جندي ومحارب ومجاهد صلب تعتقد من الوهلة الأولى بأنك أمام جنرال حاد الملامح لا تعرف الابتسامة طريقها إليه، لكنه عكس ذلك تماما فهو رجل وديع، رقيق، حنون للغاية، وصاحب دعابة وخفة ظل، وفقا لروايات مؤكدة من مقربين عرفوه عن قرب، وهذا ما رصده تقرير لصحيفة قدس برس عن زعيم كتائب القسام.

 

 شخصية بسيطة بشكل لافت، يتحلى بالهدوء والاتزان، والميل إلى الانطوائية، ويقولون إن له قلبا نقيا لا يعرف الحقد، ولا يحمل غلا، ولا إثما، ولا حسدا، يعرف بأنه صبور جدا، لدرجة تثير الدهشة، حيث يستطيع مثلا الاختباء في غرفة واحدة لمدة عام كامل، دون أن يخرج منها، أو يشعر بالملل أو الضجر.

 

ربما يكون أكثر شخص مطلوب في هذا الكوكب للكيان الصهيوني لذلك تنطبق عليه مقولة، رجل لا يرى ولا يعرف مكانه، بينما ترى أفعاله، ولا يستخدم التقنية، ذكي وسريع البديهة، وليس محبا للظهور، يخاطب أنباء شعبه وأمته عبر رسائل صوتية.

 

وبحسب الصحيفة الفلسطينية، ولد محمد دياب إبراهيم المصري، الشهير باسم محمد الضيف عام 1965، لأسرة فلسطينية لاجئة من بلدة القبيبة داخل فلسطين المحتلة عام 1948، عاش حياة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر أسرته في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.

 

نشأ في أسرة فقيرة، واضطر إلى العمل في عدة مهن لمساعدة أسرته، بالإضافة إلى العمل مع والده في محل "الغزل والتنجيد" الذي كان يعمل به.

 

اضطرته هذه الظروف الصعبة خلال دراسته إلى محاولة إقامة مشاريع كي ينفق على نفسه، حيث أنشأ مزرعة صغيرة لتربية الدجاج، ثم قام باستصدار رخصة قيادة سيارة، إلا أن مطاردته من قبل قوات الاحتلال لم تسمح له بالعمل في مهن أخرى.

 

في أثناء دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة كان من أبرز الناشطين في الكتلة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بغزة، انضم لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين التي كانت وقتها تركز عملها على الدعوة الإسلامية والتربية، ولم تكن قد قررت بعد الانخراط في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال.

 

ولم يكن الضيف يشعر بالحرج، وهو يحمل مكنسته، مع شبان المجمع الإسلامي ينظفون شوارع خان يونس، وخاصة شارع البحر الرئيسي، بالإضافة إلى مشاركته خلال نشاطه الجامعي في "يوم الحصيدة"، حيث يساعدون المزارعين في حصاد مزروعاتهم المختلفة.

 

ولم يغب الفن عن نشاط الضيف في الفترة التي سبقت عمله العسكري، فقد ساهم في إنشاء أولى الفرق الفنية الإسلامية في خان يونس، وتدعى "العائدون" والتي كانت تقدم المسرحيات الهادفة وكذلك الأناشيد الإسلامية.

 

اشتهر بلقبه الحالي "أبو خالد" من خلال دوره التمثيلي في إحدى هذه المسرحيات، وهي مسرحية "المهرج"، وكان يلعب فيها دور "أبو خالد" وهي شخصية تاريخية عاشت خلال الفترة ما بين العصرين الأموي والعباسي.

 

وكان الضيف مسؤولا عن اللجنة الفنية خلال نشاطه في مجلس طلاب الجامعة الإسلامية التي تخرج فيها عام 1988 بعد أن حصل على درجة البكالوريوس في العلوم.

