إسرائيل تخطط لإخلاء 24 مستوطنة حول قطاع غزة بعد "طوفان الأقصى"
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
من المرتقب أن يخلي الاحتلال الإسرائيلي عدد من المستوطنات بسبب عملية “طوفان الاقصى” التي بدأتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية في السابع من أكتوبر الحالي.
ووفق صحيفة معاريف الإسرائيلية، يتوقع إخلاء 24 مستوطنة حول قطاع غزة، وهي (ناحال) عوز، إيريز، نير عام، مفالسيم، كفار عزة، غيفيم، أور هانير، إيبيم، نتيف هعسرا، ياد مردخاي كرميا، زيكيم كيرم شالوم، كيسوفيم، دوروت، صوفا، نيرم، نير عوز، عين هشلوشا (العين الثالثة)، نير يتسحاق بئيري، ماغن، راعيم، سعد وألوميم.
وأطلقت حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى”؛ ردا على “اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة”.
في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية “السيوف الحديدية”، ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الاثنين، ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين إلى 560، بينهم 78 طفلا وإصابة 2900 آخرين جراء الغارات الإسرائيلية في القطاع منذ صباح السبت.
ووصل عدد القتلى في الجانب الاسرائيلي إلى 800 قتيل وأزيد من 1600 جريح.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر رسمي اسرائيلي، أن عدد الضحايا الإسرائيليين لا يمكن استيعابه وأكبر بكثير مما تم إعلانه، في حين قال متحدث باسم الاحتلال إن “المعركة أطول مما توقعنا” بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل منذ يومين.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن عدد الرهائن الإسرائيليين العسكريين والمدنيين كبير، وإن الوضع يتطلب ردا غير مسبوق.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطينية حركة حماس طوفان الاقصى قطاع غزة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه
ما بين 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ويومنا هذا هبّ علينا زلزالان: عمليّة «طوفان الأقصى» وعمليّة «ردع العدوان». وبالتضامن كما بالتناقض بين العمليّتين، تغيّر كلّ شيء تقريباً في المشرق العربيّ، وتغيّرت أشياء كثيرة في عموم الشرق الأوسط.
لكنّ أحد الفوارق الأساسيّة بين العمليّتين يتّصل بالنقاش العامّ.
فالبيئة العربيّة التي أيّدت «الطوفان» مارست تحريماً على كلّ نقد أو حتّى تحفّظ، وهذا علماً بأنّ التأييد كان أمراً صعباً على مَن احتفظ بعدد من القناعات العقلانيّة والإنسانيّة والنفعيّة. فلهؤلاء الأخيرين بدا «الطوفان» عملاً مرتجلاً لا يتخلّله تمييز بين بشر وبشر، ولا اعتبار لتوازنات القوى، ناهيك عن ارتكازه إلى أشدّ الأفكار والقيم بدائيّة، وإفضائه إلى كارثة محقّقة بحقّ الشعب الفلسطينيّ. رغم هذا، لم تبق كلمة في كتاب الأهاجي إلاّ استُخدمت ضدّ الذين عارضوا ذاك الحدث أو حذّروا منه. فالخيانة والعمالة والصهينَة والارتزاق راحت تتسابق ناشرةً جوّاً مَقيتاً من امتداح الذات المرفق بإسكات كلّ صوت نافر. وفي سيادة وعي كهذا، إباديّ للعقل وللأخلاق وللحرّيّة، غُضّ النظر عمّا لا يُغضّ عنه النظر. فإذا بعقلانيّين مفترضين يهزجون وراء يحيى السنوار ومحمّد الضيف، وإذا بملاحدة مفترضين يستعيرون لغة حسن نصر الله الغيبيّة، فيما وَجدت نِسويّات متشدّدات في الناطق أبي عبيدة، وربّما في زميله يحيى سريع، الرجل الأمثل لمجتمع المساواة الجندريّة.
باختصار، أغلقت التفاهة المدجّجة بقوّة «القضيّة» باب النقاش، وبدا واضحاً أنّ شرط هذه «القضيّة» الشارط تعطيل كلّ شيء حيّ. فإنسان «الطوفان» تكشّف عن إنسان آحاديّ البُعد، لا يستطيع أن يكون «مع» و«ضدّ» في وقت واحد، إنسانٍ قَبَليّ يضحّي بكلّ معنى وقيمة كي يقاتل إسرائيل، وكي يقاتلها كيفما اتّفق. إنّه، بكلمة، أقرب إلى جنديّ ينفّذ، لكنّه بعد ذاك لا يعترض، مكرّساً كلّ نفسه لملاقاة فرحة الانتصار المبين.
