ريهام الهلالى: اليابان استطاعت مواجهة غزو الإنترنت بنشر ثقافة روح «الساموراى» والحفاظ على المجد العسكرى اليابانى

 

ماذا لو طلبنا من طالب فى المرحلة الابتدائية فى 2024 أن يرسم لوحة معبرة عن حرب أكتوبر؟!. ماذا عساه أن يتخيل ليرسم أو يبدع على الورق الأبيض؟ هل سيتعرف الصبى على شكل الدبابة وكيف يرسمها حتى لو لم يكن موهوبا فى الرسم مثلما فعل جيل الآباء، كيف يكون جيل الأندرويد والعالم العنكبوتى وشبكات التواصل الاجتماعى؟ ما مخيلتهم الإبداعية عن هذه الحرب؟ وهل هم مشغولون فعليا بالفخر والتباهى بجيل الأجداد، فى ظل الأيام الأولى من شهر أكتوبر كانت تطل علينا مختلف وسائل الإعلام وقتها والتى تلخصت فى شاشة التلفاز أو سماعة المذياع بالطقوس الموالية التى تواكب هذا الحدث، نمر على الأزقة مخلفين وراءنا أبواب المدرسة التى يطلى فيها العلم المصرى بالألوان الزاهية، نسمع صوت الفيلم المحبب لكل جيل الثمانينات، «الرصاصة لا تزال فى جيبى» ومنها إلى موسيقى أغنية مدرسة بحر البقر بكلماتها التى زادها اللحن طراوة وتأصيلا داخل نفوسنا.

. حملت هذه التساؤلات وطرحتها لأولى الذكر محاولا البحث عن إجابة.

 

الذاكرة البصرية.. «سبايدر مان وسوبر مان»

الدكتور سامح عرفة الخبير النفسى ومدير مركز يوتوبيا لتعديل سلوك المراهقين، ينعطف بنا إلى مصطلح أكاديمى يراه شديد الأهمية وهى وعاء الذاكرة البصرية عند المتلقى، هذا الوعاء الذى يحوى كم المشاهد البصرية التى تستقبلها العين والحواس الخارجية لتخزين المعلومات، فإذا كان مصدر المعلومة والتنمية المعرفية قديما هو المذياع أو التلفاز أو الإذاعة المدرسية فإن الجيل الحالى أمامه سموات مفتوحة يتلقاها عبر ضغطة زر واحد أو بلمسة «التاتش» على هاتفه النقال، يرى فيها العالم ولكن أى عالم؟.. يجيب الدكتور سامح عرفة بأن العالم الذى يراه صبى المرحلة الابتدائية هو العالم الذى يرشحه له الأقوياء والمحتوى الذى يقدمه له القائمون على البث المرئى والمسموع، حيث قنوات «يوتيوب»، «الأنميشن» المتصدر لعقلية صبيان وفتيات المرحلة الابتدائية، الشخصيات التى تعلق بها أبناؤنا «هالك أو الرجل الأخضر، سبايدر مان، سوبر مان». أول ملاحظة هى ملاحظة مصدر جذب طفل المرحلة الابتدائية وهى شخصيات كرتونية تعلقوا بها فأصبحوا شغوفين لتقليدها، فمثلا هل لو عرضت قناة تلفزيونية مشهداً لحرب أكتوبر وأخرى لفيلم «سبايدر مان» فالصبى سيجنح للثانية دون الأولى وذلك لتعدد مصادر الترفيه، إذا أعطيت لطالب قلماً وورقة ربما يرسم شخصية «سبايدر مان» وهو ما يدعونا إلى البحث فى مفهوم تنمية تلك الذاكرة البصرية بالوعى والانتماء. إذا كانت وسائل التواصل الافتراضى تحاصر أطفالنا فنحن أيضاً مطالبون بمحاصرة أطفالنا بما نملكه من تاريخ وانتصارات، الأمر الذى يعزز من الانتماء داخل نفوس أطفالنا.

 اليابان والحفاظ على تقاليد روح السامورى

ريهام الهلالى الاخصائية النفسية والمعالج بأنشطة الإبداع الفنى والمسرحى ترى أن اليابان جارت العالم فى الانفتاح على ثقافات مغايرة لكنها استطاعت أن تظل باقية على تراثها الثقافى فمثلا إبداع «الأنميشن» لدى اليابان غزا العالم بشخصيات مقاتلى السامورى وهو نوع من الثبات والصمود الثقافى أمام غزو الثقافات الأخرى، هل نستطيع نحن المصريون الحفاظ على هويتنا وتاريخنا العسكرى المتمثل فى حرب أكتوبر رغم كل المعوقات التى تجعل الأجيال الحالية عبيدا للهواتف؟

ترى ريهام الهلالى أن السر يكمن فى المرحلة الأهم وهى مرحلة الطفولة، تلك المرحلة التى هى بتعبير «كارل جوستاف يونج» مكمن خبراتنا الشعورية التى تساهم فى تشكيل شخصياتنا فيما بعد، هذه المرحلة يجب أن تدشن ويتم تحصينها بالتذكير الدائم بتاريخ الأجداد، كان الطلاب قديما يقصدون رحلات ترفيهية لبانوراما أكتوبر ومشاهدة مشاهد الحرب الفعلية فيتزودوا بهذه الخبرة المعرفية، فلماذا لا تساهم مؤسسات التقنية فى إيجاد تطبيقات وألعاب تحمل اسم حرب أكتوبر لمواجهة ما يبثه العالم الافتراضى لأبنائنا؟ إن نظرية الانغلاق عن العالم الخارجى هى درب أشبه بالمستحيل لكننا يجب أن نتعلم من مجال التربية المقارنة فى الدول التى تعانى من ضياع هويتنا مثلنا دولة مثل الهند والصين وكوريا الشمالية وماليزيا. فهذه الدول تعانى من فكرة الاغتراب الاجتماعى وضياع الهوية عند أطفالها لكنها تسعى بكل الطرق لمحاولة الثبات والصمود أمام غزو الطوفان الأجنبى المحمل بعادات وتقاليد لا تتقبلها هذه المجتمعات.

 ذاكرة أكتوبر بين الوعى الفردى والوعى الجمعى

الدكتور سامح عرفة يرى أن الذاكرة الإنسانية هى ثلاثة مستويات أولها الذاكرة القصيرة المدى وهى التى تحتفظ بالمعلومة لفترة قصيرة ثم تقوم بتحويلها إلى ذاكرة طويلة المدى وأثناء هذا التخزين يتم دور عمل الذاكرة العاملة التى تقوم بعمل الفلترة والمعالجة، لذا فإنك إذا طلبت -والكلام للخبير النفسى- من طالب المرحلة الابتدائية أن يرسم لوحة عن أكتوبر فهو هنا يقوم باستدعاء ما احتفظت به الذاكرة طويلة المدى، هو لم يشاهد أفلام أكتوبر الذى تربى عليها جيل الآباء لكننا مطالبون بإيجاد بدائل للتنويع المعرفى، وذلك من خلال المؤسسات المدرسية واللامدرسية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: اليابان الساموراى حرب اكتوبر سبايدر مان سوبر مان العالم الافتراضي ذاكرة اكتوبر المرحلة الابتدائیة حرب أکتوبر

إقرأ أيضاً:

نوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية

من أحاجي الحرب( ٨٦٩٥ ):
○ كتب: السفير عبدالمحمود عبدالحليم
□□ استخدم وفد الاتحاد الروسي بمجلس الأمن صباح الاثنين بنيويورك حق النقض فاحبط مشروع قرار قدمته بريطانيا وسيراليون حول موضوع “حماية المدنيين ” بالسودان، وكان القرار الذى نال موافقة ١٤ وفدا قد شمل ١٥ فقرة عاملة و ٨ فقرات تمهيدية، وجاء تركيزه على الترتيبات المتصلة بحماية المدنيين تحديدا خلافا للقرارات السابقة للمجلس حول السودان التى شملت عدة موضوعات متنوعة amorphous. ، كما أعاد الفيتو الذى يحدث لأول مرة منذ امد بعيد إلى الأذهان الفيتو المزدوج الذى استخدمته روسيا والصين ضد مشروع قرار خاص بزمبابوى عام ٢٠٠٨م ….اذا كانت بريطانيا كما هو معلوم هى حامل القلم ورئيس مجلس الأمن لشهر نوفمبر فان استصحاب سيراليون جاء لإظهار وإعطاء انطباع بتوافق افريقى حول المشروع، بهدف احراج الدول التى قد يكون رايها سالبا حوله، وتحديدا روسيا والصين، فتمتنع عن معارضته حتى لا توصم بالوقوف ضد الإجماع الأفريقي.. من باب التذكر نشير إلى أن بريطانيا كانت قد تدخلت عسكريا في الحرب الاهلية في سيراليون فى مايو ٢٠٠٠ عبر الكتيبة البريطانية التي كانت هناك لأغراض الإجلاء وتمكنت من الحاق الهزيمة”بالحركة الثوريه المتحدة ” المتمردة بقيادة فودى سانكوح على مشارف العاصمة فريتاون والتى كانت مدعومة مقابل الماس السيراليوني من قبل تشارلز تايلور رئيس ليبيريا المجاورة.. وكانت بريطانيا قد استخدمت ايضاً مواقع بسيراليون فى عملياتها العسكرية ضد الأرجنتين إبان حرب الفوكلاند.. وللتذكير أيضا ترأست سيراليون فى أواخر سبعينيات القرن الماضى على عهد رئيسها سياكا استيفنز لجنة الوساطة السودانية الأثيوبية بعد توتر علاقات البلدين إبان حكم الرئيسين جعفر نميري ومنقستو هايلى مريام…
□ بدأ وكأن القرار قد شرع من جديد في رسم بناء معمارى لمسالة حماية المدنيين في السودان فى أعقاب تحشيد وترويج كبير حفلت به الفترة الماضية وتصريحات من عدة جهات دولية وعلى رأسها المبعوث الأمريكي بريللو مبشره بتدخل عسكري وخطة ب وتم إنشاء تحالف فى اجتماع جنيف ” لإنقاذ الأرواح “كما دخلت في خط ذلك التحشيد لجنه تقصى الحقائق لمجلس حقوق ألأنسان، والاجتماعات رفيعه المستوى التي عقدت على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك إلا ان إقرار الامين العام للأمم المتحدة قوتيريش امام مجلس ألأمن مؤخرا بعدم توفر الظروف المتصلة بنشر قوة عسكرية صب ماءا باردا على ذلك التحشيد لتنطلق بعده عدة مسارات هادئة من بينها زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الذى أكد فى بيانه الصادر عقب الزيارة ضرورة الحوار مع السودان بمافى ذلك الأفكار التى طرحها على الوفد السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان كما تقرر اعادة فتح مكتب الاتحاد الأفريقي بالسودان تسهيلا للحوار المبتغى حيث يأمل السودان أن يتم فك تجميد عضويته بالاتحاد الإفريقي دون إبطاء، وجاء كذلك الى السودان وزير خارجية جيبوتي مبعوثا من الرئيس الجيبوتي رئيس الإيقاد برسالة حول عوده السودان لموقعه بالهيئه، وتم كذلك تأجيل اجتماع اللجنة الأفريقية الرئاسية برئاسة الرئيس اليوغندى يورى موسفيني.. ويبدو ان كافة هذه التطورات قد القت بظلالها على نبرة ومحتوى المشروع البريطاني وهو يعاود الكرة ويدخل المباراة المسماة حماية المدنيين بخطه جديدة قوامها إظهار احترام الخصم وتقليل اللعب على الأجسام فيسمى مجلس السيادة الانتقالي باسمه ويطلب منّ الامين العام التشاور معه حول آليات التحقق، ويسجل ادانته المباشرة في فقرات عاملة وتمهيدية للدعم السريع، ويطالب بلجم تدخلات الدول وتوريدات السلاح لدارفور مهددا بعقوبات ومسترجعا منطوق قرارى مجلس الأمن ١٥٩١ و١٥٥٦ لعام ٢٠٠٤ ( وهو القرار الذي كان قد طالب وقتها حكومة السودان بنزع سلاح الجنجويد ) ويكرر القرار المطالبة بوقف أطلاق النار ووقف التصعيد وتعزيز المرور الآمن للمساعدات الإنسانية عبر الحدود والخطوط ويرحب في هذآ الإطار بقرار السيادى بشأن معبر أدرى…وسعى المشروع في سبيل هدفه لخلق ظروف ووقائع على الأرض توفر الشروط المفضية لنشر قوات عسكرية عبر تقرير كلف الامين العام بتقديمه الى أعطاء الشعور بمرونة رغم التفخيخ الذي استوطن بعض الفقرات مثل الفقرة العاملة ١٥ وصياغتها التى تبيح وتشرعن للعمل خارج إطار مجلس ألأمن بما يعرف بتحالفات الراغبين، ولم يكن صعبا للوفد الروسي بحاسه الشم القوية
التى عرف بها إزاء محاولات التدخل الخارجية عبر تلك الصياغات ان يقف عند ذلك بل افاض فتحدث عن روح الاستعمار الجديد ونوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية وضرورة تجنب فرض مؤسسات العدالة..لم تغادر ذاكرة المندوب الروسي غضب بلاده وتصريحات الرئيس بوتين في ذات اليوم
المنددة بمنح الدول الغربية الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستخدام الصواريخ بعيدة
المدى ضد روسيا …. فى الوقت الذي يتوقع أن تنشغل الأوساط الدبلوماسية بتبعات الفيتو الروسي وسيناريوهات اليوم التالى فإننا نأمل ان تستجمع بلادنا قواها ومواردها لحماية مدنييها .. فما حك جلد مواطنيها مثل ظفرها…..
#من_أحاجي_الحرب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • «جمال الغيطانى»
  • «الغيطانى» حكاء الماضى.. سردية الوجع الإنسانى
  • «مصر أكتوبر»: قانون لجوء الأجانب استجابة لتحديات المرحلة الحالية
  • محافظ أسوان يلتقى بالأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.. شاهد
  • الإحصاء: ارتفاع معدلات التسرب للذكور في المرحلة الابتدائية
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل: لا شىء اسمه فلسطين
  • فلادمير بوتين .. لأمريكا.. بصرك اليوم حديد .. وفيتو جديد
  • نوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية
  • عبقرية سعد!!
  • عبقرية صلاح جاهين