الكتاب: مذكرات نجاتي صدقي
الكاتب: نجاتي صدقي التقديم والإعداد لحنا أبو حنا
الناشر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2001
عدد الصفحات: 243 صفحة.

ـ 1 ـ


لمذكرات نجاتي صدقي أهمية خاصّة لأنها تكشف لنا بأسلوب أدبي أمرين على قدر من الأهمية:

ـ بدايات تشكل الفكر الاشتراكي في فلسطين ودور اليهود الوافدين من أوروبا الشرقية في نشره.


ـ معاناة الكاتب عندما لم يبد الخضوع الذي يفرضه الالتزام الحزبي الشيوعي.

ولئن توسع الكاتب في عرض المحور الأول فإنه ذكر الثاني بكثير من الاستحياء. وستعمل المخرجة المصرية أمل رمسيس في فيلمها الوثائقي "تأتون من بعيد" ملء هذا الفراغ فتعرض ما لحق بأسرته من الأذى والتشرد وما كابده هو من الألم، حتى أنه كان يعتبر المرحلة الفاصلة بين 1924 تاريخ سفره إلى موسكو وانتسابه إلى جامعتها العمالية و1939 تاريخ فصله من الحزب، صندوقا مغلقا لا يجب فتحه.

ـ 2 ـ

للفصل الأول أهمية خاصّة في هذه المذكّرات، لما فيه من توثيق لبداية انتشار الفكر الاشتراكي في فلسطين وفي الشرق عامة. فقد جلبت الهجرة اليهودية إلى فلسطين معها أفكاراً غريبة عن البيئة العربية الفلسطينية مدارها على أسماء لمفكرين أو قادة مثل ماركس ولينين وتروتسكي وعلى البلشفية والفوضوية التي تتخلّص من الحكم الهرمي المفروض من الدولة. فينسب نجاتي صدقي هذه الأفكار إلى بعض العمال اليهود المتأثرين بمبادئ الثورة البلشفية وإلى حركاتهم عمالية.

فقد كانوا يبثون الدعاية لأفكارهم اليسارية بين العرب. ويدعون إلى تأسيس دولة اشتراكية يهودية في فلسطين على أنقاض دولة إسرائيل البورجوازية. وكانوا يعتقدون أنّ حل المشكلة العربية في فلسطين لا يكون إلا بدمج العرب باليهود عن طريق التجنيس واختلاط العرقين بغاية صهر المكوّن العربي في الدولة الاشتراكية اليهودية. ذلك أنهم لم يكونوا يعترفون بالكيان العربي. ويجدونه أعجز عن اعتناق المذهب الاشتراكي لتخلفه.

ـ 3 ـ

ضمن هذا الأفق تشكلت نواة لمعارضة يسارية. فيعرض نجاتي وجوها من الاختلاط بين العرب وطوائف يهودية كثيرة كبقايا اليهود المستعربين الذين نزحوا من إسبانيا بعد انهيار الحكم العربي في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي و"الأشكنازي" وهم يهود النمسا الذين هاجروا إلى فلسطين قبل الحرب العالمية الأولى لاعتبارات دينية.. و"الكرجي" وهم بقايا اليهود الأشوريين. ومن علامات تبادل التأثر والتأثير بينها اختلاط الأزياء "اختلاطاً عجيباً، كأن ترى فتاة يهودية ترتدي سروالاً قصيراً وقد عقدت الكوفية العربية على رأسها.. أو فلاحاً يرتدي عباءة ويحتذي نعلاً ثقيلاً من مخلفات الجيش البريطاني."

اتخذت هذه الحركة لنفسها اسم "حزب العمال لفلسطين" وسبب هذه التسمية المناورة تشكلها من أغلبية يهودية ساحقة على أن تتغير هذه التسمية متى تساوى العرب في الحزب مع اليهود، أو أصبحوا يمثلون الأغلبية. وبالفعل ففي سنة 1933 حظي الحزب بقبول الأممية الشيوعية. وأصبح يدعى "الحزب الشيوعي الفلسطيني".

وكان نجاتي عندها فتى يافعاً يعمل في دائرة البريد والبرق في القدس. وكان ينخرط في ما يدور بين الطوائف من المناقشات العقائدية أو الفكرية. "في هذا الجو نشأنا.. جحافل الاستعمار والصهيونية تجتاح فلسطين، وعقائد عالمية تغزو أفكارنا اللدنة، ونحن على استعداد لسماع كل شيء، ولقبول كل عرض بوضعه أن يرفع عنا كابوس الاحتلال الجديد الذي خلف الحكم التركي".

