اليوم الذي أذهل إسرائيل.. محللون يحاولون تفسير الصدمة
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
كتب جيمس شوتر وأندرو إنغلند في تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" إن 7 أكتوبر (تشرين الأول) كان يوماً أذهل إسرائيل. في وقت مبكر من السبت، وبينما كان معظم سكان البلاد نائمين، شن مقاتلو حماس هجوماً مدمراً متعدد الأوجه من قطاع غزة، مطلقين آلاف الصواريخ، على البلدات والمدن الإسرائيلية، بينما اقتحم المئات منهم البلاد من البر، والجو، والبحر.
إن الهجوم متعدد الجوانب أظهر كيف تطورت قدرات حماس التي خاضت أربع حروب واسعة النطاق مع إسرائيل.
كان الذهول هائلاً إلى درجة أن أقوى جهاز أمني في الشرق الأوسط أُخذ على حين غرة، حتى أن المحللين الإسرائيليين، وفي غضون ساعات، كانوا يقارنون الأحداث بأكبر فشل استخباري في تاريخ البلاد، حرب يوم الغفران في 1973، عندما صدمت مصر وسوريا، الدولة اليهودية ب هجوم منسق من الشمال والجنوب.دهشة مزدوجة
وتقول "فايننشال تايمز" إن حجم الفشل تأكد من خلال الخسائر البشرية: بحلول الأحد، تأكد مقتل أكثر من 600 إسرائيلي وجرح أكثر من ألفين، كما احتجز مسلحو حماس 100 رهينة.
وكانت القوات الإسرائيلية لا تزال تقاتل مسلحين فلسطينيين في ثمانية مواقع في جنوب البلاد. وقال النائب السابق لقائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي أمير أفيفي: "هذا فشل ليس أصغر من حرب يوم الغفران". وأضاف "أنا مندهش من الفشل ليس فقط في الاستخبارات العامة، ولكن أيضاً في القوات التكتيكية. حتى لو فوجئت، من المتوقع أن تعمل فرقة غزة أفضل بكثير للدفاع عن الحدود".
The day that stunned Israel: attacks shake faith in intelligence services https://t.co/WSu5kdKh8B
— Financial Times (@FT) October 7, 2023وتابع التقرير أنه خوفاً من تهديدات الأطراف كافة، بنت إسرائيل جهاز المخابرات الأكثر روعة في المنطقة، وبنت حاجزاً أمنياً مشدد حول معقل حماس في قطاع غزة المطوق، مدعوماً بأجهزة استشعار، يمتد عميقاً تحت الأرض. لكن ورغم ذلك، تمكن مئات المسلحين الفلسطينيين من اختراق الدفاعات الإسرائيلية، بالطائرات الشراعية، والدراجات النارية، والقوارب، لمهاجمة المدنيين، والتسلل إلى القواعد العسكرية في العديد من المواقع حول قطاع غزة.
سوء قراءة نوايا
لم يكتشف التخطيط للهجوم رغم اعتراف المسؤولين الأمنيين بأن الأمر استغرق أشهراً، إن لم يكن فترة أطول. أظهرت حماس مرونة على مر السنين في القدرة على إعادة بناء ترسانتها المسلحة حتى بعد تعرضها للقصف من الجو، والبر، والبحر.
وقدّر المسؤول الاستخباري السابق في الجيش الإسرائيلي مايكل ميلستين أن التخطيط للهجوم استغرق عاماً مضيفاً أن ذلك أظهر أن الحركة كانت قوة "شبه عسكرية". وقال: "إنه جهد متعدد الأبعاد. إذا حضرت لمثل هذه العملية فلا بد من أن تكون هناك إشارات. لقد نجحوا بالفعل في الترويج لحركة خفية وسرية جداً بطريقة مأساوية وبنجاح كبير".
وقال مسؤول المخابرات السابق آفي ميلاميد إن الحادث يشير أيضاً إلى أن إسرائيل "أخطأت في قراءة" نوايا حماس، وأن استراتيجية إسرائيل المتمثلة في تقديم مساعدات اقتصادية تدريجية لسكان غزة، مثل التصاريح لعدد محدود لدخول إسرائيل للعمل، مع الحفاظ على حصار مطلق للقطاع فشل في ردع المجموعة العسكرية.
