة الوضع في إسرائيل وغزة، وفق ما أفاد مسؤول الشؤون الخارجية للتكتل جوزيب بوريل. وقال بوريل في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم الاثنين "أعقد غدا اجتماعا طارئا لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يتطرق للوضع في إسرائيل والمنطقة".

 

من جانبها، أعلنت ألمانيا اليوم أنها علّقت مؤقتاً مساعداتها التنموية للأراضي الفلسطينية في إطار مراجعة شاملة لمساعداتها المالية بعد الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس ضد إسرائيل.

وقالت ناطقة باسم وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية "تتم مراجعتها (المساعدات)، وهذا يعني تعليقها موقتا". وأكدت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه أن الحكومة الألمانية ستراجع كافة التزاماتها تجاه المناطق الفلسطينية بعد الهجوم الكبير الذي شنته حركة حماس على إسرائيل.

وقالت الوزيرة اليوم في برلين: "نريد أن نفعل ذلك بطريقة منظمة وبالتنسيق مع شركائنا. نريد أن نناقش مع إسرائيل كيف يمكن لمشاريعنا التنموية أن تخدم السلام في المنطقة وأمن إسرائيل على أفضل وجه"، مضيفة أن هذا أيضا "تعبير عن تضامننا الثابت مع إسرائيل".

وأضافت شولتسه، التي علقت على الوضع في الشرق الأوسط قبل مؤتمر صحفي حول المساعدات الألمانية لمنطقة الساحل: "في البداية، خواطري مع ضحايا هذا العنف الرهيب، الذي لا يعرفه إلا خاسر، ومع الجرحى، ومع أقارب القتلى. ندين هذا الهجوم على إسرائيل بأشد العبارات الممكنة".

ع.ح/ ع.ج/ م.س(أ ف ب ، د ب أ ، رويترز)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: حصار غزة قطاع غزة حركة حماس عملية السيوف الحديدية الجيش الاسرائيلي استدعاء الاحتياط الإسرائيلي غارات جوية قصف مدفعي كتائب القسام مطار بن غوريون دويتشه فيله حصار غزة قطاع غزة حركة حماس عملية السيوف الحديدية الجيش الاسرائيلي استدعاء الاحتياط الإسرائيلي غارات جوية قصف مدفعي كتائب القسام مطار بن غوريون دويتشه فيله المتحدث باسم على قطاع غزة مع إسرائیل حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

حركة حماس.. عقود من المواجهة الساخنة مع الاحتلال.. قراءة في كتاب

الكتاب: "حماس: فصول لم تكتب"
الكاتب: عزام التميمي
ترجمة: أمل عيتاني
الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات


صدر مؤخراً كتاب "حماس: فصول لم تكتب"، وهو ترجمة لأصله الإنجليزي المعنون بـ"Hamas: Unwritten Chapters" الصادر عن دار هيرست في لندن عام 2007،  لمؤلفه د. عزام التميمي، السياسي والأكاديمي الفلسطيني المقيم في بريطانيا، وقد عُدَّ حين صدوره بالإنجليزية اختراقاً كبيراً في عالم الأدبيات الغربية حول حركة المقاومة الإسلامية حماس. لقد امتاز بكونه من أوائل المؤلفات التي مَنَحَت الحركة هامشاً مُعتبراً لتقديم حكايتها عن تاريخ مقاومتها للاحتلال مع الالتزام الصارم بالمعايير العلمية في الكتابة، في وقتٍ كانت أغلب تلك الأدبيات المهتمة بالحركة تاريخاً وفكراً وممارسةً تستقي معلوماتها من مصادر معادية، مثل تلك الصادرة عن مؤسسات بحثية صهيونية، أو غربية استشراقية، أو أنَّها تستقي معلوماتها من جهات ليس لديها القدرة على استنطاق قادة الحركة وكوادرها أو الوصول إلى ما صدر عنهم من وثائق وأدبيات.

لقد كان الهدف من إصدار هذا الكتاب كما صرَّح مؤلفه: "الإسهام في سدّ ثغرة طالما وُجدت في الأدبيات العالمية المعاصرة حول حركة حماس، وتقديم سرد صادق لتاريخ الحركة، وإجراء تحليل دقيق للقيم والمبادئ التي تؤمن بها حتى يتسنى للقراء التمييز بين ما هو أساسي وما هو هامشي في فكرها وممارستها، ولا يكون ذلك إلا من خلال دراسة ما صدر عن قادتها ومنظّريها من مواقف وتصريحات" (ص 7).

