هيمنة الولايات المتحدة وهيمنة الدولار هما وجهان للظاهرة نفسها، ولن تتمكن أي قوة خارجية في الوقت الحالي من إنهاء هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، وهو ما يُعرف بـ"الدولرة".

ذلك ما خلص إليه أندرياس كلوث، وهو كاتب وخبير، في مقال بوكالة "بلومبرج" الأمريكية (Bloomberg) ترجمه "الخليج الجديد"، بعد أن طرح سؤالين بشأن إن كانت هذه "الدولرة" مفيدة أم مضرة لكل من الولايات المتحدة والعالم.

كلوث أردف أن زعماء دول مجموعة بريكس، وهي الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، يرغبون في أن تحل محل الدولار وسائل تبادل دولية أخرى أو عدة بدائل في وقت واحد.

وتابع: "من الواضح أن المال يلعب دورا ضخما في الزعامة الأمريكية العالمية، فالهيمنة في نهاية المطاف تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد لعب دور الشرطي العالمي، وتتضمن الحفاظ على قدر من النظام في كل شيء من التجارة إلى التمويل".

وأضاف أن "البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم لا تزال تحتفظ بمعظم احتياطياتها من النقد الأجنبي بالدولار، ويحب المصدرون في كل مكان إصدار الفواتير بالدولار، فاليورو لا يتفوق على الدولار إلا في أوروبا نفسها".

و"لعل الأمر الأكثر دلالة هو أن الأفراد خارج الولايات المتحدة يخزنون ما يقدر بنحو تريليون دولار من الأوراق النقدية بالدولار كما لو كانت سبائك ذهبية"، كما زاد كلوث.

اقرأ أيضاً

في 2023.. ضعف البترودولار يبشر بنظام نقدي عالمي أكثر لامركزية

الملاذ الآمن

وبالنسبة للسؤال الأول، قال كلوث إن "الولايات المتحدة تستفيد من هيمنة عملتها، ولكن ربما ليس بالقدر الذي يتصوره منتقدوها، فمثلا لا يتعين عليها أن تدفع فائدة لكل الأجانب الذين يكتنزون أوراق الدولار، كما لو كانوا يحتفظون بسندات أمريكية".

و"لكن هذا لا يوفر للولايات المتحدة وى نحو 48 مليار دولار سنويا أو 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي"، وفقا لستيفن كامين، وهو خبير في معهد "أميركان إنتربرايز" والمدير السابق للتمويل الدولي في مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وأردف كلوث أن "الفائدة الأكبر هنا هي أن الولايات المتحدة قادرة على الاقتراض من العالم بأسعار فائدة أقل من تلك التي قد تقترضها باستخدام عملة أقل أهمية؛ فالجميع يريدون الاحتفاظ بأصول بالدولار. ومع ذلك، فإن ألمانيا واليابان اقترضتا على مدى العقد الماضي بتكلفة أقل".

وزاد بأنه "خلافا لأغلب الدول الأخرى، فإن الولايات المتحدة قادرة على الاستمرار في إدارة العجز التجاري إلى أجل غير مسمى؛ فالأجانب سيكونون دائما سعداء بالاحتفاظ بدولاراتهم، وبالتالي إبقاء الدولار باهظ الثمن والواردات الأمريكية رخيصة، وبعبارة أخرى، تستطيع الولايات المتحدة أن تعيش بما يتجاوز إمكانياتها، وهي تفعل ذلك بالفعل".

ومضى قائلا إن "هيمنة الدولار تعزل الولايات المتحدة عن الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية حتى تلك التي تسببها واشنطن  نفسها، فلأن عملتها تعتبر "الملاذ الآمن"، يندفع العالم إليها كلما حدثت اضطرابات من حروب إلى أزمات مالية".

اقرأ أيضاً

العالم يتغير.. هل تستعد السعودية لتراجع الدولار ونهاية البترودولار؟

عملة أخرى

أما بخصوص إن كانت هيمنة الدولار مفيدة أم مضرة للعالم، فقال كلوث إنه "على الجانب السلبي، لا يحدد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة الخاصة به فحسب، بل في الواقع أسعار الفائدة في الاقتصادات الأخرى أيضا".

