إحدى المدن التي أقيمت في العصر الإسلامي الأموي، و من أكبر وأقدم مدن فلسطين، تتمتع بموقع جغرافي هام لوقوعها في منتصف السهل الساحلي الفلسطيني وتمر بها الطرق والسكك الحديدية التي تربط مصر ببلاد الشام والعراق.
وهي نقطة انقطاع بين بيئتي السهل الساحلي والبحر المتوسط من جهة، وبيئتي الجبل والغور من جهة ثانية.
وتمتد المدينة على مساحة 11,854 دونما (11.9 كم2). وترتفع عن سطح البحر حوالي 108 م. وتقع اليوم في اللواء الأوسط على بعد 38 كم شمال غرب القدس، وتقع على الطريق القديمة بين يافا والقدس ولذلك كانت موقعا استراتيجيا مهما وأصبحت مركزا إداريا للمنطقة بعد تأسيسها بقليل.
صورة بالابيض والاسود تمت معالجتها لمدينة الرملة تعود إلى عام 1890
وكان أهل الرملة أول تأسيسها أخلاطا من العرب والعجم والسامريين ثم أخذت القبائل العربية تنزلها، وأخذت الرملة تتقدم في مختلف الميادين حتى غدت من مدن الشام الكبرى ومركزا لمقاطعة فلسطين ومن أعمالها: بيت المقدس وبيت جبرين وغزة وعسقلان وأرسوف ويافا وقيسارية ونابلس وأريحا وعمان.
تأسست مدينة الرملة عام 716 على يد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، وسميت نسبة إلى الرمال التي كانت تحيطها. وقيل سميت بامرأة اسمها اسمها رملة وجدها سليمان بن عبد الملك في بيت شعر حين نزل مكانها وأحسنت ضيافته فسألها عن اسمها فقالت: رملة، فبنى البلدة وسماها باسمها.
ثم أصبحت المدينة في عهد العباسيين تابعة لولاية الشام، ثم تعاقبت على حكمها دول عديدة كالطولونيين والقرامطة والفاطميين.
وتعرضت المدينة لزلزالين في عامي 1033 و1067 أدى الثاني منهما إلى مقتل 25 ألف من سكانها.
احتلها الصليبيون في عام 1099 وأعاد صلاح الدين الأيوبي فتحها في 1177 ولكنه لم يقدر على التمسك بها إلا بعد معركة حطين في عام 1187 حيث دخلها المسلمين.
ثم عادت لحكم الصليبين عام 1204 للميلاد فأقاموا فيها أبرشية وشيدوا كنيسة. ولكن حكمهم فيها لم يدم طويلا، حتى حررها الظاهر بيبرس عام 1261.
وصلها وصل نابليون بونابرت مع جيشه عام 1799 واحتلها لمدة قصيرة دون مقاومة تذكر.
وبقيت الرملة عاصمة لفلسطين نحو 400 عام، بعد أن دخلت كغيرها من المدن تحت الحكم العثماني ثم الحكم البريطاني، بعد أن احتلتها القوات البريطانية في عام 1917.
مدينة الرملة عام 1936.
وبين 1949 و1967 كانت طريق الرملة الطريق الوحيدة بين المركز التجاري في تل أبيب والمؤسسات التابعة لحكومة الاحتلال، لكن الوضع تغير بعد عام 1967 حيث بنيت طريق جديدة عبر موقع اللطرون الذي احتل في حرب عام 1967، وتقلصت أهمية الرملة والطريق العابرة فيها.
في خطة تقسيم فلسطين وقعت الرملة على الحدود بين الدولتين المقترحتين. وبعد إعلان قيام دولة الاحتلال في عام 1948 تدخلت جيوش الدول العربية في الحرب ودخلت قوات عراقية مدينة الرملة.
واحتل الصهاينة مدينة اللد القريبة من الرملة ثم اتجهوا نحو الرملة، و قام حوالي 500 من الصهاينة بهجوم على المدينة تؤازرهم المصفحات، ورغم هذه القوة الكبيرة فقد تمكنت القوات العربية، من بينها قوات عراقية، من صدهم وقتل عدد من الصهاينة. ولم لبثت العصابات الصهيونية أن احتلت القرى المحيطة بالرملة وطوقتها وانتهى الأمر باحتلال المدينة.
