المطوّع: إرادة جلالة الملك المعظم بعودة الحياة البرلمانية تُعد أهم قرار سياسي اتُخذ في تاريخ البحرين الحديث
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
أكد سعادة السيد محمد بن إبراهيم المطوع، أن إرادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، بعودة الحياة البرلمانية وانخراط مملكة البحرين ضمن مسارات العمل الديمقراطي والحضاري، يعد أهم قرار سياسي اتخذه جلالته رعاه الله في تاريخ المملكة الحديث، باعتباره جاء ليصب في صالح تطور وتقدم وازدهار المملكة، وينم عن رؤية استشرافية مدروسة لمستقبلها، موضحًا أن البحرين قيادةً وحكومةً وشعبًا استطاعت إثبات إرادتها وعزيمتها على البناء والتنمية استجابة لرؤى وتطلعات جلالة الملك المعظم أيده الله في التحول الديمقراطي، وبما أثبت حكمة وريادة إرادة جلالته لضمان ازدهار وتقدم المملكة كما نشهده الآن.
جاء ذلك خلال جلسة نقاشية نظمتها الأمانة العامة لمجلس الشورى ومعهد البحرين للتنمية السياسية اليوم (الاثنين)، بعنوان «اتخاذ القرار السياسي وتأثيره” ضمن برنامج مهارات برلمانية، والذي يأتي ضمن البرنامج العام “إضاءات”، حضرها معالي السيد علي بن صالح الصالح رئيس مجلس الشورى، وسعادة الدكتورة جهاد عبدالله الفاضل النائب الثاني لرئيس المجلس، وعدد من أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، ومن جانب المعهد سعادة السيد علي بن محمد الرميحي رئيس مجلس أمناء المعهد وسعادة الدكتورة الشيخة مي بنت سليمان العتيبي نائب رئيس مجلس أمناء المعهد، إلى جانب عدد من أعضاء مجلس الأمناء، وسعادة السيدة كريمة محمد العباسي، أمين عام مجلس الشورى.
واستعرض سعادة السيد محمد بن إبراهيم المطوع، خلال المحاضرة أبعاد اتخاذ القرار السياسي الناجح، وتأثيراته، وما هي العوامل والمعطيات التي يجب أن يأخذ بها صاحب القرار السياسي.
وأوضح المطوع أن السلطة التشريعية ممثلة في مجلسي الشورى والنواب تتميز بأدوات دستورية تمكنها من اتخاذ القرارات السياسية الوطنية على هيئة تشريعات وقوانين، أو رقابة برلمانية تسهم في تطوير الحياة العامة، وذلك بالعمل جنبًا إلى جنب مع الحكومة الموقرة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، مبينًا أن السلطة التشريعية أصبحت تتمتع بخبرة تراكمية كبيرة ممتدة لأكثر من خمس فصول تشريعية، مما يجعلها اليوم قادرة على اتخاذ القرارات السياسية ذات النتائج الإيجابية، والتي تلبي المصلحة العامة بالدرجة الأولى.
وذكر المطوع أن القرارات السياسية الوطنية الناجحة هي التي تستجيب عند صياغتها إلى مجموعة المعطيات والعوامل الضرورية، وأبرزها أهمية توافر المعلومات والبيانات الكافية والصحيحة لصاحب القرار، والتي تكون نتاج الأبحاث والآراء المستنيرة والخبرات والإحصائيات والحقائق، وكذلك أهمية عامل الخبرة والتجربة، باعتبار أن صنّاع القرار دائمًا ما يعتمدون على خبراتهم ليكون القرار صائب وقليل المخاطر وذي جدوى وإنجاز، مشيرًا إلى أهمية أن يراعي صاحب القرار أصحاب المصلحة في ما يتخذه من توجهات وقرارات، وأن يستعين بوجهات نظرهم ومرئياتهم لتكون قراراته أكثر واقعية وموضوعية. وتطرق المطوع إلى ضرورة التفات صاحب القرار للاعتبارات الأخلاقية التي تراعي الأعراف المجتمعية وقضايا العدالة والإنصاف وحقوق الإنسان، مشددًا على أهمية أن يتواءم القرار مع الأطر القانونية والدستورية لتفادي الارتداد العكسي من الهدف المخطط له، فضلاً عن التأكد من الموارد المالية وقياس التبعات باعتبارها مسألة في غاية الأهمية، بالإضافة إلى الأخذ بعامل تقييم المخاطر وقياسها وربطها بالاحتمالات المطروحة، ووضع البدائل المعقولة لتفادي أي مخاطر واردة.
