معركة طوفان الأقصى.. المقاومة الفلسطينية تضع الأمور في نصابها
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
تأتي معركة طوفان الأقصى في ظل بيئة عربية وإقليمية ودولية غير مواتية، لا بل تحولت مع مرور الوقت الى بيئة غير صديقة للفلسطينيين ولمقاومتهم، وتعمل كلما مر الوقت لصالح الاحتلال الصهيوني، في ظل استمرار للانحياز الغربي، وبالذات الأميركي، الوقح للاحتلال رغم فاشيته وعنصريته وتطرفه الواضح.
وهي أيضا معركة في مواجهة حكومة دينية يمينية فاشية تضم غلاة المتطرفين الصهاينة الذي يتنكرون ليس فقط لحقوق الشعب الفلسطيني، بل ينكرون وجوده ويدعون علانية لطرد من تبقى منه على الأرض الفلسطينية وتهجيرهم وإلى حرق وإبادة القرى والمدن التي يخرج منها المقاومون.
حكومة تزداد غطرسة وإجراما بحق الفلسطينيين ومقدساتهم وبالذات في المسجد الأقصى كل يوم يحفزها ويوفر لها الغطاء، بالإضافة للرعاية الدولية، موجة التطبيع العربي وتنامي العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول عربية وإسلامية.
هذه المعركة ستكون قاسية وسيمارس فيها الاحتلال كل ما يستطيع من قتل وتدمير وتخريب وستقف خلفه قوى الظلم والإجرام في العالم، لكن ذلك لا يعني أبدا أنه سيكون قادرا على تحقيق أهدافه أو كسر شوكة الفلسطينيين ومقاومتهم
هذه البيئة السياسية رسمت مشهدا بدا فيه الفلسطيني وحيدا في مواجهة دولة الاحتلال، وجرت محاولات كثيرة لاستغلال ما اعتقد البعض أنه ضعف لفرض تسويات مهينة عليه وتحويل قضيته الوطنية المقدسة والعادلة إلى مطالب اقتصادية ومعيشية، عبر عنها البعض بتحسين ظروف الحياة للفلسطينيين. وهو ما أشعر الفلسطينيين بالاستخفاف والإهانة، فكان محفزا للشباب الفلسطيني للثورة والانتفاض في الضفة الغربية، مخيماتها وقراها ومدنها، فكانت جنين وعرين الأسود وشباب الثأر وغيرها.
غير أن هذه الهبة المفاجئة من جيل الشباب الذي حاولت مشاريع كثيرة ترويضه على مدى العقود الثلاثة الماضية لم يكن كافيا لردع الاحتلال ولجمه ووقف إجراءاته الدموية اليومية. فكانت معركة طوفان الأقصى التي أعلن القائد العام انطلاقها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول لتشكل محطة فارقة في تاريخ الصراع مع الاحتلال.
ورغم أننا ما زلنا في بداية المعركة، التي وصفت بحق من قبل الكثير من المحليين بأنها استثنائية وغير مسبوقة في تاريخ النضال الفلسطيني، ولم يتضح بعد كيف يمكن أن تتطور في الأيام والأسابيع القادمة، فإننا يمكن أن نسجل الملاحظات الآتية:
البراعة في اختيار التوقيت، حيث ما زال هذا الشهر يحمل في العقل والوعي العربي والفلسطيني مخزونا كبيرا من الكرامة والعزة والفخر، فقد كانت معركة أكتوبر 1973 محطة فاصلة بين الهزيمة وإمكانية النصر وبين العربدة والتفوق الصهيوني والبطولة والتضحية والكبرياء العربي، فنجحت القسام في إعادة الاعتبار لكل معاني الكرامة والعزة والقدرة والنصر لدى الفلسطينيين والعرب، وفي الوقت ذاته فتح نافذة للعقل الصهيوني على ذاكرة مكتظة بالهزيمة والضعف والإذلال والخوف في المستقبل. العبقرية في التخطيط والتكتيك العسكري ومباغتة جيش الاحتلال وأذرعه الأمنية والاستخبارية واختيار ساعة صفر قاتلة لبدء المعركة، فكانت صبيحة يوم نهاية الأعياد ونهاية الأسبوع، وتوضح المشاهد القادمة من المعركة حالة الجنود في تلك الساعة بالتحديد. التفوق النوعي الذي أظهرته كتائب القسام تدريبا وتخطيطا وإدارة وإقداما وقدرة على التنفيذ المحكم لما خططوا له، وصولا إلى نتائج أذهلت العدو وفاجأت