ـ 4 ـ

في فضاء العمل تعرف نجاتي إلى جماعة من الشباب المهاجرين الوافدين من روسيا، وكان مدار محاورتهم على كون:

ـ الاستعمار الإنجليزي هو عدو للعرب ولليهود على السواء.
ـ المهاجرون اليهود يتألفون من بورجوازيين أغنياء وعمال بائسين والصهيونية بالمقابل هي حركة بورجوازية تضمن مصالح الأغنياء اليهود فحسب.
ـ الأفندية العرب شأنهم شأن الصهاينة انتهازيون يتعاونون مع الاستعمار ولا خير يرجى منهم.
ـ حزب العمال هو لجميع سكان فلسطين. وهو وحده القادر على التوفيق بين مصالح الجماهير العاملة من الشعبين، وحل المشكلة الفلسطينية على أكمل وجه.

ثم دعوه إلى ناد لهم وناولوه نشرية باسم الإنسانية. ثم سألوه يوما وكان في التاسعة عشرة من العمر إن كان يرغب في السفر إلى موسكو ليدرس في جامعتها دون أن يتحمّل أي نفقات؟ وهكذا وقعت استمالته ليجد نفسه عضواً منتخبا في اللجنة المركزية للشبيبة يحضر اجتماعاتها السرية، ويسهم في نشر الدعوة  ثم يركب البحر إلى موسكو عبر إسطنبول ويقيم في نزل للأجانب مع معظم موظفي الكومنتون، أي مقر الدولية الشيوعية.

ـ 5 ـ

في موسكو انضمّ إلى بجامعة كوتف الستالينية واسمها الدقيق "الجامعة الشيوعية لفعلة الشرق"، تأسست عالم 1921 وتقبل مختلف "أبناء الشعب العامل". فتركز في تكوين طلبة الاتحاد السوفييتي على دراسة مجمل تاريخ روسيا حتى تأسيس الاتحاد وتبني النظام الاشتراكي وتُعدّهم لتولي مهام الإدارة والسلطات الحزبية والعامة في بلدانهم. وقد أمكن للكثير منهم إدارة الجمهوريات السوفييتية الشرقية. وتستقبل طلابا شرقيين تخضع بلدانهم للاستعمار الأوروبي عامّة. فيركز الدرس على تاريخ أوروبا الاستعماري منذ الزحف الصليبي حتى الاحتلال الإمبريالي في القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد تخرج منها الكثير من السياسيين اليساريين في الشرق.

لقد كانت جامعة مختصّة في العلوم السياسية على نحو ما، لا تدرس إلا ماله علاقة بالسياسة والاقتصاد والاجتماع من منظور اشتراكي. وتتمثّل موادها في الاقتصاد السياسي والفلسفة الماركسية واللينينية والاستعمار والمسألة الوطنية والمادية الديالكتيكية وتاريخ الحركات الثورية في العالم وتاريخ الحركات النقابية، بحيث يمكن وصفها بجامعة علوم سياسية لتخريج الحكام في العالم.

وفي بداية العام 1929 أنهى صدقي نجادي دراسته بتقديم رسالته التي عنوانها "الحركة الوطنية العربية من الانقلاب الاتحادي حتى عهد الكتلة الوطنية" وإجازتها من قبل اللجنة المناقشة. وأضحى جاهزا للقيام للأدوار القيادية في فلسطين بإشراف منظمة الكومنترن.

ـ 6 ـ

وللمذكرات عامة وظيفة توثيقية وإن من منظور ذاتي يختلف عن منهج المؤرخين الصارم. ومن الأحداث العرضية التي وثّقها نجاتي أثناء دراسته في الجامعة كوتيف انتحار الشاعر الروسي الشاب "فرجي ايسنين". وتكشف التفاصيل التي أوردها طبيعة شخصيته المتمرّدة وروحه المفكرة خارج إطار تبعية الحشود وستفسّر نهاية صلته بالحزب الشيوعي بعد أزمة موقفه من اتفاق هتلر وستالين كما سنعرض لاحقا. فهذا الشاعر لم يكن يبدي الاهتمام الكبير بالحياة الاجتماعية في نصوصه الشعرية ويقتصر على تصوير القرية والأنهر والغدران والحب والحانات والأقمار والكواكب. وصادف أن تعرف على راقصة أمريكية فتبادلا الحب ولحق بها في فرنسا ليعود منكسرا ولينتحر في مستنقع بالقرب من لينينغراد. وحينما انتهى إليها خبره حزنت كثيرا ثم انتحرت بدورها في مدينة نيس سنة 1927.

