كتب جيمس شوتر وأندرو إنغلند في تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" إن 7 أكتوبر (تشرين الأول) كان يوماً أذهل إسرائيل. في وقت مبكر من السبت، وبينما كان معظم سكان البلاد نائمين، شن مقاتلو حماس هجوماً مدمراً متعدد الأوجه من قطاع غزة، مطلقين آلاف الصواريخ، على البلدات والمدن الإسرائيلية، بينما اقتحم المئات منهم البلاد من البر، والجو، والبحر.

إن الهجوم متعدد الجوانب أظهر كيف تطورت قدرات حماس التي خاضت أربع حروب واسعة النطاق مع إسرائيل.

كان الذهول هائلاً إلى درجة أن أقوى جهاز أمني في الشرق الأوسط أُخذ على حين غرة، حتى أن المحللين الإسرائيليين، وفي غضون ساعات، كانوا يقارنون الأحداث بأكبر فشل استخباري في تاريخ البلاد، حرب يوم الغفران في 1973، عندما صدمت مصر وسوريا، الدولة اليهودية ب هجوم منسق من الشمال والجنوب.
دهشة مزدوجة

وتقول "فايننشال تايمز" إن  حجم الفشل تأكد من خلال الخسائر البشرية: بحلول الأحد، تأكد مقتل أكثر من 600 إسرائيلي وجرح أكثر من ألفين، كما احتجز مسلحو حماس 100 رهينة.

وكانت القوات الإسرائيلية لا تزال تقاتل مسلحين فلسطينيين في ثمانية مواقع في جنوب البلاد. وقال النائب السابق لقائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي أمير أفيفي: "هذا فشل ليس أصغر من حرب يوم الغفران". وأضاف "أنا مندهش من الفشل ليس فقط في الاستخبارات العامة، ولكن أيضاً في القوات التكتيكية. حتى لو فوجئت، من المتوقع أن تعمل فرقة غزة  أفضل بكثير للدفاع عن الحدود".

The day that stunned Israel: attacks shake faith in intelligence services https://t.co/WSu5kdKh8B

— Financial Times (@FT) October 7, 2023

وتابع التقرير أنه خوفاً من تهديدات الأطراف كافة، بنت إسرائيل جهاز المخابرات الأكثر روعة في المنطقة، وبنت حاجزاً أمنياً مشدد حول معقل حماس في قطاع غزة المطوق، مدعوماً بأجهزة استشعار، يمتد عميقاً تحت الأرض. لكن ورغم ذلك، تمكن مئات المسلحين الفلسطينيين من اختراق الدفاعات الإسرائيلية، بالطائرات الشراعية، والدراجات النارية، والقوارب، لمهاجمة المدنيين، والتسلل إلى القواعد العسكرية في العديد من المواقع حول قطاع غزة.


سوء قراءة نوايا

لم يكتشف التخطيط للهجوم رغم اعتراف المسؤولين الأمنيين بأن الأمر استغرق أشهراً، إن لم يكن فترة أطول. أظهرت حماس مرونة على مر السنين في القدرة على إعادة بناء ترسانتها المسلحة حتى بعد تعرضها للقصف من الجو، والبر، والبحر.
وقدّر المسؤول الاستخباري السابق في الجيش الإسرائيلي مايكل ميلستين أن التخطيط للهجوم استغرق عاماً مضيفاً أن ذلك أظهر أن الحركة كانت قوة "شبه عسكرية". وقال: "إنه جهد متعدد الأبعاد. إذا حضرت لمثل هذه العملية فلا بد من أن تكون هناك إشارات. لقد نجحوا بالفعل في الترويج لحركة خفية وسرية جداً بطريقة مأساوية وبنجاح كبير".
وقال مسؤول المخابرات السابق آفي ميلاميد إن الحادث يشير أيضاً إلى أن إسرائيل "أخطأت في قراءة" نوايا حماس، وأن استراتيجية إسرائيل المتمثلة في تقديم مساعدات اقتصادية تدريجية لسكان غزة، مثل التصاريح لعدد محدود لدخول إسرائيل للعمل، مع الحفاظ على حصار مطلق للقطاع فشل في ردع المجموعة العسكرية.

