بعد طوفان الأقصى.. جيرالد فورد الأميركية تحارب عقدة الـ80 عاما الإسرائيلية
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
"أوضحتُ لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أننا على استعداد لتوفير جميع سبل الدعم المناسبة لحكومة إسرائيل وشعبها".. هكذا عبر الرئيس الأميركي جو بايدن عن موقفه مما تواجهه إسرائيل الحليف الوثيق لواشنطن في المنطقة، خلال معركة "طوفان الأقصى" التي سيطرت فيها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على عدة مراكز عسكرية ومستوطنات حول قطاع غزة.
لم تكن تصريحات بايدن صادمة أو مفاجأة، فلم يشذ الموقف الأميركي منذ إنشاء إسرائيل عن الدعم الوثيق سياسيا وعسكريا.
غير أن ما تعيشه إسرائيل في معركة "طوفان الأقصى" يختلف تماما عما شهدته منذ النكبة عام 1948.
وتعتبر إسرائيل أنها انتصرت على العرب في جميع الحروب التي خاضتها معهم، إلا أنها تواجه الآن فصيلا مقاوما تمكن إفقادها توازنها عبر هجوم مباغت فجر 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ومنذ قيامها على أرض عربية عام 1948، حرصت واشنطن على تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة، وروجت مقولات عن جيشها الذي لا يقهر، إلى أن تكبدت في يومين أكثر من 800 قتيل وألفي جريح وعددا كبيرا من الأسرى.
وكان بايدن واضحا في التعبير عن دعمه لإسرائيل وحريصا على التأكيد أن واشنطن مستعدة لتوفير "جميع سبل الدعم المناسبة" لتل أبيب، كما أنه تواصل بشكل مكثف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وجاءت تصريحات وزير دفاعه لويد أوستن لتترجم الدعم الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي بالقول إن بلاده ستعمل على ضمان امتلاك إسرائيل "كل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها".
تصريحات المسؤولين الأميركيين أظهرت حجم المأزق الذي تواجهه إسرائيل، فهذه أول حرب تخوضها "على أرضها"، كما أنها تعرضت لـ"مفاجأة إستراتيجية" هي "الأكثر إذلالا" حسب وصف المحلل السياسي بن كسبيت في صحيفة معاريف الإسرائيلية.
طوفان الأقصى
"من كان يخشى الذهاب إلى المعركة البرية في غزة فقد ذهبت إليه بمعركة برية، أولئك الذي وصفوا أنفسهم بأنهم أقوياء ضد حماس وجدوا أنفسهم ضعفاء أمامها".
هكذا سخر المحلل بن كسبيت أيضا من التطورات الأمنية والسياسية التي تعيشها إسرائيل خلال "طوفان الأقصى".
ومع تكشف حجم القوة والاستعداد التي ظهرت فيها فصائل المقاومة الفلسطينية، أدركت الولايات المتحدة كما أدرك الساسة الإسرائيليون أن ما يجرى أعمق من أن تكون حربا تقليدية.
كما أدرك نتنياهو وحكومته أنهم أمام لحظة فارقة، تتطلب منهم تعزيز قوة ردعهم التي تهاوت مع اجتياز المقاومين لحدود قطاع غزة.
معضلة العقد الثامنكثرت التحليلات الإسرائيلية عن "عقدة العقد الثامن"، وكان أبرز ممن تحدثوا عن تلك العقدة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، حين أبدى مخاوفه من قرب زوال إسرائيل قبل حلول الذكرى الـ80 لتأسيسها، مستشهدا بـ"التاريخ اليهودي الذي يفيد بأنه لم تعمّر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين استثنائيتين".
وفي مقال له في مايو/أيار 2022 بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، قال باراك "على مرّ التاريخ اليهودي لم تعمر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين: فترة الملك داود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانت بداية تفككها في العقد الثامن".
وأضاف باراك أن تجربة الدولة العبرية الصهيونية الحالية هي التجربة الثالثة وهي الآن في عقدها الثامن، وأنه يخشى أن تنزل بها لعنة العقد الثامن كما نزلت بسابقتها.
وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أن "إسرائيل تقع في محيط صعب لا رحمة فيه للضعفاء"، محذرا من العواقب الوخيمة للاستخفاف بأي تهديد، قائلا "بعد مرور 74 عاما على قيام إسرائيل أصبح من الواجب حساب النفس"، منبّها إلى أن "إسرائيل أبدت قدرة ناقصة في الوجود السيادي السياسي".
ولعل ما تخوف منه باراك هو ما تخوف منه البيت الأبيض فقد أيقظت معركة طوفان الأقصى تلك المخاوف، الأمر الذي دفع واشنطن لإرسال بارجتها الكبرى لدعم حليفها الذي ظهر أنه ليس بالقوة التي تفاخر بها.
البارجة
أما مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن مايكل آيزنشتات، فيرى أن وجود حاملات الطائرات قد يغيّر حسابات المخاطر ويمكن أن يساعد في صياغة سلوك العدو.
ولعل أبرز ما يمكن قراءته في إرسال حاملة الطائرات "جيرالد فورد" إلى شرق المتوسط أنه دعم معنوي لإسرائيل، علما بأنها تمتلك جيشا لديه ما بين 650 و700 ألف طائرة ولديها 4 آلاف دبابة، إضافة إلى 10 آلاف عربة قتال، وأكثر من 3 آلاف مدفع"، وفقا للمحلل العسكري فايز الدويري.
وأوضح الدويري للجزيرة نت "أن ما يجري في غزة هو الذي دفع إلى تحريك مجموعة القتال هذه لكنها تبقى قوة ردع".
كما أشار الدويري في حديثه إلى أن إرسال حاملة الطائرات أيضا رسالة لإسرائيل تتمثل بأن "لها تأييدا مطلقا لما ستقوم به في غزة".
فهل يسهم إرسال حاملة الطائرات الأميركية في تغيير مسار معركة "طوفان الأقصى"؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
تحذير جنبلاط من المكائد الإسرائيلية.. ما الذي يخشاه البيك؟!
في المؤتمر الصحفي الذي عقده نهاية الأسبوع الماضي، دعا الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أحرار سوريا إلى الحذر ممّا وصفها بـ"المكائد الإسرائيلية"، مشدّدًا على أنّ الذين وحّدوا سوريا من أيام سلطان باشا ورفاقه من كل المناطق السورية، لن يستجيبوا لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتخريب لعزل العرب الأحرار عن كل المحيط العربي والإسلامي، ولجعلهم فقط حرس حدود.وفيما أكد جنبلاط التعويل على الشخصيات العربية السورية من أجل مواجهة هذا المخطط الذي وصفه بـ"الجهنّمي"، نبّه إلى أنّ إسرائيل تريد أن تستخدم الطوائف والمذاهب لمصلحتها، وتريد تفكيك المنطقة، لافتًا إلى أنّ "هذا مشروع قديم جديد، ومررنا عليه في لبنان في مرحلة معيّنة، وفشل في لبنان"، وذكّر بأنّ مشروع إسرائيل التوراتي ليس له حدود، من الضفة الغربية إلى السامرة، من يهودا إلى بلاد كنعان"، في إشارة إلى ما يسمّى بـ"إسرائيل الكبرى".
وقد جاء كلام جنبلاط التحذيري هذا بعد ساعات على تلويح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالتدخل عسكريًا في سوريا، تحت مسمّى "حماية الدروز"، وذلك بعد انتشار قوات الأمن السورية في بلدة جرمانا جنوبي البلاد، على خلفية حادث وقع فيها، ما يدفع إلى السؤال: ما الذي يخشاه "البيك" تحديدًا، وعن أيّ "مكائد" يتحدّث، وهل ينبغي التوجّس فعلاً ممّا تخطّطه إسرائيل لسوريا، بعد لبنان وغزة؟
"المكائد الإسرائيلية" لا تنتهي
هي "المكائد الإسرائيلية" إذاً التي استشعر بها جنبلاط بالتلويح الإسرائيلي المتجدّد بالتدخل عسكريًا في سوريا، وهي جبهة إسرائيلية "مفتوحة" منذ الساعات الأولى ما بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، حين منح الإسرائيليون أنفسهم "الحقّ" بالتوغّل داخل الأراضي السورية، باستغلال الفوضى التي وقعت، نتيجة الفراغ الذي تركه السقوط المفاجئ للنظام، فوسّعت المنطقة العازلة، ووصلت إلى قمّة جبل الشيخ، من دون أيّ حسيب أو رقيب.
