علماء يطورون مادة من الألواح الشمسية لتشغيل السيارات ذاتية القيادة في الظلام
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
شمسان بوست / متابعات:
علماء يطوّرون مادة من الألواح الشمسية لمساعدة السيارات ذاتية القيادة على السير في الظلام
تتعدد فوائد مكونات الألواح الشمسية لتتجاوز توليد الكهرباء النظيفة
يشير مصطلح الضوء المستقطب إلى تلك الموجات الضوئية التي تخضع لترتيب بسيط ومنظم
تمهد الدراسة الطريق أمام تطوير سيارات ذاتية القيادة أكثر موثوقية
تجعل المادة خفيفة الوزن وعملية تصنيعها البسيطة من المناسب استعمالها في المستشعرات الصغيرة والرخيصة
يواصل العلماء مطالعتنا -بين الحين والآخر- بفوائد عديدة وغير متوقعة مقترنة باستعمال الألواح الشمسية، التي تجلى أحدثها في استغلال مادة مُستعمَلة بتلك الخلايا، في مساعدة السيارات ذاتية القيادة على السير في الظلام.
ويبرز توجه قوي في الوقت الحالي -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- نحو استغلال كل مكونات الخلايا الشمسية، وعدم تقييد فوائدها بتوليد الكهرباء النظيفة المستدامة التي تشتد الحاجة إليها لتحقيق أهداف التحول الأخضر، وتعزيز أمن الطاقة.
وتتويجًا لتلك المساعي، تمكّنت مجموعة من الباحثين في جامعة لينشوبينغ السويدية من استعمال مادة موجودة في الألواح الشمسية كمستشعرات ضوئية في الأجهزة الإلكترونية، عبر تطوير نوع من جهاز استشعار لديه القدرة على اكتشاف الضوء الأحمر المستقطب دائريًا، وفق ما أورده موقع تيك إكسبلور Tech xplore.
الضوء المستقطب دائريًا
تمهّد الدراسة، التي أجراها الباحثون ونُشرت في مجلة نيتشر فوتونيكس، الطريق أمام تطوير سيارات ذاتية القيادة أكثر موثوقية، إلى جانب استعمالات أخرى لا يمكن الاستغناء فيها عن الرؤية الليلية.
وتعكس بعض الخنافس التي لها أجنحة لامعة، ويرقات اليراع (حشرة آكلة للحوم)، وروبيان السرعوف (حشرة فرس النبي) الملون، نوعًا معينًا من الضوء يُعرف بالضوء المستقطب دائريًا، ويُعزى هذا إلى الهياكل المجهرية الموجودة في أغلفتها التي تعكس الموجات الكهرومغناطيسية بطريقة معينة.
ويشير مصطلح الضوء المستقطب إلى تلك الموجات الضوئية التي تخضع لترتيب بسيط ومنظم، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وعلاوة على ذلك، يمكن الانتفاع بالضوء المستقطب دائريًا في استعمالات تقنية عديدة مثل الاتصال بالأقمار الصناعية، والتصوير الحيوي، إلى غير ذلك من تقنيات الاستشعار.
ويرجع ذلك إلى أن الضوء المستقطب دائريًا يحمل قدرًا هائلًا من المعلومات، بفضل حقيقة مؤداها أن المجال الكهرومغناطيسي الموجود حول شعاع الضوء يتجه إما إلى اليمين وإما إلى اليسار.
ولاكتشاف الضوء المستقطب دائريًا، يحتاج المرء إلى مادة قادرة على استشعار الطريق الذي يتجه فيه الضوء.
مادة ابتكارية
هناك مادة تستطيع اكتشاف وفك شفرة الضوء المستقطب دائريًا في الطيف المنظور بأكمله، باستثناء المنطقة القريبة من الأشعة تحت الحمراء.
وعلى هذا الأساس طوّر الباحثون في جامعة لينشوبينغ -الآن- مادة، تُستعمل طبيعيًا في الألواح الشمسية العضوية، لالتقاط أشعة الضوء الخاصة تلك.
وقال الأستاذ في قسم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا في جامعة لينشوبينغ فينغ غاو: “بناء مستشعرات عالية الجودة قادرة على اكتشاف الضوء المستقطب دائريًا في الطيف الواقع بالقرب من منطقة الأشعة تحت الحمراء، مثّل تحديًا لمدة طويلة”.
وأوضح غاو: “لكن وبفضل تطوير مادة مُستعملة طبيعيًا في الألواح الشمسية العضوية، نستطيع -حاليًا- اكتشاف الضوء المستقطب دائريًا عبر الطيف الضوئي المنظور بأكمله”.