الأصدقاء. كشف مدى هشاشة وضعف جيش الاحتلال على أكثر من صعيد، وبالذات على مستوى الأفراد والمقاتلين. شكلت هذه المعركة لدى الكثيرين سيناريو مصغرا لمعركة التحرير الممكنة، وأحدث كياً لوعي طرفي الصراع، فعلى الصعيد الفلسطيني، ستعيد هذه المعركة للفلسطيني ولمناصريه الثقة بأنفسهم وبقدرتهم على الانتصار ودحر الاحتلال وستحرر العقل العربي والإسلامي من وهم التفوق الإسرائيلي، وعلى الصعيد الصهيوني ستفقد هذه المعركة المجتمع الصهيوني بمكوناته المختلفة الثقة في نفسه وفي قدرته على الاستمرار في احتلاله وغطرسته، وستجعل جنوده يفكرون كثيرا قبل التقدم في أي جبهة كانت. كمان أنها ستفقده الثقة في قيادته العسكرية والسياسية مما سيكون له آثار كبيرة على المديين القريب والبعيد. تثبت معركة طوفان الأقصى أن القضية الفلسطينية لها حماة، وأنها ليس حمى مستباحا يتصرف بها أو يتحدث باسمها كل من يشاء وبما يشاء، وأن الشعب الفلسطيني ومقاومته لا يمكن أن يفرطوا بوطنهم وبقضيتهم وبحقوقهم المشروعة حتى وإن تركوا لوحدهم، فهم حراس وطنهم وحماة حماهم. وما زالوا يثقون بقدراتهم وبدعم وإسناد شعوب الأمة والقوى الحية فيها، مما يدفعهم للتضحية بكل ما يملكون إذا ما تهدد الخطر مقدساتهم أو قضيتهم. إن التطبيع والعلاقات الاقتصادية مع دولة الاحتلال لن تجلب سلاما ولا أمنا، وإن المسار الوحيد الكفيل بضمان الاستقرار والأمن والهدوء في المنطقة هو الإقرار بالحقوق الفلسطينية وتحقيق طموحاتهم الوطنية ودحر الاحتلال. وهي رسالة للمطبعين بأن الكيان الصهيوني لا يعوّل عليه ولا يصح ولا يصلح اتخاذه حليفا أو التوقع بأنه يمكن أن يشكل سندا لأي من دول المنطقة. إننا أمام نموذج فلسطيني مقاوم مختلف، وأن المقاومة بقيادة كتائب القسام تشكل حالة فلسطينية غير مسبوقة على الأرض الفلسطينية، فهي جادة صادقة مؤمنة تماما بما تفعل وعاقدة العزم على التحرير لا تظهر في هذا الطريق أي تردد أو تهاون. وهو ما جعل الفلسطينيين في كل مكان يلتفون حولها ويهتفون باسمها وباسم قائدها.بلا شك، إن هذه المعركة ستكون قاسية وسيمارس فيها الاحتلال كل ما يستطيع من قتل وتدمير وتخريب وستقف خلفه قوى الظلم والإجرام في العالم، لكن ذلك لا يعني أبدا أنه سيكون قادرا على تحقيق أهدافه أو كسر شوكة الفلسطينيين ومقاومتهم، لأن سلسة الحروب في السنوات الأخيرة قد برهنت على أن زمن الحروب الخاطفة والرادعة التي كانت تخوضها إسرائيل قد ولّى إلى غير رجعة، وأن هذا الجيش لم يعد قادرا على حماية معسكراته ومقراته وتحرير أسراه، فضلا عن قدرته على إلحاق الهزيمة بعدو أو ردع شعب صاحب حق.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: معرکة طوفان الأقصى هذه المعرکة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
انتهاكات الاحتلال للمقدسات في شهر رمضان عرض مستمر.. اقتحام 8 مساجد في نابلس وتصعيد مستمر في الأقصى.. «الخارجية الفلسطينية» تدين تخريب دور العبادة وإحراق مسجد النصر بالبلدة القديمة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تتواصل الانتهاكات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين يوم تلو الأخر، وفي شهر رمضان تصاعدت موجة الانتهاكات بحق المساجد ودور العبادة إلى جانب فرض شروط وضوابط أمنية مشددة على أقامة الصلوات وبخاصة في المسجد الأقصى المبارك، إلى جانب اقتحام قوات الاحتلال 8 مساجد في مدينة نابلس، والعبث فيها وتخريب أجزاء منها، وكذلك إحراق أجزاء كبيرة من مسجد النصر في البلدة القديمة من المدينة.