واختتم المطوع مؤكدًا أن أفضل القرارات السياسية الوطنية هي التي تُتخذ بشكل جماعي، وهو ولله الحمد ما تنتهجه مملكة البحرين انطلاقًا من جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه كقدوة نستلهم منه الإصرار والاستمرار، وكذلك السلطة التشريعية والحكومة الموقرة، والتي نجدها الآن في أسمى صور التعاون والتنسيق المشترك وصولًا للتكامل في الإنجاز الوطني.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا القرارات السیاسیة اتخاذ القرار مجلس الشورى صاحب القرار رئیس مجلس
إقرأ أيضاً:
جدل حركة الحياة والتاريخ
مع كل لحظة ألم تنشأ لحظة مقاومة، ومع كل حالة قهرية تنشأ حالة وجودية تظل في حالة تكوّن وتشكّل إلى أن تبلغ ذروتها الوجودية، فقانون الفيزياء الذي يحكم مسار الطبيعة هو ذاته، فالأفعال لها أفعال مضادة وهي بالضرورة تصب في بوتقة التدافع بين الأنا والآخر خوف الفساد في الأرض والتضخم.
لذلك فكل مسارات التاريخ وسياقاته كانت دالة على أن وجود الآخر أو التالي كان يرتبط سببياً بالأول أو السابق.
فالأمويون مثلاً كانوا سبباً في وجود العباسيين من خلال الحالات القهرية التي خلقوها فصنعت روح المقاومة للفناء القهري وهكذا دواليك في كل الحركات الاجتماعية السياسية في التاريخ، وصولاً إلى العصر الحديث الذي شهدنا فيه بزوغ القومية من تحت نيران الاستعمار وبزوغ الاشتراكية من تحت قبعات الاستغلال والغبن، بيد أن الذي يمتاز به العصر الحديث عن العصور التي سبقته هو تطور البعد الثقافي من الشخصنة والفردانية إلى الشعار.
فالقوميون التفوا حول شعار «أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة» والإخوان المسلمون حول شعارهم «الله غايتنا .. والرسول قدوتنا.. والقرآن منهجنا.. والجهاد سبيلنا.. والموت في سبيل الله أسمى أمانينا.. »والاشتراكيون التفوا حول شعارهم «حرية، اشتراكية، عدالة اجتماعية»، وما يؤخذ على تلك الشعارات أنها تظل ثابتة وثباتها يجعلها في قائمة المقدس عند أتباع الحركة الاجتماعية أو السياسية ولذلك تعجز كل حركة اجتماعية أو سياسية عن التطور وتعجز عن التفاعل مع الشروط الموضوعية للتحول والانتقال والتغيير وهو الأمر الذي يمكننا قراءته تحت سماء ومناخات الربيع العربي ،وفي اليمن على وجه الخصوص، فالحركة القومية تمترست حول رموزها التاريخيين وعجزت عن مقاومة الحالات القهرية التي واجهتها وعجزت عن التحديث والتجدد في بنيتها العامة فكيف لها أن تحدث انتقالاً هي عاجزة عن تحقيقه لذاتها، وكذلك الحركة الاشتراكية التي تقف على أطلال الأمجاد القديمة دون أن تبدع واقعاً جديداً يتوافق مع لحظتها التاريخية المعاصرة ويتفاعل مع قيم العصر البديلة، أما حركة الاخوان فقد كانت تخلق أسئلة العصر الحضارية دون أن تتمكن من الإجابة عليها وحين تشعر بالعجز تعود إلى نقاط مضيئة في التاريخ لتبرير عجزها أو تتمترس وراء التأويلات، ولذلك فهي لا تملك مشروعاً نهضوياً أو حضارياً ومن لا يملك مشروعاً لا يمكن للجماهير أن تعول عليه في إحداث التغيير والانتقال.
