مهرجانات الدجل ودروع الكلاوات
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
بقلم : فراس الحمداني ..
نجحت وبدرجة إمتياز لعبة الدجالين التي تمارس لنجاح عمليات النصب والإحتيال تحت أغطية منظمات الصحافة والإعلام والثقافة والفنون من إختراق كبار المسؤولين وإيقاعهم في مصائد الإحتفالات الوهمية ذات الأهداف التجارية ، ولم يعد غريباً أن نجد كبار الشخصيات السياسية في السلطة التشريعية في مجلس النواب أو السلطة التنفيذية وقادة الأحزاب ووزراء ووكلاء ومسؤولين كبار في مختلف التخصصات نجدهم يشملون برعايتهم الكريمة تجمعات وهمية أبطالها من النصابين والمحتالين .
وحين نتأمل مشهد الإحتفالات والكلمات التي يلقيها السادة الكبار وهم يتحدثون عن المبادئ والقيم والأفكار الرفيعة عن الأخلاق والوطنية وحرية الرأي وحقوق الإنسان وللأسف أنهم لا يعلمون من هو الجمهور الحاضر أمامهم ومنهم هؤلاء الرجال او النساء الذي شملهم وشملهن التكريم ودروع الإبداع وشهادات الشكر والتقدير والثناء من كبار المسؤولين بوصفهم رسل الحقيقة وتنوير المجتمع وبث روح المحبة وقيم الأخلاق ، وهذه الكوميديا الحزينة في كلمات الترحيب وشهادات التقدير تدل على أن الكبار ما زالوا ضحية لتجار الكلاوات الذي يقيمون هذه الإحتفالات لكسب الشرعية والحصول على تمويل من كل الجهات الداخلية والخارجية .
والدليل على ما نقول ندعوكم للتقصي عن حقائق وسيرة وتاريخ قادة هذه المنظمات وكيف جمعوا ثروات طائلة من خلال المهرجانات وبيع الهويات لعشرات الآلاف من الرجال والنساء الذي لا تربطهم بالصحافة لا من بعيد أو قريب سوى إستغلال المكاسب الشرعية للصحفيين الحقيقيين الذين ضاعت حقوقهم بسبب فوضى تجار الصحافة والإعلام وغزو الطارئات و الطارئين ، وإذا أجرينا عملية تدقيق للهويات الصادرة من المنظمات الشبحية والوهمية والتي وصلت إلى أرقام مليونية سنجد إن أكثر من 99 % هم من المتطفلين لا يمارسون العمل الصحفي ولكنهم حصلوا على الهوية الصحفية المزيفة بمبلغ زهيد من دكاكين الصحافة لأغراض شخصية ومادية وربما لتضليل السلطات الأمنية .
إن بعض أصحاب المنظمات هم من المتهمين والملاحقين بتهم النصب والإحتيال ، وأن الشخصيات الإعلامية القديرة تعرف جيداً تاريخ هؤلاء الذين وجدوا فرصة كبيرة في غفلة بعض كبار المسؤولين لممارسة نشاطهم في النصب والإحتيال ، حيث تلجا هذه المنظمات لوضع أسم كبار المسؤولين في بطاقات الدعوة لمهرجانات التكريم الوهمية ، حيث تقدم فيها دروع الدجل وشهادات تقدير لأشخاص يوصفون بالمبدعين وغالبيتهم من النصابين والطارئين والأغبياء الموهومين ، وللأسف يسقط في هذه المصيدة أيضاً بعض المبدعين الكبار المعروفين في الوسط الإعلامي والثقافي ، وبهذا ينجح أصحاب هذه الإحتفالات الهزلية بكسب الشرعية من خلال رعاية كبار المتنفذين لفعالياتهم المشبوهة .
وللأسف الشديد تلعب بعض وسائل الإعلام الفضائية دورا كبيرا للترويج عن هذه المهرجانات الإستغفالية من خلال بعض الفضائيات الرخيصة ومن بعض المراسلين النفعيين ، حيث يساهمون في التغطية الإخبارية لهذه المهزلة البشرية ، حيث إندفع البعض منهم لوجود مسؤولين كبار في رعاية هذه الخطة الجهنمية ، كذلك تكريم شخصيات معروفة إنطلت عليهم اللعبة التي وضعها قادة الدجل في هذه المنظمات طعماً لإصطياد المسؤولين والوسائل الإعلامية .
إننا نحذر من خطورة هذه المنظمات التي إستطاعت أن تخترق بعض الأوساط الحكومية والشعبية والبرلمانية والشخصيات الثقافية والإعلامية ، وبدأت أيضاً تنطلق وتتحرك على الصعيد المحلي وتتحرك بأسم العراق وهو براء منها ومن سلوكياتها المشينة ، حيث تمارس هذه المنظمات عملية الإستجداء عبر واجهات الإعلام والثقافة وحرية المرأة وحقوق الإنسان ، والمطلوب إنشاء قواعد رصد ومعلومات تفصيلية عن هذه الشخصيات والمنظمات وملاحقتها قانونياً ومهنياً وتحويلها إلى المحاكم بتهمة النصب والإحتيال وتشويه الممارسة الديمقراطية وخداع المسؤولين وتشويه سمعة المثقفين والإعلاميين ، فهل هناك من يقرأ ويتابع ويردع هذه الزمر المرتزقة التي تتاجر بالمهنة وتمارس الدجل بوضح النهار أمام مسمع ومرأى الحكومة والبرلمان .
Fialhmdany19572021@gmail.com
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات النصب والإحتیال کبار المسؤولین هذه المنظمات
إقرأ أيضاً:
إعادة الاعتبار لنصب “المرأة الميسانية” تحية للوفاء والإبداع
بقلم : سمير السعد ..
في خطوة تعكس التزامًا حقيقيًا بالحفاظ على التراث الثقافي ودعم الفن والفنانين، أطلق محافظ ميسان، الأستاذ حبيب ظاهر الفرطوسي، مبادرة رائدة لإعادة ترميم نصب “المرأة الميسانية”، الذي طالته يد التغيير والتهميش خلال الحقبة السابقة. هذه المبادرة ليست مجرد جهد لترميم منحوتة فنية، بل هي خطوة في مسار إعادة الاعتبار للرموز الثقافية التي تعكس الهوية التاريخية والحضارية لميسان والعراق ككل.
يُعتبر هذا النصب، الذي أبدع في تصميمه النحات أحمد البياتي، من أبرز المعالم الفنية التي تحتفي بدور المرأة الميسانية، بوصفها رمزًا للعطاء والمثابرة والنهضة. أنجز البياتي هذا العمل على نفقته الخاصة، مدفوعًا بإيمانه العميق بضرورة تخليد صورة المرأة المكافحة التي تساهم في بناء المجتمع.
إلا أن هذا النصب تعرض خلال حكم النظام السابق لمحاولة تجيير رمزيته، إذ تم تغيير اسمه ليخدم أجندات سياسية لا تمتّ بصلة إلى رسالته الحقيقية. ورغم ذلك، بقيت الرموز والدلالات التي يحملها التمثال ناطقة بروح المرأة العراقية الصلبة، حيث يصور النصب امرأة تحمل في إحدى يديها عجلة التقدم، بينما تنساب من اليد الأخرى نبتة الحياة والنمو والخصب، المستوحاة من الرمزية السومرية التي تُمجّد العطاء والتجدد.
ما قام به محافظ ميسان من إعادة ترميم النصب وإعادته إلى سياقه الصحيح، يمثل خطوة جوهرية في إنصاف الفن والفنانين. فالثقافة والفن لا يقلان أهمية عن أي بُعد آخر في بناء المجتمع، بل يشكلان الهوية الحقيقية لأي أمة. والمبادرات من هذا النوع تعكس رؤية حضارية تحترم التراث، وتقدر دور الفنانين في نقل القيم الإنسانية العريقة.
محافظ ميسان ، من خلال دعمه لهذا المشروع، أثبت أن المسؤولية الحقيقية لا تقتصر على الجانب الإداري فقط، بل تمتد لتشمل دعم الإبداع والفكر الحر. فالفنانون والمثقفون هم ضمير الأمة، وهم الذين يُسهمون في ترسيخ الهوية الوطنية وصياغة الوعي المجتمعي.
إن إعادة الحياة لهذا النصب ليست مجرد إعادة بناء لقطعة فنية، بل هي إعادة كرامة للفن العراقي، ورسالة واضحة بأن الإبداع الحقيقي لا يُطمس، بل يعود أقوى مهما حاولت الظروف إخفاءه. ومن خلال هذه المبادرة، يتم إرسال إشارة إلى جميع الفنانين بأن أعمالهم ستظل محل اهتمام وتقدير، وأن صوتهم سيظل مسموعًا في ظل قيادة تدرك قيمة الثقافة والفن في المجتمع.
إننا اليوم، ونحن نشهد هذه الخطوة المهمة، نتطلع إلى المزيد من المبادرات الداعمة للحركة الفنية والثقافية في ميسان والعراق عمومًا. فتحقيق النهضة الثقافية لا يكون إلا عبر الاهتمام بالفنانين، ودعم الإبداع، والحفاظ على التراث الفني، وإعادة الاعتبار لكل من ساهم في رسم صورة مشرفة للهوية العراقية.
كل الشكر والتقدير للأستاذ حبيب ظاهر الفرطوسي على هذه المبادرة الراقية، التي تؤكد يومًا بعد يوم أنه مسؤول يتحلى بقدر عالٍ من الوعي والمسؤولية والحرص على دعم المثقفين والفنانين. كما نوجه تحية تقدير واعتزاز للفنان أحمد البياتي، الذي قدم لنا هذا النصب تخليدًا لقيم المرأة العراقية المكافحة.
إن ميسان، بمبادرات كهذه، تثبت أنها ليست فقط مدينة ذات تاريخ عريق، بل هي أيضًا حاضنة للإبداع، تدرك قيمة الفن في بناء الإنسان والمجتمع.