حلول تقنية
يمهّد هذا الاكتشاف الطريق أمام استحداث حلول تقنية غير تقليدية، لا يمكن الاستغناء فيها عن الرؤية الليلية، مثل السيارات ذاتية القيادة، إذ تجعل المادة خفيفة الوزن وعملية تصنيعها البسيطة من المناسب استعمالها في المستشعرات الصغيرة والرخيصة.
وتتألف المادة المستعملة في الألواح الشمسية العضوية من البوليمرات (سلاسل طويلة من المواد الهيدروكربونية)، وربما يكون لها تركيب جزيئي كروي يُعرف باسم الفوليرين، أو بنية مختلفة، فتسمى غير الفوليرينية.
والفوليرين عبارة عن جزيئات تتكوّن بالكامل من ذرات الكربون، وتكون على شكل كرة مجوفة، وتسمى أحيانا كرات بوكي buckyballs، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتُصنّف المادة المستعمَلة في الدراسة الحالية بأنها غير فوليرينية، وهو ما يبرز ميزة كبيرة في الألواح الشمسية، بالإضافة إلى استعمالات أخرى مثل المستشعرات الضوئية.
الجزيء اليدواني
تُعزى قدرة هذه المادة على استشعار الضوء المستقطب دائريًا إلى عدم تناظرها، وهي الطريقة التي تتفاعل من خلال الجزيئات مع الضوء.
وبفضل خاصية الجزيء اليدواني (يُعرف أيضًا بعدم التناظر المرآتي)، يمكن للجزيئات المختلفة أن تستشعر إذا كان الإشعاع الكهرومغناطيسي يتجه إلى جهة اليمين أم إلى جهة اليسار.
والجزيء اليدواني أو عدم التناظر المرآتي أو التصاوغ الضوئي أو الصفة اليدوية، لا ينطبق على صورته في المرآة حتى إذا دار حول نفسه.
واليد مثال لذلك، فهي يدوانية، فاليد اليسرى هي صورة مرآة لليد اليمنى، ولكن لا يمكن أن تنطبقا حتى ولو جرى تدويرهما بأى درجة في المستوى نفسه.
وقال الزميل في قسم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا في جامعة لينشوبينغ لي وان: “الخطوة التالية هي توسيع تلك التجارب لتشمل مواد مختلفة عديدة، وفحص الطريقة التي يتفاعل من خلالها الضوء والجزيئات”.
وأضاف وان: “وبهذه الطريقة، نأمل أن نكون قادرين على زيادة الفاعلية”.
من جهته قال الزميل في مرحلة ما بعد الدكتوراه بقسم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا في جامعة لينشوبينغ في روي تشانغ: “يمكن أن يكون التحكم في تماسك الجزيئات أمرًا مهمًا للغاية”.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: السیارات ذاتیة القیادة فی الألواح الشمسیة
إقرأ أيضاً:
جاك فوكار.. أمير الظلام الذي أرسى سياسة فرنسا الأفريقية
كلما وقع انقلاب عسكري في إحدى المستعمرات الفرنسية السابقة في أفريقيا، تتجه الأنظار مباشرة إلى باريس، بحثا عن دورها المحتمل في تلك الأحداث، بالنظر إلى الروابط العميقة التي تجمعها مع الأنظمة الحاكمة هناك، والمصالح الاقتصادية والسياسية المتجذرة في تلك البلدان.
فقد حافظت فرنسا على هذه المصالح عن طريق اتفاقات ومعاهدات وترتيبات مع مستعمراتها السابقة، ولا تزال بعض هذه الروابط قائمة حتى اليوم، مثل استخدام دول غرب أفريقيا العملة الفرنسية "الفرنك الأفريقي" (CFA) التي فرضتها فرنسا خلال أربعينيات القرن الماضي.
ورغم أن العلاقات بين فرنسا ومستعمراتها الأفريقية السابقة استمرت بعد الاستقلال عبر قنوات علنية في السياسة والدبلوماسية والاقتصاد والأمن، فإنها تطورت مع مرور الوقت إلى سياسة خاصة عُرفت باسم "فرنسا الأفريقية" (Françafrique)، والتي تشمل قنوات سرية وشبكات خاصة وأشخاصا مميزين وطقوسا مغلقة.
على مدار عقود، تجسدت هذه السياسة في شخصية واحدة هي جاك فوكار (1913-1997)، الذي كان يُعرف في دوائر صنع القرار الفرنسي بـ"مستر أفريقيا".