يبدو أن نجاتي لم يكن ينظر بعين الرضا للحياة الاقتصادية والاجتماعية للسوفييت. فيمعن في وصف مشاهد البؤس الذي خلفته الحرب ويفصّل القول في تلك الأزمة الاقتصادية التي دعت لينين إلى تبني خطة "النيب" ومدارها تبني رأسمالية مراقبة من قبل الدولة لفترة محدّدة. والتسمية اختزال للعبارة "السياسة الاقتصادية الجديدة".وتحوّل الحدث إلى موضوع جدل انقسم فيه الطلبة إلى فريقين، فأثنى الأول على شعره لخصائصه الجمالية وهاجمه الثاني وحمل عليه. وانتهى النقاش إلى قرار يمنع ديوانه من التداول لأنه لا يبدو متجاوبا مع الثورة "وظل يعيش في دائرة ضيقة من التغزل بالتربة والحب والحانة". وهذا القرار امتداد لموقف مكسيم غوركي. فعندما بلغه خبر انتحار ليستين قال "هو عضو أكثر منه إنسان!..

لقد أوجدته الطبيعة لقول الشعر فقط.. لوصف الحقول الحزينة، والإعراب عن الحب والحنان على كل ما هو حي في العالم". فالإنسانية من منظوره تتمثل الفعل في المجتمع، أي في مفهوم "المثقف العضوي" الذي سيظهر في فكر غرامشي لاحقا. ووجه الأهمية في هذه الحادثة تتمثل في انتصار نجاتي إلى الفريق المستعذب لشعر ليستين وميله إلى الفلسفة التي تجعل الممتع في الفن أهم من الجدوى.

وسيطرح مثل هذا النقاش في مؤتمر الكتاب المنعقد سنة 1934 وسيعلن تبنيه لنظريّة الواقعيّة الاشتراكيّة  وسيلزم مبدعيه بخلق فنّ "اشتراكيّ في المضمون واقعيّ في الشّكل"  يبحث عن الصّيغ الأكثر فاعليّة في توصيل مبادئ الفكر الاشتراكي للشعوب. فيكون المفكّر والمبدع تابعا للسياسي مؤتمرا بأمره وهو الدور الذي فشل في تقمصه. ومن هنا ستبدأ مأساته.

ـ 7 ـ

ويبدو أن نجاتي لم يكن ينظر بعين الرضا للحياة الاقتصادية والاجتماعية للسوفييت. فيمعن في وصف مشاهد البؤس الذي خلفته الحرب ويفصّل القول في تلك الأزمة الاقتصادية التي دعت لينين إلى تبني خطة "النيب" ومدارها تبني رأسمالية مراقبة من قبل الدولة لفترة محدّدة. والتسمية اختزال للعبارة "السياسة الاقتصادية الجديدة".

فيقول: "مخازن العاصمة خاوية، وواجهاتها لا تعرض إلا الصناديق والعلب الفارغة إلى جانب دمى عارية والناس يقفون أمام الحوانيت والمخازن الحكومية على شكل أذناب طويلة تعرف باسم "خفوست" والويل كل الويل لمن يحاول التقدم على مواطنه، فإذا ما فصل هبّت عليه عاصفة من السخط بعبارة "أوتشرد"، أي قف في الصف. فيرتد إلى مكانه صاغر الأنف مذعوراً. لكن يحق لكل فرد يقف في الكتب أن يترك مكانه لقضاء حاجة على أن يُشهد الشخص الذي يقف أمامه، والشخص الذي يقف خلفه بأنه كان بينهما". فضلا عن ذلك يمعن في وصف الأوضاع المزرية للأطفال المشردين في الشوارع فريسة للجوع والعراء بكثير من التعاطف.

ـ 8 ـ

حال عودته إلى القدس وجد نفسه ينضم إلى اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ويزجّ به في السجن بسبب هذا الانتماء ثم فرض عليه انتماؤه إلى الشيوعية الدولية (الكومنترن) أن ينتقل إلى إسبانيا أثناء الحرب الأهلية لينضمّ إلى الجبهة الشعبية اليسارية بعد انقلاب المؤسسة العسكرية في يناير 1936  وكان فرانثيسكو فرانكو أحد قادته الذي سيحكم إسبانيا لاحقا حتى 1975 حكما ديكتاتوريا. فتولى إصدار الجريدة السرية "صوت الشعب" الموجهة للمتطوعين الأمميين من العرب لمدة ثلاث سنوات. فكان يمضي مقالاته باسم مصطفى بن جلا ليمنح توقيعه نغمة تستهوي "المورو" أي المغاربة الذين يحاربون ضمن معسكر فرانكو وكان عددهم نحو عشرين ألفا. ومما كتب مخاطبا إياهم "لقد انتنزع المستعمرون منكم أخصب أراضيكم أوليس من الجنون أن تقاتلوا وتسفكوا الدماء من أجل سيادة هؤلاء الأشقياء" وكان لمقالاته وقع وتأثير.