“So deep was the disbelief that the Middle East’s most powerful security apparatus had been caught off-guard that, within hours…analysts were comparing the events to the biggest intelligence failure in the country’s history: the 1973 Yom Kippur war.” https://t.co/fslLaXasyc
— Martijn Rasser (@MartijnRasser) October 8, 2023وأضاف "أعتقد أن إحدى الحسابات داخل المخابرات الإسرائيلية كانت أنه بما أن إسرائيل تتخذ هذه الإجراءات، وتخفف الضغط على الناس في غزة. فستتجنب مثل هذه الخطوة القاسية". وتابع:"يبدو أنه كانت لدى حماس حسابات مختلفة".
رسالة قوية
وقال أفيفي إن حماس ربما اكتسبت المزيد من الجرأة بسبب الاضطرابات السياسية في إسرائيل، حيث أثار الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي دفعت به حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية المتطرفة، أشهراً من الاحتجاجات، فضلاً عن تهديدات الآلاف من جنود الاحتياط بالتوقف عن التطوع في الخدمة، ما أثار تساؤلات عن جاهزية الجيش. وقال: "هذه الحملة والعصيان برمتهما بعثا رسالة قوية إلى أعدائنا مفادها أن إسرائيل ضعيفة. إنهم يشعرون بأننا منقسمون".
وقال محللون آخرون إن الهجوم متعدد الجوانب أظهر كيف تطورت قدرات حماس التي خاضت أربع حروب واسعة النطاق مع إسرائيل. واستخدمت الجماعة تكتيكات مماثلة لحزب الله، الذي خاض حرباً استمرت شهراً مع إسرائيل في 2006.
وقال مدير برنامج الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن إميل حكيم: "ما دفعت به حماس اليوم استراتيجياً وعملياً، هو كل ما تدرب حزب الله عليه منذ 2006".
الرهائن
سقط أكبر عدد من القتلى في إسرائيل في هجوم واحد داخل حدودها منذ تأسيس الدولة في 1948. وأدى حجم الهجوم وزعم حماس احتجاز عشرات الرهائن إلى إطلاق دعوات من البعض في إسرائيل، لغزو واسع النطاق للقطاع الساحلي الذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني.
وقال القائد السابق لقوات الدفاع الجوي الإسرائيلية زفيكا حايموفيتش: "بمجرد أن نعرف عدد الرهائن المحتجزين، ستصبح هذه هي القضية الرئيسية في إسرائيل، والطريقة التي ندير بها الحملة في غزة". وأضاف "إنه رقم كبير".
ووفق التقرير، فإن إرسال قوات إلى غزة، وهو ما لم تفعله إسرائيل منذ 2014، سيمثل تصعيداً كبيراً في صراعها مع حماس وسيشمل القتال في الشوارع الضيقة في القطاع المكتظ سكانياً، ما يجلب مخاطر على السكان المدنيين في غزة، والقوات الإسرائيلية أيضاً.
مخاوف أخرى
لكن محللين إسرائيليين قالوا إنهم لا يخشون أيضاً تصعيداً إقليمياً أوسع نطاقاً يشمل وكلاء إيران، مثل حزب الله. وقال ميلستين: "أنا متأكد تماماً أن هذه هي بداية صراع أوسع نطاقاً بيننا وبين حماس. لكنه يمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة إلى جبهات أخرى، ونحن قلقون حقاً من الجبهة الشمالية".