والحقيقة أنّ هذه لم تكن الحسنة الوحيدة في الكتاب، إذ إنَّه امتاز باحتوائه على رواياتٍ مهمة تُذْكر لأول مرة، تتناول محطات مفصلية في حياة الحركة، مثل تلك المتعلقة بتجربتها في الأردن في تسعينيات القرن الماضي، كما أنَّه تمكَّن من نسج سَرْد للأحداث التاريخية التي مرَّت بها القضية الفلسطينية بشكل عام وحركة حماس بشكل خاص بين عامي (1967 ـ 2006)، مجبول بعناصر متعة وتشويق وتسلسل وجاذبية وسلاسة، ويظهر ذلك بشكل جلي في أكثر مقاطع الكتاب، سيّما تلك التي تتناول محاولة اغتيال خالد مشعل وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين.

ناقش الفصل السابع أيديولوجيا الحركة من خلال تناول موقفها من اليهود ودولة الاحتلال، وميثاقها الذي يُعد الوثيقة السياسية الرسمية الأولى للحركة، حيث استعرض بعض بنوده التي أثارت جدلاً واسعاً في أوساطٍ سياسيةٍ وأكاديميةٍ وإعلامية، الأمر الذي دفع الحركة لتكليف لجنة لإعداد مسودة لميثاق جديد..ويمكن ملاحظة الجرأة في تناول بعض القضايا الحسَّاسة والتي لم يكن من المعتاد تناولها من قِبَل الكُتَّاب الإسلاميين بهذا الوضوح والصراحة والعمق، كما في تحليله خلفيات الخلاف بين د. فتحي الشقاقي والحركة قبل انفصاله عنها وتأسيسه لحركة الجهاد الإسلامي، وفي كشفه لأسرار العلاقة بين الحركة وجماعة الإخوان الأردنية، ودور الأخيرة في الدفع باتجاه خروج الحركة من الأردن.

أمَّا طبعته المترجمة للعربية التي نعرضها هنا فصدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ترجمة أمل عيتاني، وقد جاءت في إطار اهتمام المركز منذ تأسيسه في التأريخ للعمل الفلسطيني المقاوم، وتميُّزه بعدد من الإصدارات الرصينة حول إرث حركة حماس السياسي والعسكري، وتوفيره عدداً من الترجمات المهمة في السياق ذاته، وهو بهذه الترجمة يُراكم الأدبيات العربية حول تاريخ الحركة وفعلها المقاوم مما يُسهل الدراسة والبحث على الباحثين والمهتمين العرب المتقنين للعربية فقط. 
حوى الكتاب على مقدمة وعشرة فصول وفهرست بالأماكن والشخصيات والمؤسسات والأحداث.

افتتح المؤلف الفصل الأول بالحديث عن جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين ابتداءً من عام 1967، وأشار إلى جملة من القضايا أهمها العوامل المحلية والإقليمية والدولية التي ساهمت في انبعاث الجماعة مجدداً، فيما يمكن تسميته بالميلاد الثاني بعد ميلادها الرسمي الأول عام 1945، كما تكلَّم عن بدايات العمل الإخواني الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، وذكر سلسلة العوامل الرئيسة التي دفعت إخوان فلسطين لتأسيس حركة حماس، ويلفت النظر في هذا السياق حديثه عن مساهمة الشيخ المصري حسن أيوب المقيم في الكويت في بلورة موقف الطلاب الفلسطينيين في ثانويات الكويت من القضية الفلسطينية، حيث صدح هناك بأفكاره حول ضرورة انخراط الإسلاميين في العمل المقاوم، في وقتٍ لم يكن تحرير فلسطين ضمن أولويات الحركة الإسلامية، ويُظهر الكتاب في هذا الفصل وفي الفصول التي تليه مركزية الشيخ أحمد ياسين في مسيرة الإخوان ثم حركة حماس حتى استشهاده عام 2004.