وفي أخر الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، تسليم الحرم الإبراهيمي في الخليل لإدارة الأوقاف كما جرت العادة خلال أيام الجمع في شهر رمضان.
وأعلنت وزارة الأوقاف الفلسطينية أن الاحتلال منع فتح الباب الشرقي، المخصص لصلاة النساء، مما يعزز مخاوف بشأن نية فرض واقع جديد يكرس السيطرة الكاملة على الحرم، تلك الخطوة التي وُصفت بالخطيرة وغير المسبوقة.
وأكدت الوزارة أن هذا الإجراء يأتي استجابة لضغوط المستوطنين الذين يسعون لتحويل الحرم إلى كنيس، مؤكدة رفضها لهذه الانتهاكات، وداعيةً اليونسكو والمجتمع الدولي إلى التدخل لحماية المكان باعتباره موقعًا تراثيًا إسلاميًا عالميًا.
وعلى صعيد متصل، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسجد النصر بالبلدة القديمة في نابلس شمال الضفة الغربية، اليوم الجمعة، في تصعيد ممنهج بحق الفلسطينيين خلال أيام شهر رمضان المبارك، حيث دمرت وأحرقت قوات الاحتلال أجزاء كبيرة من مسجد النصر.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية، اليوم الجمعة، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت قرية يبرود شمال مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
تصعيد مستمر وانتهاكات بحق الفلسطينيينكما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة عزون شرق قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة، واقتحم الاحتلال مدينة نابلس، واعتدت على مواطنين فلسطينيين، وتمركزت داخل المقبرة الشرقية، واعتدى جنود الاحتلال على شاب ونكلوا به واحتجزوه.
وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز السام صوب شارع حطين قرب البلدة القديمة، وقال إعلام فلسطيني، أن هناك 3 شهداء ومصابون في قصف للاحتلال استهدف تجمعًا للمواطنين بحي الشجاعية.
كما جددت قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحامها للمرة الثانية بلدة الخضر جنوب بيت لحم، وتمركزت في محيط "البوابة" ومنطقة صبري، وحارة دار محمود، وأطلقت قنابل الغاز السام، دون أن يبلغ عن إصابات حتى اللحظة.
في حين أصيب عدد من المواطنين الفلسطينيين جراء إلقاء طائرات كواد كابتر إسرائيلية قنابل متفجرة على رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة.
تشديدات أمنية بمحيط المسجد الأقصىوفرضت قوات الاحتلال طوق أمني مشدد في محيط المسجد الأقصى، حيث انتشرت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مكثف في محيط الحواجز العسكرية المؤدية إلى المسجد الأقصى، ومنعت عددا كبيرا من المصلين القادمين من محافظات الضفة الغربية من الدخول ودققت في بطاقاتهم الشخصية.
كما نشر الاحتلال الآلاف من عناصر شرطته في أزقة البلدة القديمة من القدس، وفي محيط المسجد الأقصى وعند بواباته.
اقتحام 8 مساجد في نابلسوفي وقت سابق، طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، بتدخل دولي حقيقي لحماية شعب فلسطين وأرضه وممتلكاتهم ومقدساته، وتمكين المواطنين من أداء الصلاة ودخول القدس واحترام هذا الحق الأصيل من حقوق الإنسان.
وشددت في بيان، صباح الجمعة، على أنه ليس من صلاحيات ولا حق لسلطات الاحتلال تقييد دخول المواطنين للصلاة في المسجد الأقصى المبارك تحت أية حجة أو مبرر، منوهة أن “تحديد سن المصلين يعد خرقًا فاضحًا لالتزامات القوة القائمة بالاحتلال، وانتهاكًا للقانون الدولي ومبدأ الحق في حرية الحركة والوصول لأماكن العبادة”.
ونوهت بأن “التقييدات المرافقة لتحديد سن الرجال والنساء تضيف تضييقات أخرى على أعداد المصلين أيام الجمعة، وتسقط حجج الاحتلال ومبرراته في تحديد السن، هذا بالإضافة إلى أن القدس أرض فلسطينية محتلة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ولا تخضع للسيادة الإسرائيلية”.
كما أدانت الوزارة اقتحام قوات الاحتلال 8 مساجد في مدينة نابلس، والعبث فيها وتخريب أجزاء منها، وكذلك إحراق أجزاء كبيرة من مسجد النصر في البلدة القديمة من المدينة.