في الوقت الحالي، تهيمن هذه الحسابات على اهتمام الجيش الإسرائيلي. لكن محللين رأوا أنه بمجرد انتهاء النزاع، سيتحتم التحقيق في كيفية بدايته. وقال أفيفي: "في الوقت الحالي، نحاول التركيز أكثر على التالي. غير أني أعتقد أنه بعد انتهاء كل شيء، سنقضي سنوات في التحقق مما حدث".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
ماغديبورغ: بين الصدمة والتساؤلات
#ماغديبورغ: بين الصدمة والتساؤلات
دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري
في مساء يوم الجمعة، 20 ديسمبر/كانون الأول 2024، شهدت مدينة «ماغديبورغ» الألمانية حادثة مأساوية أودت بحياة خمسة أشخاص، من بينهم طفل، وأدت إلى إصابة 200 شخص، 41 منهم بحالة خطيرة. استهدف الهجوم سوق عيد الميلاد المزدحم، الذي يُعد من أبرز معالم الاحتفالات بالعيد في ألمانيا، حيث اقتحمت سيارة السوق، مُخلِّفة حالة من الفوضى والرعب.
هذه الحادثة لم تكن فقط صدمة للمجتمع الألماني، بل أثارت نقاشات سياسية واجتماعية واسعة حول قضايا التطرف والكراهية.
مقالات ذات صلة جميد بطعم الاملشن 2024/12/24تفاصيل الهجوم ودوافع الجاني
بحسب ما ورد في التقارير الرسمية، كان منفذ الهجوم طبيبا سعودي الجنسية يبلغ من العمر 50 عاما، يُدعى «طالب عبد المحسن». دخل إلى ألمانيا لأول مرة في عام 2006، وكان يعيش في مدينة «برنبورغ» منذ سنوات، حيث حصل على إقامة دائمة، وفي يوليو 2016، تم الاعتراف به كلاجئ من قبل الحكومة الألمانية، وهو ما تم تأكيده عبر تصريحات «تمارا زيشانغ»، وزيرة الداخلية في ولاية «سكسونيا-أنهالت»، التي أفادت أن الجاني كان يعمل في مستشفى «سالوس» في برنبورغ كطبيب متخصص في الطب النفسي والعلاج النفسي، حيث كان قد تم تعيينه في قسم للمرضى المدمنين. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن الجاني كان قد أصبح في الآونة الأخيرة غير قادر على العمل.
ومن المعروف عن الجاني أنه كان معروفا بأفكاره المعادية للإسلام. في السابق، كان ينشط في المجتمع السعودي المغترب في ألمانيا ويُعتبر شخصية بارزة في هذا المجتمع، حيث كان يقدم استشارات للمهاجرين، خصوصا النساء، حول كيفية الهجرة إلى أوروبا. كما أدار موقعا إلكترونيا يخصصه لشرح طرق الهروب من السلطات السعودية، وتقديم استشارات حول النظام اللجوء الألماني. كما كان يُعرف على منصات الإنترنت بمواقفه الصريحة ضد الإسلام، حيث كان يُسمّي نفسه «مسلما سابقا» ويتبنى مواقف متطرّفة ضد المسلمين.
وبناء على تعريفه الذاتي بأنه «مسلم سابق»، لا يمكن اعتبار الجاني مسلما حاليا، وبالتالي لا يجوز تحميل الإسلام أو المسلمين مسؤولية الجريمة التي ارتكبها، لأن هذا يتعارض مع تصريحه الواضح بأنه ليس مسلما. ورغم أنه يحمل الجنسية السعودية، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه مسلم، حيث أن الهوية الدينية لا تحددها الجنسية.
إعلان السلطات عن دوافع الهجوم
رغم أن التحقيقات لم تُنتهِ بعد، فإن الادعاء العام الألماني أشار إلى بعض الدوافع المحتملة التي قد تكون وراء الهجوم. وفقا لتصريحات «هورست نوبنس»، المدعي العام المسؤول، فإن «الاستياء من التعامل مع اللاجئين السعوديين» قد يكون السبب المحتمل للهجوم. وذكر أن الجاني كان يُعد من الناشطين الإسلاموفوبيين المعروفين في ألمانيا، وأنه كان مرتبطا بمجموعات متطرّفة تُناهض الإسلام.
ورغم أنه لا يوجد دليل على تورّطه في أعمال إرهابية منظمة، فإن الشرطة الألمانية قد أكّدت على ضرورة عدم استبعاد أي تفاصيل خلال التحقيقات الجارية.
