هل يغازل المحافظون الناخب البريطاني بمهاجمة الشذوذ؟
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
لندن- هل يثير حزب المحافظين أزمة الشذوذ الجنسي للتغطية على الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بريطانيا، خاصة مع قرب اشتعال المعركة الانتخابية؟ ربما يكون هذا السؤال هو مفتاح فهم ما يجري في عاصمة الضباب حاليا بحسب مراقبين، حيث باتت قضية الشذوذ على رأس أجندة النقاش السياسي والإعلامي، في حين أن الشارع مهتم بارتفاع تكاليف المعيشة.
وسط هتاف الجمهور هاجم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الشذوذ، وقال إن الناس ينبغي ألا يتعرضوا للترهيب لحملهم على الاعتقاد بأن بمقدورهم أن يتحولوا إلى أي جنس يريدونه.
وقال سوناك -خلال كلمة ألقاها في اختتام مؤتمر لحزب المحافظين الأربعاء الماضي- إن "الرجل رجل، والمرأة امرأة، هذا ببساطة هو المنطق السليم"، مضيفا "ينبغي ألا تكون معرفة الآباء ما يدرّس لأطفالهم في المدارس عن العلاقات مثارا للجدل".
وأكد هتاف الحضور أن هذه التصريحات هي توجه حزبي حاسم، خاصة بعد طرد العضو البارز بالحزب أندرو بوف الذي كان يترأس الكتلة الحزبية في لندن، وتم طرده بواسطة الأمن بمجرد تعليقه على وزيرة الداخلية سويلا برافرمان بأن خطابها معادٍ للشذوذ حين وصفت الأيديولوجيات الجندرية بأنها "سم في مجتمع بريطانيا الحديثة".
ويشهد الشارع البريطاني والأروقة الأكاديمية جدلا واسعا من أجل تحليل هذه الإشارة القوية في وقت تُغرق الأزمة الاقتصادية البلاد.
قبل نحو 10 سنوات كان علم الشذوذ الجنسي يرفرف فوق مكتب مجلس الوزراء التابع للحكومة البريطانية في لندن (أسوشيتد برس) هندسة الانتخابات العامةوصفت منظمة "المملكة المتحدة في أوروبا المتغيرة" التغطية الإعلامية للمؤتمر بإستراتيجية "الإشارة والضجيج" التي كتب عنها المرشد الروحي للانتخابات الأميركي نيت سيلفرو، وهي افتعال الأحزاب السياسية حالة من الضجيج، إما من أجل إرسال إشارة أو إخفاء أمر عن المجتمع وفي بعض الأحيان للأمرين معا، وربما يستخدم المحافظون قيم المجتمع البريطاني المحافظ كطوق نجاة من أجل الانتخابات العامة المقبلة.
واعتبرت المنظمة أن خطاب سوناك وبرافرمان "انعكاس لخطة العقل المدبر للحملة الدعائية إسحاق ليفيدو الذي يبدو إنه يحيك أمرا ما للانتخابات العامة المقبلة"، حيث خطط ليفيدو لظهور سوناك كـ"ابن الصيدلي" بدلا من زوج السيدة فاحشة الثراء، لأن ذلك يظهره على أنه لا يستطيع فهم ظروف المعيشة في ظل الأزمة الاقتصادية.
وأشارت المنظمة إلى أن الحزب يستهدف كتلة انتخابية محددة ويتودد إليها بالتصريحات التي تؤكد استعداده لإقرار قوانين مثيرة للجدل وإهمال السياسة من أجل الحفاظ على القيم البريطانية، خاصة مقابل حزب العمال الذي يراه الناخب والمواطن البريطاني حزبا متقلبا في ما يتعلق بمسألة القيم، وعليه يخير حزب المحافظون الناخب إما حزبا يشاركه القيم ذاتها أو تغيير أصول المجتمع.
وعلى الرغم من استخدامهم تلك الإدارة الإعلامية فإنهم يواجهون تحديا صعبا لإقناع أغلبية الناخبين الذين يحمّلون حزب المحافظين مسؤولية أزمة المعيشة وانهيار الاقتصاد وتدهور الخدمة الصحية.
القيم تجذب الناخبينوفي هذا السياق، قال أستاذ السياسة بجامعة كوين ماري البروفيسور تيم بيل إن ما يحدث هو محاولة بائسة من حزب المحافظين لجذب كتل تصويتية محددة، ليس فقط من كبار السن والحاصلين على تعليم متواضع، لكن أيضا كل من يفترض أنهم يحملون قيما تقليدية.