فقد كان الأسبان "يعثرون في جيوب الفارين والقتلى من المغاربة على نشرات مصطفى بن جلا". ولكنّ الأمور ستنقلب بعد معارضته  للاتفاقية الموقعة بين ممثل ستالين وممثل هتلر عام  1939 والتي تنص على بقاء ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي على الحياد في حالة تعرض أحد الطرفين لهجوم من طرف ثالث وتتضمن اتفاقا سرياً يقتسم شمال أوروبا وشرقها بين الطرفين. فقد وجد الرّفاق في موقفه تجاوزا لكل الخطوط الحمراء وجمدوا انخراطه في الحزب الشيوعي.

ـ 9 ـ

مما يرد في المقدمة التعريفية بالصحفي والكاتب ولا نجد في متن المذكرات أنه  من مواليد بيت المقدس في 15 مايو 1905. كان والده بكر صدقي مدرساً للغة التركية، وكان محباً للموسيقى والمسرح. وكان يصطحب ابنه إلى المسرح مسرح الريحاني ومسرح "السندكيس". زار بلدانا كثيرة رفقة والده ثم عاد إلى فلسطين واشتغل في دائرة البريد والبرق في القدس حتى أواخر سنة 1924 ومن خلال مهنته اكتشف الحركة الشيوعية وانتسب إليها وسافر إلى موسكو ليتلقى تعليمه هناك وتأطيره سياسيا. وبعد عودته ألقت الاستخبارات البريطانية عليه القبل فسجن لعامين، وفرضت عليه الإقامة الجبرية لعام ثالث.

ثم قدّر الكومنترن (الأممية الثالثة (1919 ـ 1943)، تلك المنظمة الدولية التي تعمل على نشر الشيوعية العالمية) بأن يسافر إلى باريس في سبتمبر 1933 ليصدر هناك صحيفة الشرق العربي الشهرية. ثم دبروا سفره إلى إسبانيا أثناء الحرب الأهلية لينضمّ إلى التحالف الانتخابي الإسباني اليساري الرئيسية بعد انقلاب من المؤسسة العسكرية واتجاه البلاد إلى الحكم الديكتاتوري بقيادة فرانثيسكو فرانكو وأوكلت له الدعاية في الأوساط المغربية. نشر في الصحف كتابا متسلسلا بعنوان "عربي حارب في إسبانيا". ثم كتب الأقصوصة وبعد انقطاعه عن العمل في صحيفة صوت الشعب وفصله عن الحزب انتقل إلى عواصم متوسطية كثيرة كانت أثينا آخرها حيث توفي في العام 1979. ولكنّ مذكراته تقتصر على المرحلة الفاصلة بين 1924 و1939 أي مرحلة انتسابه إلى الحركة الشيوعية العالمية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب مذكرات الفلسطينية تاريخ الاحتلال احتلال فلسطين تاريخ مذكرات كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی فلسطین إلى موسکو

إقرأ أيضاً:

كيف تعادي إسرائيل السامية ولماذا تهاجم اليهود؟

لقد رويت قصة الأسس المعادية للسامية في الأيديولوجيا الصهيونية مرارا وتكرارا، وقد كتبت عنها في هذا الموقع عدة مرات. وهذا يشمل علاقة القربى الأيديولوجية بين الأفكار المؤسسة للحركة الصهيونية وأيديولوجيا معاداة السامية، حيث يؤمن كل منهما بأن اليهود الأوروبيين ليسوا أوروبيين، بل شعب شرقي منفصل، وأن اليهود لا ينبغي أن يعيشوا بين المسيحيين الأوروبيين، وأنهم في الواقع عرق منفصل وأمة منفصلة، أو كما وصفهم الأصولي البروتستانتي المعادي للسامية ووزير الخارجية البريطاني الصهيوني آرثر بلفور: "شعب ليس منّا". أما التحالفات التي أبرمتها الحركة الصهيونية منذ نشأتها مع الساسة والأنظمة الأوروبية المعادية للسامية لتعزيز مطالبها فتشكل جزءا لا يتجزأ من تاريخ الحركة.

لكن هذا الإرث الذي خلفته الحركة الصهيونية لم ينته مع تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948. بل على النقيض من ذلك، عملت المستعمرة-الاستيطانية الصهيونية الجديدة على ترسيخ الأسس المعادية للسامية للحركة، وأصرت على أن أولئك الذين يعارضون معاداة السامية الصهيونية والإسرائيلية، سواء أكانوا يهودا أم غير يهود، هم المعادون للسامية بالفعل، وهو اتهام كان من الصعب استخدامه قبل عام 1948، حيث كان أغلبية اليهود معادين للصهيونية أو على الأقل غير صهاينة.