“So deep was the disbelief that the Middle East’s most powerful security apparatus had been caught off-guard that, within hours…analysts were comparing the events to the biggest intelligence failure in the country’s history: the 1973 Yom Kippur war.” https://t.co/fslLaXasyc

— Martijn Rasser (@MartijnRasser) October 8, 2023

وأضاف "أعتقد أن إحدى الحسابات داخل المخابرات الإسرائيلية كانت أنه بما أن إسرائيل تتخذ هذه الإجراءات، وتخفف الضغط على الناس في غزة. فستتجنب مثل هذه الخطوة القاسية". وتابع:"يبدو أنه كانت لدى حماس حسابات مختلفة".


رسالة قوية

وقال أفيفي إن حماس ربما اكتسبت المزيد من الجرأة بسبب الاضطرابات السياسية في إسرائيل، حيث أثار الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي دفعت به حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية المتطرفة، أشهراً من الاحتجاجات، فضلاً عن تهديدات الآلاف من جنود الاحتياط بالتوقف عن التطوع في الخدمة، ما أثار تساؤلات عن جاهزية الجيش. وقال: "هذه الحملة والعصيان برمتهما بعثا رسالة قوية إلى أعدائنا مفادها أن إسرائيل ضعيفة. إنهم يشعرون بأننا منقسمون".
وقال محللون آخرون إن الهجوم متعدد الجوانب أظهر كيف تطورت قدرات حماس التي خاضت أربع حروب واسعة النطاق مع إسرائيل. واستخدمت الجماعة تكتيكات مماثلة لحزب الله، الذي خاض حرباً استمرت شهراً مع إسرائيل في 2006.

وقال مدير برنامج الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن إميل حكيم: "ما دفعت به حماس اليوم استراتيجياً وعملياً، هو كل ما تدرب حزب الله عليه منذ 2006".


الرهائن

سقط أكبر عدد من القتلى في إسرائيل في هجوم واحد داخل حدودها منذ تأسيس الدولة في 1948. وأدى حجم الهجوم وزعم حماس احتجاز عشرات الرهائن إلى إطلاق دعوات من البعض في إسرائيل، لغزو واسع النطاق للقطاع الساحلي الذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني.
وقال القائد السابق لقوات الدفاع الجوي الإسرائيلية زفيكا حايموفيتش: "بمجرد أن نعرف عدد الرهائن المحتجزين، ستصبح هذه هي القضية الرئيسية في إسرائيل، والطريقة التي ندير بها الحملة في غزة". وأضاف "إنه رقم كبير".
ووفق التقرير، فإن إرسال قوات إلى غزة، وهو ما لم تفعله إسرائيل منذ 2014، سيمثل تصعيداً كبيراً في صراعها مع حماس وسيشمل القتال في الشوارع الضيقة في القطاع المكتظ سكانياً، ما يجلب مخاطر على السكان المدنيين في غزة، والقوات الإسرائيلية أيضاً.


مخاوف أخرى

لكن محللين إسرائيليين قالوا إنهم لا يخشون أيضاً تصعيداً إقليمياً أوسع نطاقاً يشمل وكلاء إيران، مثل حزب الله. وقال ميلستين: "أنا متأكد تماماً أن هذه هي بداية صراع أوسع نطاقاً بيننا وبين حماس. لكنه يمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة إلى جبهات أخرى، ونحن قلقون حقاً من الجبهة الشمالية".
في الوقت الحالي، تهيمن هذه الحسابات على اهتمام الجيش الإسرائيلي. لكن محللين رأوا أنه بمجرد انتهاء النزاع، سيتحتم  التحقيق في كيفية بدايته. وقال أفيفي: "في الوقت الحالي، نحاول التركيز أكثر على التالي. غير أني أعتقد أنه بعد انتهاء كل شيء، سنقضي سنوات في التحقق مما حدث".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

إنفوغراف24| ما الذي نعرفه عن تفجيرات "البيجر" في لبنان؟

قُتل 12 شخصاً على الأقل، وأُصيب نحو 3 آلاف آخرين، جراء تفجيرات متزامنة لأجهزة اتصال لاسلكية "بيجر" يستخدمها عناصر من جماعة حزب الله، بما في ذلك المقاتلون والمسعفون، في لبنان.

متى وأين؟

بدأت انفجارات أجهزة البيجر في حوالي الساعة 3:30 بالتوقيت المحلي، في الضاحية الجنوبية لبيروت وسهل البقاع بشرق لبنان، وهما من معاقل جماعة حزب الله المسلحة المعادية لإسرائيل.

واستمرت موجة الانفجارات نحو ساعة، وقال شهود وسكان الضاحية الجنوبية إنهم سمعوا الانفجارات حتى الساعة 4:30 بالتوقيت المحلي. ووفقاً لمصادر أمنية ولقطات فيديو، وقعت بعض التفجيرات عقب رنين أجهزة البيجر، مما دفع حامليها إلى الإمساك بها أو تقريبها من وجوههم لتفقد الشاشة.

كيف نجحت إسرائيل في تفخيخ 5 آلاف "بيجر" لضرب حزب الله؟https://t.co/pSMyhYixOE

— 24.ae (@20fourMedia) September 18, 2024 مدى ضخامة الانفجارات

أظهرت مقاطع الفيديو التي تم مراجعتها، أن التفجيرات كانت محدودة النطاق نسبياً. وأظهر مقطعان منفصلان التقطتهما كاميرات مراقبة في متجرين، أن التفجيرات أصابت فيما يبدو الشخص الذي يحمل جهاز البيجر أو القريبين منه.

وأظهر أيضاً مقطع فيديو مصور في مستشفيات وجرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، أفراداً بترت أصابعهم أو مصابين بجروح في الوجه، أو عند الخصر حيث يوضع جهاز البيجر عادة. ولم تحدث التفجيرات فيما يبدو أضراراً جسيمة أو تسفر عن نشوب أي حرائق.

نوع الأجهزة المتفجرة

وقال مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر، إن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) زرع كمية صغيرة من المتفجرات داخل 5 آلاف جهاز بيجر تايواني الصنع، طلبها حزب الله قبل أشهر.

وذكر المصدر اللبناني أن الجماعة طلبت أجهزة بيجر من صنع شركة "جولد أبوللو" التايوانية، والتي تقول عدة مصادر إنها دخلت البلاد في وقت سابق من هذا العام. وقدم المصدر صورة لجهاز البيجر وهو من طراز (إيه.بي924).

وأظهرت صور لأجهزة بيجر مدمرة، ملصقات في ظهر الأجهزة تتسق مع تلك التي تصنّعها شركة جولد أبوللو ومقرها تايوان. ولم يرد حزب الله بعد على أسئلة حول نوع أجهزة البيجر. وقال مؤسس جولد أبوللو إن "الشركة لم تصنع أجهزة البيجر التي تعرضت للانفجار في لبنان، لكنها من إنتاج شركة في أوروبا لها الحق في استخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية".

وقال مصدران مطلعان على عمليات حزب الله، إن "مقاتلي الجماعة يستخدمون أجهزة البيجر لمحاولة تجنب تعقب إسرائيل لمواقعهم"، وقالت 3 مصادر أمنية إن "الأجهزة التي انفجرت كانت أحدث طراز اشتراه حزب الله في الأشهر القليلة الماضية".

سبب الانفجار 

وقالت جماعة حزب الله المتحالفة مع إيران، إنها تجري تحقيقاً ‏أمنياً وعلمياً في أسباب التفجيرات، وتوعدت إسرائيل بأنها ستنال "القصاص العادل". وتكهنت مصادر دبلوماسية وأمنية بأن سبب التفجيرات ربما يكون انفجار بطاريات الأجهزة نتيجة ارتفاع محتمل في درجة حرارتها.

ولكن آخرين قالوا إن إسرائيل ربما تكون قد اخترقت سلسلة توريد الأجهزة لحزب الله. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر من بينها مسؤولون أمريكيون القول، إن إسرائيل زرعت مواد متفجرة ضمن دفعة جديدة من الأجهزة قبل تصديرها إلى لبنان.

وقال العديد من الخبراء إنهم يشكون في أن البطارية وحدها ستكون كافية لإحداث انفجارات.

      View this post on Instagram      

A post shared by 24.ae (@20fourmedia)

وذكر بول كريستينسن، الخبير في سلامة بطاريات الليثيوم أيون في جامعة نيوكاسل، أن الأضرار الناجمة عن انفجار أجهزة البيجر يبدو أنها لا تتسق مع الحالات السابقة لتلف البطاريات المماثلة. وأضاف "ما نتحدث عنه هو بطارية صغيرة نسبياً، تتحول إلى لهب. لا نتحدث عن تفجير قاتل هنا... حدسي يخبرني بأن هذا غير مرجح".