بعد التوقيع على اتفاقيات رودس (اتفاقيات الهدنة) في عام 1949 وقعت الرملة تحت الحكم الإسرائيلي، وأصبح السكان العرب الباقين في المدينة إسرائيليين، وهاجر الكثير من العرب قسرا بعد احتلال المدينة من قبل الجيش الإسرائيلي. كذلك سكن المدينة العديد من المهاجرين اليهود، واليوم أغلبية السكان من اليهود، وثلث سكان الرملة حاليا هم من اليهود الروس الذين هاجروا في التسعينات.
وحسب سجلات الإحصائيات لعام 2018 بلغ عدد سكان الرملة 104,200 نسمة، ثلثهم من الفلسطينيين.
تحتوي الرملة على العديد من المواقع الأثرية الهامة، منها: بقايا قصر سليمان بن عبد الملك، والجامع الكبير، وبركة العنزية، والجامع الأبيض ومئذنته، وقبر الفضل بن العباس، ومقام النبي صالح، وغيرها.
ولا يختلف اقتصاد المدينة عن بقية مدن المنطقة القريبة التي تعتمد بالأساس على الزراعة، حيث تنتشر في سهولها أشجار الزيتون والحبوب والخضروات.
الجامع الأبيض من أهم معالم الرملة الإسلامية..
وقد صادر الاحتلال مساحات زراعية شاسعة من ملاكها العرب، وقام باستغلالها في زراعة الفواكه والحمضيات. وأنشأ بعد عام 1948 في ظاهر الرملة مستعمرات كثيرة منها مستعمرة "أحيسمخ" في الجهة الشمالية الشرقية، ومستعمرة "متسلياح" في الجهة الجنوبية، ومستعمرة "ياد رامبام" في الجهة الجنوبية الشرقية.
كما تعتبر منطقة الرملة من المناطق الصناعية الرئيسية، وقد ساعد على ذلك وقوعها في ملتقى طرق المواصلات، حيث أنشأت سلطات الاحتلال صناعات حديثة تختص في الكيمياويات والبلاستيك بالإضافة إلى صناعة الأجهزة الكهربائية وغيرها.
وتحولت الرملة أيضا إلى مركز للأبحاث، حيث تضم ثلاث مفاعلات نووية ومعهد وايزمان للعلوم. كما تعد المدينة اليوم مركزا تجاريا وسياحيا تزدحم بالأسواق العامرة وتعرف نشاطا لافتا لتبادل البضائع مع مختلف المناطق القريبة.
متحف خاص بمدينة الرملة
وتعاني مواقع تاريخية وتراثية كثيرة في المدينة من الإهمال من قبل سلطات الاحتلال، إذ نجد معالم أثرية عديدة مهملة وجزءا من الأحياء القديمة حولت إلى مواقف للسيارات تمتلئ يوميا في ساعات النهار لقربها من سوق الرملة، بالإضافة إلى الإهمال المتعمد من قبل البلدية في تطوير هذه البقعة التاريخية التي تحتوي على الكنائس اللاتينية والأرمنية والأرثوذكسية، والجامع الكبير بالإضافة إلى الموقعين التاريخيين الواقعين خارج البلدة القديمة، وهما بركة الأقواس والبرج الأبيض.
وهذه المواقع ما زالت قائمة في الرملة القديمة، وما زال المصلون يتلون صلواتهم في الجامع والكنائس بالرغم من النكبة التي حلت عام 1948، بالإضافة إلى المدارس التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
المصادر
ـ رامي صايغ، الرملة القديمة...حكاية صمود فلسطينية، العربي الجديد، 22/9/2016.
ـ مدينة الرملة، الجزيرة نت، 15/11/2014.
ـ ابن الأثير: الكامل في التاريخ، بيروت، 1966.
ـ ابن بطوطة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، بيروت، 1964.
ـ ياقوت الحموي: معجم البلدان، بيروت، 1955.
ـ مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين، بيروت، 1972.
ـ عبد الله مخلص، مئذنة الجامع الأبيض والرقم والتاريخية في الرملة، بيروت.
ـ مدينة الرملة، موسوعة المدن الفلسطينية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير فلسطين الرملة الاحتلال تاريخية احتلال فلسطين تاريخ الرملة تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بالإضافة إلى فی عام
إقرأ أيضاً:
ما هي استراتيجية حزب الله بعد استعراض "ملعب بيروت"؟
رأى الكاتب الإسرائيلي، إيال زيسر، أن تنظيم حزب الله اللبناني، اختار استراتيجية "إبقاء رأسه منخفضاً حتى يمر الغضب"، لامتصاص الضربات التي وجهتها له إسرائيل، وفي الوقت نفسه، لاستعادة قوته، تماماً كما تحاول حركة حماس الفلسطينية أن تفعل في غزة.
وقال زيسر في مقال بصحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية، تحت عنوان "حزب الله.. اليوم التالي لحسن نصرالله"، أنه بينما جرت جنازة حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، وخليفته هاشم صفي الدين، سعى التنظيم اللبناني إلى إقامة استعراض جماهيري للقوة، من شأنه أن يثبت أن التنظيم لا يزال موجوداً، ويحظى بدعم واسع بين السكان في لبنان، ولهذا السبب اختار إقامة الجنازة بعد 5 أشهر من اغتيالهما، حرصاً منه على ضمان التحضير الأمثل للمراسم، وأيضاً على عدم تدخل إسرائيل في إقامتها.
رسائل #حزب_الله في جنازة حسن نصراللهhttps://t.co/XLG49w5gdT pic.twitter.com/kbHOTGoHni
— 24.ae (@20fourMedia) February 27, 2025 هل انتهى حزب الله؟وأشار زيسر إلى أن الحفل الذي أقيم على ملعب بيروت الرياضي، استقطب حشوداً من المشاركين كما كان متوقعاً، وإن كان أقل بكثير مما توقعه أو تمناه حزب الله، كما ظهرت طائرة تابعة لسلاح الجو في السماء أثناء نقل نعشي نصر الله وصفي الدين إلى الميدان، ولكن بعد كل هذا يبقى السؤال، هل ترمز مراسم الدفن إلى نهاية حسن نصر الله، أم أنها ترمز أيضاً إلى نهاية حزب الله كقوة عسكرية مسلحة تشكل تهديداً على إسرائيل؟.
ويقول الكاتب الإسرائيلي، إنه حتى الآن لا توجد إجابة واضحة على هذا السؤال، وفي غياب مثل هذه الإجابة، تفضل إسرائيل البناء على التفكير المتفائل، بأن حزب الله تلقى ضربة قاسية وأصبح الآن يسعى إلى السلام وليس الصراع، كما اعتادت إسرائيل أن تقول عن هذا التنظيم بعد حرب لبنان الثانية في صيف عام 2006، وكما اعتادت أيضاً أن تقول عن حماس بعد كل جولة من الصراع على مدى العقد الماضي، مستطرداً: "لكن الواقع على الأرض لا يتوافق مع هذه الرغبات الصادقة".
ضربة قاسية
وأشار إلى أن حزب الله تلقى ضربة قاسية خلال الحرب الأخيرة، حيث تم القضاء على قياداته العليا، ودُمرت قدراته العسكرية، وتعرض السكان للدمار والخراب على نطاق غير مسبوق، موضحاً أن إيران تجد صعوبة في مساعدة التنظيم بعد سقوط بشار الأسد في سوريا، وأخيراً في لبنان تم انتخاب رئيس لا ينتمي إلى حزب الله ولا يتبع تعليماته.
وبحسب الكاتب، فليس من الغريب أن يختفي خوف إسرائيل من حزب الله، ويتضح ذلك في عمل الجيش الإسرائيلي بحرية وبدون قيود، على الأقل في الوقت الحالي، كلما اكتشف محاولات من جانب التنظيم لاستعادة قدراته العسكرية.
بطريقة جديدة.. #حزب_الله يحاول تشغيل "ممر تهريب الأسلحة" من #سوريا https://t.co/KIiYFwFDR8
— 24.ae (@20fourMedia) February 27, 2025هل انتهى حزب الله؟
وقال إنه على الرغم من أن كل هذا صحيح، إلا أن حزب الله لم يتم هزيمته أو القضاء عليه، كما لم يتم القضاء على دوافعه لإلحاق الضرر بإسرائيل، مشيراً إلى أن التنظيم نجح في الحفاظ على بعض قدراته العسكرية، وعشرات الآلاف من الصواريخ، وعشرات الآلاف من المقاتلين الحاملين للسلاح، ولا يزال أقوى من الجيش اللبناني الذي من المفترض أن يقوم بنزع سلاحه.
ورأى الكاتب، أن حزب الله اتخذ خياراً استراتيجياً بخفض رأسه حتى يمر الغضب، ويمتص الضربات التي توجهها له إسرائيل، وفي الوقت نفسه استعادة قوته، تماماً كما تحاول حماس أن تفعل في غزة.