أولا، قرر الصهاينة تسمية مستعمرتهم الاستيطانية الجديدة "إسرائيل". وبما أن "إسرائيل" تشير في التقليد التوراتي إلى أحفاد يعقوب الذي سمّته التوراة بـ"إسرائيل"، أو إلى "الشعب اليهودي"، فإن تسمية البلاد "إسرائيل" كانت تهدف إلى دمج جميع اليهود في دولة إسرائيل، بحيث عندما يقوم أي شخص بانتقاد إسرائيل، يُتهم مباشرة بمهاجمة وانتقاد جميع اليهود، في مجملهم، وليس الحكومة الإسرائيلية ومؤسساتها العنصرية.

تجعل إسرائيل قسرا كل اليهود الذين لا تمثلهم أصلا على أنهم متواطئون معها في إقامة مستعمرتها الاستيطانية على أرض الفلسطينيين. وعلى هذا، فإن من يعارض هذا "الحق الطبيعي للشعب اليهودي" المزعوم لن يكون أقل من معادٍ صريح للسامية
ثانيا، لقد كان رفض إسرائيل إصدار "إعلان الاستقلال" رسميا في عام 1948 (على الرغم من أن الدعاية الإسرائيلية تشير إلى "إعلان تأسيس دولة إسرائيل" الرسمي على أنه "إعلان الاستقلال")، بمثابة إشارة أخرى. إذ تمت تسمية "إعلان تأسيس الدولة اليهودية" بهذا الاسم بعد رفض القيادة الصهيونية مقترحات لتسميته "إعلان الاستقلال". وقد اقترح مندوب "الحزب الشيوعي الفلسطيني" الصهيوني مائير ويلنر إعلان الدولة على أنها دولة "مستقلة ذات سيادة"، لكن تعديله رُفض. وقد تم رفض هذه المقترحات بشكل قاطع لصالح إعلان الدولة على أنها "يهودية" دون إضافة أي وصف آخر غير ذلك. كان لهذا الرفض العنيد علاقة بالهدف الرئيس للحركة الصهيونية، المتمثل في أن الدولة التي تسعى الحركة إلى إقامتها ستكون دولة "الشعب اليهودي" أينما وجد في جميع أنحاء العالم، وليس فقط للمستعمرين اليهود في فلسطين.

 إن إعلان الدولة "مستقلة" كان ليعني ضمنا أنها مستقلة عن يهود العالم وبالتالي فهي دولة "إسرائيلية" وليست "يهودية"، ونظرا لإصرار زعماء إسرائيل على أن الحركة الصهيونية لابد وأن تستمر في أنشطتها الاستعمارية الاستيطانية حتى بعد إنشاء الدولة اليهودية، لا سيما أن أغلبية اليهود استمروا في العيش خارج إسرائيل كما هو حالهم حتى اليوم، فإن مسألة "الاستقلال" ربما كانت لتمنعها من القيام بذلك. وقد تم توضيح مثل هذه الأسباب بشكل صريح في المناقشات اللاحقة حول رفض تسمية الدولة "مستقلة" رسميا.

ثالثا، أكدت إسرائيل في الإعلان وبعده على أن قيامها كدولة لم يكن ممثلا لأهداف الحركة الصهيونية، التي لطالما واجهت معارضة من أعداد كبيرة من اليهود، بل ادعت أن "هذا الحق [في إقامة دولة يهودية] هو الحق الطبيعي للشعب اليهودي في أن يكون سيد مصيره، مثل جميع الأمم الأخرى، في دولته ذات السيادة". ومن خلال هذا الإعلان تجعل إسرائيل قسرا كل اليهود الذين لا تمثلهم أصلا على أنهم متواطئون معها في إقامة مستعمرتها الاستيطانية على أرض الفلسطينيين. وعلى هذا، فإن من يعارض هذا "الحق الطبيعي للشعب اليهودي" المزعوم لن يكون أقل من معادٍ صريح للسامية.

وعلى هذا الأساس، انتحلت إسرائيل صفة الممثل لجميع يهود العالم، على الرغم من أنهم لم يمنحوها مثل هذا التفويض قط. فقد سارعت كل القوى الأوروبية والولايات المتحدة، التي سبق أن رفضت منح اللجوء لليهود الفارين من النازيين، إلى الاعتراف بهذا الادعاء، مما أتاح لهذه الدول التملص من مسؤولية استقبال مئات الآلاف من اللاجئين اليهود بعد الحرب العالمية الثانية. وقد أدى هذا الادعاء بالتحدث باسم وتمثيل كل اليهود إلى إثارة استياء اليهود غير الصهاينة والمعارضين للصهيونية، بل وحتى اليهود المؤيدين للصهيونية، في أوروبا والولايات المتحدة؛ حيث رأوا أن الحركة الصهيونية وإسرائيل وفرتا الذخيرة اللازمة لمعادي السامية الذين اتهموا اليهود بالولاء المزدوج نتيجة لهذا الزعم الإسرائيلي. كما أعرب زعماء اليهود الأمريكيين عن قلقهم الشديد إزاء هذا الادعاء، معتبرين إياه خطوة خطيرة تعزز معاداة السامية.