وفي حديثه للجزيرة نت أضاف بيل المتخصص في دراسة سلوكيات الناخبين والأحزاب أن الاستطلاعات اليومية تؤكد أن قطاعا واسعا من الناخبين معظمهم من متوسطي العمر، وهو ما يشير إلى أن التوجه الاجتماعي في بريطانيا غير مستعد للتغيير في هذه الجبهة.
وشكك الأكاديمي البريطاني في أن تشكل هذه التصريحات في ذاتها عاملا فاعلا في الانتخابات المقبلة بغض النظر عن العمر أو الشريحة التصويتية، لأن الاهتمامات الحقيقية للناس هي الاقتصاد والصحة.
وأشارت آخر استطلاعات رأي أجراها ستيوارت ترانبل دوجارت في جامعة ساوثهامبتون عن علاقة الجندرية بالعملية الانتخابية في بريطانيا إلى افتقار الشواذ والمتحولين إلى من يؤيدهم في صناديق الاقتراع، وأرجع القائمون على الاستطلاع السبب إلى مخاوف إستراتيجية.
نبض الشارعوأوضح إزمال إتش -وهو مواطن من بين من استقت الجزيرة نت آراءهم بشأن التصريحات- أنه يتفهم قول سوناك بحيث عمليا عند الكشف على المتحولين جنسيا يبدو في ملفهم الطبي جنسهم الجديد، مع الحرص على ذكر جنس الولادة البيولوجي لأنه بدونه لا يمكن التشخيص.
وأضاف إتش -الذي يعمل في الطواقم الطبية بهيئة الصحة الوطنية- أن العديد من العاملين في القطاع الصحي يعانون من صعوبة تغطية الراتب لمستوى عيش كريم، وأن هذا الأمر لا يقل أهمية عن تقنين هيمنة الشواذ.
أما عن التعليم فقالت متطوعة في إحدى المدارس "انضممت لتوقيع عريضة للبرلمان لوقف تعليم التربية الجنسية غير المشرف عليها في المدارس الابتدائية، حيث تعرض أحد أبنائي لمحتوى دراسي عن التحول الجنسي دون رغبتي".
وأضافت السيدة -التي رفضت ذكر اسمها- أن "القانون ضبابي وأعطى نفوذا لمديري المدارس، ولكن رغم امتناني الشديد للسماع أخيرا لأهالي الطلاب وإعادة النظر في القانون فإن كثيرين في منطقتي يتوجهون إلى بنوك الطعام، وفي فصل الشتاء سيعجز العديد منهم عن دفع فواتير التدفئة، وهذا لا يعني أن حزب العمال يشعر بنا، فهو يتجاهل حقوق الأطفال بدعوى حماية حقوق الشواذ، لا ندري فيمن نثق".
انقلب السحر على الساحرورغم التحول السياسي والاقتصادي السريع التي شهدته بريطانيا في السنوات الأخيرة فإن مجتمعات الشذوذ الجنسي نجحت في إصدار قوانين عدة تتعلق بالتعليم والصحة وغيرها من القطاعات الحساسة.
وتنامت مخاوف المد المتزايد لفرض الشواذ قوانين لتحميهم دون غيرهم من فئات المجتمع، أبرزها فرض دراسة الأنواع الجندرية بين أبناء المدارس دون تقييدها بسن محددة في عام 2019.
وتسببت التغييرات القانونية في تداعيات اجتماعية أظهرت تطرفا في تقديم محتوى جنسي غير مناسب للأطفال في المدارس، وتقديم شكاوى عدة وصلت إلى حد تظاهر الأهالي اعتراضا على المحتوى التعليمي.
كما أدت بعض تشريعات تحديد التوجه الجنسي الذاتي دون الرجوع إلى لجان طبية إلى ادعاء بعض مرتكبي جرائم الاغتصاب أنهم نساء، وبالتالي تم اعتقال الجاني كجانية في سجن النساء، مما دفع نشطاء وحقوقيين إلى التصدي للأمر وعزلهم في السجن لحماية حقوق السجينات.
