لطالما صوّرت إسرائيل نفسها على أنها الكيان الذي لا يقهر إلا أن، عملية" طوفان الأقصى" أثبتت صلابة الفلسطينيين وقوتهم في ميدان المواجهة، والخوف الإسرائيلي من الأيام المقبلة. ولا شك أن عملية "طوفان الأقصى" هي العملية الأكثر وقعاً على الكيان الإسرائيلي منذ 50 عاما ،ذكرى حرب تشرين وهي تشبه ما حققه رجال الجيشين المصري والسوري من كسر لهيبة الجيش الإسرائيلي في ذلك الحين.


إن أهم عامل في عملية "طوفان الأقصى" هو إبراز عامل الإرادة كعنصر متفوق على عامل التفوق العسكري والتكنولوجي،لتؤكد هذه العملية أن الإنسان يبقى العامل الأهم في كل نواحي الحياة بما فيها الصراع العسكري، يقول الباحث في الشؤون العسكرية والاستاذ الجامعي عمر معربوني ل"لبنان 24".
لقد أرست "طوفان الأقصى " ثوابت جديدة في الأبعاد العسكرية بعيداً عن الأنماط المعتادة بتخطيط وتنفيذ يقترب من الخيال، فضلا عن إظهار العملية أداء رفيع المستوى لمقاتلي المقاومة لجهة التنسيق العالي بين غرفة العمليات ووحدات الميدان التنفيذية.
إن الإخفاق الإسرائيلي تمثل، بحسب معربوني، في أبعاد ثلاثة:الإستخباراتي والعسكري والإعلامي .
- في الجانب الإستخباراتي استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تُخفي استعداداتها وتحضيراتها وقبل ذلك نياتها للقيام بعملية قوامها لوائين من المقاومين جعلت استخبارات الكيان الإسرائيلي والمخابرات الأميركية يقعان في حالة من الصدمة ومعهما كل استخبارات العالم .
- في الجانب العسكري: لم تستفق قيادة الجيش الإسرائيلي المذعور حتى اللحظة من هول المفاجأة فقد وصلت طلائع المقاومين الى مراصد ومهاجع الجنود بعد سقوط صواريخهم على تلك المواقع بدقائق قليلة ، قتلت من قتلت واسرت من اسرت،لتكون قوات أخرى قد انتشرت في اغلب مستوطنات العدو على طول خط المواجهة وسيطرت على خمسين نقطة بين موقع عسكري ومستوطنة بمن فيها من كبار الضباط والجنود والمسؤولين واسقطت غطرسة وعنجهية عمرها 75 عاماً منذ احتلال فلسطين .
- في الجانب الإعلامي ربحت المقاومة معركة الصورة، فما هو متداول من الاف الصور ومئات الأفلام يُبرز بأس المقاتل العربي الفلسطيني ويُظهر خوف وذعر وهزيمة جنود ومجندات العدو .
وعليه، فإن اهداف"طوفان الأقصى" باتت، بحسب معربوني، واضحة وسوف تتحقق عند بدء مرحلة المفاوضات غير المباشرة وهي .
-وقف الاعتداءات على المسجد الاقصى .
-إتمام أكبر صفقة تبادل للأسرى قد تصل لمرحلة تحرير كل الأسرى في السجون الاسرائيلية .
-فك الحصار عن قطاع غزة.
وبذلك تكون المرحلة المقبلة هي مرحلة انتقال من معادلة الردع إلى مرحلة ارهاصات معادلة النصر.
لكن ماذا عن لبنان والجبهة السورية؟ يجيب معربوني بالقول: الكرة باتت في ملعب الإسرائيليين، وسلوكهم هو الذي سيحدد مسار المواجهة، مضيفا: ان اختيار مواقع الرادار وزبدين ورويسة العلم لمهاجمتها بقذائف الهاون هو اختيار دقيق ستفهمه القيادة الإسرائيلية نظرا لكون هذه المناطق هي منطقة ربط مع الجبهة السورية وكونها تشكل منطقة مشرفة على خط الحدود اللبنانية - الفلسطينية وعلى مناطق حركة المقاومة في البقاع الغربي وحاصبيا ومرجعيون ، وأن التقدم إليها هو إجراء ضروري لتنفيذ عملية العبور إلى الجليل الأعلى وبذلك تكون الرسالة التي أرسلها الحزب عبر الجانب المصري، بأن أي تمادي إسرائيلي في غزة سيكون ثمنه التقدم إلى الجليل والسيطرة على المستوطنات الإسرائيلية قد تمت ترجمتها ببعد واقعي وعملي .
وبناء على ما تقدم، فإن العمل سيتم، وفق معربوني، على تثبيت نتائج العملية وترسيخ قواعد اشتباك جديدة لتثبيت المفاجأة بأبعادها الثلاثة : الاستراتيجي والعملياتي والتكتيكي، مع تأكيده أن أحدا لا يملك سيناريو محددا ويمكن اعتباره هو الأصح حول مدى تطور الأحداث، فالمسارات مفتوحة على كل الإحتمالات .
ليبقى الأكيد، كما يقول معربوني، أن المملكة العربية السعودية لن تكون مستعجلة بعد عملية "طوفان الأقصى" لتطبيع العلاقة مع الكيان خصوصاً إذا ما تمادت إسرائيل في تنفيذ مزيد من المجازر بالفلسطينيين من خلال القصف الجوي والتدمير غير المسبوق، وسط تأكيد مصادر دبلوماسية أن السعودية قد تستفيد من "طوفان الأقصى" من أجل تعزيز مطالبها لحل القضية الفلسطينية في مقابل التطبيع.

المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

حتى لا ننسى غزة

ما زال العدوان الصهيوني على غزة مستمرا، في ظل تواطؤ رسمي دولي وتحالف أمريكي وغربي يدعم المعتدي بالسلاح والمال والمهام الاستخبارية، في حين صمت كثير من العرب والمسلمين صمت القبور، وتواطؤ البعض مع الغرب تواطؤ ابن العلقمي تاركين إخوتهم يُقتلون بالنابالم تارة وبالجوع تارة أخرى.

وما زلنا نسمع ونرى أسماء تحمل أسماءنا وتتكلم بلغتنا تحمّل المقاومة تبعات ما حدث ويحدث بغزة، وكأن غزة كانت تعيش في تنمية مستدامة، وباتت من الثراء أنها تفيض على غيرها بالخيرات، وهي التي كانت تعيش في حصار خانق لأكثر من سبعة عشر عاما، ونظرت قبل غيرها لمخاطر هدم المسجد الأقصى، في الوقت الذي تسابق فيه المتخاذلون للتطبيع مع العدو الصهيوني وتكاملوا معه اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، وما زالت قوافلهم من السلع تغدو وتروح للعدو عبر دولهم.

ما زلنا نسمع ونرى أسماء تحمل أسماءنا وتتكلم بلغتنا تحمّل المقاومة تبعات ما حدث ويحدث بغزة، وكأن غزة كانت تعيش في تنمية مستدامة، وباتت من الثراء أنها تفيض على غيرها بالخيرات، وهي التي كانت تعيش في حصار خانق لأكثر من سبعة عشر عاما
ومع كل هذه الصورة الظالمة المظلمة فإن نور الأمل والعزة والنصر لجيل التحرير يبدو مبصرا من شوارع غزة المهدمة، ومن قلوب مؤمنة ما فترت يوما في الوقوف مع أهلها في غزة، وإنسانية في شعوب العالم تدين هذا العدوان الغاشم وتطالب بإنهاء الحرب.

فغزة ما زالت صامدة وأهلها يضربون أروع الأمثلة في الثبات والتضحية، والمقاومة ما زالت تكبد العدو خسائر فادحة لم يشهدها من قبل، وأزالت من ذاكرة التاريخ اسم الجيش الذي لا يقهر، هذا الجيش الذي هزم دولا عربية هزيمة مدوية في ست ساعات؛ أصبح يحيط به الموت من كل جانب، ويتلقى الضربات تلو الضربات من المقاومة رغم مرور على العدوان نحو تسعة أشهر.

إن الذين ينالون من المقاومة ويريدون إيقاد نار الفتنة بين شعب غزة والمقاومة كما نراه -بصفة خاصة- خلال الأيام القليلة الماضية لن تفلح خطتهم، وهذا السلوك ليس جديدا فقد سلكه المنافقون في عهد الرسالة من قبل وحاولوا تفتيت الصفوف وتحقيق الفتور في النفوس، فأبى الله إلا أن يفضحهم على الأشهاد كما هم الآن مفضوحون على الأشهاد.