وركَّز الفصل الثاني على التمدد المؤسساتي لجماعة الإخوان، وتطرق للتطورات التي حدثت في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، والتي في مقدمتها تأسيس تنظيم بلاد الشام عام 1978، والبدء بالتأسيس للمشروع المقاوم في فلسطين، وانبثاق لجنة فلسطين داخل تنظيم بلاد الشام،  ثم جهاز فلسطين عام 1985، وسلَّط الضوء على دور إخوان الخارج في تأسيس حركة حماس من خلال حديثه عن الإخوان الفلسطينيين في الكويت الذين قدَّموا المشروع الإسلامي لفلسطين في اللقاء التاريخي الذي عُقد في عمان عام 1983، وهو اللقاء ذاته الذي تقرر فيه تقديم الدعم اللوجستي والمالي للمشروع، حيث مُنحت لجنة فلسطين أو لجنة الداخل مبلغ 70 ألف دولار من فرع الكويت من أجل "تمويل أول مشروع جهادي في غزة" (ص 63)، وتطرق الفصل أيضاً لمحاولات الشيخ ياسين العمل العسكري ضدّ الاحتلال منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي.

وتحدث الفصل الثالث عن انطلاق العمل المقاوم وبدايات العمل العسكري المنظم، والتطورات الميدانية التي حدثت، وما قابلها من شنّ الاحتلال لحرب شاملة على الحركة تضمنت تفاصيل عن موجات متلاحقة من الاعتقال والإبعاد، وكيف دخل الخارج على خط إعادة هيكلة التنظيم في الداخل بعد موجة الاعتقال عام 1989، وقد قاد هذه العملية موسى أبو مرزوق، الأمر الذي دشَّن تصاعد دور الخارج وتصدره للمشهد القيادي داخل الحركة.

وسرد الفصل الرابع قصة حركة حماس في الأردن ابتداءً من انتقال مكتبها السياسي إلى العاصمة عمّان بشكل رسمي أوائل عام 1993، وانتهاءً بترحيل قادتها أواخر عام 1999. تحدث الفصل عن ميزات الأردن بالنسبة للعمل الفلسطيني المقاوم، وآليات التواصل بين الحركة والنظام الأردني، وتتبع النقلة النوعية التي أحدثها وجود المكتب السياسي للحركة في الأردن، إن على مستوى خطاب حماس السياسي والإعلامي أو على مستوى علاقاتها الخارجية، وقدَّم تفاصيل حول دوافع النظام لاستقبال الحركة، ثمَّ دور المخابرات الأردنية في التضييق على الحركة حتى ترحيلها.

واهتم الفصل الخامس بسرد تفاصيل محاولة اغتيال خالد مشعل، وسلَّط الضوء على كيفية إدارة الحركة للملف، وكشف عن موقف الأطراف الفاعلة على الساحة الأردنية من الحادثة سواءً رأس النظام أو الحكومة أو الأجهزة الأمنية أو الأحزاب السياسية (تحديداً جماعة الاخوان)، وتحدث عن تداعيات الحادثة على مكانة الحركة وعلاقاتها المحلية والإقليمية والدولية، خصوصاً مع اضطرار الاحتلال الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين.

وعرض الفصل السادس مشهد الخروج الكلي لقادة حماس من الأردن، مبيناً دوافع الأردن لاتخاذ قرار ترحيلهم، خصوصاً مع التطورات التي شهدتها القضية الفلسطينية مع توقيع مذكرة واي ريفر في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1998، وانتخاب باراك رئيساً لوزراء الاحتلال عام 1999. وتتبع الفصل آليات تطبيق قرار الترحيل التي تضمنت مشاهد أساءت للقضية الفلسطينية وللمقاومة ولمشاعر الفلسطينيين والأردنيين، وبيَّن الفصل أيضاً موقف إخوان الأردن، الذي جاء على خلاف رغبة الحركة، حيث بدوا وكأنهم إحدى أوراق النظام الأردني الضاغطة عليها.

وناقش الفصل السابع أيديولوجيا الحركة من خلال تناول موقفها من اليهود ودولة الاحتلال، وميثاقها الذي يُعد الوثيقة السياسية الرسمية الأولى للحركة، حيث استعرض بعض بنوده التي أثارت جدلاً واسعاً في أوساطٍ سياسيةٍ وأكاديميةٍ وإعلامية، الأمر الذي دفع الحركة لتكليف لجنة لإعداد مسودة لميثاق جديد، وقد حالت تطورات الأحداث بعد الفوز في الانتخابات التشريعية أوائل عام 2006 دون إتمام المشروع، كما تناول الفصل بعض المفاهيم المرتبطة بالمقاومة واستراتيجياتها مثل الهدنة والتهدئة والعمليات الاستشهادية.
 