في المقابل، لم تتصرّف البيئة المتحمّسة لإسقاط الأسد ونظامه على هذا النحو، بل زوّدتنا بمشهد مختلف. فهي لم تنتظر خصوم الثورة وأعداءها كي يوجّهوا سهامهم للحكم الجديد، بل بادرت بنفسها إلى ممارسة النقد، ومارسته بقسوة لا ترحم. هكذا خرجت منها أعلى أصوات الهجوم على السلطة التي أنجزت إسقاط الأسد وفتح السجون وإتاحة العودة للاّجئين وتحرير سوريّا من النفوذين الإيرانيّ والروسيّ. وبالفعل فُتح باب النقاش الذي طال كلّ شيء تقريباً، من السياسة إلى الاجتماع، ومن مفهوم الشرعيّة إلى وضع النساء...
ولئن رأى البعض في المبايعة التي حظي بها «الطوفان» دليلاً على قوميّة المعركة، أو دينيّتها، بما يجعل «قضيّة» «الطوفان» تعبيراً عن «تناقض رئيسيّ» لأجله تؤجَّل الحياة، اختلف الأمر في التعليق على «ردع العدوان». فنحن نادراً ما سمعنا تعبير «قضيّة» يُطلق وصفاً لحدث يتّصل مباشرة بحياة 24 مليون إنسان، وينهي 54 عاماً من حكم مجرم. فكأنّما عصفَ بالبيئة الداعمة لإطاحة الأسد قلق من لغة المبايعة رافق احتفالها بالحدث. وبعد كلّ حساب، فإنّ اللغة تلك، التي أحاطت بـ«الطوفان»، أختُ لغة الطغيان الأسديّة في خنق التناقضات وتأجيل الحياة.
ثمّ لئن كانت الأداة التي نفّذت العمليّتين سياسيّة – دينيّة، فإنّ البيئة التي بايعت «الطوفان» صدرت عن مقدّمات آيديولوجيّة، دينيّة أو قوميّة أو يساريّة يؤرّقها حسم «التناقض الرئيسيّ» مع الإمبرياليّة، وهو ما كان سبباً وراء التماهي، الذي لا يخالطه تحفّظ، مع السنوار ونصر الله. أمّا في الحالة الثانية، وبنتيجة الابتعاد عن عالم «القضايا» ولغتها، وربّما بتأثير احتكاك النقّاد السوريّين بمجتمعات ديمقراطيّة لجأوا إليها، فإنّ الأداة التي نفّذت «ردع العدوان» لم تُكافأ بغير النقد والتحفّظ.
فالذين واللواتي شكروا أحمد الشرع، سريعاً ما قرنوا شكرهم بنقده. ونعرف أنّ ثمّة في ثقافتنا، بالقديم منها والحديث، ما يطالب الشاكر بأن يطأطئ رأسه أمام المشكور، فلا يتوقّف عند نواقصه وقصوره التي يتكفّل تفاديها بإبقائه مشكوراً وإبقاء الشاكر شاكراً. ومن بين آلاف التعابير عن هذا الموقف المركّب، كتب الشاعر فرج بيرقدار، وهو نزيل سجون الأسد لسنوات طويلة: «للحقيقة والأمانة نجحت إدارة العمليات العسكرية في تحقيق ما يشبه المعجزة، أعني أنها نجحت في كتابة الحلقة الأخيرة من مسلسل حكم عائلة الأسد، وأعتقد أن معظم السوريين يقدِّرون لها هذه المأثرة. ولكن نجاح إدارة العمليات في هذه الخطوة، بل القفزة الرائعة، لا يعني أنها صارت تلقائياً تمثل الثورة وأهدافها الأولى والأساسية. تمثيل الثورة يقتضي إنجاز خطوات كثيرة أبسط معاييرها أن تكون بأقوالها وأفعالها نقيضاً للأسد وأجهزته».
هكذا نجدنا أمام حدث كبير يقول لنا، كما لو أنّه يؤجّل الحياة أو يُقفلها: «لا تناقشوا، بايعوا»، وأمام حدث كبير آخر يطالبنا بالنقاش وبجعل «مائة زهرة تتفتّح ومائة مدرسة تتبارى»، بحسب الشعار الذي رفعه ماو تسي تونغ قبل أن يخونه. فأيّ الوجهتين نختار؟