 

وحين أعلن عن تأسيس "حماس" انخرط في صفوفها دون تردد، فاعتقلته سلطات الاحتلال عام 1989 بعد حملة الاعتقالات الكبرى في صفوف الحركة التي اعتقل فيها أيضا الشيخ الشهيد أحمد ياسين، وقضى 16 شهرا في سجون الاحتلال موقوفا دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لـ"حماس"، الذي أسسه الشيخ الشهيد صلاح شحادة، وكان اسمه وقتها "المجاهدون الفلسطينيون".

 

وأثناء سجنه كان الضيف قد اتفق مع زكريا الشوربجي وصلاح شحادة على تأسيس حركة منفصلة عن "حماس" بهدف أسر جنود الاحتلال، فكانت كتائب القسام.

 

بعد خروج الضيف من السجن، كانت كتائب عز الدين القسام بدأت تظهر كتشكيل عسكري، وكان الضيف من مؤسسيها، وفي طليعة العاملين فيها إلى جانب الشهيد ياسر النمروطي وإبراهيم وادي وغيرهم من الرعيل الأول من قادة "القسام."

 

وعلى مدى عامين بقي الضيف غير معروف كناشط عسكري إلى أن وقع حادث إطلاق نار بين أحد أعضاء في حركة فتح وأحد أعضاء كتائب القسام، فغضب الضيف لذلك غضبا شديدا، وقام بسحب مقاتل "القسام" من المكان، صارخا: "رصاصنا لا يوجه إلا للعدو فقط"، ومن وقتها علم الجميع أن الضيف هو أحد قادة كتائب القسام، وتوارى عن الأنظار.

 

برز دوره كقيادي عسكري بعد اغتيال الشهيد عماد عقل عام 1993.

 

ومنذ تلك اللحظات بدأت رحلة الضيف مع المطاردة الإسرائيلية، واستطاع خلالها التغلب على واحد من أقوى أجهزة مخابرات العالم والنجاح في الإفلات من محاولات الاعتقال والاختطاف والاغتيال، ونجح في كسر الحصار حوله وتوجيه العديد من الضربات للاحتلال ومخابراته.

 

واستنادا إلى القصاصات والأخبار التي تنشرها الصحف عنه، يضم أرشيف المخابرات الإسرائيلية ملفا مكونا من آلاف الأوراق يتضمن كل صغيرة وكبيرة حول شكله وملامحه وصفاته، والأماكن المتوقعة لوجوده.

 

المخابرات الإسرائيلية تقول بأنه يتمتع بقدرة بقاء غير عادية، ووصفه الإعلام الصهيوني بأنه "ابن موت"، كما أنه يحسن انتقاء رجاله المقربين بدقة وبطريقة يصعب اختراقها.

 

وتشير المصادر الإسرائيلية إليه باعتباره المسؤول المباشر عن تنفيذ وتخطيط سلسلة عمليات نفذها "القسام"، أدت إلى مقتل وجرح مئات الإسرائيليين، إلا أن أخطر التهم الموجهة إليه هي إشرافه وتخطيطه لسلسلة عمليات الانتقام لاغتيال المهندس يحيى عياش التي أدت إلى مقتل نحو 50 إسرائيليا بداية عام 1996 وتخطيطه كذلك لأسر وقتل الجنود الإسرائيليين الثلاثة أواسط التسعينيات، ومن بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان.

 

ووصل الأمر كما ذكرت تسريبات سابقة بأن الضيف كان جزءاً من صفقة بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني تنص على قيام السلطة باعتقاله، مقابل أن يمنحها الاحتلال سيطرة أمنية على ثلاث قرى في القدس.

 

ولم تكذب السلطة خبرا، فاعتقلت الضيف ودخل السجن عام 2000، لكنه تمكن من الإفلات من سجانيه في بداية الانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى، واختفت آثاره منذ ذلك اليوم.