والمقاومة بدأت معركة تحرير الأقصى وهذه هي البداية لنهاية كيان محتل ظالم يعلم هو نفسه أنه في آخر أيامه، ولا يظن أحدا أن جيلا من أهل غزة من الأطفال نشأ تحت ظلال قنابل الإجرام لن يكون أشد قوة وبأسا من سابقيه وأنه لن يكمل مسيرة التحرير.

كما أن من الإيمان الصادق التصديق ببشارة الرسول الكريم بالطائفة المنصورة وأهل الرباط الظاهرين على الحق، الذين لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، وهم بلا جدال اليوم أهل غزة الذين بأكناف بيت المقدس، والذين خرجوا في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر دفاعا عن عرض الأمة وضد انتهاك مقدساتها والنيل المستمر من المسجد الأقصى؛ مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

إن من حسنات انتفاضة الأقصى الكثير والكثير، فقد غلّت يد الصهاينة عن اقتحام المسجد الأقصى وهدمه، وكشفت للعالم زيف الصهاينة وإجرامهم وعدوانهم، مما أفقدهم التعاطف من الشعوب الحرة، وبرزت قضية فلسطين للعالم بصورة عادلة فتحركت لها التظاهرات في الشوارع والجامعات وباتت قضية حية في نفوس أحرار العالم. كما أن قضية التطبيع العربي الصهيوني وصفقة القرن التي كانت تسير بسرعة الريح ذُبحت ذبحا ولم يتبق لها نصيب، فضلا عما أصاب الاقتصاد الإسرائيلي من تدمير، فالسياحة ماتت موتا بطئا، والاستثمارات الأجنبية هربت هروب المستجير، والمصانع توقفت، والمدارس والجامعات أُغلقت، والبطالة باتت سيدة الموقف، والهروب الجماعي للصهاينة خارج دولة الكيان بات ملحوظا، وازدياد شرائهم لمساكن في قبرص أصبح مشهودا، بل والهروب من الجيش بات ظاهرة، والاختلاف بين قيادات الكيان العسكرية والمدنية طفا على السطح للجميع، والمظاهرات لتحرير الأسرى ووقف الحرب باتت عملا مستديما في شوارع تل أبيب.

إن الألم الذي يُصاب به أهل غزة يقابله ألم لدى الصهاينة، ولكن شتان بين الألمين، والحياة مهما طالت مدة العيش فيها فهي قصيرة، والموت قادم لا محالة لكل البشر، ولكن أشرف الموت أن يموت الإنسان بشرف وكرامة في سبيل الله، والذين يصنعون الموت ويحرصون عليه توهب لهم الحياة الكريمة ولأجيالهم من بعدهم. أما من رضوا بالدون والذلة ووضعوا أيديهم في يد المحتل المعتدي قولا أو فعلا فقد باءوا بالخسران المبين، ولا حاضر ولا مستقبل لهم في ظل وعد الله والثقة في نصره الذي هو واقع لا محالة ولو بعد حين.

من أجل كل هذا يجب أن لا ننسي ولا نفتر تجاه حرب التحرير على أرض غزة، ولنضع نصب أعيننا قيمة بذل النفس والمال والدعاء ومقاطعة سلع الأعداء، فمن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ليس منا من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم، وأن مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمي، وأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. فما أحوجنا نحن قبل أهل غزة من أن نشد من أزرهم وأن نكون معهم بنيانا مرصوصا حتى يستعملنا ربنا ولا يستبدلنا.

x.com/drdawaba

مقالات مشابهة

  • أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ274 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • الحية يلتقي نصر الله ببيروت ويبحثان تطورات طوفان الأقصى وجهود وقف إطلاق النار
  • هنية يستقبل قيادة "الديمقراطية" ويبحثون تطورات "طوفان الأقصى" والمشهد الوطني
  • هنية وطقوش يبحثان تطورات "طوفان الأقصى" الميدانية والسياسية
  • تطورات اليوم الـ273 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • جيش الاحتلال يُقر بمقتل ضابط شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة
  • تطورات اليوم الـ272 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • حتى لا ننسى غزة
  • "الجهاد": عملية الجليل تؤكد أن المقاومة هي الخيار لمواجهة حرب الإبادة