وكرَّس الفصل الثامن للتعليق على مفاهيم الجهاد والقتال والاستشهاد في الفكر الإسلامي المعاصر، وإبراز التداخل بين الفقهي والسياسي عند دراسة هذه المفاهيم، وارتباط كل ذلك بسياسات حركة حماس ومواقفها.

وعاد في الفصل التاسع للحديث عن تاريخ العلاقة بين حماس وحركة فتح بشكل خاص ومنظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) بشكل عام، وكيف حاولت م.ت.ف احتواء حماس. وحوى الفصل تفاصيل عن اللقاءات بين ممثلين من الجانبين ومخرجات اللقاءات، وكشف عن محاولات السلطة الفلسطينية لَي ذراع حماس عبر اعتقال قادتها وكوادرها، وإقفال مؤسساتها ومصادرة أموالها، ثم تحدث عن الانتفاضة الثانية وتفاصيلها.

وتابع الفصل العاشر تطورات القضية الفلسطينية منذ وفاة أبو عمار مسموماً عام 2004، ثم اختيار محمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية عام 2005، ومشاركة حماس في انتخابات 2006، وقدَّم تحليلاً لأسباب المشاركة وتوقعات النتائج قبل صدورها، والفوز الكبير الذي حقَّقته الحركة وتداعياته المحلية والإقليمية والدولية  

أين الضفة الغربية في مسيرة حماس التاريخية؟!

بدا دور حركة حماس في الضفة الغربية، كما ورد في الكتاب، هامشيـاً، رغم حضورها القوي على أرض الواقع في كل الفترة الزمنية التي عالجها الكتاب، وفي كل المحطات الرئيسة التي مرَّ بها إخوان فلسطين ومن بعدهم حركة حماس، سواءً في مرحلة إعادة تفعيل حركة الإخوان بعد هزيمة حزيران عام 1967، وما واكب ذلك من انتشار للمؤسسات الخيرية والاجتماعية والتربوية واتِّساع بناء المساجد وظهور الدعاة والتجمعات الطلابية في الثانويات وفي الجامعات، ثمَّ المشاركة الفاعلة في التأسيس لحركة حماس، والمشاركة في قيادة مشروعها وصياغة قراراتها، وتقديم كل ما يلزم من تضحية في سبيل تحقيق برنامجها خلال الانتفاضتين الأولى والثانية.

يمكن ملاحظة الجرأة في تناول بعض القضايا الحسَّاسة والتي لم يكن من المعتاد تناولها من قِبَل الكُتَّاب الإسلاميين بهذا الوضوح والصراحة والعمق، كما في تحليله خلفيات الخلاف بين د. فتحي الشقاقي والحركة قبل انفصاله عنها وتأسيسه لحركة الجهاد الإسلامي، وفي كشفه لأسرار العلاقة بين الحركة وجماعة الإخوان الأردنية، ودور الأخيرة في الدفع باتجاه خروج الحركة من الأردن.إنَّ تركيز الكتاب على الحركة في إقليميها (غزة والخارج) وإغفال الإقليم الثالث (الضفة الغربية) يشكل ثغرة محزنة، كنتُ أتمنى لو قُدِّر للتميمي سدَّها في الطبعة العربية من خلال تقديم نسخة عربية محدثة للكتاب أو على أقل تقدير تناول الموضوع في المقدمة، خصوصاً بعد أن أصبحت بعض المعلومات المهمة حول دور الضفة ورجالها متاحةً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تقديم دراسة وافية وموضوعية عن تجربة الحركة في الضفة الغربية مهمة شاقة وتحتاج إلى جهد كبير، وهذا عائد إلى عدد من الأسباب، يأتي في مقدمتها الوضع الأمني، خاصة مع استمرار حالة الاستنزاف التي تتعرض لها الحركة في الضفة الغربية منذ أكثر من ثلاثة عقود، وغالباً لا يُعرف من إرثها إلا ما كُشف عبر الاحتلال، ويعاني الباحثون نتيجة لهذا الوضع الأمني المعقد من اختفاء الكثير من المصادر الأولية الهامة، وعدم قدرتهم على التواصل السلس مع قادة الحركة وكوادرها.