 

وبعد اغتيال صلاح شحادة وخلافة الضيف له أعد خطة تضمنت تدريب مقاتلين غير استشهاديين، وخطط لنقل المعركة لتكون داخل الأراضي المحتلة عام 48.

 

نجا على الأقل من ست محاولات اغتيال فاشلة بدأت مع عام 2002 حيث نجا منها بأعجوبة، بعد أن أصابت صواريخ طائرات الأباتشي السيارة التي كان داخلها، وأدى الحادث إلى استشهاد اثنين من مرافقيه، وأشارت مصادر فلسطينية وقتها إلى أن الضيف فقد إحدى عينيه.

 

فيما أكد مسؤول المخابرات الإسرائيلية أن الضيف نجا من هجوم في غارة إسرائيلية عام 2004 اغتيل فيه كبير مساعديه الشهيد عدنان الغول.

 

وفي عام 2006، قصفت طائرة إسرائيلية من طراز إف-16 منزلا زعم الاحتلال أنه يضم اجتماعا لقادة رفيعي المستوى من "حماس"، ونجا الضيف من الانفجار، لكنه أصيب بجروح بالغة في العمود الفقري، وبعد هذا الحدث أصبح أحمد الجعبري قائدا بالإنابة لكتائب القسام.

 

في عام 2014، شن الطيران الإسرائيلي غارة على منزل بحي الشيخ رضوان في مدينة غزة أسفرت عن استشهاد زوجة الضيف (وداد، 27 عاما)، وابنه علي (7 أشهر) وابنته سارة (3 أعوام)، بالإضافة لثلاثة مدنيين، ونفت "حماس" وقتها مقتل الضيف.

 

وفي عام 2015، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن مصادر استخباراتية أن الضيف نجا من محاولة اغتيال. وفي العام نفسه وضعته واشنطن على "لوائح الإرهاب".

 

وأثناء العدوان على غزة عام 2021، أفادت التقارير أن الجيش الإسرائيلي حاول قتل الضيف مرتين في أسبوع واحد، لكنه هرب في اللحظة الأخيرة في المرتين.

 

وخلال الفترة العصيبة التي تعرضت فيها "حماس" للملاحقة من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية ما بين عامي 1995 و2000 رفض الضيف بشدة التصدي لقوى الأمن الفلسطينية في أثناء اعتقال أعضاء "القسام" وذلك حقنا للدم الفلسطيني، حتى إنه سلم نفسه بكل هدوء لجهاز الأمن الوقائي.

 

في جميع المفاصل اللاحقة، بعد فوز "حماس" بالانتخابات البلدية والتشريعية عام 2006، وبدء الحصار على غزة، وأسر الجندي شاليط، والحروب التي شنها الاحتلال على غزة منذ عام 2008 وحتى الحرب الحالية، كان الضيف حاضرا، يخطط ويقود دفة المقاومة، ويتحكم مع رفاقه المجاهدين بالمسار.

 

كانت صورة الضيف تطل باستمرار عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، وغير مرة، أعلن الاحتلال أن أحد أهدافه الأساسية قتل كبار قادة "حماس"، وتمت تسمية الضيف، على وجه الخصوص كهدف محتمل، بل على رأس قائمة الاغتيالات الانتقائية.

 

يوجد للضيف 3 صور، واحدة قديمة للغاية، والثانية وهو ملثم، والثالثة صورة لظله، وحتى دولة الاحتلال التي تتباهى بأن لديها أقوى استخبارات في العالم لا تملك صورة حديثة له.

 

وحين توفيت والدته عام 2011 تردد حينها أن محمد لم يستطع توديع والدته لدواع أمنية، ولم يحضر الجنازة أبدا، لكن مصادر تؤكد أنه زارها متخفيا بزي مسن في المستشفى حيث كانت تعالج، كما حضر ثاني أيام بيت العزاء لوقت وجيز دون أن يلاحظ وجوده أحد، ولا أحد يؤكد أو ينفي هذه الحادثة.