ولعلّ "المكائد الإسرائيلية" التي يتحدّث عنها جنبلاط ليست محصورة في سوريا، ففي لبنان مثلاً، يستمرّ الخوف من المخططات الإسرائيلية على الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يبدو واضحًا أنّ إسرائيل تريد أن يلتزم به لبنان حصرًا، فيما تعطي لنفسها الحقّ بتجاوزه كيفما ومتى تشاء، تحت مسمّى "حرية الحركة" التي تزعم أنّ الاتفاق كرّسها لها، بعد الخسائر القاسية التي مني بها "حزب الله" في الحرب، ولو لم ينصّ الاتفاق على ذلك صراحةً.
وفي غزة أيضًا، تستمرّ "المكائد الإسرائيلية"، وآخرها القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بوقف إدخال المساعدات إلى القطاع، في مخالفة فاضحة لنصّ الاتفاق، مع المزيد من التهويل بالعودة إلى القتال والحرب، إذا ما شعر أنّ المفاوضات "غير فعّالة"، علمًا أنّ مؤشرات عدّة توحي بأنّ إسرائيل الرافضة للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، لا تريد سوى أن تكتمل صفقة التبادل، لتنهي العمل بالاتفاق.
خشية على "دروز سوريا"
وإذا كانت "المكائد الإسرائيلية" لا تنتهي، فإنّه لا يخفى على أحد أنّ ما يتوجّس منه جنبلاط تحديدًا يرتبط بالواقع في سوريا، في ضوء التصريحات الإسرائيلية "المريبة" حول التدخل العسكري بذريعة "حماية الدروز"، وهو ما ردّده كلّ من رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه، الذي حذر النظام الجديد في سوريا، من "المساس بالدروز"، مضيفًا: "في حال أقدم على المساس بالدروز، فإننا سنؤذيه".
ولعلّ خشية جنبلاط هنا تنبع من أمرين، أولهما إدراكه أنّ إسرائيل تريد "استغلال" الدروز في سوريا، من أجل المضيّ بمخططها التوسّعي، وصولاً إلى "تقسيم" سوريا في مكانٍ ما، وهو هدف لا يخفى على أحد، خصوصًا أنّ إسرائيل ماضية كما هو واضح في مشروعها الأساسي، وهو مشروع "إسرائيل الكبرى"، والطريق إلى ذلك تمرّ عبر زرع بذور الانقسام والفتنة بين الطوائف والمذاهب، وهو ما تسعى إليه من بوابة الدروز.
أما الاعتبار الثاني الذي تُفهَم من خلاله خشية جنبلاط، فتكمن في أنّها ليست المرة الأولى التي تستغلّ فيها إسرائيل الواقع الدرزي تحديدًا، من أجل تحريك الواقع، بما يمنحها الفرصة لقلب الحقائق والوقائع على الأرض، وهو ما حصل مثلاً في معركة "طوفان الأقصى"، مع حادثة سقوط الصواريخ الشهيرة في مجدل شمس، التي كانت عنوانًا لتوسيع المعركة ضد "حزب الله"، على الرغم من نفي الأخير أيّ دور له في تلك الحادثة.
لعلّ جنبلاط حين يدعو "أحرار سوريا" إلى الحذر من "المكائد الإسرائيلية"، التي تتلطّى خلف عنوان "حماية الأقليات"، من أجل المضيّ بمخططاتها التوسعية الاستعمارية الاستيطانية، أو "الجهنمية" كما يصفها، يدعو أيضًا القادة العرب الذين يجتمعون هذا الأسبوع، إلى التصدّي لمثل هذه المخططات، ومعها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتهجير، وهي مخططات تتطلب موقفًا عربيًا موحّدًا وقويًا، وهنا بيت القصيد..
المصدر: خاص "لبنان 24"