بدأ فوكار بتعزيز علاقاته مع الجنرال شارل ديغول خلال الحرب العالمية الثانية، وكان من مؤيدي سياساته الاستعمارية، خاصة في الجزائر.
وساهم لاحقا في عودة ديغول إلى الحكم عام 1958، فاختاره ليكون أول وزير دولة للشؤون الأفريقية في حكومة الجمهورية الخامسة سنة 1960، وهو المنصب الذي احتفظ به حتى عام 1974 في عهد الرئيس جورج بومبيدو.
إعلانوخلال فترة الرئيس فاليري جيسكار ديستان (1974-1981)، واصل فوكار أداء دوره في السياسة الأفريقية، وإن كان من خلف الكواليس، من خلال شبكة علاقات سرية ومصالح مترابطة مع عدد من القادة الأفارقة.
وفي عهد الرئيس فرانسوا ميتران (1981-1995)، ظل فوكار شخصية محورية في العلاقات بين فرنسا وأفريقيا رغم عدم توليه أي منصب رسمي، إذ استمر في تقديم المشورة بشأن سبل الحفاظ على النفوذ الفرنسي في القارة.
ومع وصول جاك شيراك إلى الحكم، واصل فوكار تقديم دعمه الإستراتيجي حتى وفاته عام 1997.
الغموض والقوةيُعد فوكار حالة فريدة في تاريخ الجمهورية الخامسة، إذ ظل في قلب السلطة طوال 4 عقود.
ويصفه الصحفي الاستقصائي الفرنسي بيير بيان، في كتابه "رجل الظل"، بأنه "أكثر الشخصيات غموضا وتأثيرا في الجمهورية الخامسة".
وقد وصفته مجلات مختصة بالشأن الأفريقي مثل جون أفريك بألقاب متعددة، منها "أمير الظل"، و"رجل المهمات القذرة"، و"صانع المخبرين". أما مدير تحرير المجلة فرانسوا سودان، فاعتبره "حارس أسرار فرنسا في أفريقيا" و"ساحرا لا يرحم" في تعامله مع الرؤساء والمتمردين على حد سواء.
مصالح متبادلةخدم فوكار المصالح الاستعمارية الفرنسية مستخدما مختلف الوسائل لضمان بقاء الأنظمة الموالية لباريس في السلطة.
وأشار الإعلامي التونسي عبد العزيز دهماني إلى أن فوكار لعب دورا حاسما في استمرار حكم عديد من الزعماء الأفارقة، مثل فيليكس أوفوي بوانيي رئيس كوت ديفوار، وعمر بونغو رئيس الغابون.
كما كشف السياسي والمحامي الفرنسي من أصل لبناني روبير برجي، في مذكراته، عن أن فوكار كان يُشرف على تدفقات مالية من دول أفريقية لدعم مرشحين سياسيين في الانتخابات الفرنسية، مما يُبرز بوضوح المصالح المتبادلة بين بعض الحكام الأفارقة والنخبة السياسية الفرنسية.
الاغتيالات والقضايا الغامضةأثيرت كثير من التساؤلات حول دور فوكار في قضايا شائكة مثل اغتيال المعارض الكاميروني فيليكس موميي عام 1960، والتدخلات العسكرية الفرنسية في الغابون.
إعلانوقد اعترف فوكار -في مذكراته "فوكار يتحدث"- بأنه كان مطلعا على تفاصيل بعض هذه الأحداث، لكنه نفى تورطه المباشر.
كما طُرحت تكهنات بشأن ضلوعه أو ضلوع فرنسا في اغتيال المعارض المغربي المهدي بن بركة في باريس عام 1965، وكذلك في اغتيال رئيس بوركينا فاسو توماس سانكارا عام 1987، لكن هذه القضايا لا تزال تكتنفها السرية والغموض.
التحولات السياسية الفرنسية في أفريقيارغم رحيل فوكار عام 1997 حاملا معه أسرارا كثيرة عن دور باريس في الشأن الأفريقي، فقد استمرت السياسات الفرنسية في القارة على النهج ذاته لفترة غير قصيرة، قبل أن تبدأ بالتراجع التدريجي مع تولي نيكولا ساركوزي الحكم عام 2007، وهو التوجه الذي تعزز في عهد فرانسوا هولاند.
ومع الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، باتت سياسة "فرنسا الأفريقية" موضوعا لانتقادات واسعة، وارتفعت أصوات تطالب بإنهاء هذا الإرث الاستعماري القديم.
ولو قُدّر لفوكار أن يعود إلى الحياة اليوم، لدُهش من هذه التحولات التي تنذر بإغلاق فصل طويل من تاريخ فرنسا في أفريقيا.