 

وعاد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام صباح أمس السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول ليحدد مجددا وقت ومكان المعركة، وعن بدء عملية عسكرية ضد الاحتلال باسم "طوفان الأقصى" وإطلاق آلاف الصواريخ باتجاهها.

 

ودعا من عنده بندقية "فليخرجها، فقد آن أوانها”.

 

وشدد على أنه تقرر وضع حد لكل جرائم الاحتلال، "وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب".

 

وقال: "ابدأوا بالزحف الآن نحو فلسطين، ولا تجعلوا حدودا ولا أنظمة ولا قيودا تحرمكم شرف الجهاد والمشاركة في تحرير المسجد الأقصى".

 

ووجه رسالته للمقدسين وأهالي الداخل المحتل، وقال: "أهلنا في القدس اطردوا المحتلين واهدموا، الجدران ويا أهلنا في الداخل والنقب والجليل والمثلث أشعلوا الأرض لهيباً تحت أقدام المحتلين".

 

وكان "طوفان الأقصى" الذي وضع دولة الاحتلال تحت النار، في موقف لم تختبره منذ العبور المصري عام 1973، صواريخ تسقط على تل أبيب والقدس وباقي المدن المحتلة، ومستوطنات وكيبوتسات ومواقع إسرائيلية مسيطر عليها تماما من مقاتلي "القسام"، جنود الضيف.

 

برا وبحرا وجوا، انطلق رجال المقاومة، وسيطروا على مواقع إسرائيلية، وقتلوا إسرائيليين، وأخذوا آخرين إلى قطاع غزة، بأوامر الضيف الذي يثبت مجددا أنه صاحب الكلمة العليا في بدء حرب، أو في وقفها.

 

وذات يوم قال زعيم ما يسمى "المعارضة" الإسرائيلية يائير لابيد، بعد خطاب للضيف "محمد الضيف ذكر أنه ابن الموت، ويحب الموت ويريده، لذلك سنصل إليه وسنقتله".

 

نعم قد تصل تل أبيب إلى الضيف، هذا ليس مهما، فقد سبق رفاق له، (وثلة من الآخرين) كما وصلت صواريخ القسام إلى كل المدن المحتلة، ولم يعد ثمة مكان للصهاينة للاختباء فيه، وهذا بحد ذاته تاريخ أعاد الضيف كتابته مرة أخرى.

 

وبات شعار "حط السيف قبال السيف أحنا رجال محمد الضيف" من أكثر الشعارات ترديدا في المظاهرات في فلسطين وحتى بعض الدول العربية.

 

وإذا كان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يتحكم بآلة الموت ضد الفلسطينيين، فالضيف يتحكم بزمان ومكان وتوقيت المعركة، ويكتب مع غزة الأخرى، غزة التي بنت تحت الأرض التاريخ مجددا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: کتائب القسام محمد الضیف

إقرأ أيضاً:

ماذا تريد إسرائيل من عمليتها في جنين؟

رام الله- في اليوم السابع من عمليته العسكرية شمالي الضفة الغربية، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حصار مدينة جنين ومخيمها بشكل مركز، ودفع سكانه للهجرة ثانية بعد هجرتهم من مدنهم وقراهم داخل أراضي 1948 خلال النكبة، فضلا عن حرق نحو 70 منزلا وتدمير 30 منزلا بشكل كامل ومئات المنازل بشكل جزئي.

وأدت العملية الحالية -التي أطلق عليها الاحتلال اسم "السور الحديدي"- إلى استشهاد 16 فلسطينيا وإصابة واعتقال العشرات، في حين تشير معطيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إلى نزوح سكان المخيم المقدر عددهم بنحو 20 ألف نسمة، في وقت توقفت فيه المدارس والخدمات الصحية لآلاف الأشخاص.

ومنذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى ما قبل العملية الحالية، استشهد نحو 250 فلسطينيا في مدينة جنين ومخيمها، في حين تشير معطيات الأمم المتحدة إلى تدمير نحو 283 منشأة خلال الفترة نفسها، منها 144 في مخيم جنين و57 في مدينة جنين، ومن بين المجموع الكلي 176 منزلا مأهولا.

نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة: عملية الاقتحام تحمل رسائل للفلسطينيين والسلطة أنه لا أحد في مأمن، وهذا العدوان الجديد إعلان حرب على الضفة الغربية بشكل كامل وعلى #جنين ومخيمها تحديدا#الأخبار pic.twitter.com/0Pd13LDGa0

— قناة الجزيرة (@AJArabic) January 22, 2025

إعلان تعويض الفشل

يرى برلماني وكاتب سياسي أن مخيم جنين لا يشكل خطرا يوازي حجم العملية والقوة العسكرية التي تستهدفه، وهو ما يشير إلى أن الهدف الحقيقي من العملية هو البحث عن "صورة" نصر توازي صورة الهزيمة في غزة بوقف الحرب وإطلاق مئات الأسرى وعودة النازحين إلى شمال القطاع من جهة، وتنفيذ خطط معلن عنها سابقا، خاصة خطة "ضم" الضفة التي توقفت جزئيا مع الحرب.

وفق البرلماني الفلسطيني حسن خريشة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يريد تعويض فشله في غزة بالضفة الغربية، وجنين تحديدا، حيث ثقل المقاومة منذ اجتياح مخيمها عام 2002".

لمواجهة "ظاهرة مخيم جنين" التي باتت تتسع لتطال أغلب مخيمات شمالي الضفة، متجاوزة محاولات تدجينها، استعانت إسرائيل بالسلطة الفلسطينية لكنها فشلت أيضا، فعاودت قوات الاحتلال هجومها بشكل أكبر على المخيم، وفق خريشة.

وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي "يخطط لإعادة احتلال الضفة الغربية وضم أجزاء كبيرة منها، وبدأ من جنين ومخيمها الذي يخضع لتدمير مبرمج، حيث أخرجوا سكانه منه عنوة إلى القرى المحيطة، ودمروا بنيته التحتية ومقومات الحياة فيه".

تدمير رموز النكبة

وتابع أن المطلوب "تدمير مخيم جنين وتحويله إلى منطقة غير قابلة للحياة، وجعله جزءا من الذاكرة"، مشيرا إلى رمزية المخيمات في الذاكرة الفلسطينية كنتيجة للنكبة عام 1948، ورجح "الانتقال تدريجيا إلى باقي مخيمات شمالي الضفة".

وإذا ما كانت الخطط الإسرائيلية قابلة للتنفيذ، قال خريشة "في ظل مراهنة البعض على التسوية والأوهام والولايات المتحدة نعم ممكن، وعليه المطلوب التنبه لهذا الخطر والعمل بروح وطنية ولم شمل الفصائل لمواجهة هذا التحدي".

وبرأي البرلماني الفلسطيني، فإنه رغم ما يجري في مخيم جنين، وخطط الاحتلال المعلنة، فإنه لا يحظى بالاهتمام المطلوب من الدبلوماسية الفلسطينية "حتى اللحظة المؤسسات الفلسطينية ومنها المجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمجلس المركزي للمنظمة والأمناء العامين الفصائل لم يجتمعوا لمناقشة ما يجري، أو وضع خطة لمواجهته، كما أن الدبلوماسيين وسفراء لا يدرون ماذا يجري".

إعلان

وقال خريشة، وهو عضو في المجلس الوطني، إنه وجه دعوة للمجلس للانعقاد وبحث ما يجري، "لكن لا مؤسسات منتخبة يمكن التعويل عليها وتحظى بثقة الناس".