كل هذه الأمور وأكثر دفعت حزب المحافظين لإعادة النظر في قانون تعليم التربية الجنسية بالمدارس وإعادته إلى البرلمان، وإصدار قانون يحمي المرأة البيولوجية ويمنع وجود المتحولات في الأماكن المخصصة للنساء، وهو أمر قوبل بارتياح في قطاعات واسعة، لكنه لم يغفر فشل الحكومة في حل الأزمة الاقتصادية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأزمة الاقتصادیة حزب المحافظین من أجل
إقرأ أيضاً:
جامعة الزقازيق تحقق قفزة بتصنيف التايمز البريطاني للتخصصات الأكاديمية 2025
أكد الدكتور خالد الدرندلي، رئيس جامعة الزقازيق، أن تصنيف “التايمز” البريطاني للتخصصات الأكاديمية" لعام 2025 أظهر تفوقاً كبيراً للجامعة على الصعيدين المحلي والدولي، حيث تفوقت الجامعة في العديد من التخصصات.
وأوضح "الدرندلي"، أنه بالنسبة للمستوى المحلي، حصلت على المركز الثاني من بين الجامعات المصرية في تخصصات علوم الحياة والهندسة والعلوم الاجتماعية، والمركز الثالث في العلوم الطبيعية، والمركز الرابع في تخصصي العلوم الطبية وعلوم الحاسب، وبالنسبة للمستوى الدولي، جاءت الجامعة في الفئة (401-500) في تخصص علوم الحياة (Life Sciences)، متقدمة بمقدار 100 مركز عن العام الماضي.
وأكد أن الجامعة ظهرت ضمن الفئة (501-600) في تخصصات الهندسة (Engineering)، وعلوم الحاسب (Computer Science)، والعلوم الطبيعية (Physical Sciences) وسجلت حضوراً جديداً في الفئة (601-800) في تخصص العلوم الاجتماعية (Social Sciences)، بينما حافظت على موقعها ضمن الفئة (801-1000) في تخصص العلوم الطبية (Medical Sciences).
وأضاف رئيس جامعة الزقازيق، أن هذا الإنجاز يُعد إضافة نوعية لرصيد الجامعة من النجاحات، ويعكس الجهود الحثيثة التي تبذلها إدارتها للارتقاء بمستوى التعليم العالي والبحث العلمي، وأشار إلى أن تقدم الجامعة في تصنيفات التايمز يعكس التزامها بأهداف التنمية المستدامة وإستراتيجة مصر 2030.
ونوه بأن الجامعة تسعى باستمرار لتحسين مخرجاتها الأكاديمية والبحثية لتواكب المتغيرات العالمي، لافتا إلى أن إدارة الجامعة تُولي البحث العلمي والنشر الدولي أولوية قصوى باعتبارهما من المحاور الأساسية للتصنيفات العالمية، مما ساهم في تعزيز سمعة الجامعة وإبراز مكانتها بين مؤسسات التعليم العالي.
من جانبه، أشار الدكتور إيهاب الببلاوي، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، إلى أن هذا الإنجاز تحقق في ظل منافسة قوية بين 1904 جامعة عالمية و28 جامعة مصرية أُدرجت في تصنيف هذا العام.
وأضاف أن هذا التقدم الملموس يعكس حرص الجامعة على تحسين جودة البحث العلمي والتعليم، ويؤكد قدرتها على المنافسة في الساحة الأكاديمية الدولية، مما يفتح آفاقاً أوسع لمزيد من الإنجازات في المستقبل، ويعزز التعاون الدولي الذي يُعد عنصراً أساسياً في تطوير الأداء الأكاديمي والبحثي.
في السياق ذاته، أوضحت الدكتورة نجلاء فتحي، مستشار رئيس الجامعة لتطوير الأداء والتصنيف الدولي، أن تصنيف "التايمز البريطاني للتخصصات الأكاديمية" يعتمد على عدة محاور رئيسة، تتضمن: الأبحاث المنشورة دولياً (تمثل 30% من درجة التصنيف)، والاستشهادات العلمية) 30%. جودة العملية التعليمية ( بالإضافة إلى عوامل أخرى، مثل التعاون الدولي، وأعداد الطلاب الوافدين، ومردود الأبحاث التطبيقية 10%)، وأكدت سيادتها أن الجامعة تبذل جهوداً كبيرة لتحسين أدائها في كافة هذه المحاور لتحقيق مراكز متقدمة في السنوات المقبلة.
وأشاد الدكتور أحمد عسكورة والدكتور محمد لطفي بأهمية التصنيفات الدولية في تعزيز التنمية المستدامة بجامعة الزقازيق، وأكدا أن التقدم المحقق يعكس رؤية الجامعة لتعظيم أثر البحث العلمي وخدمة المجتمع، مع التزامها بتطوير البرامج الأكاديمية والبحثية وفق المعايير العالمية واستمرارها في تحديث سياساتها لتحقيق مزيد من النجاحات.