في عام 1950، أبرم رئيس اللجنة اليهودية الأمريكية، جاكوب بلاوستين، اتفاقا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون لتحديد طبيعة العلاقة بين إسرائيل واليهود الأمريكيين، حيث أكد بلاوستين على أن الولايات المتحدة ليست "منفى" لليهود، بل "شتات"، مشددا على أن دولة إسرائيل لا تمثل رسميا يهود الشتات أمام بقية العالم، كما أوضح أن إسرائيل لا ولن تكون ملاذا لليهود الأمريكيين. وأشار إلى أنه، حتى لو فقدت الولايات المتحدة طابعها الديمقراطي وعاش اليهود الأمريكيون "في عالم يمكن أن يدفعهم فيه الاضطهاد للهجرة من أمريكا"، فإن مثل هذا العالم، بخلاف مزاعم إسرائيل، "لن يكون عالما آمنا لإسرائيل أيضا".

وتحت ضغط من زعماء اليهود الأمريكيين، أعلن بن غوريون من جانبه أن اليهود الأمريكيين هم مواطنون كاملون في الولايات المتحدة، وأن ولاءهم ينبغي أن يكون حصرا لها، مؤكدا على "أنهم لا يدينون بالولاء السياسي لإسرائيل". ونص الاتفاق بين إسرائيل واللجنة اليهودية الأمريكية على أن "إسرائيل، من جانبها، تعترف بولاء اليهود الأمريكيين للولايات المتحدة، ولن تتدخل في الشؤون الداخلية ليهود الشتات، كما لن يتم التقليل من شأن من يبقى منهم في أمريكا على أنهم "منفيون"، بل سيتم احترام خياراتهم، أما من يختار منهم الهجرة إلى إسرائيل فسوف يتم الترحيب بهم بحرارة، ولن يدّعي أي من اليهود الأمريكيين أو الإسرائيليين تمثيل الآخر".

لم يدم موقف بن غوريون طويلا كسياسة معتمدة من قبل الحكومة الإسرائيلية. فبعد حرب حزيران/ يونيو 1967 واحتلال إسرائيل لأراضٍ من ثلاث دول عربية مجاورة، بدأت إسرائيل تطالب يهود العالم كافة بدعم سياساتها بشكل مطلق، ومن يخفق في ذلك، وُصم بأنه ليس يهوديا حقيقيا وفقا لخطابها. وقد عبّر عن هذا النهج بوضوح وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان، المولود في جنوب أفريقيا، الذي جسّد في تصريحاته هذا التوجه.

ففي مؤتمر سنوي عقد في إسرائيل عام 1972 برعاية المؤتمر اليهودي الأمريكي، وضع إيبان الاستراتيجية الجديدة لإسرائيل في مواجهة النقد الدولي، مؤكدا على أنه: "لا ينبغي أن يكون هنالك أي سوء فهم: اليسار الجديد هو مؤلف ومنشئ معاداة السامية الجديدة.. إن التمييز بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية ليس تمييزا على الإطلاق، معاداة الصهيونية هي مجرد معاداة السامية الجديدة". استغرق الأمر بضعة عقود قبل أن تصبح هذه الصيغة التي صاغها إيبان سياسة رسمية ليس فقط في إسرائيل، ولكن في جميع أنحاء العالم الغربي.

إذا كان كل من ينتقد إسرائيل من غير اليهود قد وُصِم بمعاداة السامية، فإن أبا إيبان تجاوز هذا الخطاب ليهاجم في مؤتمر عام 1972 اثنين من أبرز النقاد اليهود الأمريكيين لإسرائيل، وهما نعوم تشومسكي وآي. إف. ستون، واصفا إياهما بأنهما يعانيان من "عقدة الذنب نتيجة استمرار وجود اليهود [بعد المحرقة]". وأشار إلى أن قيمهما وأيديولوجيتهما، المتمثلة في معاداة الاستعمار والعنصرية، "تتعارض مع عالمنا الخاص من القيم اليهودية".

