رام الله- على صفحتها بموقع فيسبوك، نشرت باسمة شقيقة الأسير الفلسطيني محمود العارضة، المحكوم بالمؤبد، صورة له مع شقيقه شداد المعتقل في سجون الاحتلال أيضا، وعلقت عليها "قرّب اللقاء يا غوالي".

 

 

وشقيقة محمود العارضة، الذي عُرف بمهندس عملية هروب 6 أسرى من سجن جلبوع قبل عامين، تدرك أن ما أحرزته المقاومة من أسر عشرات الجنود والمستوطنين خلال عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها السبت، سيكون كفيلا بعقد صفقة التبادل التي وعدت المقاومة سابقا، وقالت إنها لن تتم دون تحريرهم.

ليس هذا حال عائلة العارضة فقط، فقد أحيت عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها المقاومة الفلسطينية بتخطيط وتنفيذ من كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة "حماس" ضد ما يسمى مستوطنات "غلاف غزة"، آمال أهالي الأسرى بقرب تحررهم وخاصة ذوي الأحكام العالية التي ترفض إسرائيل الإفراج عنهم.

الفلسطينية لطفية أبو حميد ترفع شارة النصر وتأمل بالإفراج عن جثمان ابنها و4 من أبنائها الأسرى (الجزيرة) جثمان و4 أسرى

في منزل لطفية أبو حميد، وهي والدة أربعة أسرى محكومين بالسجن المؤبد، كانت الفرحة طاغية ليس فقط لقرب تحرر أبنائها كما تعتقد، ولكن لأملها الكبير في تحرر جثمان ابنها ناصر، الذي استشهد في سجون الاحتلال بديسمبر/كانون الأول الماضي.

قالت الأم  للجزيرة نت "أول ما فكرت به أنني سأتمكن من دفن ناصر كما يليق به". واستشهد ناصر أبو حميد، الذي كان من أبرز قيادات الأسرى ومعتقل منذ عام 2002، بعد إصابته بسرطان الرئة، وتعرض خلال الأسر لإهمال طبي سرّع من تدهور حالته الصحية، ولم تفلح كل مطالبات العائلة بالإفراج عنه للعلاج في الخارج، وهو الذي كان محكوما بالسجن المؤبد سبع مرات و50 عاما.

ورغم ما عرف عن أم ناصر من صبر وجَلَد، إلا أن معاناتها خلال مرض ناصر واستشهاده وطول أمد الحديث عن صفقة أسرى تجاوزتها إسرائيل، أصاب قلبها باليأس، كما قالت. ولكن "طوفان الأقصى" أعاد لها الأمل بقرب تحرر جثمان ناصر والإفراج عن أشقائه الأربعة. وقالت " الأمل كبير مثلما عشنا هذه الفرحة دون مقدمات نثق أن الأسرى سيتحررون".


جنود أسرى بالجملة

وصفقة التبادل التي يعلم كل أهالي الأسرى أن تحررهم لن يكون إلا بها، ليست الأولى ولكنها بالتأكيد ستكون الأهم ولا سيما مع عدد الجنود والمستوطنين الكبير الذين أسرتهم المقاومة منذ السبت؛ فالأسرى وأهاليهم تعلقت آمالهم منذ 9 سنوات بصفقة تبادل للجنود المختطفين لدى المقاومة منذ عدوان 2014 على غزة.

وهذا الأمل تبدل الآن وتحول ليقين بالتحرر، كما تقول بيان رجب، زوجة الأسير بلال البرغوثي من رام الله، والمعتقل منذ عام 2002 ومحكوم بالسجن 17 مؤبدا و35 عاما.

وتضيف رجب للجزيرة نت "خلال الفترة الماضية تملكنا اليأس، فالإجراءات التي تقوم بها إدارة الاحتلال ضد الأسرى صعبة، شعرنا أننا نواجه كل ذلك وحدنا".

وكما أم ناصر، فقد بدل "طوفان الأقصى" كل ذلك لفرحة كبيرة لها ولعائلة زوجها الذين أقاموا حفلة في منزلهم وكأنها "فرحة تعادل كل القهر الذي عشناه سابقا"، وأضافت بيان "سيكون بيننا في أية لحظة نحن على يقين بذلك".

ولم يكن ذلك مجرد شعور، فقد حولته الزوجة إلى واقع عندما بدأت بالاتصال بعمال البناء لإنهاء تجهيز منزل الزوجية لاستقباله بأية لحظة.

 

 

هدف المقاومة الدائم

تعلق آمال الأسرى وعائلاتهم بأسر الجنود لإتمام صفقات تبادل تحررهم كان هدفا للمقاومة الفلسطينية في كل عملياتها، وخلال السنوات الماضية أعلنت الاستخبارات الإسرائيلية أكثر من مرة عن محاولات المقاومة لأسر الجنود.

هذا كان واضحا مع بداية "طوفان الأقصى"، والتي كان "تحرير الأسرى" أحد أهدافها إلى جانب وقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، وهو ما أكده القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، في إعلانه الأول لبيان العملية.

ويعلق عبد الله إسماعيل، الأسير المحرر في صفقة "وفاء الأحرار" التي عقدتها المقاومة عام 2011 مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وقال "صفقات التبادل هي طريق التحرر الوحيدة.. وهذه المرة هناك أفق ومعطيات واقعية تجعل الحديث عن الصفقة واقعا حقيقيا".

وعن شعور الأسرى بالعمليات التي يتم خلالها أسر جنود لتحريرهم، قال اسماعيل للجزيرة نت "ندرك أن هناك من يفكر في الأسرى، ويدفع الثمن غاليا مقابل تحررهم وهذا شيء عظيم".

وفي محاولة منها لتطويق هذا الشعور لدى الأسرى الفلسطينيين والحد منه، قامت إسرائيل بإغلاق كافة الأقسام في سجونها وقطع الكهرباء عنهم وسحب أجهزة التلفاز والراديو والتشويش على أجهزة الهاتف ووقف زيارات ذويهم التي كانت مقررة، وفق تأكيد رئيس هيئة شؤون الأسرى قدورة فارس للجزيرة نت.

رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين قدورة فارس: طوفان الأقصى قدم وجبة أمل واقعية بتبييض السجون (الجزيرة) تبييض السجون

وبرأي رئيس هيئة شؤون الأسرى، فإن صفقات التبادل كانت دائمة مهمة ومصيرية في تحريرهم، بل إنها الوسيلة الوحيدة لتحرير كل الأسرى بلا شروط خلافا لما يجري في صفقات التفاوض السياسية التي ترفض خلالها إسرائيل إطلاق سراح من تتهمهم بتنفيذ عمليات قتل لمستوطنين أو جنود.

وبحسب فارس، فإن هذه الأهمية زادت في الوقت الحالي، ففي السابق لم تتجاوز أطول مدة اعتقال لأحد الأسرى 30 عاما، فقد كانت تجري عمليات تبادل كل فترة، ولكن في السنوات الأخيرة تعدت فترة السجن أكثر من 20 عاما لبعض الأسرى ما خلق شعورا بالإحباط عندهم ولدى الأهالي والشارع الفلسطيني.

 

 

وطبقا لمؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، فقد بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال 5200 أسير وأسيرة، من بينهم 559 أسيرا محكومون بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، و423 أسيرا قضوا أكثر من 20 عاما في السجون، و22 أسيرا معتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو (عام 1993).

وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى إن "ما جرى خلال اليومين الماضيين في عملية طوفان الأقصى قدم للأسرى وعائلاتهم وجبة أمل واقعية بأننا يمكن أن نشهد تبيضا كاملا للسجون، وليس صفقة تبادل عادية".

هذا "الأمل الواقعي" هو ما يشعر به ذوو الأسرى بالفعل، وهو أيضا ما جعل أم ناصر أبو حميد تطلب من عائلتها تأجيل خطبة أحد أحفادها وهو نجل ابنها الأسير "نصر"، إلى حين الإفراج عن والده من سجون الاحتلال خلال الصفقة المأمولة. وقالت "كلها كم شهر ويكونوا معنا ويفرح بابنه".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: سجون الاحتلال طوفان الأقصى للجزیرة نت فی سجون

إقرأ أيضاً:

«طوفان الأقصى» يفضح إخفاقات جيش الاحتلال| اعترافات إسرائيلية بالفشل الأمني والعسكري في التصدي للهجوم المباغت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشفت تحقيقات الجيش الإسرائيلي حجم الإخفاقات الأمنية والعسكرية التي تعرض لها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال هجوم 7 أكتوبر، حيث نشر الجيش، مساء الاثنين، نتائج تحقيق موسّع حول ما جرى في مستوطنة "كفار عزا" وقاعدة "ناحل عوز" العسكرية. وأظهر التحقيق سلسلة من الثغرات العملياتية والاستخباراتية التي استغلّتها المقاومة الفلسطينية خلال تنفيذ عملية "طوفان الأقصى"، وهو ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والأسرى في صفوف المستوطنين والجنود.

وكشف التحقيق عن نقص حاد في عدد جنود الجيش المسلحين داخل القاعدة، إلى جانب "فشل استخباراتي كبير" تمثل في عدم إصدار أي تحذيرات من قبل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز الأمن العام قبل الهجوم.

كما وثق التحقيق تفاصيل دقيقة عن سير المعارك في "كفار عزا" و"ناحل عوز"، مُسلطًا الضوء على الأخطاء القيادية، وسوء التنسيق بين القوات، والارتباك الذي ساد صفوف الجيش أثناء المواجهات.

تفاصيل الإخفاقات في "كفار عزا"

أكد التحقيق أن نحو 250 مقاتلًا من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اقتحموا مستوطنة "كفار عزا"، واستمرت المعارك هناك لمدة ثلاثة أيام.

وأشار التحقيق إلى "سلسلة من الإخفاقات القيادية" التي ساهمت في تعقيد الوضع الميداني، موضحًا أن "إدارة القتال في كفار عزا شهدت أخطاء فادحة، إلى جانب غياب التنسيق بين القوات.

كما كشف التحقيق أن "مقاتلي حماس تمكنوا من السيطرة على كفار عزا خلال الساعة الأولى من الهجوم"، بسبب النقص الحاد في عدد الجنود المتواجدين داخل المستوطنة، وحالة الفوضى التي سادت المنطقة مع بدء العملية العسكرية.

اجتياح قاعدة "ناحل عوز" وسقوطها في ساعات

أوضحت التحقيقات أنه في تمام الساعة 7:08 صباحًا، تمكن أكثر من 40 مقاتلًا من حماس من اختراق خط الدفاع الضعيف للموقع، وبدأوا في تمشيط المباني بالنيران. وأشار إلى أن ضابطة المراقبة شير إيلات، التي رصدت اقتراب المقاتلين من مركز القيادة، أصدرت أوامرها وفقًا للإجراءات العسكرية بإخلاء الموقع، ما أدى إلى بقاء عدد محدود من الضباط داخله دون المشاركة في القتال، حتى اجتاح مقاتلو حماس القاعدة بالكامل عند الساعة 08:54 صباحًا.

وكشف التحقيق عن تفاصيل صادمة، منها أن "جنديًا واحدًا فقط من الدرجة الثالثة كان يحرس قاعدة ناحل عوز"، بينما توزّع عدد قليل من الجنود داخلها لحراسة المناطق الداخلية خشيةً من السرقات، وأضاف التقرير أن "فرقة الاحتياط المكلّفة بحماية القاعدة لم تضم سوى قائد وثلاثة جنود"، مؤكدًا أن "التراخي في تنفيذ القواعد العسكرية وانعدام السيطرة داخل القاعدة كانا سائدين حتى قبل السابع من أكتوبر".

معلومات استخباراتية دقيقة لدى المقاومة

وتضمن التحقيق تفاصيل عن الوضع داخل معسكر "ناحل عوز"، حيث كان يتمركز في صباح يوم الهجوم 162 جنديًا، بينهم 81 مقاتلًا فقط. 
وأشار التحقيق إلى أن حماس "كانت تمتلك معلومات استخباراتية دقيقة عن القاعدة، بما في ذلك أماكن نوم القادة، وموقع غرفة الطعام، والمسارات الزراعية التي يمكن أن تؤخر تقدمها".