ف”الاخوان “كحركة اجتماعية وسياسية منظمة مالت إلى تحريض الفقراء وإثارة عاطفتهم الدينية على الحرب ضد الفقر والجوع.. وعملت على تنظيم المظاهرات التي تنادي بالتغيير وبتحويل الأوضاع القائمة عن مجراها الذي هي عليه في واقعها خلال عام 2011م في ظل مناخات الربيع العربي وفي الأوطان التي حدثت فيها موجة الربيع العربي «تونس، مصر، ليبيا، اليمن» لم تكن على إدراك تام بطبيعة الفروق والاختلافات في حركات المقاومة الإيجابية ضد المجتمع في وضعه القائم، ولذلك خاب ظن المجتمع بها لأنها لم تحقق الدور الذي توقعه المجتمع منها وقد وقع خطابها في التناقض وبالتالي فقد فقدت تأثيرها من خلال اختلال المنظور الوظيفي، فرجل الدين في تصورات المجتمع، رجل فاضل عادل خيّر يقوم بواجبه في الدور الذي وجد ذاته فيه، ويجسد في العادة الدور الذي يتوقعه المجتمع منه، ولم يكن في مقدور التصورات الذهنية الوظيفية أن تتخيله خارج مستلزمات دوره الاجتماعي مبرراً ومتناقضاً في مواقفه وفتاواه، ومثل ذلك الاختلال الوظيفي كان سبباً مباشراً في ظهور “حركة انصار الله “ وهو ظهور قاومته حركة الإخوان والحركة السلفية بالنار والدم ولم تزل في أكثر من مكان من اليمن، فمقاومة الإخوان والسلفية لأنصار الله ليست عقائدية كما يبدو في ظاهرها ولكنها مقاومة وجودية، فشعور الفناء خوف ظهور الآخر هو من يقاوم وهو من يقاتل وليس البعد العقائدي الذي ينص على الاعتناء بتكامل إيمان الذات ولا يرى في الآخر ضرراً عليها إذا اكتمل إيمانها كما ينص القرآن على ذلك في الآية (105) من سورة المائدة، فالصراع في اليمن كان صراعاً وجوديا له طابعه السياسي الصرف، إذ أن التعايش بين المذاهب في اليمن ظل بعداً ثقافياً متأصلاً ولم يشهد صراعاً دامياً طوال مراحل التاريخ المختلفة، وتكاد أن تكون كل المذاهب في اليمن متناغمة – وبعض تلك المذاهب وصل إلى الحكم – والمآسي الدامية في التاريخ كانت بدوافع سياسية ولم تكن بمبررات مذهبية قط، حتى “مطرفية “ الإمام عبدالله بن حمزة فقد كان الدافع السياسي حاضراً فيها لكونه جاء السلطة من باب الاحتساب ولم يدع لنفسه لعدم اكتمال الشروط الهادوية فيه، فالمبرر كان سياسياً وجودياً أكثر منه مذهبياً أو عقائدياً، وقد أنكر فعله جل علماء عصره ومذهبه.
ولذلك كانت الزيدية – وفق الكثير من المعطيات التاريخية – تتعايش مع الآخر المختلف ولا تحاول طمس وجوده، وهو أمر كان ممتداً في مواقف انصار الله وفي خطابهم ، لذلك فالقوى الاستخبارية العالمية حاولت أن تستغل الفراغات وتتحرك فيها، فكان العدوان تعبيرا عن صراع وجودي بين اليمن والسعودية وفي معناه العميق تعبير عن حركة استعمارية جديدة تجتاح الوطن العربي تحت عباءة الأعراب، فالغرب ينفق الكثير على الدراسات وهو يحاول توظيف المعرفة لخدمة أجنداته، وغاياته من كل ذلك التحكم بمصادر الطاقة والغداء لتحقيق ثنائية الهيمنة والخضوع على الشعوب والحكومات .