تفاصيل الهجوم وتطورات التحقيقات
فيما يتعلّق بكيفية تنفيذ الهجوم، كان الجاني قد استأجر السيارة التي استخدمها في الهجوم قبل وقوعه بوقت قصير. تشير التقارير إلى أنه كان يقود السيارة بسرعة عالية لمسافة تصل إلى 400 متر، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص، من بينهم طفل، وإصابة 200 آخرين، منهم 41 بحالة خطيرة. وبعد أن ارتكب الجريمة، تم توقيفه من قبل الشرطة المحلية، التي أكّدت عدم وجود أي مشتبه بهم آخرين في الحادث.
وأظهرت بعض التقارير الإعلامية أن الجاني ربما كان تحت تأثير المواد المخدرة خلال تنفيذ الهجوم، حيث أظهرت نتائج اختبار المخدرات الأولية أنه كان إيجابيا. هذا يشير إلى أن الحوافز النفسية قد لعبت دورا كبيرا في تصرّفاته، حيث كان يعاني من اضطرابات نفسية حادة.
استغلال الحادثة سياسيا وإعلاميا
رغم أن التحقيقات تشير إلى أن الجاني كان معاديا للإسلام، إلا أن بعض الأطراف السياسية والإعلامية سعت إلى استغلال الحادثة لتوجيه اتهامات جماعية ضد المسلمين. في هذا السياق، حاول البعض ربط الحادثة بأيديولوجيات متطرّفة وتقديمها كدليل على تهديد «الإسلام» في ألمانيا، وهو ما تم رفضه من قبل العديد من الشخصيات العامة. كما أشارت صحيفة «فرانكفورتر ألغيماين» إلى أن مثل هذه التصريحات قد تؤدي إلى زيادة الانقسامات في المجتمع الألماني وإلى تصاعد خطاب الكراهية ضد المسلمين.
وقد أكدت وزيرة الداخلية الألمانية، «نانسي فيزر»، في تصريحاتها بعد الحادثة، أنه يجب تجنب تحميل المسؤولية لأفراد أو مجموعات عرقية ودينية بأكملها. وقالت: «من المهم أن نترك التحقيقات تكشف عن الحقيقة وعدم اتهام أي طرف بلا دليل».
كما أكدت أن «الحكومة الألمانية ستعمل على تعزيز الإجراءات الأمنية لمواجهة أي تهديدات قد تنجم عن التطرّف والعنف».
انعكاسات الحادثة على المجتمع الألماني
إن حادثة ماغديبورغ تُظهر حجم التحديات التي تواجهها ألمانيا في معالجة قضايا التطرّف، سواء الديني أو الإيديولوجي، بينما تُعد الحادثة صادمة بشكل كبير، إلا أنها تمثل أيضا فرصة لتحليل كيفية مواجهة خطاب الكراهية الذي يزداد تأثيره في أوروبا. ففي وقت يزداد فيه الجدل حول قضايا اللجوء والهجرة، وخاصّة في سياق حملة التحريض على المسلمين في بعض الأوساط السياسية والإعلامية، يجب على ألمانيا أن تتعامل مع هذه القضية بحذر وتوازن.
وقد أكّدت العديد من المنظمات الحقوقية والإسلامية في ألمانيا على أهمية الوقوف ضد نشر الكراهية في الإعلام والسياسة، وأكّدت على ضرورة دعم المجتمع المسلم في ألمانيا والتأكيد على التعايش السلمي بين جميع الأديان والجماعات العرقية.
الخلاصة
حادثة ماغديبورغ تظل حدثا مؤلما للجميع. إنّ التطرف والكراهية لا يرتبطان بأي دين أو ثقافة معينة، بل هما نتاج لفشل في فهم الآخر وتقبل الاختلاف، لذا، يجب أن يكون الرد على هذه الحادثة متمثلا في تعزيز قيم التسامح والوحدة الوطنية، والنأي عن أي خطاب يعزّز الانقسامات ويزيد من مشاعر العداء بين شرائح وأطياف وأعراق المجتمع المختلفة.
Ahmad.omari11@yahoo.de