جانب من اقتحامات قوات الاحتلال لمدينة جنين ومخيم (الجيش الإسرائيلي) صورة موازية

من جهته، يقول الكاتب السياسي أحمد أبو الهيجا إن نتنياهو يبحث عن "صورة" في جنين، توازي أو تغطي على صورة الصفقة الموجودة في غزة.

ويوم 19 يناير/كانون الثاني الجاري، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، ويضمن عودة النازحين إلى شمال غزة وإطلاق سراح مئات الأسرى، بمن فيهم محكومون بالسجن مدى الحياة.

يوضح أبو الهيجا أن العمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال تبدأ عادة من جهاز الشاباك الذي يحدد بنك أهداف بالتعاون مع الجيش بناء على معلومات محددة، ثم تحظى بمصادقة المستوى السياسي وتأخذ طريقها إلى التنفيذ.

أما في عملية جنين هذه المرة، يقول الكاتب الفلسطيني، فإن العكس ما حدث، إذ لم تتم العملية بتوصية من جهاز الشاباك الذي كان متحفظا عليها، "بل جاء الاجتياح بقرار من المستوى السياسي الذي أوعز للجيش والشاباك بتحديد بنك الأهداف، وتنفيذ العملية العسكرية".

ولفت إلى أن طريقة الشروع في العملية هذه المرة أيضا جاء مختلفا عن المرات السابقة ولا تبرير لها من الناحية الأمنية: "هجوم مباغت، وقصف عشوائي غير مبرر أمنيا للطائرات، بعد أن كان القصف يستهدف مقاومين، والغرض من كل ذلك إحداث حالة هلع ونقل صورة للمستوطنين، تقابل الصور القادمة من غزة".

عودة مخطط الضم

لا يستبعد أبو الهيجا أن يوسع الجيش تحركاته ضد "ظاهرة" المخيمات في الضفة، خاصة مع نهاية الحرب في غزة بذريعة مواجهة المجموعات المسلحة "لتنظيف واستئصال المقاومة وإعادة الأمور لواقع ما قبل الحرب".

إعلان

وتابع أن ما يجري لا يمكن فصله، بل في صلب مخطط "إعادة مشروع ضم الضفة -الذي توقف بسبب الحرب- إلى الواجهة بما في ذلك قضية الحسم التاريخي والسيطرة التامة والضم المباشر وغير المباشر".

وفي أكثر من مناسبة، صرح وزراء ومسؤولون إسرائيليون عن خطط ضم الضفة، فنتنياهو تحدث عن ضرورة إعادة قضية ضم الضفة الغربية لجدول أعمال الحكومة، خاصة مع تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه يوم 20 يناير/كانون الثاني الجاري.

في حين قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو أيضا وزير بوزارة الدفاع، إن 2025 سيكون عام السيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة" وهو الاسم الذي تطلقه إسرائيل على الضفة الغربية.

مقالات مشابهة

  • تحدٍّ وسخرية.. كتائب القسام تبعث برسائل لجيش الاحتلال عبر تسليم الأسرى (شاهد)
  • تحدي وسخرية.. كتائب القسام تبعث برسائل لجيش الاحتلال خلال تسليم الأسرى (شاهد)
  • جانب من تجهيزات كتائب القـسام لتسليم أسرى الاحتلال اليوم / صور
  • الناطق باسم كتائب القسام: قررنا الإفراج غدا عن 3 أسرى صهاينة
  • كل ما تريد معرفته عن DeepSeek نموذج الذكاء الاصطناعي المجاني الذي أطاح بـ"شات جي بي تي"
  • وسام العباسي زعيم خلية سلوان الذي حاكمته إسرائيل بـ26 مؤبدا
  • شهيدان من كتائب القسام جراء قصف الاحتلال مركبة في طولكرم (شاهد)
  • مقاتلو كتائب القسام يستقبلون العائدين إلى غزة
  • مجاهدو “كتائب القسام” يستقبلون العائدين إلى غزة
  • ماذا تريد إسرائيل من عمليتها في جنين؟