صوتي هو شريان حياتنا.. صحفي يتمسك بالأمل رغم القصف الإسرائيلي على غزة
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
على وقع الصدمة، تواصل إسرائيل سياسة الانتقام وقتل المدنيين في قطاع غزة، وتلجأ عائلة فلسطينية إلى غرفة ذات إضاءة خافتة وسط تصاعد أجواء الحرب التي تلوح في الأفق.
قضت العائلة ليلة مظلمة إثر قطع تيار الكهرباء عن غزة مثل كل سكان القطاع، لكن لم ينم أحد من أفرادها بسبب توالي أصوات القصف الجوي والانفجارات التي تهز جنبات المنزل، وهي واحدة من الهجمات الكثيرة التي تجعل قرابة 2.
وفي الصباح، مع ارتفاع صوت الطائرات الحربية الإسرائيلية، تجمّع الصحفي الفلسطيني المقيم في غزة محمد رفيق مهاوش وعائلته في غرفة سفلية ذات إضاءة خافتة، على أمل أن يكون هذا هو المكان الأكثر أمانا.
كانت زوجته تتمسك به وتطمئنهم -كما فعلت مرارا- بينما كانوا ينزلون الدرج إلى الغرفة السفلية التي قد تكون آمنة نسبيا، لكن صوتها المرتعش كشف عن القلق الذي يسيطر عليها.
أمل وخوف
يقول مهاوش -الذي كتب قصته على موقع الجزيرة الإنجليزي- إنه حتى بينما كان يحاول التمسك بشعور الأمل، لم يستطع تجاهل الخوف المرسوم على وجوه عائلته والمخيم على الأجواء، ويقول "أمي، المرأة التي تشهد تجاعيدها على معارك عديدة مع إسرائيل، تشبثت بابني البالغ من العمر عامين، حفيدها الوحيد، وبكلمات مواساة هامسة حاولت تهدئة روعه من ضجيج طائرات إف-16 التي تحلق في سماء المنطقة".
في تلك الغرفة، يقول مهاوش، "اجتمعنا جميعا -والداي وزوجتي وابني وأختي- وأصواتنا التي كانت بالعادة مليئة بمرح الصباح، أصبحت الآن خافتة مع دموع مكبوتة وصلوات صامتة".
ويتابع مهاوش "بعيدا عن ملجئنا، بثت القنوات أخبارا وصورا مروعة للدمار، إذ انهارت المباني السكنية مثل الأطلال القديمة، وسحب الغبار والدخان تملأ الهواء. وكل انفجار يرج الأرض تحتنا، وتزيد صرخات الناس في الشوارع وزئير الطائرات المقاتلة فوقنا من توترنا".
ومنذ مساء السبت، لم تتوقف غارات الاحتلال على الأحياء والمباني السكنية والمساجد والأراضي الزراعية في قطاع غزة الذي استشهد فيه حتى الآن نحو 500 من سكانه وجرح أكثر من 2700 شخص، وفق وزارة الصحة بالقطاع، في حين نزح عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وتظهر مقاطع مصورة حجم الدمار الذي لحق بالقطاع والأوضاع الصعبة التي يعيشها سكانه الذين فقد كثير منهم بيوتهم وممتلكاتهم.
وفي أحد المقاطع المصورة، يقول شاهد عيان يقف على ركام ما كان قبل يوم واحد مبنى سكني يضم عديدا من الأسر "ما حدث هنا دمار شامل، نحن عائلة البواب، وكان 150 من أفراد عائلتنا يعيشون في هذه العمارة، فهنا بيتي وبيوت أعمامي وبيت أختي وبيوت أشقائي الخمسة وعائلاتهم، وكل تلك البيوت دمرت بالكامل".
ويضيف "جميعنا أصبحنا مشردين نسكن عند أقاربنا وأصدقائنا ومعارفنا".
مواطن آخر من سكان غزة يقف أمام حطام مسجد في الحي الذي يسكنه بعد أن سوته غارة إسرائيلية بالأرض، ويبدو من ملابسه ويديه اللتين لا يزال التراب عالقا بهما أنه فرغ للتو من محاولة رفع بعض من أنقاض المسجد وإنقاذ من قد يكون عالقا تحتها، يقول "كنا في هذا المسجد في أمان الله تعالى، وفجأة تعرض للقصف دون سابق إنذار".
صوت الصحافةفي تلك اللحظة السريالية، يقول مهاوش، "تشبثت بقناعة بأن صوتي لم يكن شريان حياتي فحسب، بل كان أيضا اتصالا بالعالم الذي غالبا ما كان يتجاهل نضالنا، كصحفي وكاتب نجا بأعجوبة من 5 حروب مدمرة مع إسرائيل، أعلم أن صوتي هو صلتي مع عالم يمكن على الأقل أن يشاركنا أماني السلامة".
ويردف "طوال اليوم، كل بضع ساعات، نتبادل المكالمات الهاتفية، ونتواصل مع أحبائنا في جميع أنحاء المدينة. الجيران يطمئنون على بعضهم البعض، وحتى الغرباء تبادلوا معنا كلمات التضامن والدعم.. على الرغم من أنني أشعر بقلق عميق في داخلي من أننا يمكن أن نكون هدفا في أي لحظة، وفي أي وقت".