وتابع: "وعندما تشدد الولايات المتحدة سياساتها، فإن الاقتراض يصبح أكثر تكلفة بالنسبة للآسيويين وأمريكا اللاتينية أيضا، سواء شاءوا ذلك أم لا، والعكس صحيح".

وزاد بأنه "لأن العديد من الدول تدير تجارتها بالدولار، فإن ارتفاع الدولار، طوعا أو كرها، يجعل صادراتها أقل قدرة على المنافسة". وكما قال وزير خزانة أمريكي ذات يوم أمام مجموعة من وزراء المالية الأوروبيين: الدولار عملتنا، ولكنه مشكلتكم".

و"على الجانب الإيجابي، فإن القبول شبه العالمي للدولار يقلل أيضا من تكاليف المعاملات في التجارة والاستثمار الدوليين. وفي الواقع فإن الدولار هو وسيلة التبادل العالمية ووحدة الحساب ومخزن القيمة"، كما أردف كلوث.

وأردف أنه "إذا فقد الدولار هذه المكانة في أي وقت، فسيتعين على عملة أخرى أن تحل محله.. وهيمنة الولايات المتحدة وهيمنة الدولار هما وجهان لنفس الظاهرة، ولا أستطيع أن أحدد أيهما الدجاجة وأيهما البيضة".

واعتبر أنه "لا تستطيع أي قوة خارجية، لا تكنوقراطي شيوعي صيني ولا تكنولوجيا البلوكتشين ولا قمة مجموعة البريكس، أن تسقط الدولار في الوقت الحالي".

اقرأ أيضاً

«البترودولار» يتآكل.. ما الذي يعنيه ذلك للرياض وواشنطن وبكين؟

المصدر | أندرياس كلوث/ بلومبرج- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا الدولار هيمنة العالم الولایات المتحدة هیمنة الدولار

إقرأ أيضاً:

"إس آند بي" تحذر من فقاعة ديون في الولايات المتحدة

الاقتصاد نيوز - متابعة

حذرت وكالة "إس آند بي -S&P" للتصنيف الائتماني من ظهور علامات محتملة على فقاعة ديون في الولايات المتحدة.

وقالت الوكالة إن الفارق الضيق بين العوائد على السندات، قد يُخفي تكاليف الاقتراض المرتفعة التي تواجهها الشركات، ويضغط على قدرتها على تحمل الديون.

وأشارت "S&P" إلى أن هوامش عائد للسندات وصلت إلى مستويات منخفضة على الرغم من تراجع التوقعات بشأن تخفيضات أسعار الفائدة، وزيادة حالة عدم اليقين في المستقبل.

وأوضحت أن "إس آند بي"أن خطط الرئيس المنتخب دونالد ترامب لزيادة الرسوم الجمركية قد تشكل "عقبة محتملة" أمام انخفاض التضخم وأسعار الفائدة.

مقالات مشابهة

  • هل مواقع التواصل الاجتماعي تُنهي مشاهدة التليفزيون؟.. خبير إعلامي يجيب
  • عاجل - أسعار الذهب في السعودية اليوم الخميس 21 نوفمبر 2024: تحديث شامل لعيارات الذهب والأوقية بالدولار والريال
  • خبير عسكري: الدولة العميقة في أمريكا لا تريد حجب المساعدات عن إسرائيل
  • هل تحولت المقاومة بغزة إلى جيوب قتال؟ خبير عسكري يجيب
  • تحقيق استقصائي يكشف هيمنة نتنياهو على ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة
  • خبير: أمريكا عليها وقف حرب لبنان إذا كانت تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل
  • "إس آند بي" تحذر من فقاعة ديون في الولايات المتحدة
  • خبير: إذا كانت أمريكا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل فعليها وقف الحرب في لبنان
  • مستقبل التعاملات التجارية الدولية بالدولار الامريكي في العراق
  • ماذا يعني انضمام مصر للتحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع.. خبير يجيب