النقد اليهودي لإسرائيل، سواء من المناهضين للصهيونية أم من غير الصهاينة، يُواجَه بوصمهم بصفة "يهود يكرهون أنفسهم" أو حتى معادين للسامية، مما يعكس تصعيدا خطيرا في الخطاب الإقصائي
كان تعريف إيبان للسياسات الاستعمارية والعنصرية الإسرائيلية باعتبارها جزءا من "التقاليد والقيم اليهودية" بمثابة محاولة صهيونية لإشراك جميع اليهود، عنوة، في تبرير ممارسات إسرائيل وفي اعتناق مُثُلها العليا. ومع ذلك، فحتى طرد إيبان لتشومسكي وستون من "المجتمع اليهودي" يبدو الآن معتدلا بالمقارنة مع العدوانية المتزايدة التي تبنتها السلطات الإسرائيلية والمؤيدون لها في السنوات اللاحقة. فقد أصبح النقد اليهودي لإسرائيل، سواء من المناهضين للصهيونية أم من غير الصهاينة، يُواجَه بوصمهم بصفة "يهود يكرهون أنفسهم" أو حتى معادين للسامية، مما يعكس تصعيدا خطيرا في الخطاب الإقصائي.

ومن الأمثلة على هذه السياسة خلال العقدين الماضيين، تعرض الطلاب والأساتذة اليهود في الجامعات لهجمات متكررة من قِبَل أنصار إسرائيل، سواء أكانوا من اليهود أم من غير اليهود، حيث وُصفوا بأنهم "يهود يكرهون أنفسهم" أو يهود "يساعدون معادي السامية"، فقط لأنهم انتقدوا إسرائيل أو دعموا حقوق الفلسطينيين. وقد هاجم أنصار إسرائيل بلا هوادة الأساتذة اليهود (ناهيك عن غير اليهود) الذين ينتقدون إسرائيل باعتبارهم "يكرهون أنفسهم". ويشعر بعض الصهاينة بالفزع من وجود "عدد أكبر من اليهود الذين يكرهون أنفسهم" بين أولئك الذين يتهمونهم بمعاداة السامية لأنهم يدعمون حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. ولم يسلم الحاخامات الصهاينة الذين ينتقدون السياسات الإسرائيلية من هذه الاتهامات، بل وُصِفوا أيضا بأنهم "يكرهون أنفسهم"، كما وُصِف كبار مساعدي البيت الأبيض الذين يدعمون إسرائيل بقوة بأنهم "يكرهون أنفسهم"، وهو الوصف الذي أسبغه عليهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه عندما دعوا إسرائيل إلى "تجميد" بناء المستوطنات الاستعمارية في الأراضي المحتلة.

ومع ذلك، يزعم أنصار إسرائيل، مثل الأكاديمي الأمريكي دانيال ج. إليعازار، أن إسرائيل "تأسست على القيم اليهودية"، وهو ادعاء يساوي بين المبادئ الاستعمارية للدولة الإسرائيلية والديانة اليهودية والهوية اليهودية، وهي معادلة معادية للسامية تماما. إن تعريف قيم إسرائيل وسياساتها باعتبارها "يهودية" أو أن هذه الأخيرة يتم تنفيذها دفاعا عن الشعب اليهودي ليس مقتصرا على مؤيديها اليهود الأمريكيي، فالعديد من الأصوليين المسيحيين الأمريكيين يدعمون إسرائيل على وجه التحديد لأنها يهودية.

وقد تبنت المؤسسة السياسية الأمريكية الآن هذه الادعاءات الإسرائيلية والمؤيدة لإسرائيل على أنها حقيقة غير قابلة للنقاش، وهو ما سمح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كانون الأول/ ديسمبر 2018 بالتصريح لليهود الأمريكيين في حفل عيد الحانوكا في البيت الأبيض بأن نائبه يكن مودة كبيرة تجاه "بلدكم". ولم تعترض إسرائيل، ولم تعترض حكومتها عندما صرّح ترامب لمجموعة من اليهود الأمريكيين في نيسان/ أبريل 2019 بأن نتنياهو هو "رئيس وزرائكم".

لكن ترامب ليس وحده من يتبنى هذه السياسة، فاستراتيجية جو بايدن لمكافحة معاداة السامية تتضمن "الالتزام الأمريكي الذي لا يتزعزع بحق دولة إسرائيل في الوجود وشرعيتها وأمنها. بالإضافة إلى ذلك، ندرك ونحتفل بالروابط التاريخية والدينية والثقافية العميقة وغيرها التي تربط العديد من اليهود الأمريكيين وغيرهم من الأمريكيين بإسرائيل". إن مثل هذه التصريحات تضع جميع اليهود الأمريكيين في سلة واحدة، متجاهلة أولئك الذين لا يملكون روابط "عميقة" أو حتى سطحية مع إسرائيل، أو أولئك الذين تجبرهم علاقاتهم على عدم دعم مزاعم إسرائيل بشأن اليهود أو سياساتها تجاه الفلسطينيين. إن هذا الربط بين اليهود الأمريكيين وإسرائيل لا يساعد في مكافحة معاداة السامية، بل إنه يعمل على تكرار وجهات النظر الصهيونية والإسرائيلية والمسيحية الإنجيلية الأمريكية تجاه اليهود، والتي يعترض عليها العديد من اليهود الأمريكيين.