وأصيب عشرات الصحفيين خلال التغطيات في الضفة والقطاع والقدس والداخل المحتل في اعتداءات كثيرة، أبرزها اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة التي استهدفها قناص من الجيش الإسرائيلي على نحو متعمّد قبل أكثر من عام، خلال تغطيتها اقتحام الاحتلال مدينة جنين.
استشهاد أبو عاقلة ليس الانتهاك الوحيد من الاحتلال، فقد تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية من اعتقالات وقتل وعرقلة في الأحداث الميدانية التي يغطيها الصحفيون على الأرض خلال الاجتياحات في الضفة الغربية، والحروب على القطاع، والاقتحامات في الأقصى، والانتفاضات السابقة، وحتى في الفعاليات السلمية الأسبوعية في المناطق المهددة.
وعام 2021، قصفت إسرائيل 33 مقرا صحفيا في قطاع غزة خلال العدوان، منها ما دُمّر تدميرا كليا.
وفي حديث سابق للجزيرة نت، قال عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين عمر نزال إن استهداف الصحفيين الفلسطينيين مستمر وهو مغطى من قبل المستوى السياسي الإسرائيلي، وما يدلل على ذلك تصريحات عضو الكنيست بن غفير بأنه يؤيد "إطلاق النار على كل صحفي يعوق عمل الجنود".
تضامن ووحدةيقول الصحفي الفلسطيني إنه لا يمكن إنكار حصيلة الإرهاق النفسي الذي استقر في قلوب العائلات، ولا يزال الخوف يخيم في أعين أولئك الذين شهدوا الساعات الأولى من القتال، "ولا تزال الانفجارات تسكن قلوبنا" كما يقول مهاوش. ويستدرك "كل لحظة تمر هي معركة ضد الحزن".
ورغم تلك المشاهد الصعبة، فإن الصمود والقدرة على التحدي هو ما يصنع الأمل والتصميم وسط الخوف والدمار، خاصة مع حلول الليل المظلم، كما يقول الصحفي الفلسطيني الذي يختم "هذه شهادة على روح الفلسطينيين التي لا تتزعزع، إذ يقفون متحدين معا في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، ضد هجمات المحتل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ما کان
إقرأ أيضاً:
تفاصيل كمين حي الشجاعية برواية الجيش الإسرائيلي.. ما الذي حصل؟
أفادت مواقع إخبارية إسرائيلية بإصابة قائد "لواء القدس" -لواء 16- بجيش الاحتلال الإسرائيلي بجراح خطيرة، خلال الاشتباكات مع المقاومة في حي الشجاعية بغزة أمس.
اقرأ ايضاًمن جانبه، نشر "الجيش الإسرائيلي" تفاصيل التحقيق الأولي حول المعركة في حي الشجاعية التي قُتل فيها ضابط الجيش عيدو فولوخ ومقاتل وحدة المستعربين نيتع يتسحاك كاهانا، يوم أمس الجمعة.
وقالت إذاعة الجيش التفاصيل إن قوة من لواء الاحتياط 16، خرجت لغارة هجومية على بُعد حوالي 1.5 كيلومتر من السياج الحدودي، حيث نفذت عمليات تمشيط ثم بقيت في الميدان لتنفيذ كمين بواسطة مقاتلي وحدة اليماس (وحدة المستعربين).
وعلى حد وصفها قالت إن "خلية مسلحة" (في إشارة إلى عناصر القسام) وصلت إلى موقع الكمين واشتبكت مع مقاتلي اليماس داخل مبنى في الشجاعية، وقتل أحد عناصر الوحدة بالاشتباك.
وبعد أن "بدأت عملية الإنقاذ مباشرة، تطلّبت استدعاء قوات إضافية إلى المكان لإخراج المقاتلين من الكمين".
وبحسب الإذاعة، فقد "استمر القتال لإنقاذهم ساعتين كاملتين، وخلالهما أطلقت خلايا حماس النار 5 مرات على الأقل نحو قوات الإنقاذ".
تم إطلاق 3 صواريخ، صاروخ مضاد للدروع على آلية عسكرية ما أسفر عن إصابة جندي بجروح متوسطة، ولاحقًا، أُطلق صاروخان مضادان للدروع على دبابة من كتيبة 46، لكن لم تقع إصابات.
وأشارت إلى أنه وبعد ساعة تقريبا من الاشتباك الأول، أُطلق صاروخ مضاد للدروع على دبابة أخرى من كتيبة 46، حيث أصاب الهدف، مما أدى إلى مقتل ضابط من الكتيبة وإصابة جندي آخر بجروح.
وختم التحقيق بالقول، إنه وبعد "حوالي نصف ساعة تم إطلاق صاروخ آخر مضاد للدروع على القوة، وبدأ المسلحون بإطلاق نيران الأسلحة الخفيفة، مما أسفر عن إصابة جنديين آخرين".
اقرأ ايضاًوفي سياق متصل، كشفت القناة الـ14 الإسرائيلية أن هناك غضبا بين كبار الضباط في الجيش، ونقلت عنهم قولهم إنه "يجب اتخاذ قرار، إما تدمير غزة أو الخروج منها، دماء جنودنا ليست رخيصة".
المصدر: الجزيرة+ وكالات
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن