د.سعيد السيابي يكتب: الدراما كيف توثّق للمقاومة؟
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
أثير- د. سعيد محمد السيابي، كاتب وأكاديمي في جامعة السلطان قابوس
إن الدراما منذ تشكّلتْ عبر العصور كأحد الأنواع الفنية حملت رسالة الترفيه والتثقيف، وقامت بأدوار كثيرة كقوة ناعمة تخاطب الوجدان الإنساني والروح والنفس السوية التي هي في الأساس في أشد الحاجة لمن يأخذ بها نحو التنفيس والتطهير والمعالجة الموضوعية، وكوسيلة مواجهة مباشرة أو مضمرة ضد القضايا الخلافية فكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
إن تنبّه الدول المبكّر لقوة الدراما وحضورها الطاغي في الوصول لقلب كل بيت جعلها في مصاف وسائل الاتصال المهمة التي تسخر لها الإمكانات المعنوية والمادية ويدفع بها في مواجهة أحداث الحاضر والمستقبل وقضايا الماضي الخلافية التي يراد لها ألا تنسى هموم وصعوبات الواقع المعاش لكي تخفف من ثقل ما تمر به المجتمعات وبثّ روح الأمل والمستقبل والخيال العلمي لتشجيع ريادة الأعمال والابتكار والعمل بإخلاص نحو أهداف كبرى تحتاج إلى وقت وجهد وتكاتف لتحقيقها.
الدراما كمظلة تقع تحت أنواعها الدراما التلفزيونية، والدراما الإذاعية، والسينمائية، والدراما الإعلانية، والمسرح، جميعها حملت في جملة ما قدمته نماذج عن مقاومة المحتل وأرجعت تكوين موضوعات واستفادت من الأحداث التاريخية، ومن المقاومة في الحاضر، وبعضها تجاوز ليتنبأ بحدوث مقاومة في المستقبل، فالدراما تستنصر للخير والإنسانية، للأمل والسلام، ولأصحاب الأرض والحق.
تجارب المقاومة متعددة في هذا العالم ، وبكل تجربة فعل سريع وردة فعل تستمر أجيالا، والتاريخ الشاهد على الأفعال والجرائم والانتهاكات والصرخات والتدمير والحرق والقتل المجاني للبشر والشجر وحتى الحيوان. في عالمنا هناك أفعال مقاومة شاهدة على أن الحق مهما تأخر وطال الوصول إليه هو الذي سينتصر وأن السلوك والأفعال غير الإنسانية والشنيعة هي التي تلوث الأسماء وتطبع على صفحات تاريخها قذارة ومرارة ما ارتكبته فالشعوب لا تنسى مهما بعدت المسافات التاريخية للأحداث والمؤامرات والخيانات والصلف البشري في اتخاذ جرائم ضد الإنسانية؛ فقد قاومت الشعوب تنوع الممارسات والاحتلال للأرض وضحت بالغالي والنفيس من أجل استرداد ما أخذ بالقوة والغدر .
مقاومة المحتل فعل درامي توثيقي من خلال الدور الأساسي كشاهد على ما تسجله الدراما من أحداث وموضوعات والكاتب الدرامي ابن بيئته وليس أصدق من أن يقوم بتسجيل هذه المرارة الزمنية التي عاشها أو يعيشها شعبه، وهناك الرسائل الضمنية التي يستنهض بها الكاتب الدرامي ومنتجو الأعمال الدرامية للهمم والمواقف الإيجابية لمقاومة المحتل واسترداد الحقوق.
من خلال تتبع ما تم توثيقه في ( معجم المسرح العماني: نصوص وعروض) كانت المقاومة الفلسطينية من أكثر الموضوعات السياسية التي تم طرحها وتناولها على خشبات المسرح العماني وبدايتها منذ عام 1971م بتقديم مسرحية ( النار والزيتون) للكاتب الفريد فرج التي قدمها مسرح النادي الأهلي من إعداد وإخراج رضا عبداللطيف، وبعدها توالى تقديم القضية القومية العربية الأولى ومقاومة المحتل في مختلف التجارب المسرحية وخصوصا الشبابية منها.
إن الإيمان بالقضايا العادلة ومقاومة الاحتلال تقوم بها النفس السوية والكتابة المتزنة لترى الأمور بحقيقة الجرم الواقع ومحاولة الاستنصار بالدراما لهذه الأفعال المشينة ما هي إلا واحدة من وسائل المقاومة السلمية التي تعري هذه الجرائم وتستنهض الشعوب الحرة وتقدم الرسالة باللغة نفسها التي يفهم فيها العدو والشعوب التي يحكمها والتغيير وإن كان يحتاج إلى وقت فإنه قادم لا محالة ويحق الله الحق بكلماته، وتعود الحقوق لأهلها فلا نستصغر الأعمال ولا الكلمات ولا المواقف وتحديدا الدراما منها التي تصل لكل بيت كالدراما التلفزيونية، وكل مسارح العالم معنية برسالة المسرح والحرية التي هي الأصل في العيش المشترك والكرامة.
وأختم بقصة قصيرة من المجموعة القصصية (ومن الحب) بعنوان ( كرامة)، وفيها: “وصلتنا هدية من غزة بالبريد السريع. تجمَّعنا حولها نحن الإخوة، أمسك كل منا بالشريط المغلف بزواياه الأربع لنفتحه دفعة واحدة، فكانت أحلى الهدايا: لوحة فسيفساء لكلمة ” كرامة”.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
«الصحة العالمية» تحذر من تزايد وفيات مقاومة المضادات الحيوية إلى 40 مليون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شددت شوبها شوكلا، رئيسة تحالف مقاومة مضادات الميكروبات في منظمة الصحة العالمية، أن تأثير مقاومة المضادات الحيوية أصبح يمتد إلى مجالات متعددة، حيث تتسرب هذه الأدوية عبر أنظمة الصرف الصحي إلى المزارع، مما يسبب تلوث الأنهار والمحيطات.
وأضافت أن هذه المواد تصل في النهاية إلى الغذاء والأعلاف التي يستهلكها الإنسان والحيوان، ما يعكس تعقيد المشكلة وتأثيرها السلبي على قطاعات متعددة.
وأشارت إلى ضرورة تقليص عدد الوفيات المرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية، والتي تقدر بحوالي 4.95 مليون حالة سنويًا، بهدف خفضها بنسبة 10% بحلول عام 2035.
كما تحدثت شوكلا عن ثلاثة مخاطر رئيسية تتسبب بها مقاومة المضادات الحيوية: الأول يتجسد في تهديدات لقطاع إنتاج الغذاء والأعلاف، والثاني في زيادة معدل الإصابات والأمراض بين البشر والحيوانات، بينما يتمثل الثالث في الأضرار الاقتصادية التي تشمل فقدان الإنتاجية وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية.
لفتت إلى أن أرقام 2019 أظهرت أن 1.27 مليون شخص توفوا نتيجة مباشرة لمقاومة المضادات الحيوية.
وتناولت شوكلا في حديثها المستقبل المتوقع للمشكلة، حيث توقعت أن يتراكم عدد حالات الوفاة بسبب مقاومة المضادات الحيوية ليصل إلى نحو 40 مليون حالة خلال السنوات الـ25 المقبلة.
وأشارت إلى أن الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط ستكون الأكثر تأثرًا، إذ من المتوقع أن تشهد انخفاضًا بنسبة 11% في إنتاج الثروة الحيوانية في البلدان ذات الدخل المنخفض، ونحو 10% في البلدان المتوسطة والعالية الدخل.
لكن، وعلى الرغم من تأثير المشكلة في جميع أنحاء العالم، فإن الوفيات تكون أعلى في مناطق مثل إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
من جهته، أوضح توماس جوزيف، رئيس قسم التوعية بمقاومة مضادات الميكروبات في منظمة الصحة العالمية، أن مقاومة المضادات الحيوية تؤثر بشكل كبير على متوسط العمر المتوقع، إذ تشير التوقعات إلى انخفاضه بمقدار 1.8 سنة.
كما أشار إلى أن تكاليف العلاج ستشهد زيادة كبيرة، حيث سيتم تحميل الاقتصاد نحو 412 مليار دولار سنويًا نتيجة للعدوى البكتيرية التي لا تستجيب للمضادات الحيوية، بالإضافة إلى الانخفاض في الإنتاجية.
وأكد جوزيف أن التصدي لهذه الأزمة يتطلب جهودًا منسقة، وهو ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي إلى عقد اجتماع رفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات.
وفي هذا الاجتماع، تم الاتفاق بين قادة العالم على مجموعة من الأهداف والإجراءات، أبرزها تقليص الوفيات الناتجة عن مقاومة المضادات الحيوية بنسبة 10% بحلول 2030، وكذلك إنشاء لجنة مستقلة بحلول عام 2025 لمكافحة هذه المشكلة العالمية.
أوضحت شوبها شوكلا أن الارتفاع المتزايد في معدلات العدوى يساهم في تراجع قدرة الأنظمة الصحية على تقديم خدمات الرعاية بشكل فعال، مشيرة إلى أن هذا التأثير يتفاقم بسبب مجموعة من العوامل الأخرى، مثل غياب التنظيم المناسب أو عدم تنفيذ القوانين الصحية بشكل صارم.
هذه القضايا مجتمعة تسهم في زيادة الوفيات، خصوصًا في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، مما يفرض ضرورة توخي الحذر والتركيز على تحسين نظم الرعاية الصحية في هذه المناطق.
وفي سياق حديثه عن التأثيرات الواسعة لمشكلة مقاومة مضادات الميكروبات، ذكر توماس جوزيف، رئيس قسم التوعية بمقاومة مضادات الميكروبات في منظمة الصحة العالمية، أن هذه الظاهرة تضر بشكل كبير بمعدل العمر المتوقع، حيث يُتوقع أن ينخفض بمقدار 1.8 سنة عالميًا بسبب تأثيرات مقاومة الأدوية.
ونبه إلى أن الأثر الاقتصادي لهذه المشكلة سيكون هائلًا، إذ ستصل تكاليف العلاج سنويًا إلى 412 مليار دولار نتيجة للعدوى البكتيرية التي لا تستجيب للمضادات الحيوية، إضافة إلى انخفاض الإنتاجية بسبب تزايد حالات المرض.
وفي خطوة هامة نحو مواجهة هذه الأزمة العالمية، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي اجتماعًا رفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات، حيث أقر قادة العالم مجموعة من الأهداف والإجراءات لمكافحة هذا التحدي المتزايد.
ومن بين هذه الأهداف تقليص عدد الوفيات المرتبطة بهذه المشكلة بنسبة 10% بحلول عام 2030، بالإضافة إلى إنشاء لجنة مستقلة لمتابعة إجراءات مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات والعمل على تطبيق حلول فعالة بحلول عام 2025.