وقال أوفوديك إيزيكوي أستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة تكساس في أوستن، إن سبباً آخر للشك في أن الانفجارات ناجمة عن ارتفاع درجة حرارة البطاريات، هو أن البطارية المشحونة بالكامل هي فقط التي يمكن أن تشتعل فيها النيران أو تنفجر.

وأضاف "عند شحن أقل من 50% ستتولد غازات وأبخرة، لكن لن تحدث حرائق أو انفجارات. ومن المستبعد للغاية أن تكون جميع بطاريات الأجهزة التي انفجرت مشحونة بالكامل".

ووفقاً لكتاب "رايز اند كيل فيرست" الصادر عام 2018، فقد سبق أن زرعت المخابرات الإسرائيلية متفجرات في هواتف شخصية لاستهداف أعداء. كما يمكن لمخترقي الأنظمة الإلكترونية إدخال برمجيات خبيثة في أجهزة شخصية مما يتسبب في ارتفاع درجة حرارتها وانفجارها في بعض الحالات.

الفوضى تضرب صفوف حزب الله بعد تفجيرات "البيجر"https://t.co/UEj9HQiUI1

— 24.ae (@20fourMedia) September 18, 2024 ما تقوله السلطات

وصفت وزارة الخارجية اللبنانية الانفجارات بأنها "هجوم إلكتروني إسرائيلي"، لكنها لم تقدم تفاصيل حول كيفية التوصل إلى هذا الاستنتاج.

وقال وزير الإعلام اللبناني إن "الهجوم اعتداء على سيادة لبنان". وأحجم الجيش الإسرائيلي عن الرد على أسئلة بشأن الانفجارات.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تجمع معلومات وإنها ليست متورطة. وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنه لن يكون هناك تغيير في وضع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط في أعقاب الانفجارات.

تداعيات الصراع بين إسرائيل وحزب الله

ويرى محللون أن هناك احتمالاً للتصعيد بين إسرائيل وجماعة حزب الله، اللتين تتبادلان إطلاق النار عبر الحدود منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. إلا أن الخبراء أكثر تشككاً، في الوقت الراهن، بشأن احتمال نشوب حرب وشيكة واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله.

وتسعى الولايات المتحدة لمنع اندلاع مثل هذه الحرب وترى أن الطرفين لا يريدانها. وقال ماثيو ليفيت المسؤول الأمريكي السابق ومؤلف كتاب عن حزب الله إن "انفجارات أجهزة الاتصال قد تعطل عمليات الجماعة لبعض الوقت".

وقال جوناثان بانيكوف المسؤول الأمريكي السابق إن "جماعة حزب الله قد تقلل من شأن أكبر فشل لها في مجال مكافحة التجسس منذ عقود، إلا أن التوتر المتزايد قد يؤدي في نهاية المطاف إلى حرب واسعة النطاق إذا لم تنجح الجهود الدبلوماسية".

مقالات مشابهة

  • أول رد من حماس على المقترح الإسرائيلي الذي يتضمّن "إبعاد السنوار"
  • الجمهوريون يحاولون تمرير مشروع قانون إثبات جنسية الناخبين الجدد
  • محللون: تصعيد إسرائيل على جبهة لبنان هدفه ابتلاع الضفة الغربية
  • قيادي في حماس: معركتنا اليوم مختلفة وحزب الله سيفاجئ إسرائيل
  • إنفوغراف24| ما الذي نعرفه عن تفجيرات "البيجر" في لبنان؟
  • التهديدات الإسرائيلية تتصاعد: دخول بري من 3 محاور.. هذا السيناريو الذي يُخطط له نتنياهو في لبنان
  • السنوار يربك الاستخبارات الإسرائيلية باستخدام حيلة غير متوقعة.. «فص ملح وداب»
  • محللون: إسرائيل تتجه نحو مزيد من التطرف وواشنطن وضعت كل شيء بيد نتنياهو
  • هكذا نجا السنوار من ملاحقة إسرائيل .. تعرف على النظام البدائي الذي هزم واشنطن وتل أبيب
  • باحث إسرائيلي يكشف عن الرعب الذي تنتظره إسرائيل بسبب صمود حماس .. خياران كلاهما مر أمام نتنياهو