وأضاف التحقيق أن "خطة الاقتحام التي وضعتها المقاومة استهدفت السيطرة على القاعدة خلال 15 دقيقة فقط، وهو ما كاد أن يتحقق رغم مقتل قائد سرية النخبة خلال المواجهات". 
وأوضح أن نصف القوة التي اقتحمت القاعدة قُضي عليها خلال القتال، بينما تمكن باقي المقاتلين من الانسحاب إلى غزة.

أما بخصوص مستوطنة "كفار عزا"، فقد كشف التحقيق أن "العشرات من مقاتلي حماس من القوة الأولى كانوا في مركباتهم على أهبة الاستعداد مقابل الحدود منذ الساعة 6:00 صباحًا، بانتظار الضوء الأخضر"، وهو ما تحقق مع إطلاق وابل من 960 صاروخًا وقذيفة هاون في الساعة 6:29 على مواقع الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. ووفق التحقيق، فإن "السياج المحيط بالمستوطنة تم اختراقه في ثلاث نقاط بين الساعة 6:35 و6:43، ما سمح للمقاتلين بالتوغل سريعًا".

وذكر التقرير أن "نصف عناصر كتيبة ناحل عوز، المكلّفة بحماية كفار عزا، كانوا في إجازة نهاية الأسبوع، ما أدى إلى تأخير وصول القوة العسكرية الأولى إلى الكيبوتس لساعتين كاملتين، رغم أن المسافة بين القاعدة وكفار عزا لا تتجاوز ثلاثة كيلومترات". وأضاف أن "هذا التأخير منح المقاومة ميزة كبيرة، حيث تمكنت قوة من النخبة التابعة لحماس، قوامها أكثر من 200 مقاتل، من السيطرة الكاملة على الكيبوتس قبل وصول أي تعزيزات إسرائيلية".

كما أشار التحقيق إلى أن معظم سكان كفار عزا وجدوا أنفسهم محاصرين خلال اليومين الثاني والثالث من القتال. وأضاف أن "تعامل الجيش الإسرائيلي مع السكان في بعض المناطق كان غير مناسب، حيث لم يتم إنقاذ المصابين إلا عند مدخل المستوطنة، كما أن جثث القتلى لم يتم إخلاؤها إلا في وقت متأخر".

ووثّق التحقيق أن "عمليات الإجلاء كانت غير منظمة وغير آمنة"، ما اضطر الناجين إلى مشاهدة مشاهد مروعة أثناء الإخلاء، في ظل حالة من الفوضى التي عكست عمق الإخفاقات العسكرية الإسرائيلية خلال الهجوم.

وأشار إلى أن الإخفاقات العسكرية التي واجهها الجيش الإسرائيلي خلال هجوم 7 أكتوبر ليست سوى جزء صغير من أزمة أعمق تعصف بالمؤسسة العسكرية.

وأكد أن ما تم الإعلان عنه لا يشكل سوى 10% فقط من حجم الفشل الحقيقي، مشير إلى أن نقاط الضعف هذه متجذرة في بنية الجيش وتمتد لعقود.

مقالات مشابهة

  • «طوفان الأقصى» يفضح إخفاقات جيش الاحتلال| اعترافات إسرائيلية بالفشل الأمني والعسكري في التصدي للهجوم المباغت
  • شاهد | الأسير الفلسطيني المحرر جلال الفقيه بعد 22 عاماً في سجون العدو يتنسم عبق الحرية بغزة
  • فيديو.. اشتباكات ومواجهات عنيفة بين عائلات أسرى إسرائيليين ورجال الأمن
  • مئات الصهاينة يتظاهرون للمطالبة باستكمال صفقة التبادل
  • اهالي الأسرى الصهاينة يتظاهرون للمطالبة باتمام الصفقة غزة
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  •   صنعاء : انعقاد المؤتمر الدولي فلسطين: من النكبة للطوفان - أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير
  • هيئة حقوقية: المئات من أسرى غزة لا يزالون تحت الإخفاء القسري
  • صفقة طوفان الأحرار.. ثلاثية متكاملة تصنع الإنجاز
  • إسرائيل تضع خطة للإفراج عن محتجزين إسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين