أهم الخسارات الاستراتيجية غير العسكرية للاحتلال من طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
لم يكن يوم السابع أكتوبر يوما عاديا، لا بالنسبة للفلسطينيين والعرب ولا على الاحتلال. سيصبح هذا اليوم علامة فارقة في تاريخ المنطقة ككل، ليس فقط بسبب أبعاده العسكرية التي كتب وقيل الكثير فيها، ولكن بسبب الخسارات الاستراتيجية للاحتلال، والتي سنعرض أهمها في هذا المقال، والتي تشير كلها إلى نقطة جوهرية واحدة: هشاشة الاحتلال.
(1)
فشلت "القبة الحديدية" في الساعة الأولى في صد الرشقات الصاروخية التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية، على الرغم من المبالغ الهائلة التي صرفت على مشروع القبة. لقد روج الاحتلال لهذا المشروع وتفرده لدرجة أنه أصبح يسوقه للبيع في دول العالم، ومن ضمنها دول عربية.
سيتحدث الخبراء العسكريون عن أسباب هذا الفشل، وغالبا سيدرس الاحتلال هذه الأسباب ليطور من المنظومة، ولكن الضرر الأساسي قد حصل فعلا. أثبتت المعركة من قبل فصائل فلسطينية محدودة القوة والخبرة والإمكانيات أن "القبة الحديدية" مشروع فاشل، وسينشأ بعد انقشاع غبار المعركة "تقدير" دولي يدرك محدودية الصناعات الإسرائيلية "الدفاعية" التي كان يروج لقوتها، وسينسحب هذا التقدير غالبا على كافة الصناعات الحربية التي ينتجها الاحتلال.
هذه خسارة استراتيجية سيحتاج الاحتلال وقتا طويلا لتعويضها!
(2)
لأول مرة في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي يتم تعطيل مطارات عسكرية عن الخدمة، وهو ما مكن مقاتلي حماس من الاستمرار بعملية الاقتحام لساعات دون الخوف من تدخل سلاح الجو الإسرائيلي. تعطل المطارات يفسر أيضا حجم الخسائر التي تكبدها الاحتلال.
استطاع الاحتلال تعطيل قوة الطيران العربية خلال ساعات في حرب النكسة، وهو ما شكل الفارق الأهم في حسم الحرب وهزيمة العرب، واستطاع الفلسطينيون بإمكانيات بدائية وبفعل عنصر المفاجأة تعطيل مطارات الاحتلال وتغيير مسار المعركة.
ولكن ما أهمية هذا الأمر ونحن نعلم بأن قوة سلاح الجو الإسرائيلي الهائلة استعادت زمام المبادرة وبدأت تقصف القطاع بقوة نارية كبيرة؟ إن الخسارة الاستراتيجية الإسرائيلية هنا هي أن هذا الجيش هو جيش يستطيع الانتصار من الجو فقط، أما إذا تعطلت قوة سلاحه الجوي فهو معرض للهزيمة ليس فقط من قبل جيوش، بل حتى من قبل فصائل مقاومة محدودة القوة. والمهم هنا أن حماس أثبتت أنها قادرة على تعطيل هذا السلاح الهائل -ولو لوقت محدود- باستخدام التخطيط والمفاجأة.
خسرت إسرائيل صورتها كجيش يمتلك فائض القوة، إذ أثبت أن هذا الجيش "نمر من ورق"، لن يتمكن بعد الآن من إثارة الرعب لدى أي طرف!
(3)
أعلنت الولايات المتحدة تحريك حاملة الطائرات "جيرالد آر فورد" لمنطقة الشرق الأوسط لاستخدامها في حال احتاج الاحتلال لذلك. وفي السياق نفسه، وافقت واشنطن على تقديم مساعدات عسكرية وذخائر ودعم للقبة الحديدية بعد طلب نتنياهو ذلك منه في اتصالين هاتفيين.
تضطر الولايات المتحدة، الدولة الأكبر في العالم، لتحريك حاملة طائرات، ونقل أسلحة وذخائر، والتعهد بمساعدات لمنظومات دفاع، فقط بعد ساعات من هجوم لفصيل فلسطيني يقع تحت الحصار منذ 17 عاما. تبدو خسارة الاحتلال الاستراتيجية هنا كبيرة، حيث تظهر هشاشته وعدم قدرته على حماية نفسه فضلا عن حماية مصالح الغرب الاستعماري الذي يمثله في المنطقة.
يكتسب الاحتلال أهميته لدى الغرب من منطلقين: الأول يتعلق بأن تأسيس دولة الاحتلال كان حلا لما عرف بأوروبا بـ"المسألة اليهودية"، والثاني يرتبط بكون الكيان الاحتلالي دولة وظيفية تمثل مصالح الاستعمار الغربي في المنطقة وتدافع عنها. اكتسبت "إسرائيل" أهمية أكبر لدى الولايات المتحدة بعد انتصارها على الجيوش العربية في نكسة عام 1967، لأن واشنطن اقتنعت أن هذا الكيان يستطيع أن يكون "وكيلا حصريا" لها في المنطقة. ومع ظهور هشاشة دولة الاحتلال أكثر فأكثر فإن أهميتها الاستراتيجية كممثل للاستعمار ستتراجع مع الوقت بلا شك، وستصبح عبئا بدلا من كونها رصيدا له.
(4)
ارتكب الاحتلال جرائم التطهير العرقي ضد الفلسطينيين في عام 1948 وما سبقه، واستمر بجرائمه حتى اليوم. ولكنه في نفس الوقت عمل بشكل جاد ومنظم ومكلف على بناية رواية مغايرة لحقيقته في العالم، ليبدو جيشا أخلاقيا مقابل "برابرة" عرب يفتقدون للأخلاق في الصراع.
مع بداية المعركة، ركز الإعلام الغربي على بعض الممارسات الفردية التي حدثت أثناء الاقتحام والتي تعزز الرواية الصهيونية، ولكن هذا لن يستمر للأبد.
إن طريقة الرد الإسرائيلي الذي يستهدف عمارات سكنية بدون تحذير سكانها، والمساجد، والبنوك، والأطفال، والعائلات، سيقلب الرواية مع الوقت.
صحيح أن الدعم الغربي للاحتلال قائم بغض النظر عن "الرواية" أو "الصورة"، ولكن هذا البعد يهم الاحتلال كثيرا. هذه ستكون خسارة استراتيجية ستكلف الاحتلال كثيرا من الوقت والجهد والمال لترميمها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية فلسطين طوفان الاقصي السيوف الحديدية غزة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هل نجح الاحتلال في إلغاء تأثير المصلين والأقصى في شهر رمضان؟
#سواليف
رغم التحذيرات السنوية الصادرة عن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي ” #شاباك “، الذي وصف #المسجد_الأقصى بأنه ” #برميل_بارود ” على وشك #الانفجار، فرضت سلطات #الاحتلال الإسرائيلي قيودًا مشددة على #الاعتكاف في المسجد، ومنعت المكوث فيه طوال شهر #رمضان، باستثناء العشر الأواخر فقط.
وفي هذا السياق، صرّح الشيخ #عكرمة_صبري، خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، بأن “الاحتلال منع الاعتكاف أيام الخميس والجمعة السابقة للعشر الأواخر، وأباحه بصلاحيات محدودة لأهالي الضفة تحت شروط أمنية مشددة”.
وفي خطوة غير مسبوقة منذ عام 1967، حدّد الاحتلال عدد #المصلين القادمين من #الضفة_الغربية لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى بعشرة آلاف فقط. وترافقت هذه الخطوة مع سلسلة من #الإجراءات_القمعية، شملت إجبار المصلين على مغادرة المسجد قبل غروب الشمس لمنع الاعتكاف، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة، وتركيب مئات الكاميرات بتقنية 360 درجة في أزقة البلدة القديمة لرصد كل حركة، ومنع دخول الأسرى المحررين وإبعاد العشرات منهم عن القدس.
مقالات ذات صلةكما كشف الخبير في الشأن المقدسي، عبدالله معروف، أن “الشرطة تعمّدت تفتيش المصليات المسقوفة والساحات بعد صلاة التراويح للتأكد من خلوّها من المصلين، لوأد أي محاولة للاعتكاف منذ بداية الشهر، بادّعاء أن هذه العبادة غير مسموح بها سوى في العشر الأواخر من الشهر الفضيل”.
في المقابل، استمرت الدعوات الفلسطينية للرباط وشد الرحال إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، الذي انتهى في فلسطين المحتلة أمس السبت، في محاولة لكسر الحصار المفروض عليه.
وأكدت هذه الدعوات على ضرورة الدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته من اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين، والاستمرار في الجهود الشعبية لكسر الحصار المفروض عليه منذ عدة أشهر.
وقد رصدت “قدس برس” عشرات الحراكات المقدسية التي دعت إلى الحشد والمشاركة المستمرة طيلة أيام رمضان، لإعمار المسجد وإحياء جميع الصلوات فيه، والتصدي لاقتحامات المستوطنين، مشددة على أهمية كسر الطوق الإسرائيلي المفروض على المسجد من خلال توافد المصلين إليه، لا سيما من كافة مناطق القدس.
ودعا “الحراك الشبابي المقدسي” إلى النفير العام، مطالبًا بإغلاق مساجد القدس كافة والتوجه للصلاة في المسجد الأقصى طيلة أيام الشهر المبارك.
كما طالب الأردن، بصفته صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس المحتلة، بالرد على هذه الإجراءات الاستفزازية، في حين دعت جهات فلسطينية المجتمع الدولي إلى التحرّك العاجل لوقف هذه الانتهاكات وضمان حرية المسلمين في ممارسة شعائرهم داخل المسجد الأقصى.
من جهتها، دعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الفلسطينيين إلى شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى والرباط والاعتكاف فيه، في ظل تضييقات الاحتلال المتزايدة خلال شهر رمضان. وقالت الحركة في بيان صدر مع بداية الشهر: “ندعو جماهير شعبنا في عموم الضفة والقدس والداخل المحتل إلى حشد كلّ الطاقات عبر شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى والرباط والاعتكاف فيه”.
كما دعت حماس الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم حول العالم إلى إطلاق أوسع المبادرات والفعاليات التضامنية مع أهلهم في غزة والضفة والقدس.
ويحذّر الباحث الفلسطيني المختص في شؤون القدس، زياد ابحيص، من خطورة محاولات الاحتلال فصل القدس عن الضفة الغربية باستخدام الحواجز والقيود، بهدف السيطرة على المدينة والتحكم بها، ومحاولة إلغاء حقيقة أن القدس تقع في قلب الضفة الغربية.
إلغاء تأثير المصلين في الأقصى على مشاريع تهويده
يقول هشام يعقوب، رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في “مؤسسة القدس الدولية” (مقرها بيروت)، إن أخطر ما في قيود الاحتلال على الوصول إلى الأقصى هو “تحويله إلى مكان غير ملهم للفلسطينيين لإطلاق الثورات، ويُمنع فيه التعبير عن المواقف أو التضامن أو الهتاف لأهل غزة، بحيث يُفقد الآلاف من الموجودين في الأقصى أي تأثير”.
في السياق ذاته، أشار الباحث في شؤون القدس، علي إبراهيم، إلى أن قوات الاحتلال “تعمّدت التجول بين صفوف المصلين أثناء الصلوات، خصوصًا صلاة التراويح، من دون أن تقابل بردة فعل جماهيرية”.
وفي خضم ذلك، نشرت “جماعات المعبد” الصهيونية المتطرفة رسالة وجهها عدد من وزراء الاحتلال وأعضاء الكنيست (برلمان الاحتلال) إلى نظرائهم في الكونغرس الأمريكي، طالبوا فيها بإقرار تشريع يعترف بما أسموه “الحق الأبدي في جبل المعبد”، في إشارة إلى المسجد الأقصى المبارك.
وعلّق الدكتور عبدالله معروف على ذلك قائلًا: “خلال الحرب على قطاع غزة، يرى أتباع تيار الصهيونية الدينية أن الفرصة التاريخية سانحة لانتزاع اعتراف أمريكي رسمي بحقوق دينية لليهود في المسجد الأقصى المبارك”.
وأضاف: “يخطط الاحتلال منذ سنوات لتحويل المُرابط الفلسطيني في الأقصى إلى مجرد سائح ديني، وتحويل المسجد من رمز للأمة إلى مسجد حارة عادي”.
وفي ظل هذه التحديات، دعت حركة “حماس” في بيان صدر بتاريخ 25 آذار/مارس، جماهير الشعب الفلسطيني وأبناء الأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى “النفير العام والشامل”.
وقالت الحركة: “في ظل تصعيد الاحتلال لعدوانه الهمجي وارتكابه المجازر بحق شعبنا في قطاع غزة، واستمراره في جرائمه في الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى، بدعم أميركي كامل وصمت دولي مطبق، فإننا ندعو لتصعيد المسيرات والفعاليات التضامنية في كل المدن والعواصم، وجعل هذه الأيام المباركة من رمضان أيامًا للنفير الشامل”.
كما ناشد الشيخ عكرمة صبري الدول العربية والإسلامية لتكثيف جهودها، وتعزيز مواقفها، وتوحيد صفوفها لحماية المسجد الأقصى من الأخطار المحدقة به.