ملاحظات إضافية:

لا شكّ بأن الكتاب احتوى تفاصيل وتحليلات جديدة، منحت الباحثين والمهتمين، حين صدوره بطبعته الإنجليزية، كنزاً معرفياً كانوا بحاجة ماسَّة إليه، وقد مرَّ وقتٌ طويلٌ على صدوره، وكان من المفروض عدم التأخر في ترجمته، خصوصاً بعد أن صدر عدد معتبر من الدراسات والأبحاث والكتب باللغة العربية حول الحركة وتجربتها النضالية، لكن يبقى صدور الكتاب بالعربية هذه الأيام مهم وضروري، إذ إنَّه سيضاف إلى الأدبيات العربية الرصينة التي تناولت الحركة وتاريخها، وقد أتى في ظلّ المكانة التي وصلت لها الحركة في الساحتين المحلية والإقليمية، وضرورة وجود أدبيات علمية ترتكز إلى رواية الحركة عن نفسها.

ويبقى أن نشير إلى ملاحظتين ختاميتين تتعلقان ببعض التفاصيل الواردة في الكتاب:

الملاحظة الأولى: أشار الكاتب إلى أن العدد الأكبر من الأسرى الفلسطينيين حتى عام 2005، كانوا من قطاع غزة، والصحيح أن أسرى الضفة كانوا هم الأكثرية منذ سنوات طويلة.

الملاحظة الثانية: يستشف القارئ للكتاب أن بداية انخراط الإخوان الفلسطينيين في العمل النضالي ذي الطابع الجماهيري كانت عام 1986 بمظاهرة جامعة بيرزيت، ولكن الأمر سابق على ذلك بسنوات؛ ففي النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي كان طلبة الكتل الإسلامية في جامعات الضفة وغزة قد اعتادوا على المشاركة في برنامج اعتكاف في المسجد الأقصى، وكان غالباً ما يتخلله مواجهة مع مجموعات صهيونية مقتحمة للأقصى، وكان لهذه المواجهات صدّاً كبيراً، وقد اعتُقل عدد من كوادر الإخوان الشبابية على هذه الخلفية وأصيب عدد آخر.

هوامش:

ـ صدر هذا الكتاب بطبعته الأمريكية سنة 2007 تحت عنوان "حماس: تاريخ من الداخل Hamas: A History from Within".
  ـ سبق كتاب التميمي كتابان لخالد الحروب صدرا تباعاً بالإنجليزية، جاء الأول بعنوان "حماس: الفكر والممارسة السياسية Hamas: Political Thought and Practice" سنة 2000، أمَّا الثاني فهو "حماس: دليل المبتدئHamas: a Beginners Guide " سنة 2006.
  ـ شيخ وداعية أزهري، استقر في الكويت، وكان له دور مهم في تعزيز التدين ونشر الفكر الإسلامي بين أفراد الجالية الفلسطينية في الكويت، سيّما طلاب الثانويات.
 ـ أشار التميمي في تقديمه لمذكرات عدنان مسودة الصادرة عن مركز الزيتونة عام 2013 (تحرير بلال شلش)، ص 10، إلى الصعوبات التي واجهها وحالت دون حصوله على رواية حماس الضفة وتضمينها في كتابه، مع تأكيده على أنّ المراحل التي مرت بها الحركة في الضفة هي، إلى حدٍّ كبير، نفس المراحل التي مرَّت بها أخواتها في إقليمَي غزة والخارج. 


مقالات مشابهة

  • مع عنصر آخر..إسرائيل تقتل قيادياً من حماس في الضفة الغربية
  • حركة حماس.. عقود من المواجهة الساخنة مع الاحتلال.. قراءة في كتاب
  • تحليل لهآرتس عن تحقيقات 7 أكتوبر: حماس تفوقت على الجيش الإسرائيلي
  • إسرائيل اليوم: 15 دقيقة حسمت مصير ناحال عوز يوم السابع من أكتوبر
  • الجيش الاوكراني يعترف بتكبده خسائر فادحة في الحرب ضد روسيا
  • حركة حماس: عملية حيفا رد طبيعي على جرائم إسرائيل
  • ألمانيا تدعو إسرائيل إلى السماح بإدخال المساعدات لغزة
  • حركة حماس تعلق على عملية الطعن في حيفا
  • الجيش الصومالي يقضي على أكثر من 40 عنصرًا إرهابيًا
  • بعد تعرضه لحادث انزلاق... وفاة عنصر من الجيش في بلدة القبيات