إن منتقدي إسرائيل، سواء كانوا من اليهود ام من غير اليهود، يرفضون الانصياع لهذه الضغوط ويقفون بحزم ضدها، مؤكدين على التمييز الصريح بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية
إن الادعاء بأن جميع اليهود الأمريكيين يدعمون إسرائيل دون نقد وأن مثل هذا الدعم متأصل في الهوية اليهودية، هو في حقيقته تعميم معادٍ للسامية. فالهوية اليهودية، شأنها شأن جميع الهويات، هي هوية متعددة ومتنوعة دينيا وإثنيا، ناهيك عن جغرافيا وثقافيا واقتصاديا.

وفي الوقت الراهن، تتزايد أعداد اليهود الأمريكيين الذين يفصلون أنفسهم عن إسرائيل ونظامها العنصري اليهودي وجرائمها الاستعمارية. وهم مستهدفون بسبب مواقفهم السياسية من قبل جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، ويتعرضون لتشويه سمعتهم بوصمهم "كارهين لأنفسهم". ومع ذلك فإن هؤلاء المنتقدين لإسرائيل، من اليهود أو من غير اليهود، لا يخلطون البتة بين اليهودية والصهيونية، بل إنهم على النقيض من ذلك، يؤكدون بقوة على ضرورة الفصل بينهما.

أما الحملة اليمينية المؤيدة لإسرائيل في الجامعات الأمريكية والأوروبية، فقد حددت هدفا رئيسا واحدا لملاحقاتها المستمرة لمنتقدي إسرائيل، وهو ما تتشارك فيه مع الحكومة الإسرائيلية، والمتمثل برفض أي تمييز بين اليهودية والشعب اليهودي والصهيونية والحكومة الإسرائيلية واعتبارها مترادفات تعني الشيء نفسه– وهي ذات الأهداف التي أصر عليها مؤسسو إسرائيل وخططوا لها عندما أطلقوا على مستعمرتهم الاستيطانية اسم "إسرائيل".

أما المسار التاريخي الذي بدأ من اعتراف بن غوريون القسري في عام 1950 بأن اليهود الأمريكيين لا يدينون لإسرائيل بأي ولاء، وصولا إلى الإجماع الإسرائيلي الرسمي بعد عام 1967 والإصرار المعادي للسامية لنظام نتنياهو على أن "معاداة الصهيونية هي معاداة السامية"، فقد اكتمل الآن. وقد تبنى المسؤولون الأمريكيون (بما في ذلك الكونغرس ودونالد ترامب) والقادة البريطانيون والأوروبيون هذه الصيغة المعادية للسامية كسياسة رسمية لبلادهم. والهدف الحالي لهذه الحملة الشرسة هو إجبار الجامعات والحركة الطلابية والمؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام في الغرب ككل، لكن خاصة في الولايات المتحدة، على تبني هذه الصيغة المعادية للسامية، وإلا..

ومع ذلك، فإن منتقدي إسرائيل، سواء كانوا من اليهود ام من غير اليهود، يرفضون الانصياع لهذه الضغوط ويقفون بحزم ضدها، مؤكدين على التمييز الصريح بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو في واشنطن: زيارة مثيرة للجدل وسط مذكرات اعتقال دولية
  • كيف تعادي إسرائيل السامية ولماذا تهاجم اليهود؟
  • حصاد البيئة 2024.. توقيع مذكرات تفاهم خلال مؤتمر الاستثمار البيئي والمناخي
  • هيئة كهرباء ومياه دبي تسلط الضوء على أهم مشاريعها ومبادراتها المبتكرة في الاستدامة والطاقة المتجددة
  • «التخطيط والتعاون الدولي» توقع 6 مذكرات تفاهم مع أوزبكستان في مجالات مختلفة
  • “واشنطن بوست” تسلط الضوء على مقابر جماعية قرب دمشق
  • جامعة نزوى تسلط الضوء على "تقنيات أشباه الموصلات" بمشاركة خبراء من تايوان
  • مذكرات امرأة
  • خيانة الماركسية وكيف تحولت الحركة الشيوعية السودانية إلى قبيلة فكرية؟
  • دراسة أكاديمية حديثة تسلط الضوء على واقع الإصلاح السياسي في الأردن